شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة لسعادة د. محمد سعيد الشعفي
عميد كلية الآداب بجامعة الملك سعود ))
أشكر الأستاذ عبد المقصود خوجه لدعوتي للتحدث عن الصديق أحمد الضبيب، والذي تشرفت شخصياً بالتعرف عليه منذ سبعة وثلاثين عاماً خلت، وذلك عندما عدنا من رحلتنا العلمية من القاهرة، وتم تعييننا كمعيدين في كلية الآداب - جامعة الملك سعود، وقد خصصت لنا غرفة واحدة أطلق عليها غرفة المعيدين. ولكن معرفتنا ببعض ظلت سطحية في بداية الأمر لأننا كنا نعامل بعضنا البعض بطريقة رسمية خالية من الود والمحبة، غير أن علاقاتنا أخذت تنمو رويداً رويداً وتتوطد خاصة بعد أن سافرنا سوياً من المملكة فبيروت فالقاهرة. وفي بريطانيا زادت قوة ورسوخاً، فقد قدر لنا أن نلتحق بجامعة "ليدز" ببريطانيا وتم انتماؤنا أنا والدكتور الضبيب والدكتور عبد الرحمن الأنصاري إلى قسم الدراسات السامية، بل كان من محاسن الصدف أن يشرف علينا الثلاثة أستاذ واحد مع العلم أنه ليس متخصصاً في موضوع الأمثال وهو ميدان الصديق العزيز أحمد الضبيب كما لم يكن ملماً بموضوع تخصصي التاريخ الحديث للجزيرة العربية، إلا أنه كان عبارة عن مكتبة متنقلة يدرس كما ندرس ويستقصي عن كل صغيرة وكبيرة ويبذل جهوداً خارقة في قراءة ما يقع تحت يده في تخصصاتنا لكي يستطيع متابعتنا متابعة دقيقة ويرسلنا من وقت لآخر لبعض المختصين البارزين لكي يطلعوا على ما أنجزناه ويدونوا ملاحظاتهم وتعليقاتهم، وللحق فالرجل عبارة عن موسوعة، فقد حباه الله الفهم والقدرة على العمل، وقد ساعده على ذلك تمكنه من لغات كثيرة منها العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والأسبانية ناهيك عن معرفته معرفة تامة باللغات الشرقية القديمة.
وقد عشنا نحن الثلاثة عيشة إخاء ومودة لا نفارق بعضنا البتة، وقد حظيت بصفة شخصية بإهتمام ورعاية الأخوين العزيزين فقد كانا متزوجين ويسعى كل منهما أن ألبي دعوته لتناول وجبة شهية. وقد أدركت ذلك فبدأت أنتحل الأعذار للتظاهر بأنني مشغول بينما في حقيقة الأمر أنني أتوق - إلى تلبية دعوة أحدهما وبالطبع هذا في الأيام العادية، أما في عطلة نهاية الأسبوع وبالتحديد يوم السبت، فقد درجنا أن نقضيه عند أحدهما وبعد أن تزوجت وتم إحضار زوجتي صرنا نقضي يوم السبت عند واحد منا أو نقوم برحلة ترفيهية.
ومن خلال إقامتنا في ليدز ووجودنا في قسم واحد نشأت بيننا ألفة ومحبة لدرجة أن الصديق أحمد عندما أخبرته بعزمي على الزواج أبى إلا أن يقدم التهنئة بحضوره شخصياً إلى أبها غير مبال بصعوبة السفر ومشقته وزاد على ذلك أن أصر على أن نقبل دعوته ونسافر في طريق عودتنا معه إلى المدينة المنورة لكي يستضيفنا في دارته ويحتفى بنا. واستمرت علاقاتنا ببعض عائلياً وشخصياً قوية ومتينة حتى اليوم.
ثم عدنا إلى أرض الوطن لنبدأ فترة البناء بناء الأجيال كل في مجال تخصصه فأخذ الصديق أحمد وزملاؤه في قسم اللغة العربية يبذلون جهوداً جبارة ليس فقط في أمور التدريس والبحث العلمي وإنما الإسهام في الكتابة الصحفية وإلقاء المحاضرات العامة في المنتديات الأدبية والرياضية والمشاركة في الندوات التلفزيونية والأحاديث الإذاعية وغير هذا. على أن تلك الأعباء والأنشطة المختلفة لم تفت في عضده ولم تمنعه من الاهتمام بالتأليف فحقق العديد من المخطوطات [وترجم كتاب اللهجات الشرقية من الإنجليزية إلى العربية] ونشر بعض الأعمال الرصينة التي تدل على سعة إطلاعه وتفوقه العلمي، ومن هنا فقد وقع عليه الاختيار ليشغل منصب رئيس قسم اللغة العربية وهو أول سعودي يتولى هذا المنصب وفي قسم اللغة العربية أهتم بالتراث الشعبي واللهجات الشعبية وهداه تفكيره وزملاءه في قسم اللغة العربية إلى إنشاء جمعية التراث الشعبي التي كان أول مهامها جمع التراث الشعبي بكل أنواعه والانكباب على دراسته وقد نتج عن هذا إقامة المتحف الشعبي الذي يحتوي على ثروة وطنية نادرة لا تقدر بثمن، وكذلك إقامة ندوات للتراث الشعبي تعقد سنوياً في رحاب جامعة الملك سعود ثم اختير أميناً لجائزة الملك فيصل فأرسى قواعدها وشرع قوانينها وأقترح موضوعاتها ووضع أهدافها وشروطها فبدأت قوية وأنتشر صيتها في الآفاق لدرجة أنه أضحى يشار إليها بالبنان وكسب بذلك سمعة مرموقة فتحت الطريق له فيما بعد بتعيينه في منصب رفيع هو وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، وقد أسهم في وضع الأسس والقواعد الأكاديمية القوية في نظام الترقيات. وكنت أعرف تماماً أنه صعب المراس ولذا أذكر أنني عندما ذهبت إلى مكتبه لتهنئته أوصيته خيراً بزملائنا في الكليات العلمية لأنهم استقبلوا تعيينه بالتذمر وعدم القبول ويا ليت أنني لم أفعل ذلك لأنه مال لهم كل الميل وأعرض عن زملائه في كلية الآداب. ثم عين مديراً للجامعة فاستمر في محاباة الأخوة في الكليات العلمية وأخذ يقربهم ويعينهم في المناصب القيادية في الجامعة. أما إذا احتاج إلى الترويح عن نفسه والابتعاد عن الروتين اليومي الممل نراه يهرع إلينا أصدقاءه ليشنف أذنيه بالفكاهة وتبادل الأحاديث الودية والمطارحات الأدبية والثقافية، وعلى الرغم من هذا فقد كانت تجربتي معه جيدة، وخاصة بعد أن تم تعييني عميداً لكلية الآداب فلقد وجدت منه كل عون ومساعدة ولعل ذلك يعود إلى ما بيني وبينه من المودة الصادقة والمحبة الزائدة التي تفوق الوصف.
وفي الختام أشكركم على إصغائكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :935  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج