شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دعوة إلى الإسلام
الدكتور محمد فاضل الجمالي
(2)
مرة أخرى، مع الدكتور الجمالي في كتابه هذا: "دعوة إلى الإسلام"!
إنه يتابع حديثه في رسالة أخرى من رسائله إلى ابنه بالجامعة الأمريكية عن النظام الاجتماعي في الإسلام!
وهو يبدأ رسالته هذه معلقاً على رسالة يشير فيها الابن إلى الامتحان فيقول الأب: أنا أشترك معك في عدم الاكتراث بالامتحان ليلة الامتحان، فإن كنت قد سعيت خلال السنة، فلا خوف عليك، وإن كنت مهملاً خلال السنة فما تأثير الاهتمام ليلة الامتحان؟ برودة الدم أفضل علاج للامتحان! هذا على شرط تنظيم الحياة اليومية، وإعطاء الدرس ما يتطلبه من الوقت يومياً.. ها أنا أستمر على بحث الإسلام كنظام اجتماعي.
قيمة الفرد في الإسلام!
إن المقياس الذي يقاس به أي نظام اجتماعي من حيث رقيه أو انحطاطه، هو نظرته إلى الفرد، فهل للإنسان قيمة في النظام الاجتماعي؟ وهل الفرد محترم؟ أم أنه آلة صماء مسخر، لا حرية له ولا إرادة.. إن الدين الإسلامي يكرم الفرد، ويعتبره خليفة في الأرض، فيما إذا عرف الإنسان واجبه، فقام بأدائه على الوجه المطلوب.. إن الله سبحانه وتعالى حين خلق آدم قال: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً.. (البقرة: 30) ثم اقرأ معي الآية وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (سورة الإسراء: 70) ثم اقرأ: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ.. (الأنعام: 165).
والمسؤولية في الإسلام فردية وجماعية، فكل منا مسؤول عن نفسه، وعن أعماله، كما أنه مسؤول عن صلاح مجتمعه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا، ٱقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا، مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً، وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (الإسراء: 13-16).
ويواصل المؤلف في هذه الرسالة حديثه عن عناية الإسلام بالعائلة واعترافه بكيان المرأة وتقديسه لروابط الزوجية وروابط الأبوة والبنوة، ويختم رسالته بآيات بينات من القرآن الكريم، ثم يتابع حديثه في رسالة أخرى في الموضوع نفسه فيقول:
النظام الاجتماعي في الإسلام يمكن رسمه في صورة ذهنية وأهم ملامحه:
(1) الطمأنينة النفسية الناتجة عن الإيمان بالله.
(2) التقوى.
(3) عمل الخير.
(4) التآخي.
(5) التعاون.
(6) العدل والإنصاف.
(7) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(8) تأدية الأمانة.
(9) السعي في الحياة.
(10) التمتع بنعم الخالق دون إسراف وإضرار بالصحة.
(11) الإحسان والإنفاق.
(12) الاستعداد للدفاع عن الكيان الإسلامي.
إن الإسلام كنظام اجتماعي يجمع بين الروح والمادة، وبين المثالية والواقعية، وأنه نظام إنساني عملي تسوده روح الأخوة والعدالة والتضحية، وعدا هذه النواحي الإيجابية فإن الدين الإسلامي يحمي المسلمين من الانهيار الفردي والاجتماعي وذلك بأن وضع قواعد وقائية فحرم الأمور الخطيرة التي تؤدي إلى الضرر المحتم بالفرد والمجتمع مثل:
(1) الشرك بالله.
(2) محاربة الدين ونشر الضلال والفساد.
(3) القتل الاعتدائي.
(4) أكل مال الغير.
(5) الانتحار.
(6) الزنا.
(7) الربا الفاحش.
(8) كتم الشهادة.
(9) أكل الميتة ولحم الخنزير.
(10) شرب الخمر والقمار.. فهذه كلها محرمة في الإسلام.
وفي رسالة أخرى يتحدث حديثاً مسهباً عن الحياة الاقتصادية في الإسلام يقول في آخرها: في المجتمع الإسلامي يجب الإنفاق ثم الإنفاق ثم الإنفاق! فالإنفاق يجب أن يكون من أول واجبات المسلم، فما عدا الخمس والزكاة -وهما من الفرائض- يؤكد القرآن الكريم على الصدقة والإحسان والإنفاق في سبيل الله، وفي المشاريع الخيرية.
- يجب إقراض المحتاجين ومساعدتهم دون ربا.. فاستغلال المحتاجين وتحميلهم فائضاً فاحشاً لقاء الدين يحرمه الإسلام!
- البخل من جهة والإسراف من الجهة الأخرى ممنوعان في الإسلام!
- في الإسلام مجال واسع للتشريعات المالية التي تماشي التطور الاقتصادي والاجتماعي وتضمن الخدمات العامة اجتماعية كانت، أم صحية، أو دفاعية!
أسلوب الحكم في الإسلام
وماذا عن أسلوب الحكم في الإسلام؟
يقول الدكتور الجمالي: إن العالم اليوم يتخبط بين نظم ديكتاتورية صارمة وبين نظم ديمقراطية، قد تسف إلى الغوغائية والفوضى الاجتماعية.. أما الإسلام فلم ينص على قالب معين للحكم، بل ترك الأمر لما يستقر عليه رأي المسلمين وحالهم، ولكنه في الوقت نفسه يشجب الديكتاتورية كما يشجب الغوغائية.
فالإسلام يضع:
(1) مبدأ الشورى في الحكم وهو لب الديمقراطية الحقيقية.. والإسلام عن طريق الشورى يستطيع نصب جهاز حكومي يتصف بالنزاهة المطلقة والتجرد، وضبط النفس مع العطف والرحمة واللين من جهة، والصرامة في إحقاق الحق من جهة أخرى.
والإسلام يتطلب من المسلم أن يساهم في تأمين النظام العام، وذلك بإطاعة أولي الأمر وهذه يجب أن تكون طاعة منبثقة عن إيمان بالحق والعدل، وليس عن خوف من سلطة، قال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ... (آل عمران: 159).
الأخلاق والحياة الروحية!
وفي رسالة من هذه الرسائل يتحدث عن علاقة الأخلاق بالدين يقول فيها: نقطة جوهرية أود أن أمسها هنا مساً خفيفاً، وهي علاقة الأخلاق بالدين، وهل من الضروري أن يتدين الإنسان ليكون من أهل الخير والصلاح والحق، فالماديون يقولون: حسن الوضع المادي للإنسان يصلح أخلاقه.. أما الإسلام فيقول: أصلح الأخلاق يصلح الوضع المادي.. مع اعترافي بالترابط بين الخلق والمادة أقول: الخلق قبل المادة، والإرادة قبل العمل، لقد ثبت فشل الفلسفة المادية المجردة عن الدين في تقويم الأخلاق في التجربة السوفييتية في الأربعين سنة الأخيرة، مما اضطر السوفييت مؤخراً إلى تشريع أحكام الإعدام على من يسرقون أموال الشعب ويتلاعبون في الإنتاج الصناعي والزراعي، فالشيوعية لم تفلح لحد الآن في دعواها بأن النظام الاقتصادي وحده كفيل بإصلاح النظام الأخلاقي، فعلاقة الأخلاق بالدين هي علاقة حيوية في رأيي.. ذلك لأن الدين يحرك عاملاً داخلياً نفسياً في عمل الخير.. أما الفلسفة المادية فتعتمد على عوامل خارجية تتطلب المراقبة المستمرة والتجسس، ولا يعني هذا أن ليس هناك أشخاص ذوو أخلاق نزيهة غير متدينين، ولكن هؤلاء هم الأقلية النادرة، وتنتهي حياتهم باليأس والقنوط عادة، إذن فالدين ضروري لسعادة الإنسان وحياته الأخلاقية!
وضع الإسلام في عالم اليوم
ويتحدث في إحدى الرسائل عن وضع الإسلام في عالم اليوم.. فيقول: إن التيقظ السياسي في العالم الإسلامي الحديث أدى إلى استقلال أكثر من عشرين دولة إسلامية.. فمعظم الأقطار الإسلامية مستقلة سياسياً اليوم. وإن كان معظمها ضعيفاً حديث عهد بالاستقلال، وفي العالم اليوم ما يقارب الخمسمائة مليون مسلم، معظمهم غير متعلمين ولا يعرفون عن دينهم الشيء الكافي، وأما المتعلمون فمعظمهم لم يدرسوا دينهم دراسة وافية حتى إن بعضهم تنكروا لدينهم.. إذن فنستطيع القول بأن أكثرية المسلمين لا يعرفون الإسلام، ولم يدرسوا القرآن دراسة تفهم وتمعن، فالإسلام يكاد يكون غريباً بين المسلمين، والقرآن الكريم قلما يتلى، وإن تلي قل أن يفهم.. وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُواْ هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (الفرقان: 30) فالمجتمع الإسلامي متخلف في تفهم العقائد الإسلامية، وفي أداء الفرائض، وفي اتباع أحكامه الشرعية. وفي التخلق بالأخلاق الإسلامية، وسبب ذلك يرجع إلى نقص في الثقافة العامة، وفي الثقافة الرسمية.. فالبيت والمدرسة ورجال الدين والزعماء والقادة كلهم مسؤولون عن تربية المسلمين تربية إسلامية صحيحة، ولكنهم في الغالب مقصرون في ذلك.
