شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأدب الشعبي في جزيرة العرب (1)
طبع مطابع الرياض -400 صفحة
تأليف: عبد الله بن خميس
في مثل هذه الأيام من العام الماضي 78 كان ينبغي أن يكتب هذا المقال لولا عوامل العجز وبواعث الكسل، وأشياء أخرى لا يمكن أن يعبر عنها دون أن يقال: إنها "سدة نفس" عن كل معاني الكتابة وإغراءاتها!
إن مثل هذا الكتاب كان من اللازم أن يشاد بذكره وأن يحيا بكل ما يستحقه من قدر؛ إنه كتاب في غاية النفاسة، بل إنه كتاب العام في حينه، وفي موضوعه، إني أستطيع أن أدفع به إلى واجهة المكتبة العربية معروضاً بين أثمن الكتب في وفرة الاستيعاب وعمق الدراسة ودقة الاستقصاء.. وأقول ذلك وأنا واثق كل الثقة، ومتمكّن أبلغ التمكّن مما أقول، ولست أقصد بذلك الدعاية له، أو ترويجه فقد أخذ مكانه الذي هو جدير به كل الجدارة عند من يعنون بمثل هذه الدراسات التي تتعمق أحوال الأمة العربية في عصرها الحاضر وتستبطن دخائل أخلاقها، وتقاليدها، وتتفهم مع كل ذلك العناصر الرئيسية الباعثة على الأمجاد البطولية والكرمية والنفسية في هذه الأمة العربية خلال قرن أو يزيد من المدة الأخيرة.
على أن أخي عبد الله -المؤلف- وهو من هو دقة وتمكناً في موضوعه الذي اختص فيه والذي ألف من أجله هذا الكتاب، لا يخلو من بعض عثرات أستطيع بكل شكر وافر أن أشير إليها فيما يمكنني منه هذا المقال العاجل من باب المساهمة في هذا الموضوع التليد الطريف -في آن واحد-!
ففي صفحة (149) أثناء تحدثه عن قصيدة الشاعر بداح العنقري أسقط بيتاً مما أحفظه من مجموع القصيدة، ففي السطر الرابع من الصفحة المذكورة يقول:
يا عود ريحانٍ بعرض البطينا
ومنين ما هب الهوا فاح له ريح
وهنا يأتي البيت الساقط الذي هو:
راعي نهيْدٍ مثل فنجال صينا
الثوب غادٍ عن نهدها شلاليح
وباقي البيت الذي يليه:
لا خوخ، لا رمان لا حب تينا
لا مشمش البصره ولا هو تفافيح (2)
وهذه من محفوظاتي القديمة، وقد يكون هناك خطأ في النقل أو تصرف في الزيادة أو في النقصان، ولكن المهم بعد ذلك أنه لولا تدخل البيت الذي أشرنا إليه بين البيت الأول والبيت الثاني لأصبح هناك اختلال في المعنى لا يصح معه استقامة الوصف بين هذه التي كانت مثل قضيب الريحان ثم أصبحت بقدرة قادر مثل الرمان أو مثل مشمش، وهذه استحالة مستحيلة في مخلوقات الله كائنة ما كانت؟!
وفي صفحة (178) أشار إلى قصيدة محسن الهزاني في صفة المطر، ويحضرني "من باب الأدب المقارن" (3) في مثل موضوعها أبيات لبديوي الوقداني يقول فيها من قصيدته المطولة التي مطلعها "أيامنا والليالي":
رب السموات يا محصي كواكبها
يا منزل الغيث في لجات الأهوال
ضاقت بنا الأرض واشتبت شبايبها
والغيث محبوس يا معبود يا والي
اللَّه من مزنة هبت هبايبها
رعَّادها بات له في البحر زلزال
ريح العوالي من المنشا تجاذبها
جذب الدلا من جبا مطوية الجال
ديمومة أسبلت وأرخت ذوايبها
وانهل منها غزير الوبل همال
تسقي ديارٍ عزيز الوقت حاربها
ما عاد فيها لبعض الناس منزال
إلى عدة أبيات أخرى، ولست أدل بذلك على معلوماتي في هذا الشأن، ولكن كان هناك مجال للأستاذ عبد الله بن خميس أن يبحث بتوسع ويقارن بإسهاب فيما يحفظه -ومحفوظاته غزيرة في ما أظن- عمن تحدث في المطر من شعراء النبط! وهم كثير جداً!
وفي صفحة 217 فسر بيت ابن لعبون الذي يقول فيه:
لا فتر بسام الفجر تقل خرعوب
تضحك على الدايه فدنو يعابيب (4)
وفسرها في الحاشية بما يلي:
دنو يعابيب: ادنو يعملات، فكأنه بهذا الشرح زادها غموضاً على غموض.
وإلاّ فما اليعابيب، وما اليعملات، إنه كمن يفسر الماء بالماء مع عدم الوضوح. أليست هي الركائب النجائب؟
وفي ص318 أشار في الهامش إلى البيتين اللذين يبدآن:
أحرمُ منكم بما أقولُ وقد
نال به العاشقون من عشقوا
إلى البيت الثاني.. ونسبها إلى مروان بن أبي حفصة، وهي في ما أذكر للعباس بن الأحنف المعروف بحب فوز، والمشهور في الغزل والتشبيب (5) .
وفي ص383 ذكر "جمل بن لبده وراكان بن حثلين"، وكان من اللازم أن يذكر قبيلتيهما؛ فابن لبده من قحطان، وابن حثلين من العجمان لإراحة القارئ وتعريفه بقبيلتيهما، وهما قبيلتان مشهورتان من أمهات القبائل العربية في العصر الحاضر، فأما اسم قحطان فمعروف منذ القدم، وأما العجمان مثل اسم "عتيبة" مستحدث في القرون الأخيرة، والغالب على العجمان أنهم من عشائر اليمن!
وفي الصفحة السالفة على المذكورة أخيراً ألمع إلى قصيدة هويشل، وكنت أحفظها، ففي السطر الأخير من ص382:
يوم شليت عمري شلَّة الحيهْ
غبَّر القاع من نبَّاث حذياني
لا كما قال:
يوم شليت عمري شلّة حيهْ
كتَّم العج من نبثات حذياني (6)
وبعد، فإن هذا الكتاب (وأيم الله) لكتاب قيم (7) ، وإنه في موضوعه وبحثه واستقرائه لفي غاية الرصانة والركانة، وإني لأثني على صديقي الأستاذ عبد الله بن خميس الذي بذل من جهده ووقته وماله الأثمن والأنفس حتى أخرج مثل هذا الكتاب النادر، والذي -أعتقد- لا يوجد في موضوعه مثله، وإني مع ذلك لا أحب أن يتوفر على أمثال هذه المواضع والأبحاث إلاّ من هو خليق بأن يوفيها ويستقصيها بكل ما يمكن من تعمق واستبطان ومعرفة، فإنه لابن بجدتها ونسيج وحدتها، وهو في أمثال هذه المواضيع حقيق بأن يأتينا بالروائع البدائع. أكثر الله من أمثاله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :375  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 109 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج