الشاعر حسين سرحان في حوار ما قبل الرحيل: |
عشت غريباً دائماً.. رحالاً غالباً.. |
ومتشائماً أحياناً
(1)
!! |
حوار: محسن العتيبي |
أعده للنشر: علي السبيعي |
لا شك أنه لم يغب تماماً.. فرغم رحيله إلى العالم الآخر، فإن قصائده الفصيحة والنبطية التي تؤطر إبداعاته الأدبية المختلفة لا زالت تحتضن ذكراه وتخلد اسمه. |
وحرصاً من "الأربعاء" على رسم صورة أكثر قرباً للشاعر والأديب الكبير الراحل حسين سرحان، ننشر اليوم آخر لقاء إعلامي أجري معه عبر موجات الأثير، وذلك ضمن برنامج "على مائدة السحور" الذي يقدمه الزميل محسن العتيبي.. |
وفي هذا الحوار كان سرحان أكثر مباشرة.. وتفاعلاً مع التساؤلات التي طرحت عليه.. وقد بدأ حديثه بسرد بعض ذكرياته مع زملاء الدراسة والمشايخ الذين درس على أيديهم.. فقال: |
في ما أذكر كنت أدرس في مدرسة الفلاح في القشاشية وأنا في سن 15 سنة أو نحوها، وأذكر من زملائي التلاميذ في تلك المدرسة إبراهيم الجفالي رحمه الله وعلي الحناوي وعبد الله بلخير الموجود الآن، ومن الأساتذة حامد كعكي وإبراهيم نوري، ومدير المدرسة عبد الله السناري.. وقد درست في مدرسة الفلاح نحو سنة وشهرين ثم خرجت منها بدون أي شهادة.. ولكني كنت منكباً على القراءة مدمناً لها ولا أزال.. |
- نود أن تحدثنا عن ذكرياتك في رمضان وأول شهر صمته ورمضان قديماً؟
|
- في رمضان قبل عشرات السنين كنا نصوم ولم يكن هناك ما يسمى الآن "مثلجات" فكنا نبرد الماء في جراب وفي "الأزيار" وكنا نصوم حسب شهور السنة أحياناً 12 أو 13 ساعة، وكانت الأيام جميلة سواء كانت قصيرة أو طويلة، وأذكر أننا كنا نتناوب الإِفطار على موائد بعضنا كجيران أو أقارب. |
- الرحلات التي قمت بها سواء رحلات علمية أو رحلات عملية ماذا تذكر عن أغرب هذه الأحداث؟
|
- قمت برحلات عديدة.. وكانت أولى رحلاتي إلى بيروت ثم إلى مصر والعراق وسوريا وإلى تركيا مع حمد الجاسر وبلغاريا وبلدان عديدة جداً، وقد أشرت إلى شيء من هذه الرحلات في بعض مقالاتي وأشعاري. |
- ما هي أحب الأماكن إلى نفسك والتي تنطلق قريحتك الشعرية فيها؟
|
- أحب الأماكن إلى نفسي بيروت عاصمة لبنان، فمناخها الثقافي كان ثرياً للغاية فإضافة إلى الإِصدارات والكتب المتواصلة كانت المعارض الفنية منتشرة في أرجاء بيروت.. ومن لبنان كنت أزور أحياناً عمَّان ودمشق، ولكن في نظري واعتقادي أن بيروت بلد جميل للغاية. |
- حسب ما سمعت أنك قمت بزيارة إلى عسير فهل لك أن تحدثنا عنها؟
|
- نعم لقد زرت عسير سنة 1360هـ وجلست نحو سنة كاملة بين أبها وخميس مشيط والمسقى والتهامية والشعف والشرف، وكنا نتجول فيها على ظهور الحمير، فلم يكن هناك يومئذ سيارات، وكنا نسير على الأقدام، وكنا نجوب بلاد عسير شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.. وبلاد عسير من أجمل بلاد المملكة العربية السعودية جواً وهواءً وأرضاً وأشجاراً وسكاناً. |
- هل قلت فيها شعراً؟
|
- بالطبع لكن ذاكرتي ليس فيها الشيء الكثير من ذلك، ولكني كتبت فيها بعض الشعر الفصيح والنبطي، وتوجد هذه القصائد في دواويني "أجنحة بلا ريش"
(2)
، و "الطائر الغريب"، و "الصوت والصدى". |
- من هم الأدباء أو المثقفون الذين كنت تجلس معهم دائماً سواء في عسير أو مناطق أخرى وتتجاذب معهم شجون وشؤون الأدب؟
|
- في عسير لا يوجد أدباء معروفون، أما الذين تعرفت عليهم بعد أن تخرجت من الفلاح بدون شهادة طبعاً فكثيرون.. كما اتصلت بالشعراء السعوديين الحجازيين أمثال: محمد حسن عواد، وعمر عرب، ومحمد سعيد عامودي، وحمزة شحاتة، ومحمد سرور الصبان وغيرهم من الأدباء المعروفين المشهورين منهم وغير المشهورين بين مكة وجدة، وكنت يومئذ أشبه بالتلميذ. |
- نظمتم شعراً عربياً فصيحاً، ونظمتم أيضاً شعراً شعبياً، ما أحب هذه القصائد إلى نفسك وهل تذكر منها شيئاً الآن؟
|
- لقد نظمت في الشعر الفصيح والشعر النبطي وكنت أعبر عن خواطري وما في نفسي في كلا الجانبين. |
ومن فحول الشعر النبطي قديماً علي بن عائد الزيادي ولافي العوفي وابن مستور وحاسن المطرفي وأحمد الأزوري. |
- بما أنكم من أقدم شعرائنا ما رأيكم في الشعر الحديث؟
|
- الشعر الحديث والذي يسمى "شعر الحداثة" أو نحوها أو ذلك الذي لا يلتزم أحياناً بالقافية ولا بالوزن ويسمى أحياناً بالشعر الحر، وكان المازني يسميه "النثر المشعور"!! أما بالنسبة لي فلا أعترف بأي شعر لا يلتزم بالوزن أو القافية. |
- الشعر النبطي هل تعتقد أن الحفاظ عليه في الوقت الحالي أصبح ضرورة؟
|
- سبق أن قلت وكتبت أن الشعر النبطي يعتبر امتداداً للشعر الفصيح، وأكثر معاني الشعر النبطي موجودة في الشعر الفصيح ومأخوذة منه، ويقال إنه ظهر في القرن الرابع الهجري وأوزانه معروفة مثل الهجيني والمسحوب، فالشعر النبطي ثري في المعاني والأساليب والبلاغة والجزالة أيضاً. |
- الدواوين التي صدرت لك أسماؤها تتسم بنوع من الغرابة مثل أجنحة بلا ريش والطائر الغريب، فهل وراء ذلك دافع محدد؟
|
- "أجنحة بلا ريش" اسم يهدف إلى إيضاح معنى معين مثل العجز الإنساني مثلاً، أما "الطائر الغريب" فله أسبابه؛ فمنذ أن بدأت أنظم الشعر فصيحاً أو نبطياً أعتبر نفسي وما أزال غريباً. |
- ما هو مصدر الغرابة في شعرك؟
|
- الغرابة تبدو في كل النواحي أو في بعضها.. فأشعاري تأتي أحياناً مناقضة للكثير من الأحوال الأخرى وغير متوافقة مع الجو الذي يعيش فيه الإنسان بصفة عامة. |
- تتسم أشعار حسين سرحان بنوع من التشاؤم.. لماذا..؟ وهل لك رؤية خاصة أو نظرة محددة لنظم الشعر؟
|
- مسألة التشاؤم موجودة في حياتي.. فأنا أتشاءم في أوقات معينة، وقد أتفاءل في أوقات أخرى، فالتشاؤم والتفاؤل ينبعان من حالات خاصة يمر بها الفرد.. والتشاؤم كان موجوداً لدى شعراء معروفين منهم أبو العلاء المعري وابن الرومي والشاعر ابن سبيل وعبيد بن رشيد. |
- نعود مرة أخرى إلى الرحلات والأعمال الأدبية التي أنتجتها أثناء هذه الرحلات، هل تذكر لنا أطول رحلة قمت بها وأنتجت فيها إنتاجاً أدبياً جيداً؟
|
- أطول رحلة كانت رحلة عسير واستغرقت سنة كاملة، وارتحلت إلى العراق وطفت في بغداد والحلة والديوانية، وارتحلت إلى لبنان ومصر وإلى سوريا وإلى الأردن، وإلى تركيا وبلغاريا مع الأستاذ حمد الجاسر. |
- ما هي ملامح علاقتك الأدبية بالأستاذ حمد الجاسر؟
|
- حمد الجاسر كان أول من قام بطبع ديوان "أجنحة بلا ريش" وبيني وبينه صداقة حميمة ولا أعتبره مجرد صديق.. وإنما هو أستاذي لناحية السن والآداب والأخلاق وبيني وبينه من المحبة والمودة ما له أمد طويل. |
|