شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سؤال.. لا جواب له (1) !!
قد تسأل عني يوماً.
وسيقال لك: إنه ذهب ليزرع "الكمون" في وادي العدم..
كلا لم أذهب لأجل ذلك..
ولكن عالم الحياة بعث بي "مفتشاً" إلى عالم الموت، وقد حدد لي أسئلة، منها مثلاً:
1- من الذي مات مختاراً؟
2- من الذي مات مضطراً؟
3- هل هناك من أمل للعودة إلى الحياة الدنيا، ولو بطريقة التهريب؟
وقد قيل لي عندما استصحبت خدماً لحمايتي هناك، خذ حذرك من أقاربك قبل كل شيء، أما الأباعد فلا تعبأ بهم، فإن العاقل -إن وجد- لا يحفل بهم قبل أن يحبط أعمال الأقارب..
وهكذا دلفت، ومعي كل صفاتي (الرسمية) موقعاً عليها من كل الأكابر في عالم الحياة.. وهو يشبه -ربما بعض الشيء- جواز المرور من مكان إلى آخر بكل ما فيه من نواهٍ وأوامر، واحتياطات والتزامات.
وكان هناك ما يضارع الماء ضحضاحاً، فخضته إلى الساق، ولم أجد من يسألني ما هو "الفارياق"؟
وراعني في طريقي أن ألقى شيخاً عمرطاً، نحيفاً قضيفاً.. وقد لهج لسانه:
أتخالون أن أعود إليكم
لا تخالوا؟ فإنني لا أعود (2)
وقلت لمن معي: قفوا..
إن المسألة أضخم من المحيط على أنها أضيق من "بؤبؤ" العين؟
وعندئذ يا سيدي رأيت عريشاً من الكروم يأكل بعضه بعضاً، وأبصرت بعيني رأسي فأراً يلتهم أسداً؟
وكيف كان ذلك؟
لقد احتار "بيدبا"، ثم كيف أصبح دمنة مع كليلة في مجال أسئلة وأجوبة لا تنتهي..
أجل يا سيدي، إن وادي العدم وادٍ قلّما تجد له مثيلاً في المدارك، ولا في الأخيلة، زد على ذلك أنه لا يختص بتعريف محدود، حتى يمكنك أن تعرف به مداخله ومخارجه واتجاهاته..
كما أن الكمون الذي نويت أن أزرعه في وادي العدم لا يزيد -كما يقال- عن كونه نباتاً من فصيلة "الخيميات" يعتبر تابلاً ومصيدلاً!
على أن للكمون قلباً طيباً وروحاً سليمة، فما تزيد على أن تبذره فقط، ثم تطرحه جانباً وتحسن جداً غاية الإحسان إذا مررت به نوبة بعد أخرى، وقلت له: سوف نسقيك أيها الكمون النبيل، في مواعيد عرقوبية متعاقبة..
ويظل يهش ويبش لهذه الوعود والعهود، كلما عبرت غيمة خفيفة في كبد السماء أو خطفته كلمة وعد من صاحبه بلا ذماء، وإذا هو يخضر وينضر، وتتطرح أسلاته اللدنة على أغيصانها الوريقة، تتوجها رؤيسات زاهرة.
لندع أيها السيد الجليل بقية الأسئلة التي أسلفناها في أول هذه الكلمة، ولن نجيب عليها بحال، لكنه سيأتي يوم يبعد أو يقرب، وسوف لا تجدني..
هذه النافذة التي تطل على أكثر من شارع، والتي يبدو رأسي منها وكأنه بطيخة غير نضجة، وفي يدي الهرمة كتاب -أي كتاب- وفي عيني زوغان مريب، وعلى وجهي ما يشبه وجه "أرميا" الكئيب.. وهو من أنبياء التوراة القدماء.
وجد أقذار وإنذار؟
ستجد النافذة يا بهرام، ولكنك لن تجد السيدة التي كانت تغازلك عبر شبابيكها المرخاة.
لقد ذهبت بكتابها لتأخذ شروحه على متونه في وادي العدم.
هناك أساتيذ أجلاء، وعلماء فهماء، وندماء أذكياء..
هناك يا سيدي النبيل -إن شئت أن تنيل- وإلاّ فما عليك!
هناك أيضاً سوف تلقاني، على نافذة جانبية من الشاطئ الآخر المسحور، على حر قلبي في السعير أو على برده من الزمهرير:
وعلى يدي كتاب روحاني لا يحتاج إلى شروح، وبين عيني قبلة هائمة لمن يتعاطاها..
كنت من نافذتي أنظر وأسخر وكنت أتعاطى وأعقر، على أني كنت أغفر لمن لا يغفر!
هل هذا تبرير وتكفير؟
إن الكمون ما يزال يزرع على مثاله، ومن وادي العدم تنثال عليكم بلا دموع تحيات...
المثال للمعري، مكروراً حسين سرحان:
أتخالون أن أعود إليكم
لا تخالوا.. فإنني لا أعود!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :505  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 141 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج