(( كلمة المحتفى به الدكتور عبد الله بن عبد العزيز المصلح ))
|
- اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا وقائدنا وقدوتنا ودليلنا إلى الله، محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، صلاة وسلاماً دائمين ما دامت السموات والأرض. |
معالي الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجة، أحبتي المتحدثين الذين سبقوني بالحديث والذين تحدثوا عني بما أجد في نفسي معه في حياء مع الله عز وجل، أيها الإخوة الأحبة جميعاً من حضور هذه الأمسية المباركة أحييكم جميعاً بتحية الإسلام تحية أهل الجنة، تحيتهم يوم يلقونه سلام، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. |
صدقوني أني فتشت في ذاكرتي عن قول يفي بحسن هذا التلاقي بيني وبينكم فلم أجد أفضل من محفوظ قديم قاله شاعر أظن أنه عاش حالة كمثل حالتي معكم فقال: |
قال لي المحبوب لما زرته |
من ببابي؟ قلت بالباب أنا |
قال لي أخطأت تعريف الهوى |
حينما فرقت فيه بيننا |
ومضى عام، فلما جئته |
أطرق الباب عليه موهنا |
قال من بالباب؟ قلت أنظر |
فما ثمَّ إلا أنت بالباب هنا |
قال لي أحسنت تعريف الهوى |
وعرفت الحب فأدخل يا أنا |
|
|
إني لواجد نفسي في هذه الدقائق التي أسعد فيها بإكرام أخي وحبيبي في الله هذا العملاق المبارك الذي يجلس بجواري، أجد نفسي مغتبطاً إذ عرَّفني بهذه الوجوه الخيرة المباركة المتوضئة المستنيرة بنور الإيمان، فله مني الشكر، ولمن سبقني بالحديث، أقول لأحبتي لا قدرة لعاجز مثلي أن يرد التحية بمثلها، فقد كانت تحيتكم تحية تعني لو أردت أن أكافئكم لأجزلت ولكن من قال لمن أحسن إليه جزاك الله خيراً فقد بالغ في الثناء، ويكفيني أن أقول لكم جزاكم الله خيراً. |
تحتفل الذاكرة بمجموعة من الذكريات، ذكريات العمل وذكريات التعامل مع الآخرين ولقد بدأت حياتي العلمية في مدينة الرياض في معهد إمام الدعوة العلمي، ثم في كلية الشريعة، وفي كلية الشريعة في الرياض كنت قد كلفت تشريفاً بأن أكون أميناً عاماً للأنشطة الثقافية والطلابية، ولا بأس بأن أنقلكم إلى تلك الأجواء، يوم أن كانت كلية الشريعة في الرياض هي مجمع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قبل أن تترامى أطرافها وتنطلق فروعها وتمتد أروقة عطائها في كثير من مواقع الدنيا، كان عندنا في ذلك الحين مجموعة من الأنشطة الطلابية أذكر أنها كانت تشكل أكثر من عشرين جمعية من جمعيات النشاط الطلابي، لكن من لطائف ذلكم النشاط ركن خاص كنا قد عقدنا له منبراً في حديقة الكلية وكان يعتليه الطلبة، كنا نسميه في ذلك الوقت: ركن طالب يرتجل، يلتف زملاؤه من حوله ويقف في وسطهم خطيباً متكلماً في موضوع يختاره، ثم يبدأ زملاؤه في نقاشه وحواره، وكان الذين يشتركون في هذا اللـون من النشاط نسألهم أين تذهبون فيقولون نحن ذاهبون إلى ركن طالب يرتجل، إذ أن رعدة مواجهة الناس كانت تواجههم في بداية الطريق، لكن الذين كانوا يرتجفون هـم الذين أصبحوا يرتجلون وهم الذين صاروا بعد ذلك رجالاً يقولون الحـق وبـه يهتدون. |
