شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فرادى.. وثناء (1)
عندما مت قبل [بضع عشرة] (2) ، ثم ردت علي الروح، بواسطة بثور بنفسجية لها إشعاعات خاصة، حينئذٍ وجدت العالم على شكل لم أعهده قط..
فقد كنا نأكل بالأفواه مثل السباع، والبهائم، ثم ترقينا، فعدنا على كل ما فيها من قذارة "كوكتو وسارتر"، ثم تعلمنا أن نغسل أيدينا قبل الأكل وبعده، وتمندلنا بأعراف جيادنا:
وثم قمنا إلى جرد مسوَّمة
أعرافهن لأيدينا مناديلُ (3) !
وجاءت المناشف من حرير وصوف وقطن.. ثم غبت غير قليل من رحلة خارج الفضاء النفسي، وعدت كيربوع يستأنف الرجوع إلى جحره.. بدون "نافقاء"..
عدت فيا لهول ما رأيت..! لقد صنع الناس لهم [ملاعق] (4) تنوب عن الكفوف، وشوكاً تجزي عن الأنامل، وسكاكين تؤدي وظيفة الأنياب..
هذه.. لقد وقعت الواقعة، وليس لها من دون الله دافعة.
وحسبل اليربوع "حسين سرحان" بعد أن عاد من "نافقائه" مرغماً إلى "قاصعائه" ثم استرجع، وأعادها حسبلة واسترجاعاً، دون أن يعرف أنه وقع في دنيا تزخر بالموت، ثم تزدهي بالحياة ولا توسط هنالك!
ماذا يصنع حسين سرحان، وقد وقع في الأحبولة؟
فغداً -مثلاً- أو بعد غد، سيأتي زمن غريب الشكل ممقوت الطبع، نشوء الصورة ليس له موقع مقبول حتى في نفوس أهله إلاّ على سبيل الزخرف الأخلاقي الكاذب!
هناك "إلكترونات" تحدد للنفس الصاعد والهابط، وتضبطه.. أمامك المائدة، لا تعمل يدك.. قف.. إن عليك أن تنظر فقط إلى الطبق الذي تختاره، وتطلق نفساً معيناً، فإذا بالطعام يتصاعد إلى فمك من تلقاء نفسه!
.. أما الشراب، فيكفيك أن تحدث شيئاً من التنفس العلوي، تضطر معه أن تفتح فاك، فإذا الشراب وراء بلعومك هنيئاً مريئاً.
.. ويعود حسين سرحان بعد أن عاش ومات مرات عديدة.. فيجد كل مشكلته في الملابس: صيفية، وخريفية، وربيعية، وشتوية..
ليست هذه هي المشكلة كما قال شكسبير في إحدى مسرحياته!
أليست كل الحيوانات أو أغلبها يتقى بجلودها، وقد يخضر الشعر، وقد يسود الأديم، حتى إن الحية تنسلخ من جلدها عدة مرات!
ماذا لو انسلخ الإنسان من جلده، فإذا أراد أحمرَّ، أو اسمرَّ، أو أخضر، أو أبيض. أما إذا اسود فإن الاسوداد هو المادة الكبرى للألوان، الصبغة الرئيسية التي تنفرع عنها آلاف الألوان!
ولكن ماذا يلبس حسين سرحان في هذه الزحمة الطاغية من كل لون..؟ "ميني"؟؟
"ميني" شيء مصغر دقيق رقيق، تافه لا في "الميني جوب" فقط ولكن حتى في الأفكار التي ترتجل وتنبع عن غير أسس..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :588  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 143 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.