| أدْلَجَ الحبُّ في هزيع من الليلِ |
| فما اهْتدى إلى أينَ سارا؟ |
| قلتُ يا قلبُ لا تَدَعْ للهوى عنك |
| مسيراً ولا تُحِبُّ مَطارا |
| ما عنِ الحبِّ أي بُدٍّ لقلبٍ |
| يتحدَّى في أمره الأخطارا |
| وهو يصطاد -أين حلَّ- نفوساً |
| وقلوباً يقضي بها الأوطارا |
| سائراً في الدهور سيْرَ ضياءٍ |
| يكْشِف الستْرَ أو يُثيرُ الغُبارا |
| يا لَطِفْلٍ مدلَّلٍ يستدرُّ السعْدَ |
| من ثدْي أمهِ استدْرارا |
| طاوياً صفحةَ الزمانِ على كفّيهِ |
| يلهو بها دُجىً ونهارا |
| القرونُ الطِوالُ تغبّر لمح |
| الطرف يجترها حشاه اجترارا |
| يبتغي الرشد! أي رُشدٍ لطفل؟ |
| مهده فوق محوَرِ الأرض دارا |
| عالقٌ ثغرَه بثدي سماويّ |
| فَيسْقيه شهْدَه المشتارا |
| وبناتُ الفضاءِ والبحرِ والبر |
| يرجّعْنَ لحنه المختارا |
| ويغنينه ويهزَجْنَ بالشعر |
| طوالاً أنفاسُه أمْ قِصارا |
| يتراقصْنَ حوله فإذا الأنـ |
| ـفسُ طرّاً قد أصبحت أوتارا |
| يتناقلْنَ نغْمةً مثَّلتْ كل |
| هوىً واستعادتْ الإِعصارا |
| كلُّهم يبتغي منامَك يا طفلُ |
| ولا نوم منك حتى غِرارا |
| * * * |
| يا (كيوبيدُ) أنت مضمارُ أرواح |
| على حلْبةِ الهوى تتبارى |
| ليتني كنتُ منك ما كان (أورْفيسُ) |
| يهاديك شجوَه المستثارا |
| ضارباً فوق عُوده موغلاً يطوي |
| البراري ولا يهابُ البحارا |
| لا (يوريديس) تسمع النَوح من ذي |
| مقلةٍ يستهلُّها مدْرارا |
| لا ولا الدار بالقريبة منه |
| حين يأوي ولا (بلوتو) أجارا |
| أنا من أبْلَستْ يداه من الصفو |
| ولاقى الأرزاء والأكدارا |
| وأراد الحياةَ رهْواً فجاءتْ |
| وهو يستدبر الصَّبا إعصارا |
| حائراً كلُ مهْيع يمتطيه |
| لطّ في وجهه الصدى والنارا |
| دائر الذهن دورة الفلك الساري |
| جريئاً يُفشي المنايا جِهارا |
| يائساً والمرام أبعدُ من نجم |
| الثريَّا عنه وأنْآى مَزَارا |
| سكب الحُزْن في كؤوس من الشعر |
| مُريقاً بها الدموعَ الغِزارا |
| كلُّ أغرودةٍ تنوح وتشكو |
| نوْحَ وُرْقٍ يناغم الأزهارا |
| * * * |
| وإذا ما ذكرتَ يا قلب عهداً |
| من سرور وهل تَطيقُ ادّكارا؟ |
| فاستعدْه فإنَّه لك ذخرٌ |
| رُبَّ ذخرٍ أجلّ من أن يُعارا |
| واستزِرْ طيفَه كما جمع الزهرُ |
| سقاطاً على خدود العذارى |
| واستزدْه عوداً فقد يُحمد العَودُ |
| إذا ما أثار ما لن يُثارا |
| * * * |
| ما الدجى والنهارُ غيرُ حبيبين |
| اصطلى البدرُ من هوى الشمس نارا |
| فإذا ما ارتختْ يداها أصيلاً |
| ركض البدرُ نحوَها إسحارا |
| شتَّتَ الدهرُ منهما شمْلَ حبيبين |
| فعاشا على الجوى واستدارا |