مِنْ مَهْمَهِ الغَيْبِ حتَّى مَشْرِقَ الفِكَرِ |
قَدْ جِئْتَ مُكْتَسِياً ثوباً مِنَ العِبَرِ |
يَا حَمْزَةَ الشِّعْرِ، يَا قِنْدِيْلَ قَافِيَتِي |
يَا سَاكِنَ المَجْدِ والتَّارِيْخِ والأَثَرِ |
يَا وَاحَةً مِنْ بُكَاءِ الغَيْثِ مَهْيَعُهَا |
وَمِشْعَلاً مِنْ رَبِيْعِ العَقْلِ وَالنَّظَرِ |
يَا مُوْقِداً لانْثيالاتٍ مُجَنِّحَةٍ |
مِنَ المَشَاعِرِ، شِعْراً فَائِقَ الصُّوَرِ |
يَا مُبْدِعاً مِنْ جَمِيْلِ القَوْلِ أَحْسَنَهُ |
وَمُوْرِقاً بالَّذيْ يَصْفُو مِنَ الكَدَرِ |
قَدْ جِئْتُ مُعْتَذِراً عَمَّا أُسَطِّرُهُ |
فَلَسْتُ مِنْ "مُذْحِجٍ" كَلاَّ وَلاَ "مُضَرِ" |
* * * |
يَا حَمْزَةَ الشِّعْرِ، يَا قِنْدِيْلَ أُمْسِيَتِي |
يَا رَائِعَ الحَرْفِ يَا غَيْثاً عَلَى المَدَرِ |
يَا أَنْتَ يَا قمَّةً جَاءَتْ عَلَى قَدَرٍ |
"كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوْسَى عَلَى قَدَرِ" |
أَتَيْتَ تُبْدِعُ وَالدُّنْيَا مُعَكَّرَةٌ |
لاَ الشَّامُ شَامٌ وَلاَ فِيْ مِصْرَ مِنْ خَبَرِ |
وَمَا عَرَفْنَا بِنَجْدٍ -قَطٌّ- شَارِدَةً |
مِنَ الخوَاطِرِ وَالأَشْعَارِ وَالفِكَرِ |
وَمَا رَأَيْنَا عِرَاقِيًّا بِهِ إِئترَزَتْ |
تِلْكَ القَوَافِي، سِوَى كِسْفاً مِنَ البَصَرِ |
وَلاَ لَدَيْنَا حِجَازِيٌ يصُوغُ هَوَىً |
إِلاَّ وَأَنْتَ تَصُوغُ الحَرْفَ كَالدُّرَرِ |
مَلَكْتَ نَاصِيَةَ التِّبْيَانِ فائتَلَقَتْ |
عَلَى يَدَيْكَ حُرُوفَ الشِّعْرِ كالغُرر |
* * * |
يَا حَمْزَةَ الشِّعْرِ، يَا عِطْراً يَرُوقُ لَنَا |
يَا مُنْتَهَى الْحُبِّ فِي بَدْوٍ وَفِي حَضَرِ |
أَتَيْتَ تَسْكُبُ مَاءَ الشِّعْرِ فِي وَلَهٍ |
وَفِي ارْتِقَاءٍ مِنَ الإِبْدَاعِ مُبْتَكَرِ |
أَتَيْتَ تَقْدَحُ فَجْرَ الشِّعْرِ مُنْتَجِعاً |
نَهْرَ الْحَيَاةِ، بِلاَ خَوْفٍ وَلاَ حَذَرِ |
فَكُنْتَ فَارِسَهُ المَيْمُونَ طَلْعَتُهُ |
رَأْساً مِنَ الْقَوْمِ لا هَمْلاً مِنَ البَشَرِ |
* * * |
يَا حَمَزَةَ الشِّعْرِ، يَا شَوْقاً يُقَرِّبُنا |
إِلى رِحَابِكَ، عَبْرَ المَوْسِمِ النَّضِرِ |
يَا أَنْتَ يَا قِمَّةً شَمَّاءَ بَاذِخَةً |
تَدْنُو إِلَيْكَ الْقَوَافِي البِكْرَ فِي خَفَرِ |
حَمَلْتَ في بُرْدَتَيْكَ الفَخْرَ فَاتَّضَحَتْ |
آثَارُهُ لِلْمَدَى فِي الحِلِّ وَالسَّفَرِ |
أَجِيْئُكَ الْيَوْمَ مَمْهُوراً بِقَافِيةٍ |
عَصْمَاءَ مَا مَسَّها شَيءٌ مِنَ الْكِبَرِ |
تُتْلَى عَلَى مَلأٍ قَدْ جَاءَ مُحْتَفِلاً |
يَحُفُّهُمْ "قائِدٌ" قَدْ جَاءَ بِالظَّفَرِ |
"مَقْصُودُنا" بُوْرِكَتْ أَيَّامُ بهَجَتِنا |
وَعِشْتَ فِي عِزَّةٍ رَاقٍ وَمُصْطَبِرِ |
أَكْرَمْتَ مَنْ بِالنُّهَى وَشَّوْا مَنَاكِبَنا |
وَاسْتَيْقَظَ الْفَجْرُ مِنْهُمْ رَائِعَ الثَّمَرِ |
* * * |
يَا حَمْزَةَ الشِّعْرِ، كُلُّ النَّاسِ قَدْ شَكَرُوا |
أَيَّامَكَ البِيْض، فَاهْنَأْ ذَائِعَ السِّيَرِ |
يَسُرُّكَ الْيَوْمَ أنَّ الحَفْلَ يَجْمَعُنَا |
مِنْ بَعْدِ عُمْرٍ مِنَ الأَيَّامِ مُنْتَظَرِ |
فَهَذِهِ "مائَةٌ" مَرَّتْ يُتَوِّجُها |
نُبْلٌ، وَزُهْدٌ، وَآياتٌ لمُعْتَبِرِ |
تَحِيَّتِي أَيُّها الأَحْبَابُ أُشْفِعُها |
بِمَا يَلِيْقُ مِنَ التَّبْيَانِ وَالسُّوَرِ |