بعد أن نلت درجة الدكتوراه كلفت أن أفتتح كلية الشريعة واللغة العربية في مدينة أبها، هذه المدينة والمنطقة العزيزة على قلوبنا جميعاً، والتقيت فيها بأمير صادق الهمة، قوي العزيمة، ذي رغبة ملحة في أن ينفع من حوله، وهو سمو الأمير خالد الفيصل، عندما جئت المنطقة كان معي زميل آخر بعث من جامعة الملك سعود هو أخي الدكتور مزيد إبراهيم المزيد، وكان أخي الدكتور مزيد مسؤولاً عن افتتاح فرع لجامعة الملك سعود وكنت مسؤولاً عن إفتتاح فرع لجامعة الأمام، والحقيقة أنا كنا في ذلك الوقت ننحت نحتاً حتى نجد طالباً، حتى نلقي طالباً تتوافر فيه شروط القبول لكي نبني قاعدة التعليم الجامعي في المنطقة الجنوبية، وبدأنا بداية كانت تكتنفها من العواطف الجياشة والرغبة الكبيرة في محاولة إقامة هذا النوع من العمل، وانطلق بفضل الله من كلية واحدة إلى كليتين وفي كل كلية من الكليتين - في كل واحدة منهما كليتان - وأصبح طلابها الآن يزيدون عن عشرة آلاف طالب وطالبة، والحمد لله رأينا فيها من الفضل والخير ما نرجو أن يجعل الله فيمن تعلموا فيهما خيراً ورشداً، ومكثت في أبها وطالبني البعض بأن أغادرها إلى غيرها فقلت لهم: |
وقائلة أراك ألفت أبها |
وأزمعت المقام على رباها |
فقلت دعي الملامة إن أبها |
تعلق حبها قلبي وتاها |
فلا أرضى لأبها من بديـل |
وحسبي من محاسنها هواها |
|
|
كنت عميداً لكلية العقيدة وأصول الدين ومديراً لفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هناك بعد ذلك، في تلك الأثناء ندبت جامعة الإمام واحداً ممن يعمل فيها لكي يكون مندوباً مراقباً في "هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" وكنت ذلك الذي حظي بذلك الشرف الذي فيه خدمة لكتاب الله عز وجل، وكأني أتلمس وألتمس في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال وقوله الحق: أهل القرآن هـم أهـل الله وخاصتهم من خلقه، رغبت رغبة حداها حب لهذا الدين، ولكتابه، ولنبيه، والانتصار له أن أكون ذلكم الرجل، وتعاونت مع الإخوة في هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ثم طلب إلي أن أكون أميناً عاماً لهيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وها أنذا أشرف بخدمة كتاب الله عز وجل في هذه الهيئة المعطاءة المباركة والتي أعتقد أن منهجها في الدعوة منهج فاعل، لأن العلم هو الشاهد الثقة الذي ألتقي الناس عليه، فلا تكاد تجد خلافاً حول حقائقه ثم أن هذا الزمن هو زمن انفجرت فيه العلوم، ورسولنا عليه الصلاة والسلام قد بشرنا بأن هذا القرآن لا بد أن يبقى مهيمناً في كل زمن، تتجلى هيمنته في أن يفوق ما فاقت العقول فيه، فإذا كان السحر في زمن موسى هو الذي يحتاج إلى عصا موسى، وإذا كان الطب في زمن عيسى هو الذي يحتاج إلى ما وهبه عيسى من فضل الله أن يبرئ الأكمة والأبرص، فإنا في زمن العلم لا بد أن نجد في كتاب الله وسنة رسوله ما يرقى فوق هذه العقول، ويعطيها من البرهان أن ليس هذا القول من قبل البشر، وإنما هو من قول الله عز وجل. |
كم من حادثة مرت علينا، وإني لأرجو أن يكون حديثي سمحاً وسهلاً لا أتعمق فيه، كم من حادثة مرت علينا لتنبئنا عن عظمة هذا الدين وجلالة هذا القرآن، الهيئة أقامت مجموعة من المؤتمرات وكان من ضمنها مؤتمر عقدناه في مدينة موسكو، وقلت لأخوتي من العاملين معي في الهيئة: نريد أن نعقد مؤتمراً نثبت فيه بالمنهج العلمي أن هذا القرآن وهذه السنة، وأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن قول الله قول حق يتفق والمنهج العلمي، وليس قول غيره، وسيبقى قول غيره ظناً، إن يظنون إلا ظناً، وأما قول الله فهو المهيمن على كل شيء، وخرجنا بكل طاقتنا، واستدعينا مجموعة من المتعاملين معنا من العلماء الذين يشكلون سقف معرفة في علومهم، ويشكلون مرجعية في علومهم، وتعاونوا مع هيئة الإعجاز العلمي وذهبنا إلى مدينة موسكو وفي فونت قورباشوف، موقع المعهد الذي كان يصدر الفكر الإلحادي المتسم بالعلمية، لن أحدثكـم بالمؤتمـر كله، وإني لأعلم أن وقتكم أكبر، وإني لأسأل الله أن يجمعني بكم في لقاء أوسع لأفيض لكم حديثاً عن هذا المؤتمر، لكني أقول اسمعوا معي لتعبيرات مديره بعد نهاية الملتقى قال لي من هنا كنا نصدر للدنيا لا إله، فجئتم لتقولوا لنا بالمنهج العلمي لا إله إلا الله، وأنقل لكم حدثاً بسيطاً من هذا المؤتمر، امرأة كبيرة في سنها، كبيرة في مقامها، كنت أرى الروس يهتمون بها إن هي دخلت القاعة، فسألت عنها، فقيل لي إنها شيخ من شيوخ علوم الفضاء، التي كانت مسؤولة في يوم من الأيام عن إطلاق قمر صناعي للفضاء بدون رائد فضاء، سألت من أي البلاد هي؟ من أي الأجناس الروسية؟ فقيل لي إنها تترية، فقلت إذن من جذور إسلامية.. قالوا لي نعم، وكانت تجلس في الصف الأمامي وفي يدها قلمها وفي أذنها سماعة المؤتمر تلتقط كل ما تقدر على التقاطه، في آخر يوم من أيام المؤتمر وإذا بها تعتجر المترجم، لا زال بعض إخوتي الذين حضروا معي المؤتمر يذكرون هذا الاسم، اسمه لفجين، هو واحد من مذيعي موسكو بالعربية، وجاءت به إليَّ ودخلت علي المكتب ولما جلست واستقرت ووضعت أوراقها انفجرت تبكي، عجبت لبكائها لكني سكت إذ أن الهدوء والبصيرة والأناة يجب أن يتحلى بهما من يقابل مثل هذه المواقف المحرجة لكن صاحبتي أطالت بكاءها، فقلت للمترجم قل لها إني لأعلم أنها من أصل تتري وأعلم أن التتار هم قادة هذا الدين في هذه البقاع، أليسوا هم أصحاب مملكة بشكيريا وتترستان؟ أليسوا هم الذين حموا الإسلام عشرات السنين؟ إننا جئنا لكي ننتصر لأجدادك المؤمنين الذين كانوا قد آمنوا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وبالمنهج العلمي الذي تؤمنين به أنت، فردت علي هذا الرد العجيب قالت: من أجل هذا أتيت لأني تربيت من نعومة أظفاري على أن الدين ميتافيزيقيا، وعلى أنه غير خاضع للمنهج العلمي، لكن ما تقولونه أنتم في هذا الملتقى هو ما أدرسه لرواد الفضاء، ثم بدأت تفتح هذا الكتاب الذي بيدها وتقول لي لقد سمعتكم وأنتم تذكرون بقول الله عز وجل فمن يردْ اللهُ أنْ يُهْدِيْهِ يَشْرَح صَدْرَهُ للإِسلامِ ومَنْ يُرِد أَنْ يُضِلَّهُ يجَعَلْ صَدْرَهُ ضَيِقَاً حَرَجَاً كَأَنَّمَا يَصَّعَدُ في السَّمَاءِ وأنا أقول لطلابي من رواد الفضاء: إذا وصلتم إلى 25 ألف قدم فإن الحاجب الحاجز نتيجة لضعف الأوكسجين وقلة الضغط سوف يرتفع ثم يضغط على الرئة وسيكون حالكم أنه سيصبح التنفس ضيقاً حرجاً، لا شيء أدق من قول الله ضيقاً حرجاً في وصف حالة من يصل إلى هذا المستوى من العلو، ثم قالت لي: ثم سمعتكم تتحدثون عن صغر الضوء، ضوء النهار فوق الأرض وما وراءه من ظلمة وتستدلون بقول الله عز وجل وءَايَةً لَّهُمْ الَّيْلَ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَار فَإِذا هُم