شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سبحان الخلاّق
منذ مدة مديدة وأنا -ربما للمرة الخامسة- أعيد قراءة تراجم أعلامنا الغابرين من طبقات ابن سعد وابن خلكان، والثعالبي وابن شاكر الكتبي، والذهبي وغيرهم في مختلف عصورهم، إلى الزركلي في أعلامه الأخيرة، على وجازتها، وعلى أن هناك أعلاماً كثيرين لم يترجم لهم!
إني كلما أقرأ له ترجمته من جديد أكتشف أني أستأنف صداقتي معه كما لو أزالتها نبوة أو هفوة، ثم أسرعت رسل الصلح في ما بيننا إلى التصافي والمواصلة..!
منهم من يتعلق بالسماك، ومنهم من يقع تحت الشراك، ومنهم الباهر في فضائله يلز في قرن، إلى جانب العاهر في رذائله وسبحان من قسّم الصفات، وخالف بين السمات، والشيات، ومع ذلك "فالكون والفساد" لا يعمر، ولا يستدير فلكه إلا بكل هذه النقائض على ائتلاف، أو على اختلاف!
مثالان عجيبان! أولهما يصعد إلى ما يتجاوز معارج الملائكة!
والثاني يهبط إلى ما يسفل عن دركات الأبالسة!
أما الأول فهو محمد بن عبد الله نبينا ومولانا وسيدنا عليه صلوات الله وسلامه، وأما الثاني فأبو لهب الذميم اللعين.. وأبو لهب عم الرسول الكريم، وقد سيطر الدموان، واللحمان من سلالة واحدة!
فمن يصدق..؟ لولا أنها الحقيقة التاريخية التي لا يتطاول إليها الشك!
وكما جاء في كتابنا الكريم "القرآن".. المدح السندسي العلوي السامي للحبيب المفدى محمد.. جاء في نفس القرآن الحكيم، الذم المقيت المخزي لأبي لهب.
الطينة واحدة.. لم تختلف، كما أن السلالة واحدة أيضاً.
فما هذا البون الشاسع؟
إن الله بحكمته عندما ينفخ الروح في هذا الصلصال أو ذاك يعلم بقدرته الأزلية -وهو القدير العليم- كيف يضع سره، وأين يجعل رسالته.
وكان هناك عظيمان في القريتين، مكة والطائف.. أحدهما قرشي، والآخر ثقفي! لكن الله سبحانه أعلم بسرائر خلقه!
وقد قال بعض الحكماء:
لكل نبي -أو لكل عظيم- عدو من بني قومه!
قال المؤرخون:
كان لإبراهيم الخليل.. النمرود!
وكان لموسى.. فرعون!
ولعيسى.. يهوذا الأسخريوطي!
ثم كان لمحمد.. أبو لهب!
وهكذا قد يصح ما قالوا.. ولو على بعض التأويلات!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :236  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 88 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.