شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مطالعات في الأدب:
الأدب والحياة
الأدب والحياة... شيئان إذا نظرنا إليهما من حيث الشكل والمظهر، ولكنهما شيء واحد من حيث الجوهر. أجل إن بين الأدب والحياة عروة لا انفصام لها؛ لا يمكن أن نتصور حياة بدون أدب لأنه لا يمكن أن يتجرد إنسان من غريزة التعبير... وكذلك لا يمكن أن يكون أدب بدون حياة، لأن الأدب صور وتعابير كما قلنا، وهذه تلك لا مادة لها من غير الحياة، فالحياة هي المصدر والينبوع، والأدب هو النتاج والثمرة. الحياة هي المادة والروح، والأدب هو الصورة والمرآة، الحياة هي الحياة وكفى، والأدب ترجمانها في الوجود، وكل أدب لم يكن كذلك فهو أدب مشوّه ممسوخ، بل هو حري أن لا يسمى أدباً، لأنه لا يمت بأي نسب أو قرابة إلى معدن الأدب الصحيح!
فكما يضطر الإنسان إلى أن يعبر عن أفكاره بلغة الحديث المعتادة كذلك الشاعر والكاتب يعبر كل منهما للناس عن أفكاره وتصوراته وهواجس نفسه، وعن أمانيه وأحلامه وأفراحه وأتراحه إلى آخر ما هنالك... وهذا التعبير الصادر منهما في حالة من تلك الحالات النفسية هو ما ندعوه بالأدب لأنه يعطينا صورة من حياة كل منهما: صورة صحيحة لا صورة زائفة، صورة طبيعية لا صورة صناعية، صورة حقيقية لحمتها الصدق وسداها الإخلاص، لا صورة مشوهة مصدرها التكلف والتصنع والمغالطة والرياء كهذا الشيء الكثير مما نقرأه ونتلوه في بطون الكتب وفي صفحات بعض الجرائد والمجلات.
وصفوة القول إن الأدب الحي الخالد هو الذي ينتقي مادته من الحياة، أما هذا الكثير الغث من المنشآت والمنظومات وأما هذا الجحفل الجرار من النظامين والمنشئين الذين ينشئون وينظمون، ولكن لا لأجل إعطائنا ما يدور في أذهانهم من أفكار وآراء ولا لأجل التعبير للناس عن حقائق اكتشفوها أو عن أشياء لاحظوها، وإنما ينشئون وينظمون تقليدياً ومحاكاة ورياء وخداعاً. أما هؤلاء الذين أجدر أن نسميهم (الدخلاء) في دولة الأدب، فإن ما يلاقونه من إعراض ونفور وعدم رواج لكل ما يكتبون. إن هذا هو دليلنا على ما بيناه من متين الارتباط وعظيم الاتصال بين الأدب والحياة، ولا ريب أن الناس هم هم في كل زمان ومكان لا يتذوقون من ألوان الأدب إلاّ ما كان جميلاً سامياً ولا يتقبلون منها إلاّ ما كان أدباً حقيقياً حياً متسماً بسمات الصدق والإخلاص في الفكر والعاطفة والإحساس.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :501  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 72
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.