أين أفناؤهمْ، وأين المَغاني |
طَمَسَتْها نوائبُ الحَدَثانِ |
لا بنجمٍ هَوَى، ولا انْصَدَعَ الشّملُ |
ولا بالمُزونِ جِدِّ رِزانِ
(2)
|
لو فراقٌ أجَدَّ بعد تلاقٍ |
أو بعادٌ ألحَّ بعد تَدانِ |
ما مضَوْا، كلُّ غايةٍ تَحْتَويِهمْ |
مُجْتَواةُ إلى العيونِ الرّواني |
زَلَقَ نَهْجُهُمْ، تَنُوشُ الثُّريّا |
منهمُ، ما رَمَى سُهَيْلُ اليماني |
غيرَ أنّ الحياةَ نكداءُ، ما تَمْضي |
بِساعٍ، ولا تَخِفُّ بِوَانِ |
أنتَ منها على النقيضِ، إذا رُمْتَ |
الليالي أوْلَتْكَ منها الثّواني
(3)
|
* * * |
جيرةُ العُمْرِ، دورهم صدد، بين |
قَريني هَوىً، رضيعي لِبانِ |
كم تَوَافَوْا على سراةِ أديمٍ |
جامعٍ منهمُ شَتيتَ المكانِ |
نشأُوا فيه رُتَّعاً، واستراحوا |
في ثراهُ، كالطيرِ في الأكنانِ |
كلّما ثارَ تُرْبُهُ، حَسِبُوهُ |
أرَجَ المِسْكِ، أو شَذَى الرَّيْحانِ |
وإذا سافروا، وعادوا إليه |
فاضَ جَمَّ الهوى، غزيرَ الحنانِ |
قلبُهُ قلبُ عاشقٍ، وهْوَ معشوقٌ |
فسقياً لِطيبِ الأوطانِ |
لو تزورُ النجومُ أتْرابَها، لم |
تَكُ أحْلَى من زَوْرَةِ الجِيرانِ |
الصَّبايا مع الصَّبايا على البَرِّ |
وفِتْيانُهُمْ مع الفِتْيانِ |
وإذا رَابَهُمْ من الأمر رَيْبٌ |
وقسا الدّهرُ بعد طِيبِ لِبانِ |
أجْمَعُوا أمرَهُمْ، وشَدُّوا على |
اللاواء منهم خناصرَ الأيمان |
قِف على الرَّسْمِ وقْفَةَ المُتأنِّي |
حين ألْقَتْ فيه النَّوى بجِرانِ |
بَدَّدْتَهُمْ بعد اجتماعٍ، وأمسى |
مَنْزِلُ الوَصْلِ مَنْزِلَ الهجرانِ |
شرفاتٌ من القصورِ تَهَاوَتْ |
وعطاءٌ أفْضى إلى حِرْمانِ |
أصبحتْ بعدهم خُوَاءً، كأن لم |
تُبْنَ منها الصُّروحُ يوماً لِبَاني |
صامتاتٌ كأنها دارُ (نُعْمٍ) |
واجماً ساهماً بها (الذِّبْياني) |
أفكانَتْ حقاً مراداً لجيرانٍ كِرامٍ |
كرامٍ، ومَلْعَباً للغواني؟ |
أخذ الشّكُّ مأخذاً قد أقامَتْهُ |
دهوراً عواملُ الإيقانِ |
رُبَّ ذكرى تَطِيفُ من بعْد ذِكْرَى |
كالرُّؤَى خلفَ مُقْلَةِ الوَسْنَانِ |
يَتَحلَّى بها قليلاً قليلاً |
ثم تُطْوَى في مَوْجَةِ النِّسيانِ |
وكأيِّن من عابرٍ فوقَ أرماسٍ كأنْ |
قدْ يَزِفُّ في بُسْتانِ
(4)
|
ما الذي ناحَ مثلَ آخرَ أزْجَى |
ساخراً منه، ضِحْكَةَ الجَذْلانِ
(5)
|
* * * |
إن تكن يا غُرابُ تَنْعَبُ للشُّؤْمِ |
فما كنتَ أوْحَدَ الغِرْبانِ |
نازلٌ بعد راحلٍ، وبيوتٌ |
شُيِّدَتْ، ثمّ قُوِّضَتْ بعدَ آنِ |
كلُّ حيٍّ له نصيبٌ يُلَقَّاهُ |
شَقَاءً بأفدَحِ الأثْمَانِ |
ها تأمَّلْ أنفاسَ قومٍ تلاشتْ |
في عجيجِ الإعْوالِ والإرْنانِ
(6)
|
ينفعُ الشَّجْوَ حيث لا ينفعُ الأيْدُ |
إذا صِيحَ بالفتاةِ الحَصَانِ
(7)
|