شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مناوشات ومناقشات (5) (1)
ديوان الأمير شكيب (2) :
أما مكانة الأمير في عالم النثر والبيان فهي خفاقة اللواء لا تفتقر إلى تدليل أو تنويه، ولا يعوزها أن يشار إليها أو يتحدث عنها، ويصح فيه ما قاله ابن رشيق في المتنبي من قبل بأنه "ملأ الدنيا وشغل الناس" ولم تشتهر في الأمير ناحيته الأدبية فقط، بل لعلّ هذه أقل شأناً وأقرب مدى من ناحيتيه اللتين ذاعتا وارتفع صيتهما في كافة الأوساط الراقية؛ ونعني بهما: السياسية والاجتماعية.
وفي هذه الآونة اطلعت على نسخة جمع فيها شعر الأمير القديم منه والحديث، وهي مهداة رأساً من الأمير إلى صديقي الهمام الفاضل عبد الله المزروع؛ وليس هذا أول اطلاعي على شعره، فقد قرأت له من قبل أشعاراً شتى في مختلف المواضيع، ثم لفتت نظري خريدة له عصماء نشرت في أحد أجزاء "الحديقة"، وهي الرائية الذي يقول في مطلعها:
لك اللَّه إن شئت الصبوح فبكر
بكأس دهاق من حميَّا التذكرِ (3)
فراعني ما يتسلسل في غضونها من فكرة منسجمة، وألفاظ جزلة وعبارة محبوكة وتعبير ناصع، ومن ثم بدأت أهتم بقراءة شعر الأمير، ولا سيما شعره الذي يبدو لي أنه يمليه في فراغ من باله وإقبال عليه من نفسه، وأستثني من هذا المساجلات التي تبعث إليها المناسبات وترتجلها البديهة.
وشعر الديوان -إلاّ أقله الذي لا يؤبه له- من نمط الرائية في المتانة وقوة الإفصاح ونبل الغاية، ويتخلل شعر الأمير كثير من المفردات اللغوية التي لم يبتذلها الاستعمال الدارج، فهي تقع هنا في مواقع حسنة لا يتقلقل بها المكان، ولا ينكرها الأسلوب، ولا ينبو عنها الذوق العالي الذي يتطلب التجويد والبلاغة في اللفظ والمعنى على السواء..!
وفي الديوان طرائف لذيذة من شعر الصبا، فيه الغزل والمديح والرثاء وغير ذلك، وقلما تجد فارقاً بيناً بين شعره في صباه وكهولته -حفظه الله- مما يدل على أنه لم ينظم الشعر في صباه إلاّ وهو على أتم الاستعداد لممارسته.
وقد طبع الديوان طبعاً أنيقاً بمطبعة (المنار) في ما ينيف على مائتي صفحة وصُدِّر بمقدمتين الأولى منهما لصديقه الشاعر المعروف "خليل مطران"، والثانية بقلمه ذكر فيها الأسباب التي دفعته إلى جمع شعره وطبعه، وكلتا المقدمتين وجيزة بحيث لم تستغرقا كلتاهما أكثر من ست صفحات تنقص قليلاً، فحيا الله الأمير وأمد في حياته (4) .
في النقد:
إذا ذكرت النقد هنا لإنسان سواء كان هذا الإنسان أستاذاً أو عالماً أو جاهلاً أو مثقفاً أو عامياً فأول ما يبدر إلى ذهنه أنك تعني به "الخصام"، وهذا فهم سقيم، ولكنه سائد بيننا مع الأسف، ولست أدري كيف يمكن الأدباء أن يجتثوا هذه الشجرة الخبيثة من جذورها، شجرة فهم الأدب والنقد وما يتعلق بهما عندنا على هذا الشكل المعكوس.
ولكن هناك عذراً واضحاً يجب أن نقتنع به لمن يفهمون هذا الفهم، وهو أن كثيراً من أدبائنا يضيقون ذرعاً بالنقد، فما يكاد يصوب إلى أحدهم سهم خفيف حتى تثور به ثائرة عجيبة من نفسه، فيأخذ القلم ويسف إلى حضيض الطعن والتجريح والحط من الكرامة وترذيل الأخلاق، وما إلى هذا كله مما لا يكاد يصدق القارئ أن مثل هذه البذاءة ستخرج من أديب معروف، أو كاتب شهير، أو موظف رفيع، أو شخصية ممتازة.
والخير لمثل هؤلاء -في رأيي- أن ينظموا القصائد في هجاء الناس وثلبهم، بدلاً من تحبير المقالات فيما يحسبونه نقداً وهو أبعد عن النقد المصطلح عليه بعد هيروغليفية مصر عن صور المكسيك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :381  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج