شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الصحة العامة (1)
نستطيع أن نتساهل في الشيء الكثير، فإن التساهل -مهما كان- محمود الأثر، وإن طال الأمد دون بلوغ هذا الأثر المحمود، ولكن هناك أشياء يعتبر التساهل فيها حمقاً وغفلة، فلا الحكومة وهي حكومة رشيدة عتيدة، ولا الأمة نفسها، يمكن أن تتساهل في أشياء ضرورية تراها ألزم لها من الهواء والماء والنور.
والشؤون الصحية يجب أن تتخذ مقياساً لما بلغته البلاد من اطراد تقدمها واستمرار رقيها، فإن تأخرت أو اختل نظامها الموضوع لها في أي بلد، ففي ذلك معنى يعكس كل مقياس ويهدم كل أساس، وليست شؤوننا الصحية متأخرة وما ينبغي لها أن تكون كذلك، وحكومتنا أعزها الله تعنى بكل صغيرة وكبيرة فيما يأخذ بأسباب الرقي والتقدم في كل مضمار من مضامير الحياة الاجتماعية، وهي بعد تبذل كل جهدها ومعظم طاقتها فيما يرفه عن شعبها وييسر له سبل الراحة والنهوض.
يقوم على صحتنا أطباء نطس لا غبار على سلوكهم، ولا ريب في مقدرتهم وإنسانيتهم، وينهض بإدارة الصحة العامة رجل مشهود له بالكفاءة والنشاط.
ومكة المكرمة قد ترامت أطرافها، وانتشر العمران فيها إلى حد يكاد يضاعف مساحتها إن لم يضاعفها بالفعل، فليس من الصواب ولا من المعقول ألاّ يكون فيها إلاّ هذه الإدارة المركزية الكبيرة التي تقوم في وسط البلدة على التقريب.
وهنا اقتراح متواضع تدعو إليه سعة البلدة وكثافة السكان، فإذا وجهناه إلى إدارة الصحة العامة فإنما نوجهه باسم الجميع، ونرجو أن يتحقق لمصلحة الجميع.
هذا الاقتراح لا يكلف شيئاً، ولا يدعو إلى بذل جهد كبير، وهو إن تسمح -مع شكر وافر- بإنشاء مراكز صحية في أطراف البلدة، وفي ضواحيها النائية، وتزوّدها بما تحتاج إليه من أدوية وأجهزة وممرضين، ويدير هذه المراكز أطباء محسنون، وتستمد هذه المراكز كل ما يلزمها من المركز الرئيسي، فإنها مرتبطة به محسوبة عليه على أي حال.
إن الأمراض عندما تدخل بيتاً أو تصيب أسرة، لا تستشير أحداً، ولا تتقيد بظرف من الظروف؛ وللأمراض مضاعفات ومفاجآت وانتكاسات لا تحصى، فليس باليسير على السكان وهم في منازلهم النائية -في المسفلة وجرول والمعابدة مثلاً- أن يراجعوا الأطباء أو يتصلوا بالصحة في أجياد كلما اعتورهم داء من الأدواء.
وهناك أمراض خطيرة أو سريعة، فلن تتحمل هذا الوقت الطويل الذي يحمل فيه المريض على حمار أو سيارة -وأين السيارة؟- فلا يصل إلى المستشفى إلاّ وقد حطمته الآلام، وقد يقضي نحبه في الطريق!
وإن ذهب أحد أولياء المريض ليأتي بالطبيب في ظرف ضيق -في الظهيرة أو منتصف الليل مثلاً- فأين يجد الدكتور، وإن وجده فكيف يؤمن له الركوب لقطع هذه المسافة الطويلة؟ والدكتور لا يعلم ماذا يأخذ من أدويته وأجهزته وماذا يدع؟ فإنه لا يعلم بماذا أُصيب المريض، وأنى له أن يعلم وهو لم يره؟
فمن أوجب الواجبات لإِنشاء هذه المراكز الصحية في أطراف البلد الأمين، انتداب طبيب مختص لكل مركز، وتجهيزه بكل ما يحتاج إليه من عقاقير وأدوات وخدم، وليس ذلك بالكثير على إدارة الصحة العامة وهي تبدي كل يوم من أعمالها ما يدلل على اهتمامها بالجمهور وعطفها عليه، ونشاطها في سبيل مكافحة الأمراض، واستئصال شأفتها.
وستقوم الحكومة بالمساعدة والتعضيد في كل ما من شأنه أن يُروّح عن الناس، ويحفظ عليهم صحتهم، ويأخذ بأسباب ازديادها وتقدمها، وإن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :668  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 7 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .