مَنْ لي ببغدادَ أو ما لي ببغدادِ؟ |
يشدو بها الطيرُ أو يحدو لها الحادِي |
دار تُصفَّى رقيقات الفنون بها |
كما تصفَّى كؤوسُ الراح كالجادِي |
فيها النفيسانِ من جِد ومن هزلٍ |
وذو العوابقِ من نَدٍّ ومن نادِ |
الأنجمُ الزُّهر تبهى في مناكبها |
-لا في السماء- على مُخْضوْضرِ الوادي |
من عَصْب ذي يَمنٍ أو مجد ذي يَزَن |
سحابة أي إِعطاف وإبْرادِ |
كأنَّ دِجلَتَها.. والنِخلُ يكلؤها |
غمامةٌ فوق أغوار وأنجادِ |
أشيمُ بارقَها الومَّاضَ عن شَحَط |
لولا الحِفاظُ.. لقد همَّت بإرْعادِ |
* * * |
أُحبُّ زَورتَها لولا الزويل بها |
مثل "المعريِّ" أمسى حِلْفَ تسهَادِ |
أقام عاماً ونصْفاً ثم كال له |
زندُ النوائب من عُدْوانه العادِي |
يا أخُتَ "هارونَ والمأمونَ" كَم غَرضَتْ |
نفس إليك على تِطوال آمادِ |
والأرضُ يذرعُها من لا يُقيمُ لها |
وزناً وتنبو عن الطمَّاح ذي الآدِ |
كما اعتسفت الموامي في البلاد وكم |
هتكت أشداقَ أصلالٍ وآسادِ |
من مصرَ حتى دمشق الشام مثل ضحىً |
رَأد ومثل شعاع السُدفةِ الهادي |
وللجزيرة عندي أيَّما نبأٍ |
ما ارتَادها ذو حيازيم كمرتادي |
إلا العراق أخا النهرين ما نقعتْ |
مِن ضفتيه لماماً غُلةُ الصادي |
أصبو إليه، وأعيَا عنه لا لمدىً |
ناءٍ ولا قصْر في ماء ولا زادِ |
لكنَّ في النفس أوطاراً أُعالجُها |
علاج ذي هَنَواتٍ ربّ أَقيادِ |
والمرءُ في هذه الدنيا أخو مِحَن |
لا حاضرٌ وائلٌ منها ولا بادي |
إذا قضى الدهرُ يوماً أن يصاولنا |
فإنه الدهر.. ضرّابٌ بأسْدادِ |