شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ملل ويأس وأفكار سوداء (1)
خُلِقْتُ مَلُولاً، لو رُزِقْتُ سعادةً
ودامتْ، لساءتْ لي مَرَاحاً ومُغْتَدَى
ولو مُدَّ من حبلِ الحياةِ قَصِيرُهُ
لأشْفَقْتُ منه، أو فَزِعْتُ إلى الرَّدَى
ولو جاء هذا الموتُ قبلَ أوانِهِ
لألْفَى إلى روحي السّبيلَ مُعَبَّدا
(سئمتُ تكاليفَ الحياةِ) جميعَها
فلا أبْتَغِي جَدّاً، ولا أشْتَهِي وُدّا
وجرّبتُ أخلاقَ الوَرَى في شَبيبَتي
فما ساءني بُخْلٌ، ولا سرّني نَدَى
وأجْدَبَ قلبي من غرامٍ مُخامِرٍ
وضاقَ شُعوري، وَهْوَ مُنْفَسِحُ المَدَى
فلا الشّمسُ في إشراقِها تبعثُ الهوى
ولا الطّرفُ إذْ يَرْنُو، ولا الطّيرُ إنْ شَدا
لئن كنتُ فَرْداً إنَّ فِيَّ لَعُصْبَةً
عِدًى، أوْ هُمُو أقْسى عليَّ من العِدَى
نَقيضانِ من قلبٍ ونفسٍ تَبَرَّمَتْ
به، فَعَتَا عن أمرِها وتمرَّدا
ولو كان لي عقلٌ نصيحٌ مُسالمُ
لأصْماهُما، حتّى يَبينَ له الهُدَى (2)
* * *
يرى النّاسُ منِّي بينهمْ طيفَ عابرٍ
يروحُ ويغدُو مثلَ من راحَ أو غَدَى
تَحَيَّفَهُ دهرٌ شديدٌ شِمَاسُهُ
وأَبْدَى له وجهاً من المُقْتِ أرْبَدا (3)
ولولا بقايا من صليبِ إرادةٍ
لأعْوَزَني صَبْري، وعِفْتُ التَّجَلُّدا (4)
لقد طالما أقدمتُ في غير طائلٍ
أيَجْمُلُ بعد الآن أن أتَرَددَّا؟
ضَحِكْتُ من الأيامِ ضَحْكَةَ مُرْهَقٍ
تَكَبَّدَ من آلامِها، ما تَكَبَّدا
وما كان ضَحْكي عن حبورٍ وإنَّما
لأجْمَعَ من شَمْلِ المُنى، ما تبَدَّدا
سُرِرْتُ بأشتاتِ المُنى إذْ تألَّفَتْ
ولكنّها من شِقْوَتي ذهبتْ سُدَى
تَقَلَّبْتُ منها وَسْطَ روْضٍ مُنَمْنَمٍ
فأضحى كصحراء، من الأرضِ أجْرَدا
وكمْ منزلٍ يَمَّمْتُه ما أغاثني
بمُرْتشفٍ، أشفي به غُلَّة الصَّدى (5)
* * *
لقد خَلُقَتْ نفسي، ورَثَّتْ شمائلي
وذا الدهرُ ما يزدادُ إلا تَجَدُّدا
وما الكِبَرُ العاتي عرَاني وإنّما
تَغَيَّرَ طبعي أو تحوَّلَ جَلْمَدا
وكنتُ كطير عاشَ في غير سرْبهِ
فأمْضى أُوَيْقاتِ الزمانِ مُغَرِّدا
يُخَفُّفُ عنه الشَّدْوَ أثقالَ همِّهِ
ويَطْرُدُ عنه بَثَّهُ والتَّوجُّدا
وعندي لأبناءِ الزمانِ حقائقٌ
يَظَلُّ لها وجهُ الغَزالةِ أسودا
سأُضْمِرُها حيناً، ولوْ قدْ أذعتُها
لما عَدِمَتْ بين الأنامِ مُفَنِّدا (6)
يُكذِّبُها عبدٌ ليكسبَ زُلْفَةً
ويُنْكِرُها حرٌّ ليصبحَ سيِّدا
* * *
وقومٌ يَوَدُّوني ولكنْ إذا رأَوا
بُروزي عليهم أصبحوا لي حُسَّدا (7)
وما حسدٌ يُدْني من المرءِ نائياً
ولو راشَ منه سهمَ غلٍّ مُسَدَّدا
يُضيف به همّاً إلى همِّ نفسهِ
ويُضرمُ فيه الجاحِمَ المتوقِّدا
وما أنا ممّنْ يُضمرُ الغلَّ لامرىءٍ
ولو أنه أبدى العداءَ المُجردّا
سيندبُني صَحْبِي وكلُّ من التَوَى
بحبلِ ودادي إنْ وَهَى أو تأيّدا
كما لو قضَوْا قبلي جميعا نَدَبْتُهُمْ
وأذْرَفْتُ جمَّ الدّمعِ، أسوانَ مُفْرَدا
وإني لمفطور على ذاك، لا أني
وأَمْسِي ويومي فيه قد أشبها الغَدا
وما كان منّي غيرُهُ فمظاهرٌ
تعوّدتُها يا صاحِ، فيمن تَعَودَّا
خلائقُ نفسي في اتّضاعٍ ورِفْعَةٍ
فَلِلَّهِ ما أشقاكِ نفساً وأسْعدا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :617  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 211 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج