شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة الناشر
ديباجة قوية، وفكر عميق، ولغة رفيعة، وحس شاعري، قلّما تجتمع إلا في أصحاب المواهب المتعددة، وقليل ما هم.. وبين يدي القارئ الكريم حياة ملؤها الكلمة، رحل مبدعها وبقيت تومض في أعطاف الزمان.. تسطر بأحرف من نور اسم مبدعها الأستاذ محمد سعيد العامودي "رحمه الله".. أحد أدباء الرعيل الأول الذين أسهموا في كتاب "وحي الصحراء" الذي أصدره سيدي الوالد، وصديقه معالي الشيخ عبد الله بلخير "رحمهما الله" عام 1355هـ.
إن "الأعمال الكاملة للأديب الكبير الأستاذ محمد سعيد العامودي "رحمه الله" تشكلت عبر عدة بوابات منها المقال، والقصة القصيرة، والشعر "رباعيات"، ودراسات تاريخية، بالإضافة إلى القراءات المختلفة.. هذا الوهج الرائع ما كان له أن يؤتي ثماره لولا أن صحبه نظر ثاقب، ورأي حصيف، وعقل رزين، يزن الكلمة بميزان دقيق حتى تؤدي دورها المنوط بها دون زيادة أو نقصان.. فالكلمة عنده أمانة، وصدق، ومسؤولية.. مما جعل كتاباته تتسم بالتفرد، واستمرت تخاطب الوجدان والضمير الحي في كل زمان ومكان.. بعض ما كتبه بالأمس كأنه ينطبق على معطيات اليوم، ذلك أن الصدق هو المحرك الحقيقي وراء ما كتب وألف، وما كان الصدق مبتدأه فلا مندوحة من أن يكون الاستمرار خبره.
وبعيداً عن التقييم النقدي لكتابات أستاذنا العامودي "رحمه الله" إلا أنها تمثل مرحلة خصبة في تاريخنا الأدبي الذي ارتكزت عليه نهضتنا الثقافية المعاصرة.. فالبيئة الثقافية في عهد مبدعنا لم تكن قد شبّت عن الطوق، ولا عرفت وسائل الاتصالات السريعة والحديثة، بل كانت تعكس الكثير مما يفدها عبر الحدود من مراكز الثقافة العربية المعروفة آنذاك كالقاهرة، وبيروت، ودمشق.. وعليه فإن التأثر بها ليس غريباً ولا مستهجناً، فالأديب والشاعر بطبيعتهما ميالان للتفاعل مع الكلمة أينما كانت، وعملية التثاقف المعرفي أمر طبيعي، بل ظاهرة صحية تحمد للكثيرين.
إن المتتبع للأجزاء الثلاثة التي أفردها الأستاذ العامودي بعنوان "من حديث الكتب" يدرك مستوى الاطلاع الواسع الذي وصل إليه كاتبنا الكبير، حيث لم يدخر جهداً في متابعة معظم ما تموج به الساحة الثقافية في العالم العربي، معززاً تلك الحصيلة بما يصله من كتب مترجمة في شتى مجالات الثقافة والفكر والسياسة لكبار الكتاب مثل ديفيد كريل، وفرنسيس وليامز، وهارولد نيكلسون، وزيغريد هونكة، وغيرهم.. مما يؤكد وقوفه على قمة الهرم الثقافي آنذاك، مع ثلة من مجايليه، ويشكل نموذجاً مميزاً لما ينبغي أن يكون عليه المثقف الواعي بأبعاد مرحلته ومكانة أمته في العالم، لاحقاً بالركب مهما صعبت الظروف وتباينت الأسباب.
إن وجود هذه الأعمال الكاملة بين أيدي مختلف شرائح المثقفين، خصوصاً فئة الشباب والشابات في هذا العصر، تمنحهم زوايا متعددة لدراسة الحقبة الزمنية التي نبغ فيها الأستاذ العامودي، مع دراسة الأساليب التي اتبعها ليتمكن من تنظيم وقته مانحاً مساحات مناسبة لكل من عمله النظامي في الدولة، بالإضافة إلى نشاطاته الصحفية، والاجتماعية العديدة.. الأمر الذي يفتقده كثيرون حالياً، إصراراً منهم على عدم كفاية الوقت اللازم للمطالعة والقراءة الجادة، بينما في تصوري أن الوقت متاح للجميع في الماضي والحاضر، والقضية تتعلق بتنظيمه في المقام الأول.
الجدير بالذكر أن هذا العمل جاء نتيجة تضافر جهود ابنه البار الأخ الأستاذ محمد سعيد العامودي، وبعض الأدباء والمثقفين الذين أمدّوني مشكورين بما لديهم، بالإضافة إلى بعض المقالات والرباعيات التي لم تنشر من قبل.. فالشكر موصول إليهم جميعاً على مساندتهم لهذا العمل.. ويسعدني أن يمثل هذا الإصدار حلقة في سلسلة رصد الأعمال الكاملة لجميع الأساتذة الذين أسهموا في كتاب "وحي الصحراء" الذي أشرت إليه آنفاً، آملاً أن ترى النور تباعاً خلال هذا العام، ويستثنى منهم من لم نجد له أثراً مطبوعاً أو مخطوطاً.. داعياً جميع المهتمين التلطف بمدّنا بما لديهم مما لم ينشر في هذه المجموعات الكاملة ليصار إلى إضافته في الطبعات القادمة بمشيئة الله.
واستكمالاً لهذا العمل، وغيره من إصداراتنا التي تتناول كتاب "وحي الصحراء"، واحتفاء يليق بالذكرى المئوية لصدوره ولمكانة هؤلاء الأساتذة الأفاضل، رحم الله من توفي ومدّ في عمر البقية ومتعهم بالصحة والعافية، سوف تخصص إحدى أمسيات موسم "الاثنينية" (1432هـ/2011م) للاحتفاء بهم.. إيماناً منا بالدور الرائد الذي قاموا به مشكورين مأجورين في التعريف بالأدب السعودي خصوصاً خارج المملكة، باعتبار أن هذا الكتاب هو المرجع الأول للنهضة الثقافية الوطنية في ذلك الوقت الذي شحّت فيه سبل التواصل مع الآخر في بدايات النصف الأول من القرن العشرين.
آملاً أن يجد هذا الإصدار القبول، ويفي بالغرض المنشود إحياءً لجانب عزيز من تراثنا الثقافي والفكري، لبنة في بناء يشمخ كل يوم نحو تحقيق الذات محلياً، وإقليمياً، ودولياً إن شاء الله.
والله من وراء القصد...
عبد المقصود محمد سعيد خوجه
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1442  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 72
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.