شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في العام الهجري الجديد 1352 (1)
نفثات وطنية تمتزج فيها الآلام بالآمال
سلامٌ على العامِ الجديدِ إذا بَدَا
وما أنا إلاّ مُعْجَبٌ ومُسَلِّمُ
لِيَشْفِ لنا أدْوَاءَنا ويَدُلَّنا
على المنهج السّامي الذي هو أقْوَمُ
فإنّا رأينا في أخيهِ الذي مضى
ضروباً من البَلْوَى تَمُضُّ وتُؤْلِمُ
تَوَالَتْ به الأزْمَاتُ حتّى لَخِلتُهَا
عذاباً، فمنها ما يهون ويَعْظُمُ (2)
وأصبح كلُّ النَّاس مُهْوٍ، فَقَانِطٌ
وآخرُ مَعْسُولُ المُنى ومُجَمْجِمُ (3)
غياهبٌ مُزْجَاةٌ عَسيرٌ جَلاؤها
وما اسْطَاعَ أن يَفْرِي رَجَاها المُنَجِّمُ (4)
تضارَبَتِ الآراءُ فيها، وأصبحتْ
مشاكلَ تُعْيِي كلَّ فِكْرٍ وتُفْحِمُ
* * *
فيا أيُّها العامُ الجديد أهِبْ بنا
إلى عملٍ في مُنْتَهاهُ التَّقَدُّمُ
لِنَنْزِلَ في الأوْجِ الذي نحن أهلُه
فنَعْرِفَ أسرارَ الحياةِ ونَفْهَمُ (5)
فما فازَ في هذي الحياةِ ونَالَها
سوى من يفادي كلَّ حين ويَقْدُمُ
فوالله ما نَدْري، وقد طَوَّحَتْ بنا
حوادثُ شتَّى للكيانِ تُهَدِّمُ
وجارَتْ مقاديرٌ وجَمَّتْ مناهجُ
إلى أين في هذي الحياةِ نُيَمِّمُ؟
كذلك لا ندري، أنحنُ على مَدىً
طويلٍ يَشيبُ العُمْرُ فيه ويَهْرُمُ؟
فَنُدْرِكُ في الأجيالِ تحقيقَ غايةٍ
ونَسْبَحُ في آفاقها ونُحَوِّمُ
ونعمل ما اسْطَعْنا من العملِ الذي
يدُلُّ على أنّ الكيانَ مُدَعَّمُ
ونبني لنا مجداً أثيلاً مُخلَّداً
تَمُرُّ به الأجيالُ وهْوَ مُقَوَّمُ
وإلاّ نرى أنّ المَدَى مُتقاصِرٌ
فنَزْهَدُ في نَيْلِ الأماني ونُحْجِمُ
* * *
لقد هَيْمَنَتْ فينا طباعٌ رَذيلَةٌ
وَرَانَ على كلِّ العقولِ التَّوهُّمُ
وصرنا نرى أنّ النهوضَ كَبِدْعَةٍ
يُعاثُ بها في شرْعِنا وتُحَرَّمُ
ألا حَسْبُكُمْ إنّ الشعوبَ تقَدَّمَتْ
ونحن عن الفرضِ المُحَتَّمِ نُوَّمُ
تَرَقَّوا، فسادُوا في البسيطةِ مثلما
يَسُودُ على هذي السماواتِ أنْجُمُ
تَوَلَّوا على كلّ البلاد فأنْصَفوا
وحازوا مقاليدَ الأمورِ فأحْكَموا
وشادوا رسوماً باقياتٍ فأبْدَعُوا
وسَاسوا، وفاقُوا في العلومِ ونَظَّموا
كذلك هذا المجدُ عَزَّ مَنَالُهُ
يُرَاقُ على أَعْلَى جوانبِهِ الدَّمُ
وأنتمْ لَهَوْتُمْ بالنّعيمِ جميعُكم
ألا ساء هذا السّادِرُ المتنقِّمُ
* * *
ويا عامٌ، قد راحتْ سِنُونَ كثيرةٌ
وما أنتَ إلاَّ لاَحِقٌ فَمُتَمِّمُ
فكن لجميعِ النّاسِ عيداً مباركاً
فذلك فرضٌ -لو علمتَ- مُحَتَّمُ
فَتُذْكَرَ بالخيرِ الذي أنتَ تَبتغي
ويبقى لك الصِّيتُ البعيدُ المُسَلَّمُ
* * *
ويا أمّةً تبغي حياةً وعِزّةً
يُرَدِّدُها ذكرٌ، ويشدو بها فَمُ
ألاَ كَوِّنِي من روحِكِ الحيِّ وحدةً
تَضُمُّ شَتَاتَ الشّعبِ، فَهْوَ مُقَسَّمُ
وصُوني حياةَ العلمِ من كلِّ عابثٍ
فما ثَمَّ إلاّ وحدَةٌ وتَعَلُّمُ
إذا أصبح التّعليمُ فينا معمّماً
وأمستْ تعاليمُ النُّهى تَتَحَكَّمُ
فقد قويتْ فينا الأواصرُ والعُرَى
وأصبح شُحْرُورُ العُلا يتَرَنَّمُ (6)
فإنَّ مثالَ المجد ما زال واضحاً
ومهما تَلاَشَى فَهْوَ فينا مَجَسَّمُ
يُصَوِّرُهُ في كلِّ رأسِ مُفَكِّرِ
مكانٌ له قدسٌ وبيتٌ مُحَرَّمُ
* * *
ويا زعماءَ الشّعبِ والقادةَ الأُلى
سيدري بهم من ليس من قبل يعلمُ
إذا لم تهيبوا بالرجال إلى العلا
مباشرةً، ماذا يفيد التزعُّم؟
خلودكم عند الفعال محقق
فهبوا إلى درك المآرب واعزموا
ولا تحفلوا باللوم يلقيه جامد
أيعبث فيكم جامدون ولُوَّمُ؟
سننهض رغماً عن جهول مذبذب
أيحسدنا هذا النهوض وينقم؟
ألا إن أرباب الجمود موانع
عن السير إلا إن أهينوا وأرغموا
إذا لم تجدوا في مراقي نهوضكم
سيحصدكم ناب ويدعس مَنْسِمُ (7)
ألا فاسمعوا للنصح ما كان خالصاً
إذا قام فيكم شاعر يتكلمُ
علامة أن الشاعرية فذة
إذا أصبحت عن كل فكر تترجمُ
إذا لم يكن هذا الشويعر صادقاً
إذن فدعوه فهو -لا شك- ملهم
غرة محرم سنة 1352هـ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :522  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 251 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.