شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإسلام في غزوة جديدة للفكر الإنساني
الأستاذ أنور الجندي
هذا الكتاب في تصديه للغزو الفكري الأوروبي للإسلام وللعالم الإسلامي وفي كشفه عن حقائق كثيرة منها ما هو ظاهر ومنها ما هو خفي عن هذا الغزو الرهيب.. هذا الكتاب ليس هو أول كتاب يؤلفه الكاتب البحاثة المعروف الأستاذ أنور الجندي، حول هذا الموضوع المتعدد الجوانب والذي ما يزال في حاجة ملحة إلى مزيد من البحوث.. إن للأستاذ الجندي العديد من الكتب في هذا الموضوع بعضها ظهر مطبوعاً.. وبعضها الآخر في طريقه إلى المطابع، والواقع أن هذا الباحث يعتبر في الطليعة بين المؤلفين الإسلاميين ممن تفرغوا ونذروا أنفسهم وأقلامهم لمعركة مقاومة الغزوة الاستعمارية الشرسة.. وخاصة من جانبها العقائدي والفكري..
وسيجد القارئ فيما أوجزناه عن كتابه هذا (الإسلام -في غزوة جديدة للفكر الإنساني) لمحات من سجل هذا الغزو.. أعتقد أنها لم تكن في حاجة إلى تعليق..
يقول المؤلف في المقدمة: (لا تزال حقيقة الإسلام تتكشف وتزداد قوة ووضوحاً بعد أن مرت برحلة مظلمة من الغبن والعقوق.. واجهها به أولئك الذين كان الإسلام بفكره وحضارته وثقافته أساس نهضتهم وحضارتهم الحديثة).
ولقد واجه الإسلام منذ القرن الخامس عشر حملة منظمة كانت تستهدف أمرين:
1- القضاء عليه في نظر الغربيين والإنسانية جميعاً، وتشويه معالمه الحقيقية حتى يسقط نهائياً..
2- إثارة الشبهات والشكوك فيه بالنسبة لأهله حتى ينتهي فيما بينهم كمقوم أساسي للحياة والفكر والحضارة..
وقد نجحت هذه الحملات إلى حد كبير في تحقيق الهدفين.
غير أن الإسلام بقوته الذاتية استطاع أن ينفذ إلى الفكر الإنساني من خلال الكتابات التي حملت عليه وشوهته، فأمكن أن يلقي ضوءاً على النفس الإنسانية خارج العالم الإسلامي. وما لبث هذا الضوء أن اتسع حتى أصبح تياراً قوياً، جمع إليه عشرات من أقلام الكتّاب والفلاسفة والمؤرخين والباحثين.. هؤلاء الذين لا يشك أحد مطلقاً في أن الإسلام استعملهم أو حملهم على الإيمان به وتقديره عن طريق وجدانهم وفكرهم الذي استطاع أن يصل إلى الحقيقة ويقتنع بها.
ويمثل هذا التيار في الفكر الإنساني غزوة جديدة للإسلام لا شك في قوتها وأصالتها والنتائج البعيدة المدى المترتبة عليها.
وجملة القول في آراء هؤلاء الكتّاب أن الإسلام دين عالمي إنساني لا شك فيه وأن الإنسانية في أشد الحاجة إليه الآن لحل مشاكلها.
ولا يخلي بروز هذا التيار من المفكرين العالميين مسؤولية الفكر الغربي، في حملته الظالمة على الإسلام، هذه الحملة التي لا تزال مستمرة منذ بدأت في القرن الخامس عشر، والتي تدفعها عوامل النفوذ الأجنبي والتغريب والتسلط على العالم الإسلامي وسحق مقوماته الأساسية وتحويله عن قيمه وشخصيته ومفاهيمه وفرض قيم عليه ليست من طبيعته ولا من بيئته، وعندي أن هذا العمل ينفع في خدمة الإسلام العالمي كما ينفع في خدمة المسلمين أنفسهم، ذلك لأنه إذا كان العالم الإسلامي ما يزال خاضعاً للرأي الأجنبي مقدراً له حتى ولو كان من أعدائه، فما أحراه أن يقدر هذا الرأي الأجنبي المنصف الذي يدعوه إلى أن يتمسك بالإسلام.. والذي يدعو الإنسانية كلها أن تتخذه سبيلاً لحل أزماتها الكبرى.
التحديات في وجه الإسلام
في فصل تحت هذا العنوان يقول:
واجه الإسلام التحديات الخارجية منذ اليوم الأول لوجوده.. واجهها في بيئة مكة.. ثم في بيئة المدينة.. ممثلاً في مقاومة الوثنية واليهودية له.. ثم اتسع نطاق هذا التحدي بعد أن فتح الإسلام بلاد الشام ومصر وشمال أفريقية حيث واجه تحدي الدولة الرومانية المسيحية.
ثم امتدت هذه التحديات في صورة الدعوات الهدّامة المتعددة التي واجهت الإسلام خلال الدولة الأموية والعباسية وما بعدهما.. دعوة عبد الله بن سبأ.. ومحاولات البرامكة.. والفرس.. والراوندية.. والمقنعة.. والخرمية.. والبابكية.. والأقشين.. وابن ديصان.. والمزدكية.. والمانوية.. والقرامطة.. وحسن الصباح.. ثم التتار.
وكلها دعوات مؤيدة بقوة الفكر والسلاح.. انبعثت من قلب العالم الإسلامي نفسه.. ولا يبعد أن تكون مؤيدة بقوى خارجية.
غير أن التحديات التي واجهت الإسلام من خارج نطاقه، ومن خلف حدود العالم الإسلامي قد بدأت بالحروب الصليبية حينما أحست أوروبا خطر الإسلام الذي نما واتسع سلطانه.. ومن ثم جاءت هذه الحركة نتيجة أساسية لهذا المعنى، وإن اتخذت من ظهور السلاجقة بمظهر القوة واتساع السلطان السياسي واستيلائهم على بيت المقدس واكتسابهم أملاك الإمبراطورية الآسيوية حتى بحر مرمرة -سبيلاً مباشراً لإعلان الحرب.
بطرس الناسك والحروب الصليبية
وكان -بطرس الناسك- هو أول من دعا إلى هذه الحروب مطالباً بحماية البقاع المقدسة.. فاستطاع أن يسوق جموعاً ضخمة في صورة حملات.. كانت صورة واضحة من الفوضى والاضطراب، ولم تكن في حقيقتها جهاداً دينياً منظماً.. وإن أسبغت البابوية نفوذها على هذه الحملات.
إلى أن يقول: (وإذا كانت الحملات الصليبية التي بدأت 491هـ-1098م قد توقفت 644-1251 عسكرياً فإنها في الواقع لم تنته أو أنها بعد أن استمرت مائة وثلاثة وخمسين عاماً لم تقف بل تجددت في الأندلس حتى جاء اللورد اللنبي بعد ذلك بستمائة وسبعة وستين عاماً.. ووقف في بيت المقدس عام 1918م ليقول كلمته التي لا تنسى):
اليوم انتهت الحروب الصليبية!
ومعنى هذا أن الغرب حين توقف عن الحروب الصليبية في ميدانها العسكري لم يكن قد توقف فعلاً.. وإنما كان قد بدأ مرحلة أخرى من الحرب في مجالات الفكر والسياسة وغيرهما استطاع بها أن يحقق عام 1918م ما ظنه النصر الذي تخلف عنه عام 1251م.
ثم جاء دور التبشير والاستشراق
وخلال هذه الفترة الطويلة الممتدة، مضى إلى غايته العمل الكبير الذي أعده الغرب لمواجهة الإسلام ومحاولة القضاء عليه.
وخلال ذلك برزت هذه التحديات الضخمة في صورة التبشير والاستشراق.. والتأليف والصحافة.. والمؤسسات المختلفة.. والإرساليات العديدة التي اندفعت إلى هذه المنطقة في ظل النفوذ الأجنبي المسيطر على الدولة العثمانية.. وتأييد القناصل لتبدأ عملية الغزو وتحت سمع الحكومات المختلفة الكبرى التي واجهها الإسلام بقوة.. وأدال منها.
وفي الأندلس أشعلها الغرب حرباً صليبية أخرى..
وخلال هذه المرحلة أيضاً لم يتوقف الغزو العسكري.. فإذا كانت الحروب الصليبية قد انتهت سنة 1251م فإن حرباً أخرى شنها الغرب على الإسلام في الأندلس.. واستمرت أكثر من أربعة قرون.. ذلك أن الغرب المسيحي بعد هزيمة الحروب الصليبية في الشرق كان قد صمم على إجلاء المسلمين والعرب نهائياً عن أوروبا.
ثم الحرب المقدسة مع الخلافة العثمانية..
وبينما كانت هذه المعارك التي تعد بحق المرحلة الثانية للحروب الصليبية -مستمرة.. كانت قد بدأت المرحلة الثالثة، وهي إخراج المسلمين من أوروبا الشرقية.. هذه الدعوة التي علت صيحتها في أواخر القرن السادس عشر، حتى دعا البابا -بيوس- الخامس إلى حلف يضم ملك إسبانيا، وجمهورية البندقية.. ثم أعلنت الحرب المقدسة لاسترداد جميع الأقطار المسيحية.. والأجزاء الأوروبية من دولة الخلافة العثمانية.