- تيقظ المسلمون فوجدوا أنفسهم أمام خصوم ألداء في الداخل والخارج، أما في الداخل فهم يجابهون الشبيبة التي تدعي بأنها مثقفة، وهي لا تحمل من الثقافة أكثر من طلاء خارجي، ولا تنسى جمود أكثرية المسلمين وجهلهم، ووقوعهم أحياناً فريسة لدعايات ضالة ومضللة، يقوم بها حملة مبادئ وافدة تنسف كياننا الإسلامي من الأساس.. أما من الخارج فالإسلام يخاصم الاستعمار الغربي والصهيونية والشيوعية.
- اعتبر الغرب الإسلام خصمه اللدود منذ أول ظهوره.. وكان يخشى استيلاء المسلمين على أوروبا كلها..
لا شك في أنك قرأت شيئاً عن الحروب الصليبية التي شنها الغرب على المسلمين، إن هذه الحروب جاءت بعد افتتاح المسلمين لأقطار مسيحية شاسعة، وهذه الحروب بين الطرفين لن تنقطع حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.. ثم إن المبشرين المسيحيين حاولوا كثيراً نشر الدعايات المغرضة ضد الدين الإسلامي، وضد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالذات.
إسرائيل أسوأ ما تركه الغرب من التراث
لا شك في أن أسوأ ما تركه الغرب من تراث حين سيطر على العالم هو إسرائيل الدولة الصهيونية المعتدية، فهذه الدولة اللقيطة هي من تراث الغرب مباشرة، ولولاه لما كانت.. ولا شك في أن وجود إسرائيل في الوقت الذي يشرد فيه أبناء فلسطين الشرعيون هو أعظم تحدٍ للمسلمين جميعاً.. فلن يستعيد المسلمون كرامتهم وشرفهم حتى يرجع الحق إلى نصابه في فلسطين!
الشيوعية دين مادي وأسلوبها عنيف!
الشيوعية هي أعظم خصم خارجي -داخلي للدين الإسلامي، فالشيوعية دين مادي لا يعترف بالخالق الأعظم للكون، ولا يعترف بالحياة الروحية، وأسلوبها عنيف وهي تسيطر على الجماهير بالإغراء وبالعنف معاً.. وهي لا تعترف بحرية الفرد وكرامته بل على الفرد أن يخضع لسلطة عليا هي سلطة الحزب، وقد تتمركز في يد فرد.. أو أفراد قلائل يقودون الحزب، كل ذلك باسم الحرية والعدل ومكافحة الاستغلال، ولكنها هي الاستغلال للفرد بأقسى معانيه!
انتشار الدين الإسلامي في عالم اليوم بالرغم من ضعف حال المسلمين وقوة خصوم الإسلام!
بالرغم من ضعف حال المسلمين وقوة خصوم الإسلام، فإن الدين الإسلامي ينتشر اليوم في العالم بالطرق السلمية بشكل يدعو إلى الدهشة والإعجاب! فقد ورد في جرائد ومجلات إنكليزية وأمريكية أن عدد المسلمين في أفريقيا قد زاد في العشر سنوات الأخيرة أكثر من عشرة ملايين، كما أنه ينتشر تدريجياً في الشرق الأقصى وفي أوروبا وأمريكا.
مستقبل الإسلام!
إنني أعتقد أن للإسلام مستقبلاً زاهراً في هذا العالم الذي تتصارع فيه العقائد والمبادئ، فهو يحمل كل إمكانيات الرقي والتطور للإنسانية، كما أنه دين عملي واقعي، ولكن تحقيق ذلك يتوقف على ما يلي:
(أ) أن يقوم في المسلمين علماء يفسرون الإسلام تفسيراً واقعياً حديثاً يأخذ بعين الاعتبار العلم الحديث والتيارات الاجتماعية المعاصرة، إن بعض من يعالجون القضايا الإسلامية يندفعون وراء الآراء والمبادئ الغربية جزافاً.. والبعض الآخر يجمد كثيراً على الآراء والقوالب القديمة التي ليست من جوهر الدين في شيء، فما نريده هو علماء يدرسون الدين الإسلامي من منابعه الأصلية الصافية، وفي الوقت نفسه يعرفون التيارات الفكرية والاجتماعية الحديثة فيطبقون الدين الإسلامي على واقع الحياة الحديثة.
