أيها الراحلُ الفقيدُ سلاماً من جميع الكُتَّاب والأدباءِ |
قَدَّرُوكَ الأنامُ، ذاك لما قُمْتَ به من مآثر العلماءِ |
أنتَ لمّا أهَبْتَ باللغة الفصحى، وقرَّبتَها من العلياءِ |
شَكَرَتْ منك ما تجلَّى من العطفِ، وأثْنَتْ عليكَ كل الثّناءِ |
أنتَ لولاكَ ما أقامَتْ بناءً بل ولا كان أُسُّ ذاك البناءِ |
أنتَ فذُّ في النّابغينَ، كما أنَّكَ فَذُّ في عُصْبَةِ الشُّعَراءِ |
إنَّ أعمالَكَ العظامَ لأسْمَى من جميع الثَّناءِ والإطراءِ |
غيرَ أنَّ التقديرَ حقُّ، فلا بِدْعَ إذا ما تسابقوا في الرّثاءِ |
ذكرياتٌ تجلُّ عن كلِّ وصفٍ أين منه بلاغةُ البلغاءِ |
* * * |
عَلَّلُوا الموتَ أنّه راحةُ النّفسِ وما كان غيرَ أصلِ الفناءِ |
يرغبُ المرءُ أن يعيشَ طويلاً ناعماً بين نِعْمَةٍ وصَفَاءِ |
ومحالٌ عليه ذلك مهما ألحفَ المرءُ في صنوفِ الرّجاءِ |
خُلِقَ المرءُ للفناءِ وإن طالتْ ليالي سُرورِهِ والهنَاءِ |
ولئن ماتَ حافظٌ فَلَنَا في نفثاتِ الفقيدِ بعضُ العزاءِ |
نفثاتٌ كأنها السحرُ في مجموعِ أفكارها وفي الآراءِ |
وبيانٌ في شعرهِ جامع بين رُسُوخِ الحِجَى وحسنِ الأداءِ |
خطراتٌ تفيض فناً وحِكْماً من عميقِ الوجدانِ والإيحاءِ |
* * * |
رُحْ إلى جَنَّةٍ يَحِفُّ بها الرَّيْحانُ في مَحْضِ راحةٍ ورخاءِ |
وسلامٌ عليك ما صاحَ قُمْريٌ على غصنِ جنّةٍ فيحاءِ |
كلّ آن تَتْرَى إليكَ من اللهِ وكلِّ العبادِ والأنبياءِ |