وبذلك أخرج المسلمون من أوروبا نهائياً.
ثم ماذا؟..
من خلال هذه المعارك الثلاث تبدأ خيوط التحديات الفكرية التي حمل لواءها الغزو الفكري الغربي لمواجهة الإسلام.
لقد استطاع الغربيون عن طريق الحملات الصليبية ومعارك الأندلس وتركيا.. ومن خلال هذه المنافذ، إحراز قدر كبير من آثار الفكر الإسلامي.. حيث بدأت على الأثر حركة ترجمة ضخمة من العربية إلى اللغات الأوروبية لكل ما ابتدعه المسلمون في ميادين العلم والأدب والتشريع ومن هذه الحصيلة الضخمة بدأ عهد -الرينساس- أي عهد النهضة لا شك ولا ريب بشهادة المؤرخين المنصفين.
إلى أن يقول: والكلام عن أثر الفكر الإسلامي في الثقافة الأوروبية طويل ومتشعب.. وهو لا يقف عند ميدان معين من ميادينه ففي مجال الفلسفة والدين والفقه، وفي مجال الأدب.. وفي مجال الموسيقى.. وفي مجال الطب والحساب والكيمياء والفلك وعلوم البحار.. له آثار واضحة شهد بها كل المنصفين من الباحثين.
بدأت معركة التحدي منذ اليوم الأول الذي استطاع فيه الغرب أن يسيطر على عصارة الفكر الإسلامي.. ويجعلها ركيزته الأولى لبناء النهضة.. وقد شملت هذه المعركة العالم الإسلامي كله.. كمنطقة خصبة واسعة تمر بفترة من فترات الضعف والركود.. ويجد فيها الغرب خاماته وأسواقه.. ويتطلع كجزء من مخططه في الاستعمار والغزو ولكل ما سوى أوروبا.
وقد حملت النهضة الغربية في تضاعيفها عوامل التحدي للإسلام كرد فعل لقوته الذاتية التي استطاعت أن تديل من الغرب في أكثر من معركة وأن تهزمه في عديد من المواقع..
* * *
وإذا كانت معركة الغزو الغربي للعالم الإسلامي قد حملت عديداً من الخطط الفكرية التي أريد بها تمزيق وحدته.. أو إخضاعه للسيطرة الاستعمارية تمثلت في دعوات التجزئة.. والتغريب.. والقوميات الضيقة: الفرعونية.. والفينيقية.. والبربرية.. فإن الخطة الكبرى فيما يبدو كانت في مواجهة الإسلام بالذات.. كعامل ضخم يحول بين الاستعمار والنفوذ الأجنبي.. وبين تحقيق أهدافه في السيطرة الكاملة على معتنقيه.
ذلك أن الإسلام في صميم تعاليمه يحمل قوة للمقاومة والدفاع عن النفس لا حد لها.. وقد كان تاريخه كله معركة متصلة لدفع الغاصبين والمعتدين.. فضلاً عن أن الإسلام لم يكن في حجم تعاليمه ديناً فحسب.. ولكنه كان ديناً ومجتمعاً وحضارة متصلة بشؤون الحياة والحكم والفكر.. وهو بطبيعته قادر على مواجهة تطور الأزمان.. واختلاف البيئات والأقطار.. وله من القدرة الذاتية ما يمكنه، ولا يجمد ولا يتعارض مع طبائع الأمم في حركتها الدافعة الممتدة عبر العصور، بل إنه في صميم تعاليمه: قد حمى الحضارة وتألفها.. واستمد من حضارات الفرس والرومان واليونان والهنود كل ما فيها من عناصر القوة وأضافها إلى نفسه.. ووسع بها كيانه.. وظل مع ذلك محتفظاً بملامحه الأصيلة.. وشخصيته الواضحة.
كل هذا كان من شأنه أن يدفع النفوذ الغربي إلى مقاومة الإسلام الذي يقف حجر عثرة ضد توسعه وتسلطه.. واستمرار هذا التوسع والتسلط إلى الأمد الطويل الذي قدره الاستعمار للسيطرة على العالم الإسلامي.. وخاماته وقواعده.. وأرضه وموانئه.
