يا ابنَتي! ما شربتُ خَمْراً من |
الراووقِ أحْلَى من خمرٍ فيكِ وأسْكَرْ
(2)
|
لا ولا قد جَنَتْ يَدَايَ من البستانِ |
ورداً، من وَرْدِ خَدَّيْكِ أنْضَرْ |
ومُدَامُ الثُّغُورِ يَبقى طويلاً |
ومُدَامُ الكؤوسِ في الحالِ يَفْنَى |
وَوُرُودُ الرّياضِ تُبْهِجُ لكنّ |
وُرُودَ الخدودِ ألْطَفُ مَعْنَى... |
* * * |
يا ابْنتي! إنْ رَأَيْتِنِي أتَمَنَّى |
عُمُراً خالداً، ومالاً وفيرا |
فَهْوَ من أجلِ أنْ أراكِ على حالٍ |
جميلٍ فَأَغْتَدِي مسرورا |
فأماني أبيكِ أنتِ: أتَدْرينَ |
بما في فؤادِهِ من أماني؟ |
أنتِ لا تعرفينَ شيئاً سوى الثَّدْيِ |
فَمُصِّيهِ في رضىً وأمانِ |
* * * |
يا ابْنتي! أيُّما أحَبُّ إليكِ |
قُبْلةُ الأمِّ أو عِنَاقُ أبيكِ؟ |
لستُ أدري، لكنّني أَتَمنَّى |
قُبْلةً أستمدُّها مِنْ فِيكِ |
أتَسامَى بها إلى الفلكِ العالي |
فأحْيا بها وتَنْعَشُ روحي |
هِيَ رَمْزُ الحياةِ لكنَّها في |
كِبَرِ العُمْرِ رَقْصَةُ المذبوحِ |
* * * |
يا ابْنتي! إنْ مَضى أبوكِ إلى |
القبرِ فَحيِّيهِ وارْجِعي بِسَلامِ |
فلقد كنتُ أرْقُبُ الموتَ من قبلُ |
فها قد شربْتُ كأسَ الحِمَامِ |
واسْترَاحَ الفؤادُ حتّى مِنَ الذّكرى |
فلا حُبُّهُ ولا خَفَقَانُهْ |
وسما الرّوحُ في فضاءٍ رحيب |
مُوقناً أنّهُ تَقَضَّى زمانُهْ |
* * * |
فسلامٌ على خُدَيْدٍ بمـ |
ـاءِ الحُسْنِ والبِشْرِ والصَّفَاءِ يَرِفُّ |
وسلامٌ على ثُغَيرٍ لذيذٍ |
فيه راحٌ وفيه روحٌ ولُطْفُ |
وسلامٌ على حياتِكِ إنْ طالتْ |
وإنْ لَمْ تَطُلْ فَسُقْياً وَرَعْيا |
أنا ذاك الأبُ الذي ماتَ عن |
بِنْتٍ وخَلَّى لها الحياةَ لِتَحْيَا |