شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مناوشات ومناقشات (1) (1)
في التسمية والموضوع:
سنتناول تحت هذا العنوان جميع المواضيع التي تشغل الأذهان، والتي تعنينا أكثر من سواها، ولا نخصص هنا موضوعاً بذاته، فكل ما استطعنا إدراجه تحت هذا العنوان أدرجناه بدون تردد، وبالطبع كل موضوع له ميدان يصول فيه أربابه كما يفعل الفرسان في ميدان الحرب، والمناوشات تكون في غبش الليل كما تكون في وضح النهار، وسنقوم بمناوشات في كل ميدان تصل إليه اليد أو يثب إليه الخيال، وسننتصر إذا كان الحق في جانبنا، ولا نستنكف من الهزيمة إذا لم يكن منها بد ولا عنها محيص؛ على أنَّا لن نبني أقواساً للنصر في الأولى، ولن نقيم مأتماً في الثانية، ذاكرين أبداً قول "الخنساء" من قصيدة:
ومن ظن ممن يلاقي الحروب
بألاَّ يصاب فقد ظن عجزا (2)
وسيقرأ القرّاء الأمجاد هذه "المناوشات والمناقشات" أسبوعياً، أو الأسبوع بعد الأسبوع ومن هنا نبتدئ...
مقدمة كتاب:
"... وأخيراً فهذا نموذج صحيح لأدب العاطفة والفكر يقدمه الأديب أحمد عطار (3) في هذه الكراسة لآماله وآلامه، وهي جزء من آلام الشباب المفكر وآمالهم لا تعدو الآثار التي تنطوي عليها نفوسهم وتلوب داخل وجداناتهم، فهي إذاً صورة صادقة للأدب الصادق النابع من الشعور" (4) .
هذه نبذة من مقدمة أنشأها الصديق الأديب محمد حسن عواد لكتاب أحمد العطار، وإني لآسف جداً أن يقضي حضرة الأخ وقته في كتابه المقدمات لأمثال هذه الكتب الرخيصة، فليس هذا أول عهده بكتابة المقدمات.. وإذا صح أن صديقنا يعني ما يقول -ولا أظن ذلك- فعقليته إذاً تأخذ في التأخر والانحطاط، أو تتطور بشكل غير الشكل الذي ألفه الناس لتطور العقليات وتقدمها، وإن صح أيضاً أن هذه المجموعة (أدب عاطفة وفكر وآلام وآمال) فواخيبة آمالنا إذاً في الشباب! ويا ضيعة جهود المدارس والمعاهد في تثقيف الطلاب وتهذيبهم وتوسيع مداركهم، وإذا كان هذا الكتاب "صورة صادقة للأدب الصادق النابع من الشعور" فما أرخص الأدب إذاً؛ وما أسهل أمره، وما على الحداد والنجار والعامي وكل فرد من أفراد الناس إلاّ أن يأخذ القلم ويكتب ويملأ الدنيا "أدباً صادقاً نابعاً من الشعور"، وهنا تستوي المراتب الرفيعة والوضيعة والجليلة والحقيرة، على نمط واحد يتساوى الناس جميعاً في آدابهم ومعارفهم، ويرتقي العطار إلى صف "فولتير" ويصعد أسخف شاعر عندنا إلى مرتبة "فيكتور هيجو"، فالأدب الخالد الرفيع لا يعدو أن يكون أدباً صادقاً نابعاً من الشعور، وأعظم أديب في العالم لا يزيد على أن يكون معبراً عنه تعبيراً وافياً، وما دامت هذه الكراسة تستحق هذا الوصف من زميلنا فما أحرى كل كتاب بالغاً ما بلغ من السخافة والضعف والانحلال أن يأخذ طريقه إلى الخلود، وأن ينظم صاحبه في سلك الخالدين (5) ...