(ب) قيام المسلمين بتثقيف شعوبهم ثقافة إسلامية صحيحة.. والعناية بتدريس القرآن الكريم والاستفادة من تعاليمه في الحياة اليومية بصورة عملية!
ومما يذكره المؤلف من هذه العوامل أيضاً: أن تنشأ منظمات إسلامية مركزية علمية واجتماعية ودينية، يشترك فيها قادة الفكر من مختلف الأقطار الإسلامية، ليتدارسوا شؤون المسلمين.. ويضعوا الخطط للترابط والتعاون بين الأقطار الإسلامية، ثم إنشاء مجلس أعلى يكون مركزاً لرابطة الشعوب الإسلامية!
العلاقة بين الدين والدولة وخطل اللادينية والعلمانية!
ومن المعروف والمشاهد في هذا العصر اتجاه أكثر دول العالم إلى فصل الدين عن الدولة.. وهو ما يسمى "العلمانية" وقد بدأ هذا الاتجاه في الغرب بسبب ظروف خاصة نشأت في أوروبا نتيجة صراع طويل فيما بين الكنيسة وبعض حكومات أوروبا، وفي هذا الصدد يتحدث المؤلف في أحد ملاحق الكتاب فيقول: لا يجوز في نظرنا عزل الدين عن الدولة.. إن عزل الدين عن الدولة بدا في ظروف تاريخية خاصة في أوروبا حين كان الصراع بين الكنيسة وبعض ملوك أوروبا صراعاً عنيفاً، وحين كان الصراع بين الطوائف المسيحية الواحدة مع الأخرى يسبب حروباً دموية تدوم عشرات السنين، ويمضي المؤلف في شرحه لهذه الملابسات.. ثم يضيف:
نحن لا نعتقد بأن العلمانية حققت أهدافها في البلاد التي طبقت فيها، بل وقعت في تناقضات واضحة.. ولا سيما في حقل التعليم!
ولئن كانت العلمانية لا تلائم الشعوب الإسلامية بصورة عامة، فإنها لا تلائم الأمة العربية بصورة خاصة.. وذلك لأن الأمة العربية هي مدينة للإسلام في تكوينها الحاضر، ويجب أن تكون حاملة رسالة الإسلام إلى الإنسانية جمعاء.. فالفصل بين الدين والدولة معناه تجرد الحكومة العربية من أهم مقوماتها القومية، فالأمة العربية، منفصلة عن الإسلام وعن رسالته، تصبح كجسم منفصل عن حياته وعن روحه.. والفصل هذا يجعل من الجسم قشراً فارغاً لا لب فيه.. وما أسهل دخول المبادئ الوافدة على اختلاف أنواعها لتملأ الفراغ في القشر الفارغ!!
وفي خطابه الذي ألقاه في جمعية الشبان المسلمين في بغداد وجعله آخر ملاحق هذا الكتاب يخاطب الدكتور الجمالي الشباب قائلاً:
- لم تكن دراسة شخصية النبي العربي صلى الله عليه وسلم في أي دور من أدوار التاريخ الإسلامي ألزم منها لحياة الأمة منها اليوم..
ويقول: نظرة إلى حالة الإسلام والمسلمين تنبئنا بأن شقاً واسعاً وهوة سحيقة بين الإسلام والمسلمين اليوم، فمنذ تشاغل المسلمون وتماهلوا في تفهم حقيقة دينهم وروحيته، بل منذ تركوا لباب الدين ظهرياً، واهتموا بالزخارف.. فاكتفوا بالتقاليد والخرافات، ومنذ صاروا يسمون الجمود وضيق الفكر تديناً، وبكلمة واحدة: منذ صاروا يعيدون تمثيل أدوار الحياة الجاهلية.. تلك الحياة التي حاربها الإسلام بكل قواه.
أصبح الإسلام بواد.. والمسلمون بواد، لا يدرك أحد كم أساء المسلمون إلى سمعة دينهم إلاّ الذين يحتكون بالأجانب، ويسمعون أحكامهم القاسية بحق الإسلام.. تلك الأحكام غير المنصفة والمنبعثة عن أغراض ومقاصد شتى، ساعدهم على إبدائها تصرف المسلمين وسلوكهم. تصرفاً وسلوكاً بعيدين عن جوهر الدين الإسلامي الحنيف!
ويمضي في خطابه هذا إلى الشبان المسلمين متناولاً الموضوع من جوانبه العديدة في نحو عشر صفحات وكان هذا الخطاب قد ألقاه الدكتور الجمالي بمناسبة ذكرى المولد النبوي قبل ثلاثين عاماً، كما أشار إلى ذلك في مقدمة الكتاب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :957  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 49
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.