شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لبنان (1)
كنت قد بعثت بهذه القصيدة إلى صديق لي في بيروت، فنشرها مختزلة في إحدى مجلات بيروت، إن صح أن من الشعر ما يمكن أن يختزل، وهذه هي كاملة.. كما أنها مهداة مني إلى أستاذنا الكبير أحمد إبراهيم الغزاوي رداً لدين له عليّ.
خَليليَّ لا واللهِ داؤكما دائي
فلا تَطْمَعا أن تَلْوِياهُ بإخفاءِ
أَشتَّ بنا البينُ المُعَجَّلُ والهوى
ولاذَتْ عقابيلُ الضَّنى بِسُوَيْدَائي
ألمَّا إذا أشْمَلْتُما (بِشَتُورةٍ)
وعُوجا إذا أجْنَبْتُما نَحْوَ (صَيْدَاءِ) (2)
ولا تَنْسَيَا من (زَحْلةٍ) سَيْبَ نهرِها
ودَفَّاعَهُ من ذَرْوَةٍ فيه شمّاءِ
وفوَّارَ (إنْطِلْيَاسَ) ما تَرَيانِهِ؟
وقد ضُمَّ تحتَ السُّحْبِ ضَمَّةَ أحشاءِ
* * *
عيونُ مهاً للغيد لا بـ (تَنُوفَةٍ)
ولا طافَ في أحداقها طَيْفُ صحراءِ
ولكنْ على عرشٍ من الزّهر والنّدى
ومُرْتَبَعٍ فَخْمٍ من الظّلِّ والماءِ
ملاعبُ للآرامِ ضَوَّاعةُ الشَّذَى
بِوَرْدٍ وآسٍ لا بطلحٍ ولا راءِ (3)
وكأسٌ -على عشبٍ أَثيثٍ رَوِيَّةٍ-
تَعَلَّ بها من بعد مَرْيِكَ للشَّاءِ (4)
فواهاً على تلك المراتعِ إنَّها
مطالعُ أقمارٍ زَهَوْنَ بِلألاءِ
دعانيَ داعٍ لو سِوَى ما دعا به
لقد كِدْتُ أنسى كلَّ بَثِّي وبأسائي
وكم ذُقْتُ في الدّنيا جميعَ طُعُومِها
فما كنتُ فيها قبل ذاك بِنَسَّاءِ
* * *
ألبنانُ.. لبنانُ الجميلُ تضَمَّخَتْ
يدي بِجَنًى من حُسْنَييكَ وأجْناءِ
وأرهفتُ إحساسي فناحَتْ حشاشتي
على جنباتِ الأرْزِ نَوْحَةَ وَرْقاءِ
يموجُ عليك الحسنُ حتّى كأنّه
أجَنَّكَ في فيْنَانَةٍ منه غَيْناءِ (5)
وقد عِشْتُ دهراً جامدَ القلبِ قاسياً
أنُوءُ به عن صخرةٍ منه صمّاءِ
فما أشتهي نَفْحاً ولا أجْتَلي سَناً
ولا الغصنُ يَسْبيني على أيْكِهِ النّائي
لأقْوَيْتُ حتّى من طلولِ مشاعري
فما تَلْتَقي في حالةٍ بعضُ أجزائي
* * *
ليالي لا أنفكُّ إلا على دَدٍ
ولا أنْثَني إلاّ على مَتْنِ.. (6)
ولا أتَمَلَّى وَجْهَ كلِّ مُنادمٍ
من الدَّلِّ والإلْطافِ إلاّ بإيماءِ
كأني في عُلْيا المراتبِ (عُرْوَةٌ)
وقد كُحِّلَتْ من حُسْنِهِ عينُ (عَفْراءِ) (7)
وكم في (الغلاييني) وكم حولَ (خلدةٍ)
مَفَاتِنُ تُغْري الصَّبَّ أيَّةَ إغراءِ (8)
أخالُ كأني في جَناحٍ وكوكبٍ
أدِفُّ كما دَفَّتْ قوادمُ عنقاءِ
وإن فاتت (الشِّعْرَى العبورُ) فإنّني
لمُسْتَبْدِلُ عنها غوَارِبَ (جوزاءِ)
* * *
وقومٌ بِلُبْنانِ الجميلِ تَلَبَّثُوا
كمجموعة من سَوْسَنٍ فوق مَيْثاءِ (9)
عليها غمامٌ من جنوبٍ وَشْمأَلٍ
يجودُ برَوَّاحٍ لديها وغدَّاءِ
إذا ما رَنَا من جانب "الأرْز" ثَلْجُهُ
إلى البحر ماجَ البحرُ موجةَ أنواءِ
لو أني رَزَأْتُ الشُّهبَ عُظْمَى بُرُوجِها
رَزَأْتُهُمُ.. لكنني غيرُ رَزَّاءِ (10)
وكيف وهمْ أفلاذُ قلبٍ مُشَعَّبٍ؟
وهم بعدُ في غُبْر الخطوبِ أودَّائي
كأنهمُ مِنِّي.. كأنِّي منهمُ
دواءٌ لداء بعد كَدّ وإعياءِ
* * *
أبا "الأرْز" فَذاً و "الصّنوبرِ" شامخاً
تبَايَنَتِ الرُّؤيا على مُقْلَةِ الرّائي
رَدَدْتَ عليَّ الرّوحَ.. واللهُ خالقي
وسبحانَهُ من باعثٍ بعد إفناءِ
لئن ذُمَّ عيْشي بعد كنزٍ فَقَدْتُهُ
لقد طابَ إصباحي لديكَ وإمسائي
ولو صحَّ حُكْمٌ في الزمانِ وفي الوَرَى
لَمَا قِيسَ إضحاكُ الزّمانِ بإبْكاءِ
فما قوَّضَ الأشياء إلاّ الذي بَنَى
وقَرَّبَ إلاّ من يعودُ لإقْصاءِ
وإنّا على عَذْبِ المُنى وعذابِها
لَمِثْلِ الحَيَارَى فوق أثباجِ دَأْمَاءِ (11)
 
طباعة

تعليق

 القراءات :493  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 227 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.