| حكاية تتلوها حكايات
(1)
|
| قال أحد حكّام مكة الغابرين، وهو على مائدته مع نفر من خلطائه: |
| يقال إن الملوخية علاوة على لذتها البالغة تساعد على الإِسهال، وتلين المعدة وقد تغدو غذاء نافعاً. |
| قال: |
| أجل يا سيدي، إنها لكذلك، ولقد سمعت أن أحدهم كاد أن يموت فلم ترتد إليه حياته إلاّ بطبق من البرسيم أتقنوا صنعه وتوابله، وقيل له: إن هذا طبق ملوخية من النوع الفاخر.. |
| آه.. مم، حقاً.. قال الحاكم ذلك، واستطرد قائلاً: |
| - ومع ذلك فقد قال لي بعضهم إنها أحياناً قد تسبب شيئاً من القبض، وتنتج تيبساً في الأوردة مع نكهتها اللعابية التي قد يحدث منها تقزز في النفس. |
| فبادر الشيخ الآنف الذكر يقول: |
| - حقاً.. حقاً يا سيدي إن ما أشرتم إليه لهو صحيح إلى درجة أن لساني قد يصاب بالشلل إذا لم أقل ذلك كما ترومون.. |
| زد على ذلك يا سيدي فإن الذي يلسعني دائماً في أحلامي الليلية كان في مثل لون الملوخية حتى إن له شيئاً يماثل عروقها وأوراقها، وأزهارها. |
| - يا عجباً أيها الشيخ إني أمدح الملوخية، فتأتي أنت وترفعها إلى السماء.. ثم أذمها فإذا بك تهبط بها إلى الحضيض. |
| لكن الشيخ كانت جلدة وجهه كأديم قُدَّ من مسلاخ ذئب أغبر، لم يتلوّن، ولم يتغير ولم تهتز فيه نبضة أريحية أو حياء. |
| قال: أجل.. ثم أجل إلى نهاية الآجال.. إنك أنت سيدنا، وليست الملوخية بسيدتنا على أي حال. |
| هاه.. قال راوي هذه الحكاية، وهو يولج لحيته الشمطاء الطويلة تحت "فوطة سمرنده" وقد كان من مشايخ الجاوه القدماء، وكانت فوطته من الحرير الخالص.. لقد تكاد تجمع الفوطة الواسعة كلها، ثم تطبق عليها إحدى يديك فقط، فلا يمكن أن يبدو منها شيء.. مثل ريش عصفور المزارع الصغير. |
| أما الشيخ فقد أمر له الحاكم بأن تخصص له موارد كذا.. وكذا، وأن يعطى مثل ذلك وأن يكون له على الدوام نديماً خديماً.. |
| قال "بيدبا" في غير كتابه "كليلة ودمنة": |
| ولقد عاش ذلك الشيخ، وبنى عمارات في كل حي من أحياء البلد، وقيل إنه ساعد أحد الحكّام في ما بعد على ظلم الناس وإرهاقهم، وأصبح ذا فنون في ذلك إلى حد أنه برع براعة شائقة أو شيقة، أو مشوقة، كما يريد اللغويون. |
| ثم قيل لي لقد رأوا هذا الشيخ وهو يتسول؟ |
| كيف يكون ذلك..؟ وأين ذهبت عماراته، وأعماله.. |
|
|
شارع عبد المقصود خوجة
00966-12-6982222 - تحويلة 250