* * *
فإذا أضيف إلى عامل الإسلام -كقوة مقاومة- عامل التعصب الذي يحمله الغرب منذ هزيمته في الحروب الصليبية وما تبع ذلك من توسع جديد للقوى الإسلامية امتد على طول جبهة واسعة في آسيا الصغرى... ومنها امتد حتى بلغ نهر اللوار... كان موقف النفوذ الغربي عنيفاً في حملته على الإسلام فلقد نشأ جيل الغرب يحمل عناصر الحقد على الإسلام والعالم الإسلامي.. وارتبط هذا الجيل بدراسات في المدارس والمعاهد.. ودراسات تخصص تحمل -التعصب- صورة الفكر وترى في الإسلام رأياً مظلماً بعيداً عن الحق..
وتؤمن بأن كل ما سوى أوروبا عبيد وبرابرة.. وأن الجنس الأبيض هو الذي يحمل لواء الحضارة.. وله وحده السيطرة والحكم.. وأن كل الشعوب غير البيضاء لا حق لها في الحياة.
وكان للكنيسة دورها الضخم في تقوية هذه الحملة الضارية على الإسلام مما كان له أبعد الأثر في انعدام النظرة الصحيحة للإسلام وأهله.. فقد بدأت قوى التبشير المؤيدة بالعلم والمال تعمل، وتتخذ مراكزها في قلب العالم الإسلامي كمقدمة للغزو العسكري والسياسي. وهي تحمل معها فكراً مضطرباً بالغ التعصب في إنكار فضل المسلمين على الحضارة، وإلغاء دورهم من المدنية.. وتغليف حقائق التاريخ بطابع الحقد.. فالقرآن الذي ترجمه القساوسة قصد به التحريف وأريد به أن يكون سلاحاً لحرب الإسلام.. وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم زيفت.. واتخذت الروايات الضعيفة أساساً لتصوير حياة محمد صلى الله عليه وسلم في صورة بعيدة كل البعد عن الحقيقة، واتهمت أصول الإسلام وقيمه بالضعف والاضطراب.. وأضيفت الشكوك والاتهامات إلى كل تاريخه الناصع، وهوجمت شريعته.. ووصفت بالاضطراب والتخبط.
وقام على هذا العمل علماء لهم أسماء لامعة، استخدموا لهذه الحملة الضخمة على رأسهم: فولتير -ورينان -ولامنس! وزويمر..
وقد حملت بعثات التبشير التي انبثت منذ عام 1830م في أنحاء العالم الإسلامي هذه الأفكار لإذاعتها في المسلمين أنفسهم... لتشكيكهم في دينهم.. ونبيهم.. وتاريخهم ولغتهم.
* * *
وقد بدأ التبشير عمله سنة 1830 وهو نفس التاريخ الذي بدأ فيه احتلال فرنسا للجزائر بعد أن أقره البابوات ورسموا خططه.. ووضعت الدول الاعتمادات الضخمة له في ميزانياتها.. وقد اتجه التبشير إلى لبنان ومصر.. واتخذ منهما مركزين للوثوب على العالم الإسلامي، ولم يلبث أن وسع نطاقه عن طريق المرسلين الأمريكيين واليسوعيين 1827م بيروت. 1885م أسيوط.
* * *
ثم يقول: وكان الهدف من هذا العمل: القضاء على المقومات الأساسية التي تدفع إلى مقاومة الاستعمار.. والوقوف في وجهه بأسلحة الإسلام. ومن ثم تنشأ طبقة من المؤمنين بالفكر الغربي.. المعجبين بالحضارة الغربية، وما يحمله من عقائد ومذاهب.. ومن ثم يستطيع هذا الرعيل أن يحكم ويسيطر على مراكز القيادة.. وبذلك تزول نهائياً معركة المقاومة.
ويستسلم العالم الإسلامي للغرب على أساس من الإعجاب والتجاذب والالتقاء مع القيم الجديدة.
ذلك أن هذا الخضوع كان هو أساس بقاء الاستعمار والنفوذ الغربي في العالم الإسلامي. بعد أن تنتهي المعركة العسكرية أو السياسية.. وبعد أن تنسحب أيضاً القوى المحتلة حينئذ يجد النفوذ الأجنبي من الأجيال التي رباها، وكونها في معاهده ومدارسه وجامعاته خير من يحمل لواء الولاء له.. والإيمان به.. وبذلك تنتهي حقيقة قيم الإسلام القائمة على حرية الفكر، والتحرر من سلطان العقائد والمذاهب الأخرى. وبقاء عنصر المقاومة للمستغل والمستبد أساساً حقيقياً للفكر الإسلامي.