في الكتاب نفسه:
أحمد العطار هذا كان طالباً بالمعهد السعودي، ثم أُتيح له أن يذهب إلى مصر فرداً من أفراد البعثة الأخيرة، وقد راق له وهو هنا أن يؤلف كتاباً وينشره على الناس فأصدره وسماه "كتابي" وقد أحسن كل الإحسان بنسبة الكتاب إليه، فكتاب يؤلفه العطار وتلحق به "ياء النسبة التي تدل على ضمير المؤلف والمتكلم" لا ينتظر منه إلاّ أن يعطيك صورة صحيحة للعطار نفسه، وهذا ما وقع فعلاً، وفي مقدرة العطار أن يصدر في العام الواحد عشرين كتاباً من طراز كتابه هذا لأنه لا يكلف شيئاً، ولا يجهد ذهناً، ولا يذهب بوقت وليس في الأمر إلاّ أن يجمع صحفاً من بارد القول، ورخيص الكلام، وينقل آراء المؤلفين والمترجمين وأفكارهم ثم يقذف بها إلى المطبعة لتخرجه هذه بدورها للناس كتاباً مغلفاً مزيناً بالكليشات، مذيلاً بالهوامش، متوجاً بالمقدمات.
تصحيح لبيت شعر:
في صفحة 18 من هذا الكتاب يذكر العطار هذا البيت للأستاذ (العقاد) في وصف "القبلة":
هي كأس من كؤوس الخالديْن
لم يشبها المزج من ماء وطينْ (6)
فيمتدح الشطر الأول ويؤهله للخلود، وينتقد الشطر الثاني لا لفهم دقيق، ولا لنظر صائب؛ ولا لإحساس صحيح برداءة معناه وانعكاس وصفه، ولكن لأن "جبران سليم" فعل هذا في مقدمته لكتاب "رسائل النقد" لمؤلفه "رمزي مفتاح" وبعد هذا تأخذه الغيرة على الأستاذ العقاد فيتبرع بإصلاح الشطر الثاني بما يفسده ويضحك المرزأة الثكلى ويقول: (تحتسيها الروح من شفة بلين) ثم يؤكد لنا أن شطره هذا الذي تنزل به الإلهام السامي يجعل المعنى أبلغ، والخيال أسمى والتأثير أقوى، فيا أيها [العروضيون] (7) يا أرباب الشعر وحماته؛ يا من يغيظهم أن يطغى البحر! على البر إن بحر الشطر الثاني قد زاد وأغرق البلاد وأهلك العباد، فهاتوا لنا سفينة نوح حتى نستطيع بها عبر هذا البحر إلى شاطئ السلامة!
سلامة موسى في الحجاز:
في الكتاب صفحة 36 "حياتنا الأدبية" إن صحت "هكذا" أن لنا حياة أدبية قويمة، ناقصة من كل الوجوه، والأدب العربي ناقص في بعض الوجوه، إذ ليس فيه نقد فني، ولا قصة فنية، وهذا باستثناء "القرآن".
وفي صفحة 49 "ولو نظم شعراؤنا المفلّقون كالمتنبي والمعري و.. والعقاد والمازني و.. و.. وغيرهم على طراز المهلهل وتأبط شراً وامرئ القيس وطرفة لما عثرنا على فلسفاتهم وحكمهم وجمال أساليبهم الرائع و.. ولما رأيناهم يمتلكون المشاعر بشعرهم الرصين وكان (يريد ولكان) أدبنا العربي جد ناقص نقصاً مزرياً زيادة عما عليه الآن".
اقرؤوا ثم اقرؤوا أيها الناس ألا ترونه يضرب على وتر "سلامة موسى" في ثلب اللغة العربية والتنقيص بأدبها والتحقير لها، ولعلّ هذا ما حدا بالأخير، إلى الكتابة عن كتابه -حين أهداه إليه- في مجلة "الجديد" وتقريظه والطنطنة والتطبيل له، ومن حسن حظ اللغة العربية أن لا يثلبها أو يطعن فيها إلاّ الجهلاء بها أو الضعفاء فيها أو الغرباء عنها، بل نجد من الغرباء من يرفعها إلى مكانها المرموق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :673  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج