شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأديب والناقد المعروف الدكتور منصور الحازمي
عضو مجلس الشورى ))
- شكراً جزيلاً، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أيها الأخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وأود أن أشكر باسمكم جميعاً هذا المضيف الكريم الذي أكرمنا وأسبغ علينا الشيء الكثير من كرمه ومن بعد نظره وحبذا لو كُرِّم الأستاذ عبد المقصود خوجه في هذه الباحة أو الساحة لأنه فعلاً يستحق أن يُكرم قبل عبد المنعم خفاجي، والأستاذ عبد المقصود خوجه قد طرح قضية كبيرة جداً وهي قضية دور الجامعة ويبدو أنه استغل وجود الدكتور الصديق أحمد الضبيب، ولكنه قد ترك الجامعة الدكتور الضبيب، فينبغي أن يوجه هذا الكلام إلى مدراء الجامعات الحاليين والقضية مهمة جداً ولكن يبدو أن الحوار فيها يحتاج إلى أمسيات كثيرة جداً، ودعوني الآن أعود إلى موضوع الصديق الحبيب أبي عمرو، ومعرفتي بأبي عمرو الدكتور أحمد محمد الضبيب تعود إلى أكثر من ثلاثين عاماً كنا في بريطانيا طلاباً وفي الرياض حين عدنا أساتذة في كلية الآداب بجامعة الرياض سنة 1386هـ (1966م) كان ذلك قبل الطفرة، حين كان الشباب في بحبوحة من الأحلام وكنوز القناعة التي لا تفنى وكنا شباباً تزدحم بنا حجرات كلية الآداب التي كانت مبنىً متواضعاً قيل إنه كان في الأصل مدرسة ابتدائية وكانت أحلامنا في ذلك الوقت لا تتعدى حدود الأكاديمية بكل ما تعنيه من تواضع وجد ودأب، ولكل منا وجهة معينة ولكننا نتفق جميعاً على غاية واحدة وهي أن نقدم شيئاً نافعاً تعلمناه إلى الجامعة وإلى الوطن، وحين أتحدث هنا بصيغة الجمع فإنني أعني فعلاً مجموعة الزملاء الذين تخرجوا صدفة في عام واحد وكأنهم مع موعد مع الزمن، الضبيب والأنصاري والشاذلي والبدلي والشامخ والحازمي وفيما بعد عبد العزيز الفدا ومحمد الصالح.. أضافوا علينا فيما بعد الجيل الثاني أو الجيل الوسط أو الجيل القنطرة لأننا على زعمهم قد حللنا زمنياً بعد جيل الرواد وأننا أضفنا شيئاً ذا بال في العلم أو الفكر أو الثقافة، إن جيل الضبيب إذاً هو ذلك الجيل الذي رأى الجامعة طفلة تحبو في أسمالها القديمة لم تتجاوز الثالثة أو الرابعة ثم رآها بعد عودته من الدراسة صبيةً في العاشرة لا تزال في براءتها منطوية في حجراتها العتيقة، ثم رافقها وهي تنمو وتكبر حتى غدت على ما هي عليه اليوم، فتاة عصرية قوية جميلة تكاد من فرط شبابها وما أحيطت به من الترف والنعمة ألا تذكر من ماضيها شيئاً، ولكن الجيل الأول هو ضمير هذه الجامعة، وذاكرتها التي لا تنسى، وما أكثر الرجال الذين لا بد أن يذكروا حينما يكتب تاريخ الجامعة، ومن أوائل هؤلاء زميلنا الدكتور أحمد الضبيب الذي ننتظر منه الآن في نضجه وحكمته ما عودنا عليه من الأعمال العظيمة وهو في مقتبل شبابه، لقد كان صاحب أوليات نذكرها له بالفخر والاعتزاز، فهو أول مؤسس لجمعية اللهجات والتراث الشعبي، ومعظم ما يحويه متحف الفولكلور بكلية الآداب حالياً هو من تجميعه وتصنيفه وتأسيسه، وأذكر عندما كنا نعمل لجمع هذا التراث الشعبي أننا كنا أنا والدكتور الضبيب والشامخ والشاذلي نذهب إلى الحراج، حراج بن قاسم، في الرياض، وكنا نجمع ونشتري الأشياء القديمة ثم ينظفها أبو عمرو بمعرفته ويضعها في المتحف، وهو أول محقق للتراث، من أبناء الجامعة، في كتاب الأمثال لأبي فيد السدوسي، وأول من ترجم ترجمة علمية موثقة لأحد المستشرقين في كتابه دراسات في لهجات شرق الجزيرة