شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عربي المستقبل (1)
القسم الثاني لعبد الرزاق الحصَّان ببغداد (1)
ينطبق على الأستاذ عبد الرزاق الحصَّان قول الشاعر -ولا أدري من هو؟-
أنا لو لم ينزل الرحمن [ديناً]
لتدينت بحب العرب (2)
هي عينٌ ثم راء ثم باء
في فؤادي أحرفٌ من ذهبِ
فما برح الأستاذ منذ أن اشتهر في عالم التأليف يتغنى بالعرب ويعدد مآثرهم ويكرس جهوده العقلية لبث فضائلهم والتنويه بأعمالهم المجيدة خلال العصور الغابرة التي حكموا فيها العالم ونشروا فيه المعارف وأمدوه بعقلياتهم السامية المذخورة للتفكير والعمل والإنتاج.
وأوافقه -كما وافق شن طبقة (3) - فأؤمن تمام الإيمان أن العرب شعب مهذب يستحق المجد والإعجاب؛ فقد أثبتوا في جميع الأدوار التاريخية أنهم يقدسون الحرية ويسبحون بآلائها ويضحون من أجلها، والعربي تجده -أينما كان- عزيز النفس عظيم الأنفة منيع الجانب لا يصبر على الضيم ولا تستباح حقوقه وهو صاغر. فمن أصعب الصعاب بل فوق المستحيل بدرجات لا تحصى أن ترغم العربي على أن يستخذي للأحكام التي تنال من عرضه أو تحط من كرامته، وليس القارىء من الغباء بحيث لا يفهم أن هذه الظاهرة الرفيعة -وهي تقديس الحرية والتفاني في سبيلها- لا تدل فقط على خلق متين واستحقاق للحياة الشريفة، ولكنها تدل أيضاً على طماح قوي وشهامة نادرة.
على أنهم وإن كانوا الآن فقد فقدوا كثيراً من مزاياهم الممتازة، بيد أن الطبيعة الأصلية لا تتلاشى ولا تموت إلا ريثما تستجمع قواها للظهور مرة أخرى بعمل حافل وحياة مجددة.
ولقد أتيح لي أن أطلع على القسم الأول بواسطة صديقي الفاضل "عبد الله المزروع"، ويسر لي فراغي أن أكتب عنه كلمة إطراء في العدد 166 من هذه الجريدة (4) ، وإنه ليروعك من المؤلف -حينما تقرأ هذين القسمين- سعة الاطلاع والإحاطة الشاملة بتاريخ العرب قبل الإسلام، بل تحمد له هذه الفرص للسوانح التي مهدت له سبل البحث، وأتاحت له أن يستقصي تاريخ العرب القديم، ويذهب في دراسته واستيعابه إلى هذا المدى البعيد!
غير أن الأستاذ في هذا القسم الثاني لم يسلم من التحيز الواضح؛ فالعراق العتيد، وصفحات تاريخ العراق العسكري ذات المقام المحمود، وفضل العراق على الآداب العربية العامة، وخباب بن الأرت العراقي الذي له الفضل في إسلام عمر بن الخطاب، وصهيب العراقي، وعطف ملك العراق على سوق عكاظ وغيرها وغيرها.. كل هذا يدل على تحيز ملموس للعراق بدليل وغير دليل، وقد نعلل ذلك بالجنسية التي دفعت به إلى أن يختص أهل العراق بكل مكرمة. ولكن المؤرخ النزيه يجب أن يترفع وأن يصون نفسه عن التحيز ومتابعة العاطفة الجنسية المحدودة؛ فالعربي الخالص هو العربي في مصر أو في العراق أو في الحجاز أو في نجد أو في سوريا أو في غيرها، والبلاد التي يسكنها العربي تأتي في درجة ثانوية ولا يجب أن نحفل بها إلى حين تدعو الضرورة فيستهدف الوطن لضيم يراد به أو تجتاحه كارثة فيدعو الداعي إلى نصرته!
لسنا ننكر للعراق أنه استطاع أن يحتفظ بالتراث العربي المجيد خلال قرون كثيرة رغم ما انتابه من الكوارث، ولا ننكر أنه رفع المشعل للأمة العربية في أيام العباسيين، ولا ننكر عصره الذهبي في أيام الرشيد والمأمون يوم ترقى الذهن العربي فحلل الفلسفة اليونانية، وحلق الخيال العربي فجاء بالمعاني الجديدة، وتقدمت الحضارة العربية فكانت القبس الهادي لما تلتها من حضارات أخرى، ولا ننكر مواقف العراق المشهورة في رفع شأن العروبة والذياد عن قضيتها والاعتزاز بها... لسنا ننكر شيئاً من هذا، ولا ننكر أكثر منه مما ثبت للعراق فيما بطون التواريخ، ولكنا نأخذ على الأستاذ كونه يذكر العراق في كل صفحة، ويشير إليه بالبنان في كل بحث، ويعدد مناقبه في مناسبة وفي غير مناسبة، ولا يكاد يذكر الحجاز إلا ملمحاً أو معرضاً أو ضارباً عنه صفحاً!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :464  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج