خَليليَّ لا واللهِ داؤكما دائي |
فلا تَطْمَعا أن تَلْوِياهُ بإخفاءِ |
أَشتَّ بنا البينُ المُعَجَّلُ والهوى |
ولاذَتْ عقابيلُ الضَّنى بِسُوَيْدَائي |
ألمَّا إذا أشْمَلْتُما (بِشَتُورةٍ) |
وعُوجا إذا أجْنَبْتُما نَحْوَ (صَيْدَاءِ)
(2)
|
ولا تَنْسَيَا من (زَحْلةٍ) سَيْبَ نهرِها |
ودَفَّاعَهُ من ذَرْوَةٍ فيه شمّاءِ |
وفوَّارَ (إنْطِلْيَاسَ) ما تَرَيانِهِ؟ |
وقد ضُمَّ تحتَ السُّحْبِ ضَمَّةَ أحشاءِ |
* * * |
عيونُ مهاً للغيد لا بـ (تَنُوفَةٍ) |
ولا طافَ في أحداقها طَيْفُ صحراءِ |
ولكنْ على عرشٍ من الزّهر والنّدى |
ومُرْتَبَعٍ فَخْمٍ من الظّلِّ والماءِ |
ملاعبُ للآرامِ ضَوَّاعةُ الشَّذَى |
بِوَرْدٍ وآسٍ لا بطلحٍ ولا راءِ
(3)
|
وكأسٌ -على عشبٍ أَثيثٍ رَوِيَّةٍ- |
تَعَلَّ بها من بعد مَرْيِكَ للشَّاءِ
(4)
|
فواهاً على تلك المراتعِ إنَّها |
مطالعُ أقمارٍ زَهَوْنَ بِلألاءِ |
دعانيَ داعٍ لو سِوَى ما دعا به |
لقد كِدْتُ أنسى كلَّ بَثِّي وبأسائي |
وكم ذُقْتُ في الدّنيا جميعَ طُعُومِها |
فما كنتُ فيها قبل ذاك بِنَسَّاءِ |
* * * |
ألبنانُ.. لبنانُ الجميلُ تضَمَّخَتْ |
يدي بِجَنًى من حُسْنَييكَ وأجْناءِ |
وأرهفتُ إحساسي فناحَتْ حشاشتي |
على جنباتِ الأرْزِ نَوْحَةَ وَرْقاءِ |
يموجُ عليك الحسنُ حتّى كأنّه |
أجَنَّكَ في فيْنَانَةٍ منه غَيْناءِ
(5)
|
وقد عِشْتُ دهراً جامدَ القلبِ قاسياً |
أنُوءُ به عن صخرةٍ منه صمّاءِ |
فما أشتهي نَفْحاً ولا أجْتَلي سَناً |
ولا الغصنُ يَسْبيني على أيْكِهِ النّائي |
لأقْوَيْتُ حتّى من طلولِ مشاعري |
فما تَلْتَقي في حالةٍ بعضُ أجزائي |
* * * |
ليالي لا أنفكُّ إلا على دَدٍ |
ولا أنْثَني إلاّ على مَتْنِ..
(6)
|
ولا أتَمَلَّى وَجْهَ كلِّ مُنادمٍ |
من الدَّلِّ والإلْطافِ إلاّ بإيماءِ |
كأني في عُلْيا المراتبِ (عُرْوَةٌ) |
وقد كُحِّلَتْ من حُسْنِهِ عينُ (عَفْراءِ)
(7)
|
وكم في (الغلاييني) وكم حولَ (خلدةٍ) |
مَفَاتِنُ تُغْري الصَّبَّ أيَّةَ إغراءِ
(8)
|
أخالُ كأني في جَناحٍ وكوكبٍ |
أدِفُّ كما دَفَّتْ قوادمُ عنقاءِ |
وإن فاتت (الشِّعْرَى العبورُ) فإنّني |
لمُسْتَبْدِلُ عنها غوَارِبَ (جوزاءِ) |
* * * |
وقومٌ بِلُبْنانِ الجميلِ تَلَبَّثُوا |
كمجموعة من سَوْسَنٍ فوق مَيْثاءِ
(9)
|
عليها غمامٌ من جنوبٍ وَشْمأَلٍ |
يجودُ برَوَّاحٍ لديها وغدَّاءِ |
إذا ما رَنَا من جانب "الأرْز" ثَلْجُهُ |
إلى البحر ماجَ البحرُ موجةَ أنواءِ |
لو أني رَزَأْتُ الشُّهبَ عُظْمَى بُرُوجِها |
رَزَأْتُهُمُ.. لكنني غيرُ رَزَّاءِ
(10)
|
وكيف وهمْ أفلاذُ قلبٍ مُشَعَّبٍ؟ |
وهم بعدُ في غُبْر الخطوبِ أودَّائي |
كأنهمُ مِنِّي.. كأنِّي منهمُ |
دواءٌ لداء بعد كَدّ وإعياءِ |
* * * |
أبا "الأرْز" فَذاً و "الصّنوبرِ" شامخاً |
تبَايَنَتِ الرُّؤيا على مُقْلَةِ الرّائي |
رَدَدْتَ عليَّ الرّوحَ.. واللهُ خالقي |
وسبحانَهُ من باعثٍ بعد إفناءِ |
لئن ذُمَّ عيْشي بعد كنزٍ فَقَدْتُهُ |
لقد طابَ إصباحي لديكَ وإمسائي |
ولو صحَّ حُكْمٌ في الزمانِ وفي الوَرَى |
لَمَا قِيسَ إضحاكُ الزّمانِ بإبْكاءِ |
فما قوَّضَ الأشياء إلاّ الذي بَنَى |
وقَرَّبَ إلاّ من يعودُ لإقْصاءِ |
وإنّا على عَذْبِ المُنى وعذابِها |
لَمِثْلِ الحَيَارَى فوق أثباجِ دَأْمَاءِ
(11)
|