العربية، وأول من كتب دليلاً ببلوغرافيا دقيقاً وشاملاً لآثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأول من كتب عن حركة إحياء التراث في المملكة العربية السعودية، وهو إلى جانب ذلك كله أول رئيس لقسم اللغة العربية من السعوديين في جامعة الملك سعود ولفترة خمس سنوات، وأول عميد لشؤون المكتبات لمدة ست سنوات، ومن يكتب عن تاريخ مكتبة جامعة الملك سعود لا بد له أن يتوقف كثيراً عند تلك الحقبة الذهبية الرائعة، التي تولى فيها د. الضبيب مهمة التأسيس والتجهيز والبناء، وقد كانت المكتبة قبله لا تعدو أن تكون مستودعاً متواضعاً للكتب والدوريات، أما معارض الكتب فقد أولاها د. الضبيب عنايته الفائقة، وقد كانت معارض عالمية حقيقية تجمع كل الألوان والاتجاهات.. فإذا ما عددنا إلى أعماله خارج الجامعة قلنا إنه أول أمين لجائزة الملك فيصل العالمية هذا إلى جانب عضويته لكثير من اللجان والمجالس العلمية في داخل المملكة وخارجها، وللدكتور الضبيب إضافة إلى ما قدمنا حضور ثقافي متميز في صحافتنا، والقراء يذكرون له صولاته وجولاته في جريدة الرياض وفي ملحق الرياض الأسبوعي المحتجب على نحو خاص، وله الكثير من الآراء السديدة الجديدة التي قد تحسب من أولياته أيضاً ولا سيما في مقالاته المثيرة التي يخالف بها العرف السائد مثل مقالته عن دكتوراه الصيف، ومقالته عن قصيدة حافظ ابراهيم في اللغة العربية ومقالته عن مسمى الشعر النبطي، وسلسلة مقالاته العلمية عن تبسيط النحو وطرق تعليم اللغة العربية، وله أيضاً بعض المحاضرات والبحوث العلمية الطريفة ضمن كتابه القيم "على مرافئ التراث"، أما جانبه الضاحك فيتمثل في كتيبه الشيق الأعمش الضرير، والضبيب إلى جانب كل هذه الأعمال النثرية والأكاديمية غالباً شاعر رقيق لا يعرف الناس كثيراً عن شاعريته المخبأة خلف شاربه الكث المخيف، أو الذي كان كذلك فيما مضى من الزمن، وأذكر قصيدته الجميلة "نسرين" التي نشرها بجريدة الرياض منذ سنوات طويلة وقد أحدثت صدىً طيباً في أوساط الباحثين والنقاد لما حملته من مشاعر إنسانية رفيعة وخيال بديع، وهو حاضر البديهة سريع النظم في الأخوانيات والمداعبات، وأذكر أنني كنت وإياه في أسفارنا الكثيرة نتسلى بملء الصفحات من هذا الشعر العذب الخفيف الذي كانت تمليه بعض المفارقات الطريفة والمناظر الخلابة الساحرة، وهكذا نرى أن أبا عمرو هو صاحب أوليات ومبتكرات ومصادمات وقد لا يكون الوحيد في هذه الصفات ولكنه من القلائل الذين استطاعوا أن يوفقوا بين مشاغل العلم ومشاغل الإدارة ولو خلص لنا عالماً لأصبنا منه الخير الكثير، لقد كان في صراع دائم بين حبه للعلم وإحساسه بالواجب الذي يفرضه العمل الموكل إليه، وأعتقد أن إدارة الضبيب قد ربحت كثيراً من صرامته العلمية الجامحة دوماً إلى الانضباط والموضوعية والتنظيم والنزاهة والمنهجية والحذر، وإن لم يجن هو منها ما يجنيه الإداري المحترف ولكنه والحمد لله قد عاد إلينا أخيراً كما كان سليماً معافى وأباً خيراً إلى صومعته الفكرية بعد سفر طويل طويل، حجبه عن قرائه ومحبيه، وأسقط من كبحه أوراق الورد وكبرياء القلم، فهنيئاً له بما حقق للوطن وهنيئاً لنا بعودته وإننا لننتظر منه الكثير الكثير على الرغم مما يحكى عن آفة النسيان وشراسة الزمن.. وشكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1349  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 36 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج