| سلامٌ على العامِ الجديدِ إذا بَدَا |
| وما أنا إلاّ مُعْجَبٌ ومُسَلِّمُ |
| لِيَشْفِ لنا أدْوَاءَنا ويَدُلَّنا |
| على المنهج السّامي الذي هو أقْوَمُ |
| فإنّا رأينا في أخيهِ الذي مضى |
| ضروباً من البَلْوَى تَمُضُّ وتُؤْلِمُ |
| تَوَالَتْ به الأزْمَاتُ حتّى لَخِلتُهَا |
| عذاباً، فمنها ما يهون ويَعْظُمُ
(2)
|
| وأصبح كلُّ النَّاس مُهْوٍ، فَقَانِطٌ |
| وآخرُ مَعْسُولُ المُنى ومُجَمْجِمُ
(3)
|
| غياهبٌ مُزْجَاةٌ عَسيرٌ جَلاؤها |
| وما اسْطَاعَ أن يَفْرِي رَجَاها المُنَجِّمُ
(4)
|
| تضارَبَتِ الآراءُ فيها، وأصبحتْ |
| مشاكلَ تُعْيِي كلَّ فِكْرٍ وتُفْحِمُ |
| * * * |
| فيا أيُّها العامُ الجديد أهِبْ بنا |
| إلى عملٍ في مُنْتَهاهُ التَّقَدُّمُ |
| لِنَنْزِلَ في الأوْجِ الذي نحن أهلُه |
| فنَعْرِفَ أسرارَ الحياةِ ونَفْهَمُ
(5)
|
| فما فازَ في هذي الحياةِ ونَالَها |
| سوى من يفادي كلَّ حين ويَقْدُمُ |
| فوالله ما نَدْري، وقد طَوَّحَتْ بنا |
| حوادثُ شتَّى للكيانِ تُهَدِّمُ |
| وجارَتْ مقاديرٌ وجَمَّتْ مناهجُ |
| إلى أين في هذي الحياةِ نُيَمِّمُ؟ |
| كذلك لا ندري، أنحنُ على مَدىً |
| طويلٍ يَشيبُ العُمْرُ فيه ويَهْرُمُ؟ |
| فَنُدْرِكُ في الأجيالِ تحقيقَ غايةٍ |
| ونَسْبَحُ في آفاقها ونُحَوِّمُ |
| ونعمل ما اسْطَعْنا من العملِ الذي |
| يدُلُّ على أنّ الكيانَ مُدَعَّمُ |
| ونبني لنا مجداً أثيلاً مُخلَّداً |
| تَمُرُّ به الأجيالُ وهْوَ مُقَوَّمُ |
| وإلاّ نرى أنّ المَدَى مُتقاصِرٌ |
| فنَزْهَدُ في نَيْلِ الأماني ونُحْجِمُ |
| * * * |
| لقد هَيْمَنَتْ فينا طباعٌ رَذيلَةٌ |
| وَرَانَ على كلِّ العقولِ التَّوهُّمُ |
| وصرنا نرى أنّ النهوضَ كَبِدْعَةٍ |
| يُعاثُ بها في شرْعِنا وتُحَرَّمُ |
| ألا حَسْبُكُمْ إنّ الشعوبَ تقَدَّمَتْ |
| ونحن عن الفرضِ المُحَتَّمِ نُوَّمُ |
| تَرَقَّوا، فسادُوا في البسيطةِ مثلما |
| يَسُودُ على هذي السماواتِ أنْجُمُ |
| تَوَلَّوا على كلّ البلاد فأنْصَفوا |
| وحازوا مقاليدَ الأمورِ فأحْكَموا |
| وشادوا رسوماً باقياتٍ فأبْدَعُوا |
| وسَاسوا، وفاقُوا في العلومِ ونَظَّموا |
| كذلك هذا المجدُ عَزَّ مَنَالُهُ |
| يُرَاقُ على أَعْلَى جوانبِهِ الدَّمُ |
| وأنتمْ لَهَوْتُمْ بالنّعيمِ جميعُكم |
| ألا ساء هذا السّادِرُ المتنقِّمُ |
| * * * |
| ويا عامٌ، قد راحتْ سِنُونَ كثيرةٌ |
| وما أنتَ إلاَّ لاَحِقٌ فَمُتَمِّمُ |
| فكن لجميعِ النّاسِ عيداً مباركاً |
| فذلك فرضٌ -لو علمتَ- مُحَتَّمُ |
| فَتُذْكَرَ بالخيرِ الذي أنتَ تَبتغي |
| ويبقى لك الصِّيتُ البعيدُ المُسَلَّمُ |
| * * * |
| ويا أمّةً تبغي حياةً وعِزّةً |
| يُرَدِّدُها ذكرٌ، ويشدو بها فَمُ |
| ألاَ كَوِّنِي من روحِكِ الحيِّ وحدةً |
| تَضُمُّ شَتَاتَ الشّعبِ، فَهْوَ مُقَسَّمُ |
| وصُوني حياةَ العلمِ من كلِّ عابثٍ |
| فما ثَمَّ إلاّ وحدَةٌ وتَعَلُّمُ |
| إذا أصبح التّعليمُ فينا معمّماً |
| وأمستْ تعاليمُ النُّهى تَتَحَكَّمُ |
| فقد قويتْ فينا الأواصرُ والعُرَى |
| وأصبح شُحْرُورُ العُلا يتَرَنَّمُ
(6)
|
| فإنَّ مثالَ المجد ما زال واضحاً |
| ومهما تَلاَشَى فَهْوَ فينا مَجَسَّمُ |
| يُصَوِّرُهُ في كلِّ رأسِ مُفَكِّرِ |
| مكانٌ له قدسٌ وبيتٌ مُحَرَّمُ |
| * * * |
| ويا زعماءَ الشّعبِ والقادةَ الأُلى |
| سيدري بهم من ليس من قبل يعلمُ |
| إذا لم تهيبوا بالرجال إلى العلا |
| مباشرةً، ماذا يفيد التزعُّم؟ |
| خلودكم عند الفعال محقق |
| فهبوا إلى درك المآرب واعزموا |
| ولا تحفلوا باللوم يلقيه جامد |
| أيعبث فيكم جامدون ولُوَّمُ؟ |
| سننهض رغماً عن جهول مذبذب |
| أيحسدنا هذا النهوض وينقم؟ |
| ألا إن أرباب الجمود موانع |
| عن السير إلا إن أهينوا وأرغموا |
| إذا لم تجدوا في مراقي نهوضكم |
| سيحصدكم ناب ويدعس مَنْسِمُ
(7)
|
| ألا فاسمعوا للنصح ما كان خالصاً |
| إذا قام فيكم شاعر يتكلمُ |
| علامة أن الشاعرية فذة |
| إذا أصبحت عن كل فكر تترجمُ |
| إذا لم يكن هذا الشويعر صادقاً |
| إذن فدعوه فهو -لا شك- ملهم |