ومن هنا كان نفوذ التبشير أخطر أثراً في حملة التحدي في ظل ذلك المخطط الذي رسمته الإرساليات التبشيرية وعملت على تنفيذه فعلاً وهو:
- تشويه الإسلام والثقافة الإسلامية، والتشكيك في الأديان بصورة عامة:
- إفساد الخصائص القومية في العالم الإسلامي والعربي.
- خلق تخاذل روحي وشعور بالنقص مما يؤدي إلى الخضوع للمدنية الغربية.
- توسيع شقة الخلاف بين الأديان والمذاهب، والطوائف، وإثارة النزاع وتأجيج نيران الخلاف كلما هدأت.
- إخضاع العالم الإسلامي للاستعمار الغربي.
- إخضاع الثقافة والفكر الإسلامي للفكر الغربي.
- إعداد شخصيات قيادية لا تقاوم النفوذ الأجنبي بل تؤيده..
- القضاء على اللغة العربية بتغليب العامية.. والكتابة بالحروف العامية وقد استطاع التبشير بقوة الكلمة.. وبنفوذ الحكومات أن يحقق الكثير مما أراد..
الهجوم على الإسلام:
أعلن الفكر الغربي هجومه على الإسلام منذ اليوم الأول الذي استطاع فيه أن يسيطر على مقاليد هذا الفكر ويترجمه ويجعل منه القاعدة الأساسية للفكر الغربي الحديث.. ولمعالم الحضارة الجديدة التي بنت قوائمها على الأسس العلمية الإسلامية في عالم الفلك والطب والكيمياء والجبر والحساب والفلسفة.
إلى أن يقول: ثم لم تلبث الأيام أن كشفت عن أسماء لامعة لها وزنها في مجال الفكر الغربي وقد أخذت تتصدى للإسلام نفسه مهاجمة إياه محاولة إلقاء الشبهات على أصوله وأسسه.. في أسلوب مليء بالهجوم العنيف والاتهام الصارخ على نحو بعيد كل البعد عن منهج العلم.. أو أسلوب العلماء.. ولم تكن هذه الحملة بهذه الصورة القاسية إلاّ خدمة للإسلام نفسه فإن كثيرين ممن جذبهم الإسلام إليه.. وصحت مفاهيمهم فيه.. إنما تأثروا بهذه الحملات وأنكروها.. واضطروا إلى أن يعودوا إلى كتب أخرى ربما تكون أكثر إنصافاً، أو بعداً عن التعصب والمغالاة، فلم تلبث هذه الدراسة أن كشفت لهم عن جوهر الإسلام وضيائه، وفي عصرنا الحديث ظهرت كتابات متعددة تحمل طابع الخصومة العنيفة، فكتاب فولتير عام 1742م بمسرحيته عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودراسات الأب لامنس اليسوعي..
ومقالات هانوتو التي أثارت المعركة مع الشيخ محمد عبده.. وحملات لويس برتران في كتابه -إمام الإسلام- وكتاب -مصر للمصريين- لدوق داركور الذي رد عليه قاسم أمين بالفرنسية بكتابه -المصريون- وحملة الكردينال -لافجري- على -الرق في الإسلام- وقد رد عليه أحمد شفيق باشا، وحملات -كرومر في كتابه -مصر الحديثة- و -مرجليوث- في مقاله المشهور -مستقبل الإسلام- وسكوت ورينان وزويمر في كتابه -الإسلام ماضيه وحاضره ومستقبله- و -روم لاندو- و -ماسينيون- ودكتور واطسون مدير الجامعة الأمريكية 1933.
هذه الحملات كانت تمثل في مجموعها صورة من معركة التحدي العنيف للإسلام.. وفق خطة مرسومة.. على النحو الذي من شأنه أن يزلزل الرأي العالمي في حقيقة الفكر الإسلامي ومفاهيمه.. وأن يثير الشكوك والشبهات في أهل الدين نفسه.. في ظل نظم التعليم والثقافة التي بدأ الاستعمار يبثها في أقطار العالم الإسلامي.. فقد نشرت هذه الأبحاث في كل مكان، وقصد أن تصل إلى كل مكان ينتشر فيه الإسلام، أو توجد جماعات المثقفين، كالجامعات، والمجامع العلمية، ودوائر المعارف حتى توسم هذه الآراء بالسمة العلمية.
وتحمل معنى قداسة الكلمة المكتوبة.. في مجلدات ضخام.. ومن هنا ظهرت -دائرة المعارف الإسلامية- بإشراف المستشرق -فنسنك- مشحونة بالأخطاء.. والأغلاط.. والاتهامات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :634  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 16 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج