الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الشاعر حسين سرحان:

أعتز بنثري أكثر من شعري ⁽¹⁾

حوار: خالد المطرفي

إن الضجة التي يثيرها صمت شاعر ربما تفوق الضجة التي يثيرها شعره أحياناً.. لأن صمت الشاعر كصمت البلابل.. إذا استطعنا أن نتصور بلبلاً لا يغرد يمكننا أن نتصور شاعراً لا يشدو.. وحسين سرحان واحد من تلك البلابل التي غنت طويلاً وصمتت دون مقدمات ليشغل الناس بصمته بقدر ما أطربهم بشعره.

التقيت به مرة فلم أستطع أن أراعي صحته.. قفز السؤال مني من حيث أدري ولا أدري.. سألته عن الحاجز الذي جعله بعيداً عن الصحافة والكتابة هذه الفترة الطويلة فقال:

- لا يوجد بيني وبين الصحافة أي حاجز، وأنا أكتب في الوقت الذي أجد نفسي متهيئاً للكتابة.. وليست الكتابة في الصحافة هي حياتي.. حياة الإنسان موزعة على ما خلق له، من عبادة وتدبير أمور أسرته وأموره الخاصة واستقبال زائريه، وأعتقد أنني عادل في توزيع وقتي.

- لكن هل تعتقد أن الشاعر يصمت؟

- يصمت عندما يكون الصمت واجباً، وعندما لا يكون هناك أي موجب لخروج الشاعر عن صمته.

- أنت شاعر وفي نفس الوقت كاتب عرفت شاعراً أكثر منك كاتباً.. لذا فإننا نقول لك: كيف ننظر للخارطة الشعرية لدينا؟

- أنا أعتز بنثري أكثر من شعري.. والخارطة الشعرية كما تسميها تحتاج إلى إعادة رسم بيد أمينة.

- هل ترى أننا نستطيع أن نخلف جيلاً شعرياً قوياً وكيف؟

- جيل اليوم هو الذي يجب أن يكوّن نفسه على أسس متينة وهو مستطيع إن شاء الله إذا عقد العزم.

- أنت شاعر تقليدي كما يقال، ما هو الفارق بين قصيدة البيت والقصيدة الحديثة؟

- أسأل غيري! وأنا لا أهاجم أحداً.. ولكني لا زلت أُحسن الظن بجيل اليوم ألاّ يستمروا في ما هم فيه، ولقد أطلقت التجديد الذي مر على القصيدة العربية ويبدو أنك قصدت غير ذلك.. فالتجديد في حد ذاته مطلوب ومرغوب فيه.. ولكن ما هو حادث الآن خلاف ذلك..

- ما رأيك في النقد الآن؟

- النقد الهادف.. يعتبر بناء، ولو لم يكن هناك نقد لما عرفت الأخطاء..

- هل يفلس الشاعر؟

- إذا كنت تقصدني فإنني أجيب أن لي ديوان أجنحة بلا ريش صدر بعده الطائر الغريب وسيصدر إن شاء الله الصوت والصدى ⁽²⁾ ، هذا إلاّ أن الإقلال في الإنتاج ليس إفلاساً، ويكون في السيل ما ينفع الناس وفيه الزبد الذي يذهب غثاء.

- هل تعتقد أن الألفاظ التي تمتلئ بها قصائدك رغم جمالها تتناسب وإنسان هذا العصر.. أو مع القارئ؟!

- من قال ذلك!؟

- يقول عنك النقاد إنك شاعر ملهم.. ماذا تقول أنت عن نفسك؟!

- ما دام أنهم قالوا عني ذلك فليكن!

- القصيدة العربية التقليدية.. ما هو وضعها الآن في نظرك من خلال ما يطرح على الساحة الأدبية لدينا؟

- القصيدة الجيدة التي لا تخرج عن مقاييس الشعر العربي بكامل مقاييسه لا يمكن أن يطلق عليها غير ذلك ولا يمنع تمشيها مع التجديد السليم الذي يتواءم مع العصر الذي تقال فيه.. فقصيدة تقال في الجاهلية أو في صدر الإسلام لا تخرج عن بنيانها في العصور التي تليها مع ما يلزم من تجديد بما يتفق ومفهوم العصر.