شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
[من ذكريات الماضي] (1)
قبل أكثر من أربعين عاماً كنت أرعى البهم في كنف جدي لأمي المرحوم عبيد الله بن سرحان، وكنا نربع في "الرصيفة" وهي تقع جنوباً عن مكة على طريق اليمن، ويحدها شمالاً طريق جدة، ويمكن أن توصف بأنها عبارة عن مساحة واسعة من الأرض.. إذا توالت عليها الأمطار أنبتت من كل زوج بهيج.. وأذكر من نباتها أمثال: الثمام، والسعدان، والحماض، والقبه، والسفواء، والمائلة وغيرها.
فكنت في الصباح أطلق البهم من أرباقه وأحتقب سعناً، وهو عبارة عن شكوة صغيرة (ضياح من لبن)، وكنت أخرج بها من بيوتنا التي كانت تتألف من أخبية الشعر التي تقوم على ثلاث من الأعمدة أو أكثر ومن الخيام، فأتوجه بالبهم إلى المراعي القريبة، فإذا جاء وقت الزوال آويت بها.
فأما في الأعياد فإن الأغنام تذبح وتطبخ بالألبان وتمد الموائد ويضاف إليها الزبد والتمر.. حتى إذا جاء الليل أشعلت النيران بالأحطاب الجزلة أمام القطين وانتظم الرجال صفين صفين، وأخذوا يهزجون باللعب الذي يسمى عندهم "قصيمي" بفتح الصاد، وأذكر من أغانيهم أمثال:
يا محمد وقت سامي البتيل
واتطلع فوق روس العدام
إلى أن يقال فيها:
راعي أعيان هدبها ظليل
يوم أحلى مثل ريش النعام
والثمان اللي سواة الهليل
مثل هلاّل البرد، يا سلام
أو مثل القصيدة التي يقال فيها:
بعد السبوعين تلقى النبت محتاس
أنهار وأشجار ميَّال ثمرها
أو التي يقال من بعضها:
قالوا لفانا واحد مجنون
يالله من المجنون تامنَّا! (2)
فإذا انقضت مدة ونحن نزول في مكاننا ورأينا أن الأرض قد أجدبت واستهلكت المواشي خير ما عليها من نبات، قربنا الإبل والحمير وحملنا عليها الأثقال (أخبية الشعر وعياب التمر وبقية الأثاث) وانتجعنا خيراً من مكاننا الأول وأطلقنا الماشية من أغنام وأبقار وإبل مع رعائها إلى الأكلاء المجاورة لنا، وهكذا طيلة ثلاثة أشهر بين حل وارتحال.
ونسيت أن أقول: إننا كنا نشرب ونسقي أنعامنا من غدير واسع يسمى "العكيشية"، وهي عبارة عن بحيرة واسعة بين جبلين تقع عن الرصيفة جنوباً على يمين الذاهب إلى اليمين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :600  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 182 من 182

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.