في مهادِ الأمنِ والظلِّ الظّليلْ |
إن حَلَلْتَ الآن أو شِئْتَ الرّحيلْ |
أبْصرِ الأرضَ وما أحْكَمْتَهُ |
في فضاها، أيها المَلْكُ النبيلْ |
من أمانٍ يَتَفَيَّاْ ظِلَّهُ |
عابرُ النّهجِ ومن شاء الحُلولْ |
ومياهٌ أُجْرِيَتْ في قَفْرَةٍ |
يُطْفِىءَ الصّادي بمرآها الغليلْ |
وظِلالٌ وارفٌ يَعْنُو له |
قاصدُ الظّلِّ ومن شاء المَقِيلْ |
ليس يُخْشَى من طَغَامٍ، دأْبُهُمْ |
سابقاً قطعُ الفيافي والسَّبيلْ
(2)
|
أهلكوا الأنفسَ ظلماً حينما |
غَرَّهُمْ حِلْمُكَ والجودُ الجزيلْ |
فهَوَوْا من بعدِ عِزٍّ شامخٍ |
وامَّحَتْ آثارُهمْ، فهْيَ طُلُولْ |
وكذا عُقْبَى أناسٍ ظَلَمُوا |
وكذا عاقبةُ المرءِ الجَهُولْ |
* * * |
يا مليكاً هَوَّنَ الباري له |
كلَّ صعْب، فَغَدَا سهلاً ذليلْ |
واجتباهُ فَهْوَ مصباحُ الوَرَى |
وحباهُ آيةَ النّصر الجليلْ |
ليس في فِعْلِكَ ما يُنْقِصُهُ |
إنّما فِعْلُك عُنْوانُ الكُمُولْ |
سُدْتَ بالسيفِ وبالرّفقِ معاً |
ذاك للباغي، وهذا للخليلْ |
وأهَبْتَ الآن بالعُرْبِ فما |
فيهمُ شِبْهُ جَبَانٍ أو كَسُولْ |
أرْجَفُوا الكونَ بأعمالٍ لها |
غُرَرٌ في الكونِ بيضٌ وحُجُولْ |
واسْتَقَلَّوا إنّما استقلالُهمْ |
بنهوضٍ وارتقاءٍ لا خُمُولْ |
هم بَنُوكَ العُرْبُ أبطالُ الوَرَى |
سئموا الذلَّ، ولا يَرْقَى الذّليلْ |
فمضوا حين الورى في هَجْعَةٍ |
واستقاموا بفعالٍ وعقولْ |
أدركوا الإرْبَ وسادوا قُطْرَهُمْ |
بِنُمُوِّ الجِدِّ، والجِدِّ الطَّوِيلْ
(3)
|
يذهبُ العُمْرُ وتَبْقَى بعدَهُ |
عِزَّةُ الأسلافِ جيلاً بعد جيلْ |
إنّ من حاولَ شيئاً نالَهُ |
ما تحَلَّى الجِدَّ والصّبرَ الجميلْ |
* * * |
سُدْتَ شعباً في الورى ليس لَهُ |
في شعوبِ الأرضِ قِرْنٌ أو مثيلْ |
همْ ذَوُو المجدِ ولكن زدْتَهُمْ |
-حينما مُلِّكْتَهُمْ- مجداً أثيلْ |
ما حياةُ الكونِ إلاّ مَسْرحٌ |
لَعِبَتْ فيهِ المرامي والميولْ |
* * * |
قد رفَعْتَ العُرْبَ حتى جاوزوا |
منزلاً يَحْلُو بِمَغْنَاهُ النزولْ |
وبَنَيْتَ الدارَ في عِزِّ الأُولَى |
هَزَأُوا -في عصرهم- بالمستحيلْ |
قد هَدَيْتَ الناسَ للنَّهْجِ فما |
أخطأوا النّهجَ ولا ضَلَّ الدَّليلْ |
* * * |
أسفاً حَظِّي ضعيفٌ لم أَفُزْ |
بوداعِ المَلْكِ في وقتِ الرحيلْ |
هُوَ لا يَعْرِفُنِي لكنني |
واثقٌ من عطفِهِ السّامي الجليلْ |
فوداعاً أيها المَلْكُ إذا |
سِرْتَ مُرْتاحاً على ظهرِ السبيلْ |
لا أطال اللهُ عهدَ البُعْدِ، بل |
عَجَّلَ اللهُ بأسبابِ الوصولْ |
إن يكن في البُعْدِ شَجْوٌ قاتلٌ |
إنَّ فيه مِنْهُمُ إبْرازَ الدّخيلْ |
أيّها الموْلى، وهل تسمَعُنِي |
إن شَدَوْتُ الآن بالمرمَى النبيلْ |
ليس في شَدْوي ولا في قَلَمِي |
مَأْخَذٌ من قادةِ الفكرِ الضَّئيلْ |
أنا حُرُّ، حينما أمدحُ لا |
أبتغي منكَ سِوَى حُسْنِ القبولْ |
لستُ في مدحِكَ ضَنَّانٌ إذا |
ضَنَّ بعضُ الناسِ أو كان بخيلْ
(4)
|
فاقْبَلِ الآن مَدِيحي فَهْوَ من |
نَفَثَاتِ النفسِ مَعْروفُ الأصولْ |
* * * |
قيل إنَّ المرء أطْرَى الشمسَ في |
مَحْفِلٍ قد كَثُرَتْ فيه الفصولْ |
أيها المُطْرِي، رُوَيْداً، إنّما |
قَوْلُ كلِّ الناسِ في الشّمسِ فُضُولْ |