| إذا ارتعش القلبُ التفاتاً إلى ذكرى |
| محبّبةٍ ملذوذةٍ تنشرُ العِطرا |
| وجدتُ لقلبي هِزة أيَّ هِزةٍ |
| إلى خلَواتٍ تَشْغَلُ البالَ والفكْرا |
| ليالٍ أماسيها كما ابتدأ السحَرْ |
| ورَّقت حواشيها كما اغرورق الزهرْ |
| ولاحت دراريها عيوناً على القمرْ |
| تحذّره ألا يُذيعَ لنا سرّاً |
| وراءَ فؤادي فرحةٌ عبقريةٌ |
| تجدّد لي همّاً وتُذْهبُ لي همَّا |
| كذلك ما الإنسانُ مهما توفرتْ |
| سعادته إلا بمستتبع غمَّا |
| وإني امرؤ ملءُ حيزومه ملل |
| سريع إلى العقبى إذا أبطأ الأجل |
| أعللُ أيَّامي إذا فاتني الأمل |
| وأنهب باليمنى نصيبي وباليسرى |
| وما كلُّ عيشٍ يغنَمُ الصفو ربه |
| وشيكاً ولا عُقبى تطيب لقادمِ |
| سماديرُ أوهامٍ تُضلُّ عيوننا |
| عن الحق إلاَّ مثلَ أحلام نائمِ |
| وفي الحُلْم إرهاصٌ لما يُترقبُ |
| وفي الحلم أضغاثٌ وفي تقلّبُ |
| فيا ويلتا! أي المهايع أقربُ |
| وأوحى وداء الشك قد لج واستشرى |
| وما حسنٌ أن ينقضي عمرُ الفتى |
| على الذكر يجتر الليالي المواضيَا |
| وما يستعيدُ المرءُ أية لذةٍ |
| مضتْ قبل أن يحفي عليها المآقيا |
| ولي دمعةٌ جبَّارة ما تَهلَّلُ |
| لذكرى عفتْ أو صاحبٍ يتحمّلُ |
| يمر عليها الخطْبُ وهو مجلجِلُ |
| فلا دمعة حرَّى ولا مقلة عبْرى |
| ملاعب من لهوي أنوء بإصرِها |
| فقد قُوّضَتْ أوتادُها وعِمادُها |
| وأمستْ ملاءً من أفاعٍ ومن لظى |
| على أنه يحلو لديَّ ارتيادُها |
| وما بين آنٍ بعد آنٍ أزورُها |
| فيعذُبَ في حلقي وقلبي مريرُها |
| ويكبُرَ في عيني وعقلي صغيرُها |
| وترتد خيراً بعدما أسلفت شرا |
| أفيئي عليَّ الظلَّ والعطرَ والندى |
| ومِدّي! أجَلْ مدّي حبالَك سرمدا |
| فإنك يا ذكرى الليالي حفيلةٌ |
| بما يُفرح الأسوان أو ينقع الصدى |
| يعيشُ الفتى يقتات عصراً قد انقضى |
| وأحيا ولا أُعنى بما جاء أو مضى |
| وما أنا بالراضي به غاية الرضى |
| ولكنه نير أنوءُ به إصرا |
| وكم ليلةٍ تستغرق الدهر كله |
| وتطويه منها في ضياء وفي دجى |
| لدى غرفةٍ تحوي الزمان بأسره |
| وتُردِيه فيها مبلساً متمعّجا |
| أرغْ كل شيء من حياة تساعف |
| فما فاز في المضمار إلاَّ المجازفُ |
| يوافقك الصفو الذي لا يخالفُ |
| فكافئه واملأْ ما ضغَيك له شكرا |
| فإن عشتَ في قوم فعشْ في سوادِهم |
| تفِدْ عظةً أو عِبْرةً أو تجارِبا |
| ودَعْ عنك مجدوداً يتيه بجَدّه |
| وذَرْ عنك مسلوباً غدا اليومَ سالبا |
| ودع آمراً ما زال يُنهى ويؤمرُ |
| ودع آسراً ما يفتأ الآن يؤسَرُ |
| ودعْ كاسباً وهو الذي كان يخْسَرُ |
| فيا ربَّ تبْنٍ عاد في أرضنا تبْرا |