لَبِسْتُهُ والليلُ مُسْوَدَّةٌ |
ذؤابتاهُ كاسْودَادِ النفاقِ |
مُهفهفُ الأرْدَانِ مُرْبَدَّةٌ |
أجيادُهُ مَمْدودةٌ للعناقِ |
لكنْ عناقُ الأملِ الخائبِ |
بعد جهادِ النّاصبِ اللاّغبِ |
ثوبٌ تلاقتْ فيه كلُّ الصُّورْ |
كما تلاقى الناسُ في المَحْشَرِ |
فَخَيْرُها مُسْتَخْرَجٌ من سَقَرْ |
وشرُّها يَنْسِلُ من عَبْقَرِ
(2)
|
تُحَيِّرُ الألبابَ ألوانُها |
وليس يَنْفي السُّوءَ إحسانُها |
رَقَّتْ حواشي الثَّوْبِ حتّى سَما |
ما فيه من بِدْعٍ على الواصفينْ |
هَمَى على أطرافِهِ ما هَمَى |
من شَهْوَةِ الزُّهَّادِ والطّامعينْ
(3)
|
هذاك يَرْفُوهُ لإصلاحِهِ |
وذاك يَقْنِيه لأرْباحِهِ |
مُتَّسِعٌ مثلَ اتّساعِ الأملْ |
وفاقَ ضيقاً كِفَّةَ الحابلِ
(4)
|
مُرْتَقَبٌ مثلَ ارتقابِ الأجلِ |
مُخْتَطَفٌ كالمغْنَمِ العاجلِ |
مُحبَّبٌ كالطِّفلِ أو كالمُنَى |
مُبَغَّضٌ كالفقر أو كالضَّنَى |
لبستُهُ لا مَغْنَماً أرْتَجِيهِ |
فيه ولا مِنْ مَغْرَمٍ أَفْرُقِ
(5)
|
لكنَّهُ الإكراهُ لا رَأْيَ فيهِ |
فما أُبالي جَدَّ أم يَخْلُقِ؟ |
يُخْلِقُهُ من رَامَ إخْلاقَهُ |
ويَبْتَغي الجِدَّةَ من راقَهُ |
يا أيها الثوبُ طواكَ الذي |
يَطْوي الليالي الجونَ طيَّ السِّجِلْ
(6)
|
ضَعْ صورةَ المِنْوالِ للمُحْتَذِي |
ليحتذيها -الدّهرُ- من لا يَمَلْ |
إنّي ليَشْفيني نضوبُ الإناءِ |
أيْ والذي يُبْرئُ من كلِّ داءِ |
أمْلَلْتَ يا ثوبَ (...) البغيضْ |
متى -تُرَى- يخْتَالُ فيك الرِّدَى
(7)
|
دونَ الأماني البيضِ حالَ الجَريضْ |
كما يحُولُ القيدُ دونَ المَدَى
(8)
|
إذا نأى منك القريبُ القريبُ |
فقد أجابَ الدعوةَ المستجيبُ |
إلاّ تُقاسيهِ فأنتَ الغَبي |
وإن تُقاسيهِ فأنْتَ الشَّهِيدْ |
ما يَجِدُ الهاربُ من مَهْرَبِ |
إلاّ وكلبُ القومِ عند الوَصِيدْ
(9)
|
فأين يرجو -بعْدُ- حُسْنَ المصيرِ |
من بعدِ ما آذاهُ صوتُ النَّذيرِ؟ |
أكانَ (سقراطُ) مِثال الحِجَى |
ممّا نضاهُ، غيرَ مُسْتَمْهِلِ
(10)
|
أم كان (شو) مُسْتَمْسِكاً بالرَّجا |
أم انْتَهى عن رأيهِ الأوّلِ؟
(11)
|
يُخْلَعُ أو يُلْبَسُ لا يَحْفِلُ |
ما يَرْقُصُ العاقلُ في مَأتَمِ |
أو يَذْرِفُ الدَّمْعَ ليالي الزِّفافِ
(12)
|
إلاَّ لأمرٍ ضَلَّ عنه العُمِي |
تَبْدُو معانيهِ وراءَ السِّجافِ |
والجاهلُ المأفونُ في لهوِهِ
(13)
|
يَصْطَكُّ سَمْعُ الصُّمِّ من شَدْوِهِ |