(( كلمة لمعالي الشيخ أحمد محمد صلاح جمجوم ))
|
- بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
إخواني.. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته: |
هذه الاثنينية المباركة التي ابتدعها الأستاذ عبد المقصود خوجة سجل فيها من التكريم لأصحاب الفضل والعلم والأدب ما سعدنا به جميعاً في أوقات متعددة، وقد سجلها كتابةً وكتباً موزعة على الجميع، ونحن في هذه الليلة المباركة نشكر له هذا التكريم لإستاذنا الفاضل الأستاذ فهمي هويدي، وإن كنت وجدت سنه - مما ذكر - أقل مما كنت أتصور، ولكن أساتذتنا جميعاً ليسو بالسن ولكن بالعلم والفضل والأدب، وأنا أحد الأشخاص المعجبين بما يكتبه الأستاذ فهمي منذ سنوات عديدة، أتابعه في كتبه ومقالاته كلما أتيحت لي الفرصة، وأسجل له أنني مقتنع باتجاهه الصادق إن شاء الله ولا أزكي على الله أحداً في خدمته للإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم، وآخر ما قرأت له بإعجاب شديد ما كتبه عن السودان لإيضاح المؤامرة الكبرى التي تحاك ضد الإسلام في جميع أنحاء العالم. |
ومن أغرب الغرائب أن هذه المؤامرة أصبحت مكشوفة وليس لها سر، والغرب يتكلم عنها ليل نهار كأنما نصب الإسلام بعد الشيوعية العدو الأكبر للغرب ولأوروبا وأمريكا، ونحن في غفلة تامة عن متابعة هذه المؤامرة الصهيونية الأصل التي حدثنا الله عنها في كتابه الكريم منذ عهد الرسالة التي أنزلت على قلب رسولنا محمـد صلى الله عليه وسلم، وقـد اتضحت هذه المؤامرة الآن بشكل سافر ليس فيه لا أخلاق ولا حياء ولا أدب ولا مجاملة. |
الكل في الغرب يتكلم عن انتشار الإسلام وبصورة خاصة في القارة السوداء.. القارة السوداء كما نعلم جميعاً هي المنجم الذي ينتظر الغرب أن يأخذ ثماره مستقبلاً بطريق الاستيلاء وطريق التسلل الذي تتضح معالمه يوماً بعد يوم، ظهر كتاب أخيراً لكيسنجر يقول فيه (ما كنت أتمنى لحرب أن تستمر إلا حرب الخليج، لتدمر العرب وتريق دماءهم، وتستنزف أموالهم التي اكتسبوها من دخل البترول) هذا الكتاب قرأه الناس وتتطلع عليه الدنيا، ونحن أميّون لا نقرأ ولا نكتب ولا نسمع ولا نفهم ولا ندرك هذا الخطر الجاثم الكبير الذي يشتعل يوماً بعد يوم، وبصورة علنية ليس فيها سر، وزيرة الخارجية الأخيرة الصهيونية تدور في العالم وتؤكد أن تركيا ينبغي أن تدار علمانيا، الدولة التي حمت العالم الإسلامي، وبثت فيه الخير الكثير ونشرت فيه العلم والدين والفكر، ينبغي أن تحكم علمانياً هذا قرار منهم، إذا ارتفعت أسعار البترول سارعت أمريكا والدول الغربية لتمتص ما جاءنا من هذا الدخل وتنشئ المشاكل وتفرق الإخوان وتمزقهم وتضع بينهم العراقيل. |
في إفريقيا منذ سنوات طويلة وضعت الصهيونية دراسات تتعلق بالسيطرة على المياه في الشرق الأوسط، وجعلت استراتيجيتها أن تتسلط على النيل الأبيض والنيل الأزرق الذي تستقي منه كل دول حوض النيل كالسودان ومصر بالذات، في فلسطين وتركيا تتسلط على المياه لتحول دون وصولها إلى الدول العربية، السؤال الذي أريد أن أطرحه وأستاذنا الفاضل وكتابنا وشعراؤنا ينبغي أن يبحثوا عن معادلة كيف ننشر هذا الوعي بين المسؤولين وبين المواطنين العرب والمسلمين في أنحاء العالم ليتحركوا ويأخذوا موقفاً يتناسب مع هذا العداء ومع هذه المؤامرات ومع هذا التكتيل الغربي المتماسك الذي لا يمكن أن يغفل عنه رأي ولا فهم ولا إدراك، حجتنا في ذلك نحن الآن لا أشك أن الصحوة الإسلامية بدأت تأخذ مجراها في العالم الإسلامي ولكن بطريقة غير منظمة، أستاذنا وأساتذتنا جميعاً يعرفون كيف وصلنا إلى الحضيض وهذه سنة الله في خلقه، يعني الحضارات كما نعرف جميعاً تنمو وتزدهر وتكبر، ثم تنحدر وتصل إلى النهاية، وصلنا إلى النهاية، الآن نريد أن ننهض، نريد أن نتحرك، ما هي عدتنا في ذلك؟ الشباب، الشباب والأولاد والطلبة الذين يتيهون اليوم بدون معرفة، بدون علم، بدليل أن مناهج التعليم في العالم الإسلامي منحلة وضعيفة، ولا تعطي الطالب أو التلميذ الذي يمكن أن يتولى زمام وقيادة الأمة في المستقبل. |
