يا ضَاحِكاً لي رَائِحاً أوْ جَائِياً |
وَمُسلِّماً بَدْءاً وَحِيناً رائِيَا |
جَذْلاَنُ يَأْرَنُ، كُلَّما رَسَمَ الخُطَى |
في التُّرْبِ أيْقَظَ مِنْهُ رُوحاً غَافِيَا |
في حُسْنِهِ وصِبَاهُ ألْفُ وَسِيلَةٍ |
تُزْجِي النُّفُوسَ، وقدْ سَطَعْنَ دَرَارِيَا |
للهِ دَرُّكَ! أيُّ صَائِدِ مُهْجَةٍ |
وَلَوْ أنَّها انْطَلَقَتْ خَيالاً سَارِيَا |
أنْتَ العجيبُ، وقَدْ أرَدْتَ تَعَارُفاً |
وأُريدُهُ، لكِنْ أُريدُ تدَانِيَا |
لا يَنْفَعُ الظَّمْآنَ رُؤْيَةُ مَنْهَلٍ |
مَا لَمْ يَبُلَّ بِهِ الفُؤَادَ الصَّادِيَا |
غَبَرَتْ دُهُورٌ مَا عَرَفَت عُلالَةً |
أفَمِنْ شِبَاكِكَ أنْ تُعَلِّلَ لاهِيَا؟ |
قَدْ لاَ تَكُونُ -وَقَدْ تَكُونُ- هُنَيْهَةً |
نَمْضِي بِهَا عَبْرَ الزَّمَانِ تَشَاكِيَا |
مُتآلِفين على الغرامِ تقارُباً |
مُتَخالِفين على الوِصَالِ تَجَافِيَا |
أنا كَاسِبٌ، وأراكَ أخْسَرَ خاسِرٍ |
أتُرِيدُ أنْ تَزْدَادَ بَعْدُ تَمادِيَا؟ |
* * * |
يَا رُبَّ نَافِذَةٍ رأيْتُ بِهَا المُنى |
وقَدِ اسْتَبَقْنَ حُطَامِي المُتَدَاعِيَا |
أرْعَشْتُ رَعْشَةَ مَيِّتٍ في قَبْرِهِ |
لمَّا اسْتَعَادَ الرُّوحَ أهْوَجَ طَاغِيَا |
وتَحَرَّكَتْ أوصَالُهُ، وَتَجَمَّعَتْ |
أمْشاجُهُ مِنْ بَعْدِ أصْبَحَ ثَاوِيَا |
عَيْنَاكَ أنْبَأَتَا، ونَفْسُكَ حَدَّثَتْ |
وطَفِقَتْ تَجْتَذِبُ الكَلِيمَ الآسِيَا |
كَمْ بَسْمَةٍ لَكَ، لوْ أضاءَ بِهَا الدُّجى |
لأعَارَنا قِطَعَ الجِنَانِ حَوَالِيَا |
* * * |
لكِنَّني يا حُلْوُ غيرُ مُحَبَّبٍ |
أنا قدْ فُطِرْتُ -غَلِيظَ قَلْبٍ- جَافِيَا |
لَوْ مرَّ عامٌ لَمْ تُكَلِّمْني بِهِ |
لَوَجَدْتَني كالصَّخْرِ أبْكَمَ قَاسِيَا |
وإذا نطَقْتُ فَلاَ رُقًى سِحْرِيَّةً |
يَدْخُلْنَ في سِرْبِ القُلُوبِ حَوَانِيَا |
وأظَلُّ أضْحَكُ حِينَ تَبْكِي نَاحِباً |
ولَقَدْ أنامُ وقَدْ سَهَرتَ لَيَالِيَا |
فابْحَثْ عَنِ اللَّبِقِ الأدِيبِ مُحَدِّثاً |
وتَطَلَّبِ الخِلَّ الأرِيبَ مُوَاخِيَا |
إنِّي عَلَيْكَ لَمُشْفِقٌ أنْ تَبْتَغِي |
خِدْناً فَتُبْصِرُهُ رَمِيماً بَالِيَا |
وَتَخَالُ أنَّ وَرَاءَ ظَنِّكَ مَوْرِداً |
عَذْباً فَتَشْرَبَهُ نَجِيعاً قَانِيَا |