شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفل التكريم
(( كلمة الإفتتاح ))
افتتح الشيخ عبد المقصود خوجه الأمسية بالكلمة التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام الطاهرين.
أحبتي الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أرحِّب بكم أجمل ترحيب في هذه الأمسية.. وأحيي باسمِكم جميعاً معالي ضيفنا الكبير المربي الفاضل الأستاذ الدكتور أحمد بن محمد الضبيب مدير جامعة الملك سعود سابقاً.. ذلك العَلَمُ الثَّبتُ الذي عرفتموه إدارياً محنكاً، ومربياً فاضلاً، على قمة إحدى منارات العِلم في بلادنا.. فمرحباً به وبزملائه الأفاضل: سعادة الأساتذة الدكاترة منصور الحازمي عضو مجلس الشورى، ومحمد الهدلق عميد كلية الدراسات العليا، ومحمد سعيد الشَّعفي عميد كلية الآداب، وحمزة المزيني رئيس قسم اللغة العربية، وجميعهم من جامعة الملك سعود، الذين كرمونا بمشاركتهم التي نُثَمّنها عالياً، ونقدرها أيما تقدير.
في مثل هذه اللحظات التي تختلط فيها المشاعر، يصعب على المرء أن يعبر عن مكنون نفسه تجاه عالم فاضل، رسَمَ لحياته منذ البداية طريقاً محفوفاً بالصّعاب، ذلك أن طريق العِلم ليس بالهيِّن اللّين الذي يمكن أن يسير فيه كلُّ إنسان، دُونَ أن يُلجِمَ هَوَى نفسه، ويرقَى بها إلى مجد دونه خَرْطُ القتادِ.. إنه طريق شائك، وبحر مائج، وإلا لما كان جزاؤه طريقاً إلى الجنة.. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من سلك طريقاً للعِلم مهدَّ الله له به طريقاً إلى الجنة) وأنتم خيرُ من يعلم أن طريق الجنة محفوف بالمكاره، والصبر على مغريات الحياة المختلفة.
في دَرْب العلم سار ضيفنا الكبير، منذ نعومة أظافره وحتى يومنا هذا، دخل معتركاً صعباً، وجهاداً مريراً، كلَّله بالنجاح والتوفيق، لم تلن قناته، وما تقوقع بين جُدران جامعته، بل آثر المشاركة المفتوحة بقلبٍ جريءٍ وفكر ثاقب، فَصَال وجَال في ميادين العطاء الأدبي والفِكري، مُؤلفاً.. ومُحاضراً.. ومُشاركاً بآرائه في كثير من الفعاليات التي استمعتم إلى سردها من الأستاذ عريف الحفل.
وكما تعلمون أيها الأحبة، إن إدارة جامعة ليست مثل إدارة أيِّ مؤسسة أخرى، ذلك لأن التعامل مع البشر، وذؤابة المثقفين على وَجهِ التحديد، تحتاج إلى بُعدِ نظر، ومعرفة بِقَدْر الرجال وقيمتهم وقامتهم.. وقد أدرك معالي ضيفنا الكبير هذه الحقيقة، فكانت إدارتُه لجامعة الملك سعود تُمثّل فترة أحسبها من أخْصَبِ الفترات التي مَرَّت بها.. نسأل الله أن يُجزل له المثوبة كما أجزل العطاء علماً وعملاً دؤوباً مشرفاً.
وإن كانت ملاحظة لا يخلو منها مُعظم الأكاديميين - وأعني بها عدمُ المشاركة الفاعلة في مجريات الحركة الاجتماعية بكلِّ أبعَادِها - نجد أن فارس أمسيتنا قد كَسَرَ هذا التقليد الذي أوشك أن يُصبح قاعدة، وشارك بقوة في كثير من المؤتمرات واللّجان التي ساهمت بدرجة ملحوظة في المسار العلمي وتركت بصماتها في النسيج الثقافي على مستوى الوطن، بالإضافة إلى المساهمات التي تُذكر فتُشكر سواء في الدول العربية أو الغربية.. بالإضافة إلى مؤلفاته التي طبع منها سبعة أعمال، وهنالك ثلاثةُ كتبٍ تحت الطبعِ نأملُ أن تَجِدَ طريقها إلى النور قريباً بإذن الله.
