شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سلام وكلام (1) (1)
سلام وكلام..
وسلام بلا كلام..
وكلام بلا سلام، ولا سلام ولا كلام، والحياة تزخر بكل هذه الضروب، وليست هي حياة إلاّ بها.. ومن هذه الشكول يتألف النظام البشري، ولولا اتفاق الأنماط أو اختلافها، وتواؤم الأشياء أو تباينها لما اطرد مقياس ولا صح قياس.
ولكن في العالم فئة من الغرب تقلدهم فئة من الشرق يحلو لها أن تعلل كل شيء، حتى الذي لا يمكن أن يعلل، بل حتى الذي يفسده التعليل، أو الذي تصطدم طبيعته مع التعليل.
ومن المعلوم على البداهة أن هناك أشياء تزداد مع التعليل استغلاقاً وتعقيداً، وهناك أشياء أخرى لا يتضح سخفها وركاكتها إلاّ بتعليلها، بل من الأشياء النفيسة ما يزداد بخساً ووكساً كلما ألحوا عليه بالتعليل وأطالوا فيه التفاصيل.
حتى هذا (السلام) المصطلح عليه بين كل الأمم في كل الأزمان، طفقوا يعللونه، فمنهم من يقول: إن السلام تأمين وتطمين من الإنسان للآخر، وإن المصافحة بالتالي معناها عند مد يده وفتح راحته أنه يرى أخاه الآخر أن يده خالية لا سكين فيها ولا فأس ولا حجر، ولا خطر من أحدهما على الثاني، وإزالة الخوف، واستشعار الاطمئنان أهم وأوجب ما يواجه به الإنسان الأول رفيقه الثاني، ومنهم -وهم قلة- من يقول غير ذلك، على أنهم جميعاً يفترضون أن الإنسان شرير بطبعه منذ أن نشأ على وجه الأرض، وتتساءل: وما هي المرجحات لهذا الافتراض؟ وما الأسباب التي تؤكد شريرية الإنسان، ولا تؤكد خيريته؟ وعلى أي القرائن بنيتم هذا الافتراض، وما الذي يجعله أقرب إلى الصحة وأدعى إلى الإيمان وأعلق بالطبيعة الإنسانية في الافتراض الآخر الذي يدعم (الخير) في الإنسان ويزكيها بالغلبة والترجيح؟
تسألهم وتقول لهم ذلك، فلا تجد عندهم مقنعاً.. أما الشرقيون المقلدون، فيحيلونك إلى نيتشه وهيجل وغيرهما، وهؤلاء يشققون لك الكلام ويصعدون بك السلم إلى أن يخلطوك بفلاسفة اليونان، وفي فلسفة هؤلاء ستجد مزيجاً مضطرباً من أوهام المصريين القدماء والفينيقيين والهنود وقدماء الأمم كآشور وبابل، وهناك ينفلت منك الحبل، وتضيع عليك أصول الأشياء، وتتكدس العروق والأمشاج، فلا تجد مفراً ولا مندحاً من الركوب في (سفينة نوح) أن كنت ممن رضي الله عنهم، وقدر لهم النجاة وأنعم عليهم بالسلامة والإيمان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :259  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.