مُّظلِمُونَ وأن الضوء فوق الأرض ليس إلا كالقشرة الرقيقة فوق هذه الكرة الأرضية ونحن نعلم أن ذلك ليس إلا في حيز صغير لا يتعدى عشرات الكيلوات، 80 كيلا، ثم بعد ذلك يبدأ الظلام الدامس، ثم بدأت تتحدث حديثاً عما كنا قد تحدثنا عنه في المؤتمر ثم تقول لي: هذا المنهج العلمي الذي به الآن بدأت أوقن أن هذا القرآن يستحيل أن يكون من عند بشر هو ما أعاهدك أن أعلم به التتار وأقول لهم لقد كان أجدادكم على حق إذ كانوا مؤمنين بالله سبحانه وتعالى. |
أحبتي.. هذه هي هيئة الإعجاز العلمي الصيغة الحضارية التي تتحدث عن علم يكتشف شيئاً من خلق من خلق الكون فنجد تطابقاً بين حقيقة تكتشف في خلق الله وبين قول ظاهر الدلالة في قول قاله الله فكأن الله يقول لخلقه إن لي فيكم آيتين لا تنمحيان ولا تنقضيان أبداً؛ الكون المنظور، والكتاب المسطور، وهذان الدليلان تلاقيهما يدلان على أن خالق الكون هو من أنزل القرآن، وبالتالي فأنتم معشر المسلمين على حق. |
هذه هي هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بكل يسر وسهولة، وإن كانت هيئة الإعجاز العلمي قد تجلى لها من خلال نشاطها أن يذكر الله في القرآن في أكثر من 1300 آية من مجموع آيات القرآن التي مجموعها 6236 آية، أن يكون نصيبها الثلث في الكون، إنها مسألة تستحق أن يقف المسلمون عندها دراسة ودراية واستفادة، فما من حرف في كتاب الله إلا ولوجوده حكمة فكيف بألف آية تكون في كتاب الله سبحانه وتعالى، ثم هيئة الإعجاز بدأت من أجل أن تؤدي جزءاً من دورها، تحاول أن تكتشف في ثنايا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلام الله عز وجل مما يمكن أن تقدمه في العطاء العلمي النافع للبشر الشيء الذي نأمل أن نحققه في المستقبل. |
ها أنتم تشاهدون في العدد الأول من مجلة الإعجاز العلمي ذلكم الباحث المتعاون مع الهيئة والذي اكتشف من قميص يوسف علاجاً للماء الأبيض في العين وليس كلاماً ذي هراء، أحبتي ولكنها حقيقة أخذ عليها براءة اختراع، وغداً أو بعد غد سيصل إلينا هنا من أجل أن يتعاقد مع أخ كريم من الإخوة المتعاونين في صناعة الأدوية لكي يحول هذا المخترع إلى دواء تجدونه قريباً، إخوانكم من الباحثين في هيئة الإعجاز وهم يعكفون على أبحاثهم أنا لا أفشي سراً ولكني أبشر بشارات أن يجد الباحثون في هيئة الإعجاز العلمي ذلك المضاد الحيوي في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، في نبت من نباته ما سيكون حديث هذا الزمن إذ أنهم اكتشفوا علاج الإيدز، إخوانكم الباحثون الذين يشتغلون الآن من أجل أن يبرهنوا للناس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أكل سبع تمرات من عجو لم يضره سم ولا سحر، هذا جزء من هموم هذه الهيئة. |
أحبتي.. وحتى لا أطيل عليكم أريد أن أقول لكم شيئاً، إن هذه الأمة بخير وصدق حبيبي وسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: (من قال عن الناس أنهم هلكوا فهو أهلَكُهم، وفي رواية فهو أهلَكَهم).. الأمة بخير، وهذه الأمة ستبقى ما بقي الليل والنهار هذه الأمة فيها خير كثير، وصدقوني أن الذين يتعاملون مع الناس من خلال النظرة الأولى أو الصفحة الأولى قد يخطئون كثيراً، إنك لو فتحت الصفحـة الثانيـة لوجدت قلوباً امتلأت بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هذه الأمة ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ربما أصابها قليل من نعاس، أو فتور، لكنها أمة باقية، والذي يحفظها هو الله عز وجل، حفظها الله بثلاثة أمور: الأمر الأول وهو ما استفدته من خلال صلتي بالناس في برنامج قضايا وردود، حفظها الله لأن الله لم يجعل سبب عزها ولا ذلها بيد عدوها ولكنه جعله كامناً في نفوسهم، ومراجعة النفس أمر ممكن وسهل ميسور إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولأن إصلاح هذه النفوس قائم على منهج محفوظ والذي حفظه الله إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الْذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لحَافِظُونَ، هذا المنهج المحفوظ عندما نعرض قلوبنا عليه سنجد ذلكم التجاوب والتلاقي بين الفطرة النقية وبين الكتاب الطاهر، يتلاقيا فنصلح من خلالهما أحوال الأمة، والأمر الثاني أن الله أبقى رجالاً أخياراً صالحين في هذه الدنيا لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم، إن الذين يقولون إن الأمة قد ولت وذهبت يخطئون كثيراً لأنهم لا يعرفون أن هذه الأمة الذي صاغها هو الله كنتمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ، وما قال خرجت لكن تحتاج المسألة في تعاملنا مع هذه الأمة إلى ثلاث قواعد؛ القاعدة الأولى قاعدة الحب والرحمة، فإذا لم يكن فيمن يريد أن يعالج قضايا الأمة فيه حب ورحمة بهم، وإلا فإنه لا يستحق هذه المزية ولا ينفع في هذه المنزلة، ولماذا قال الله ومَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلا رحمة للعالمين، إن الرحمة والحب هما الوصفان اللذان يجب أن يلتزم بهما من يريد أن يوجه الناس إلى الله سبحانه وتعالى. |
الأمر الثاني لا بد أن يكون الذي يريد أن ينفع أمته صادقاً فإن الصدق غير الدعوة، إن من يريد أن يعبد ذاته أو أن يخدم ذاته من خلال دعوته للآخرين لا يستطيع أن يخرج حديثه من ذاته إلى ذات أخرى، حتى تفنى في نفسه ذاته ويتخلى عن الأنا وعند ذلك من خلال صدقه يمكن أن تصل عباراته إلى قلوب الآخرين، والأخير هو أن نكون صادقين، فإن الصدق هو الذي يلف هذه العبارات وهذه الكلمات بدافع قوي تخرج من فم قائلها إلى قلوب الآخرين فيقبلوها، ومن خلال تجربتي مع الناس في مراسلاتهم أو مكاتباتهم، والحديث إليهم أقول هذه الأمة خيرها موجود وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. |
لا أريد أحبتي أن أطيل عليكم وإن كنت أريد أن أختم حديثي بأني قد تأملت ماذا بإمكاننا أن نقدم لأمتنا في زمن حصل فيه شيء من تكبير بعض القضايا التي لا يجوز أن يكون الخلاف فيها سبباً للاختلاف بين المسلمين، فقلت بأن واجبنا أن نقدم للأمة القواعد العامة التي لا يجوز أن يختلف الناس عليها وأن نعلمهم بعد ذلك أن ما عداها من أبواب الخلاف في الجزئيات مسألة لا يجوز أن يختلف المسلمون عليها، رضي الله عن عمر، وما أدراك ما عمر، الذي اتفق مع ابن مسعود في قضايا لا يجوز أن يختلف المسلمون عليها في أركان هذا الدين في إسلامنا وإيماننا وقواعدنا الكلية، ثم اختلف مع ابن مسعود في أكثر من مئة مسألة عدها العلماء وما جرح عمر ابن مسعود ولا جرح ابن مسعود عمر، اللهم اجعلنا كذلك، وسلام الله عليكم. |
|
|