شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وليس هكذا.. يا هارميزا (1)
طبيبي في بيروت أمره عجيب.. إن أفواجاً من نماذج الحسن تخطر في أفيائه، لا للعلاج وحسب، ولكن للتمتع بالنظر إلى أمثالي من ذوي الدم الثقيل والمرأى البشع.
إنه أرمني مختص في طب الأسنان، ولما كنت أملك فماً مثل مغارة "أهل الكهف".. لم يبق فيهم إلاّ كلبهم (2) ، ولا وصيد هناك، فقد تكرمت بعرض هذا المتحف الغريب على حضرته.
قال لي "إشكازيان"، وهذا اسم الطبيب (3) :
أين تربيت؟ وماذا كنت تأكل؟
قلت: أذكر أني أكلت فأراً في سفينة سيدنا نوح عليه السلام!
فأومأ بضحكة غراء مثل بعض قصائد ابن حجاج وقال: هل تعرف ماذا تقول؟
فجمعت كلتا يدي على صدري كأي تمثال صيني وقلت عاكساً سؤاله:
نعم.. إني أقول ماذا أعرف!
فتراجع إلى الوراء، ونظر إلى أعلى، فتوقعت أن يسقط سيف "ديمكليس" على رأسه!
وشخصت عيناه، ولعب لسانه في حلقه، وقال:
من أي بلد جنابكم؟
فمنحته ابتسامة بلهاء، وقلت له:
أذكر جيداً أني ولدت في جزيرة "تشاواو"، وهي تقع إلى الجنوب من "القطب الشمالي"!
لم تطل هذه الأسطورة، ونحن في الشتاء، وعليَّ من ملابسه كافاته كلها ينقصها كاف واحد (4) ! وشعرت بموجة من الدفء، وحفيف أثواب مرهفة، وعندما التفت، وجدتني أمامه مثل الموجة التي حملت "فينوس" وزميلاتها، وبحثت عن عقلي فوجدته على مسافة يوم، أما قلبي، فقد رقصت فيه جلاجله، وبقي لساني معلقاً في سقف حلقي..
واستدار إلي "إشكازيان" وعلى فمه ابتسامة متوارية، وقال:
أقدم إلى جنابكم زوجتي فلانة، وأختي فلانة، وابنتي فلانة، وابنة أخي فلانة، وابنتي الصغرى "هارميزا"!
فندت عني آهة تقول: هارميزا؟
وأثارت نظري إليها، فعاد إلي وهو حسير.
انطق أيها التمثال المكوّن من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد.. ألا تنطق؟
ورأيت أهداب عينيها تكاد تسبح في لألاء خديها، فقلت له:
هارميزا؟
قال وهو يرتعش:
هاه.. هارميزا!
يا إشكازيان من أين قنصت هذا الصيد؟ وأنت يا هارميزا أية بيضة سعيدة تفقأت عنك؟
لقد جئت من جزيرة لا تعرف في الخرائط الجغرافية على جناح ذباب.
ولكن ليس هكذا يا هارميزا!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :461  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 121 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.