شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ثوب (1)
في هذه القطعة وصف لهذا الثوب الغريب، وهي تتفق مع "الطريقة الرمزية" في وجوه وتفترق عنها في وجوه أخرى، ولهذا يصعب عليّ جداً أن أضعها في فن معين من فنون الشعر، وللقارىء الفطن أن يضعها في أي مكان، فما يعنيني بعد الآن من أمرها شيء.
لَبِسْتُهُ والليلُ مُسْوَدَّةٌ
ذؤابتاهُ كاسْودَادِ النفاقِ
مُهفهفُ الأرْدَانِ مُرْبَدَّةٌ
أجيادُهُ مَمْدودةٌ للعناقِ
لكنْ عناقُ الأملِ الخائبِ
بعد جهادِ النّاصبِ اللاّغبِ
ثوبٌ تلاقتْ فيه كلُّ الصُّورْ
كما تلاقى الناسُ في المَحْشَرِ
فَخَيْرُها مُسْتَخْرَجٌ من سَقَرْ
وشرُّها يَنْسِلُ من عَبْقَرِ (2)
تُحَيِّرُ الألبابَ ألوانُها
وليس يَنْفي السُّوءَ إحسانُها
رَقَّتْ حواشي الثَّوْبِ حتّى سَما
ما فيه من بِدْعٍ على الواصفينْ
هَمَى على أطرافِهِ ما هَمَى
من شَهْوَةِ الزُّهَّادِ والطّامعينْ (3)
هذاك يَرْفُوهُ لإصلاحِهِ
وذاك يَقْنِيه لأرْباحِهِ
مُتَّسِعٌ مثلَ اتّساعِ الأملْ
وفاقَ ضيقاً كِفَّةَ الحابلِ (4)
مُرْتَقَبٌ مثلَ ارتقابِ الأجلِ
مُخْتَطَفٌ كالمغْنَمِ العاجلِ
مُحبَّبٌ كالطِّفلِ أو كالمُنَى
مُبَغَّضٌ كالفقر أو كالضَّنَى
لبستُهُ لا مَغْنَماً أرْتَجِيهِ
فيه ولا مِنْ مَغْرَمٍ أَفْرُقِ (5)
لكنَّهُ الإكراهُ لا رَأْيَ فيهِ
فما أُبالي جَدَّ أم يَخْلُقِ؟
يُخْلِقُهُ من رَامَ إخْلاقَهُ
ويَبْتَغي الجِدَّةَ من راقَهُ
يا أيها الثوبُ طواكَ الذي
يَطْوي الليالي الجونَ طيَّ السِّجِلْ (6)
ضَعْ صورةَ المِنْوالِ للمُحْتَذِي
ليحتذيها -الدّهرُ- من لا يَمَلْ
إنّي ليَشْفيني نضوبُ الإناءِ
أيْ والذي يُبْرئُ من كلِّ داءِ
أمْلَلْتَ يا ثوبَ (...) البغيضْ
متى -تُرَى- يخْتَالُ فيك الرِّدَى (7)
دونَ الأماني البيضِ حالَ الجَريضْ
كما يحُولُ القيدُ دونَ المَدَى (8)
إذا نأى منك القريبُ القريبُ
فقد أجابَ الدعوةَ المستجيبُ
إلاّ تُقاسيهِ فأنتَ الغَبي
وإن تُقاسيهِ فأنْتَ الشَّهِيدْ
ما يَجِدُ الهاربُ من مَهْرَبِ
إلاّ وكلبُ القومِ عند الوَصِيدْ (9)
فأين يرجو -بعْدُ- حُسْنَ المصيرِ
من بعدِ ما آذاهُ صوتُ النَّذيرِ؟
أكانَ (سقراطُ) مِثال الحِجَى
ممّا نضاهُ، غيرَ مُسْتَمْهِلِ (10)
أم كان (شو) مُسْتَمْسِكاً بالرَّجا
أم انْتَهى عن رأيهِ الأوّلِ؟ (11)
يُخْلَعُ أو يُلْبَسُ لا يَحْفِلُ
ما يَرْقُصُ العاقلُ في مَأتَمِ
أو يَذْرِفُ الدَّمْعَ ليالي الزِّفافِ (12)
إلاَّ لأمرٍ ضَلَّ عنه العُمِي
تَبْدُو معانيهِ وراءَ السِّجافِ
والجاهلُ المأفونُ في لهوِهِ (13)
يَصْطَكُّ سَمْعُ الصُّمِّ من شَدْوِهِ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :573  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 240 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.