الآن ننشئ أمة بغير مستوى من العلم، بغير قوة على مجابهة الأعداء في القدرة التي يتآمر بها الغرب علينا، ولذلك الرأي العام وتعبئته هي مهمة أستاذنا الفاضل وأمثاله من الأشخاص، الرجال العباقرة الذين يقرأهم الناس، ويتابعون ما يكتبون، ويتأثرون لما يكتبون، ولكن لا تزال في الأمة الإسلامية الأغلبية الصامتة، الميتة، الضعيفة التي لا تتحرك، نريد أن نحرك هذه الأمة بطريقة تتجاوب مع هذه الأحداث، عدتنا في المستقبل الشباب، مناهج التعليم. |
كان لنا الشرف مع الدكتور عبده يماني عندما أقيمت مؤتمرات التعليم الإسلامي منذ حوالي خمسة عشر سنة، وجمعنا القواعد وجمعنا الأسس وجمعنا من العالم أكثر من ثلاثين أو خمسين عالماً مسلماً أوضحوا وبينوا ما هي النكبة التي وصلت للتعليم في العالم الإسلامي، ونريد أن تتبنى الدول إقامة مثل هذا المؤتمر، أو تتبنى الخطوات اللازمة لإعادة التعليم إلى أسس إسلامية، ومناهج في مدارس المسلمين على الأسس السليمة، لا يزال حتى اليوم جهاد بسيط من مجموعة هائلة ولكن السير بطيء والعمل ضعيف جداً، وسيأخذ وقتاً طويلاً من الزمن، كلنا نعاني من خريجي المدارس والجامعات، خريج الجامعة يأتينا ولا يفقه ماذا يعمل، يحتاج إلى تدريب طويل أكثر مما قضاه في التعليم. |
لا أريد أن أطيل عليكم ولكن المؤامرة كبيرة، والمصيبة عظيمة، والبلاء عام شامل في كل العالم الإسلامي، وكان لنا شرف صحبة معالي الدكتور محمد عبده يماني، والدكتور عبد الله عمر نصيف لزيارة معظم بلدان العالم الإسلامي وتبين أن المشكلة واحدة، ومكمن المصيبة واحد، ولذلك لا بد من تحريك قوي للخروج من هذا المأزق والله سبحانه وتعالى يهيئ الأسباب، ولنأخذ مثلاً نصيبنا في تهيئة الله سبحانه وتعالى للصحوة الإسلامية، أرادت أوروبا أن تمحو الإسلام من أوروبا فسلطت الصرب بمعاونة معظم الدول الأوروبية للقضاء على البوسنة والهرسك كما تعلمون جميعاً، ويريد الله سبحانه وتعالى أن يخرج من هذا الظلم والإبادة المطلوبة أن تنشأ الدولة الإسلامية على انقاض هذا البلاء، وينشأ فيها أكبر عدد ممكن من الشباب الذين يؤمل فيهم الخير لأن الابن الصغير الذي رأى أمه ينتهك عرضها، وأخته تمزق أثيابها، أباه يقتل ويمزق، وأيضاً يدفن حياً، هذا الطفل سيكون بطلاً من أبطال المسلمين في المستقبل، ونحن نرى الآن التطور العجيب في البوسنة والهرسك برغم الظلم الذي لا يزال مستمراً، وبرغم تخاذل المسلمين في مساعدة هؤلاء المساكين الذين يلاقون البلاء ليل نهار. |
القضية نفسها في فلسطين لم يتغير شيء، وهي نفسها في كشمير، بدأ التحرك الفلسطيني للعمل الذي أدى إلى ما نحن فيه عندما كسرت أيدي وأرجل الأطفال الذين قاموا بالحجارة، وهذا المنطلق الذي بدأ الحركة في فلسطين لتأخذ مجرى جديداً، ونحن نعرف جميعاً أصل اليهودية وألاعيبها، وقصة البقرة ولون البقرة، وشكل البقرة، هذه القصة تتكرر في حياة اليهود على طول الخط، المصيبة الأكبر أن الصهيونية استطاعت بطرقها المختلفة وبدهائها وتنظيمها أن تتسلط على الدول الكبرى، وهي تستخدم هذه الدول في سبيل القضاء على الإسلام.. هذه هي المؤامرة الكبرى فيما يتعلق بأفريقيا، وأستاذنا الفاضل من إفريقيا حيث يخشى الغرب أن يتسلط الإسلام ويتسلل الإسلام إلى القارة السوداء، فيعمل ليل نهار على إيذاء أي قطر إسلامي يمكن أن يأخذ هذا الطريق ولكن الله سبحانه وتعالى غالب على أمره، وكل ما ندعوه أن الله سبحانه وتعالى يثبت المسلمين على دينهم ويثبتهم على الطريق الصحيح حتى يستحقوا نصر الله سبحانه وتعالى. |
نحن في هذه الليلة المباركة نطلب من أستاذنا الفاضل الذي نكرمه اليوم وهو مفكر كبير، جذاب الحديث دقيق مستوعب أرجو أن يعمل في مجموعة من إخوانه وفي طبقة الداعين إلى هذا العمل حتى يكون لذلك أجر كبير، كما نرجو أن يعمل بطاقته إذ استطاع أن يتغلغل إلى قلوب الناس وإلى قلوب المسلمين في قضية تربية الأجيال القادمة والله الهادي إلى سواء السبيل. |
أشكركم على الاستماع ولا تؤاخذوني إذا أطلت.. والسلام عليكم ورحمة الله. |
|
|