يا ذَا الجلالِ وذا الجمالِ وذا الكمالْ |
رَبَّ العجائب والغرائب والمواهبْ |
أبْرمْتَ أمرَكَ! أي علم غير علْمكْ؟ |
فإذا الحقيقةُ والخليقةُ طوْعَ حُكْمِكْ |
الكَوْنُ يمْخُرُ في العماءِ أو الهواءْ |
والشُّهبُ تبدو في الفضاءِ أو السماءْ |
والواقفُ الراسي يزيدُ تمددا |
والدائرُ الجاري يهرْوِل سرْمدا |
وطبيعةٌ مرسومةٌ لا تنكشفْ |
بإرادةٍ عُلْويةٍ لا تخْتلِفْ |
وتنوّعتْ شتَّى العناصرِ والنِسبْ |
فتفرقتْ وتجمَّعتْ فيما وجبْ |
وسرى النظامُ فمن يَشِذُّ عن النظامْ |
متعرّضٌ للإنْحلالِ على الدوامْ |
يا ذا الجلالِ وذا الجمالِ وذا الكمالْ |
رَبَّ العجائبِ والغرائبِ والمواهبْ |
* * * |
سبُّوحُ يا قدّوسُ يا ربَّ الجنودْ |
لما مَضَوْا في التيهِ وانتهكوا العهودْ |
هل كان موسى غيرَ عبدٍ من عبيدِكْ؟ |
تركوه واتبعوا الهوى في يوم عيدِكْ |
أو كان عيسى يوم أُرسِل من لدنْكا؟ |
إلا نبيٌّ جاء بالإنقاذ منْكا |
أو كان أحمدُ في الصراط المستقيمْ؟ |
إلا صباحٌ لاحَ في ليل بهيمْ |
نشأتْ جوارحُه على تمجيدِكا |
ودعتْ أوامرُه إلى توحيدِكا |
فإذا البريّةُ فوق مفترقِ الطرقْ |
وإذا العقولُ على جلالِك تتفقْ |
يا ذا الجلالِ وذا الجمالِ وذا الكمالْ |
رَبَّ العجائب والغرائب والمواهِبْ |
* * * |
أحَدٌ توحَّدَتِ الصفاتُ على ظِلالِهْ |
وتبجَّستْ سحبُ الرغائب من نوالِهْ |
وبديعُ كوْن من ثراه إلى سمائِهْ |
رمز عليه في دجاه وفي ضيائِهْ |
سبحانك اللَّهمَّ خُصَّ بك الجلالْ |
لتشامختْ تُبدي الخضوع لك الجبالْ |
وطغى الخِضمُّ ليعتلي أو يرتمي |
ليقولَ شكرك باللسان الأعجمِ |
والبَرُّ إذْ هو مخصِبٌ أو مجدِبُ |
بأكف نبتِكَ يستميح ويطلبُ |
سبحانَ غيبكِ حيَّر الذهنَ العميقْ |
وعُلُو طوْلِك يعجِز الوصف الدقيقْ |
والريحُ بين هبوبها وسكونِها |
حنَّتْ إليك فيا لفرْطِ حنينِها |
ما العقلُ ضلَّ العقلُ إن لم يقتنعْ؟ |
ما الرأيُ ساء الرأيُ ما لم يُتبَعْ؟ |
يا ذا الجلالِ وذا الجمالِ وذا الكمالْ |
رَبَّ العجائبِ والغرائبِ والمواهبْ |
* * * |
روحٌ تفيض به على هذي الحياهْ |
فإذا العوالِمُ تسبطرُّ على خُطاهْ |
وإذا الدُّنا تُصغي إليك بسمعِها |
والسحبُ تسكُبُ حبَّها في دمعِها |
وإذا النباتُ على الهوا متفتقُ |
متربّصٌ ميعاده متشوّقُ |
وجرتْ مقاديرٌ ودار قضاءُ |
وسرى فناء فاستعاذ بقاءُ |
والرحمةُ العُلْيا لكلٍ تُرتقبْ |
ورضاك غاية ما يرامُ ويطَّلبْ |
جُدْ بالهداية لا حياةَ بلا هدايهْ |
وانْفِ الغوايةَ لا كمالَ مع الغوايهْ |
يا ذا الجلالِ وذا الجمالِ وذا الكمالْ |
رَبَّ العجائبِ والغرائبِ والمواهبْ |