أقطاراً ركبتَهُ أم جناحا |
وبحاراً قطعتَها أم بطاحا |
حين أقبلتَ تَزْجُرُ العِيسَ حثّاً |
وتشقُّ الوهادَ ساحاً فساحا
(2)
|
تبتغي طاعةَ الإلهِ إلى الحجِّ |
تُلَبِّيهِ مُذْعِناً مرتاحا |
تارةً في الرّياضِ تأمرُ بالعرفِ |
وتجلو جبينَها الوضّاحا |
وإذا شئتَ مكّةَ فهْيَ تُبدي |
بِشْرَها والسرورَ والأفراحا |
أبداً تَقْطَعُ الدّيارَ ذهاباً |
وإياباً وجِيئَةً ورَوَاحا |
تشتهي راحةَ البلادِ فَسَلْها |
هل رأتْ عند غيرِكَ الإصلاحا؟ |
عندما جئتها بعهدك لاقتْ |
منكَ خيراً ونعمة وفلاحا |
شَعْبُكَ الحيُّ نِضْوُ كَدِّ وجُهْدٍ |
فإذا جئتَ واسترحْتَ استراحا
(3)
|
غبتَ عنه وأُبْتَ بعد قليلٍ |
مثلَ بدرٍ خَبَا مَلِيّاً ولاحا |
هل توَسَّمْتَ في الملامحِ بِشْراً |
وتَحَسَّسْتَ في القلوبِ انْشراحا؟ |
خُلُقٌ فيك يستطيلُ فخاراً |
يجمعُ الجودَ والنُّهَى والسِّماحا |
قدْ عَهِدْناكَ في الأمور سياسياً |
أريباً مُحَنَّكاً جَحْجاحا
(4)
|
ما التَّسَامي وما الرّشادُ وما الحكمة |
تملي وما المعاني فِصاحا
(5)
|
غيرُ طبعٍ مُهَذَّبٍ فيك، تَبْنِي |
منه إن شئتَ معجزاتٍ صِحاحا |
غيرُ حكمٍ جَمَعْتَهُ في معانٍ |
رددته الطيور منك صداحا |
قد تَعَاظَمْتَ صَوْلَةً واقتداراً |
وتَمَنَّعْتَ قُوَّةً وسِلاحا |
فإذا ما فَعَلْتَ، فعلاً جليلاً |
وإذا ما نطَقْتَ، قولاً صِراحا |
أنت علَّمْتَنَا النهوضَ فأمسى |
بعد ما حَرَّمُوهُ شيئاً مُباحا |
فتقدّمْ إلى السبيلِ إماماً |
وَأزِلْ عن بلادكَ الأتْراحا |
وَحِزِ المجدَ مُشْمَخِرّاً أثيلاً |
واشرَبِ الماء سلسبيلاً قَرَاحا
(6)
|
وابْتَكِرْ في الأمور رأياً سديداً |
واكتسحْ شوكةَ العدوِّ اكتساحا |
* * * |
قل لمن شاء في الحياةِ مزاحاً |
كن عزوماً وخلِّ عنكَ المِزاحا |
استحالتْ هذي الحياةُ نِضالاً |
ودفاعاً وصولةً وكفاحا |
إنَّ من يَحْسِبُ الحياةَ مِزاحاً |
صَرَعَتْهُ هَوْجُ الرّياحِ فَطَاحا |
دَعْهُ يبكي على حياةٍ توَلَّتْ |
دعْهُ يبكي تأسُّفاً ونُوَاحا |
أصبح العربُ بعد عِزٍّ يُضامونَ |
وأضحى حِمَاهُمُ مُستباحا |
وسرى فيهم السُّباتُ فناموا |
ليَلهم ما رأوا هناك صباحا |
وملوكُ الإسلامِ تَنْعَمُ عيشاً |
وتَمَصُّ اللَّمَى وتَشْرَبُ راحا
(7)
|
فتَمَطَّى عبدُ العزيز ونادى |
فيهمُ قائماً وَهَبَّ وَصَاحا |
خَلَقَتْ فيه قُوَّةُ العزمِ رُوحاً |
مُسْتَجِدّاً يُعَلِّمُ الأرْواحا
(8)
|
شأنُهُ أن يَبُثَّ فيهمْ حياةً |
تَكْفُلُ الفوزَ فيهمُ والصَّلاحا |
ذَوَّقْتَهُمْ جَنَى التّقدّمِ حتّى |
أصبحوا بعد ذاك عُرْباً قُحاحا |
فَمَشَوا يَنْشُدُونَ مجداً تليداً |
ومَضَوا يحملون بيضاً صِفاحا |
وسرتْ في العروق روحُ حياةٍ |
قَلَّدَتْهُمْ من الفَخَارِ وِشَاحا |
حيث عبدُ العزيزِ يُزْجي خطاها |
حاملاً في طريقِها المصباحا |
وَهُمُ اليومَ في الطريقِ مُجِدُّونَ |
فَهَيِّىءْ لهم إلهي نَجاحا |
* * * |
يا مليكَ البلادِ حيَّتْك من شِعْري |
عروسٌ أطْلَقْتُ منها السَّراحا |
وضع الشَّاعرون فيك أناشيداً |
فلم تَلْقَ في الفؤادِ ارتياحا |
وكذاك المديحُ ما لم يكن عفواً |
فَدَعْهُ ما كان إلاّ نِباحا |
إنّما المدحُ صورة من ولاءٍ |
كامنٍ كان في الفؤادِ فباحا |
كلّما عنَّ لي مديحُكَ أصْبَحْتُ |
على الأثْرِ شاعراً مَدَّاحا |