وبالرغم من هذا المد الطيب، إلا إنني أشعر في قرارة نفسي أن الحائط الذي يفصل الجامعة عن المجتمع ما زال قائماً بحصونه وأبراجه، ولعل الأكاديميين لهم عذر ونحن نلوم، فاندِياحُ الجامعة في المجتمع لن يتمَّ ما لم يُترجم ذلك عملياً من خلال الحضور المكثف، واليومي، لحملة مشاعل العلم في هذا المجتمع، بحيث نجدهم في كل نادِ ثقافي أدبي، وفي كل محاضرة عامة، وعن طريق المشاركة الفاعلة لحلِّ قضايا الأمة بموجب تكريس ما لديهم من علم، وإخضاع تلك المشاكل للتشريح والبحث والتحليل، بما يُواكب مُعطيات العصر، حتى تجد كلُّ مشكلة ما يُلائمها من حلول عِلمية، وبدائل مَنْطقية، وأعتقد أن إنشاء مؤسسات استشارية سواء في المجالات الهندسية أو الاقتصادية أو الدراسات الاجتماعية وغيرها من التخصصات الدقيقة في رحاب الجامعات، سوف يُساعد كثيراً في تأْطير الدراسات ويرفع من قيمتها ويُوَسِّع دائرة العطاء، وهذا لا يعني انتقاص قدر ما هو قائمٌ الآن، أو البحث عن منافسة تضر بأي طرف، ولكن الهدف سام والقصد نبيل ولله الحمد، وما أقوله لا يعدو طرَح قضية للبحثِ والنقاش خاصة ونحن في جمع طيب من المفكرين والعلماء والصحفيين بحيث تجد الفكرة طريقها للدَّرس والنقاش والتمحيص، وليس بالضرورة أن تكون الفكرة صائبة تماماً ولكنها تفتح الطريق للحوار الذي قد يُشَكِّل منها في النهاية نموذجاً للطرح الناجح لخدمة الوطن والمواطنين وهو ما نَصْبو إليه جميعاً.
إن الجامعة إذا لم تقف في وجه الحِصار الذي يَلفُّها بشكل أو بآخر، ستبقى في النهاية عبارة عن مدرسة كبيرة.. وهذا في تَصوُّري ليس الغرض من إنشاء الجامعات.. ذلك أن المدرسة مهما كبرت تبقى مدرسة.. أما الجامعة فهي بَوتقة لصهر جيل من الناشئة مع نخبة من العلماء، وفي ذات الوقت تمثل العقل المتفرغ لحد كبير لدراسة المجتمع، والعمل على حل مشاكله، بل ودَرءِ حدوث مثل تلك المشاكل في المستقبل.. وبالتأكيد لن يتأتى ذلك ما لم يشارك هؤلاء العلماء الأفاضل في الندوات والمحاضرات العامة والخاصة، ويضعوا أيديهم في أيدي مواطنيهم مشاركة في مجالس إدارات الشركات، ومراكز البحث العلمي، والتواصل مع مراكز المعلومات المختلفة، وربما اشتراك أكثر من جامعة لإنجاز عمل معين يعود بالفائدة على الجميع.. خاصة في الوقت الذي أصبح بالإمكان الإطلالة على العالم كلَّه عَبْر شبكةِ (الإنترنت)، والاغتراف من مختلف المعارف الإنسانية، والعلوم التطبيقية بمجرد لَمْسةٍ على أزرار الكمبيوتر الذي أصبح معجزة هذا الزمان.
إن تفجير هذه القضية في هذا الوقت بالذات أصبح من الضرورة بمكان، بل أصبح واجباً ملحاً ملزماً لكل صاحب فكر، وحامل قلم، حتى نرى علماءنا يقفون بشموخ وتجرد لخدمة وطنهم ومواطنيهم، من مواقع تخصصاتهم المختلفة، فلا يوجد تخصص بغير أرضية يستطيع من خلالها تقديم مشاركته الفاعلة للمساهمة في قضايا الأمة.
إن مسألة دور الجامعة في المجتمع لا يمكن تجاوزه والمرور عليه مرور الكرام، فهي - تحتاج إلى إضاءات لإبراز أهميتها، إذ ليس من المعقول أن نثق في هؤلاء الأساتذة العلماء الأفاضل، ونضع فلذات أكبادنا بين أيديهم، يخاطبونهم في قاعات المحاضرات وغيرها، وفي ذات الوقت نجد دورهم محدوداً بالنسبة للمشاركة في الأنشطة الثقافية والفكرية والعلمية التي تحتاجهم على نطاق واسع.. ولا بد من تضافر المجهود للوصول إلى آلية يحكمُها المنطق بشأن مشاركة أساتذة الجامعات في أمور مجتمعهم المختلفة.. وهذا لا ينُبع إلا من إحْسَاسِهم بدورهم هذا ودَفْعُه في مختلف أوجهِ قنواته للوصول به إلى الطريق الذي نتمناه لهم ولنا.
أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم أيها الأحبة بهذا الاستطراد الذي استدعته أهمية الموضوع.. آملاً أن تؤدي آراؤكم وحواراتكم القيمة لإثراء هذا الجانب وبلورة فكرة قد تقود بمشيئة الله إلى انفتاح أكاديمي أَرْحَبُ نحو المجتمع.
مرة أخرى نرحب بضيوفنا الكرام.. وأحب أن أذكركم بأن ضيفنا القادم سعادة الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، الأديب الكبير المعروف، رئيس رابطة الأدب الحديث في مصر، والتي تعتبر أقدم جمعية ثقافية في أرض الكنانة، وسيكون في معيته بمشيئة الله، سعادة الأستاذ الدكتور عبد العزيز شرف، أستاذ الإعلام ورئيس القسم الأدبي بجريدة الأهرام.. فمرحباً بكم وبهم في لقاء يتجدد وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1210  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 34 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج