((الحوار مع المحتفى به))
|
الزميلة نازك: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قالوا عنه المفكر العملاق، والموسوعة التاريخية والقانونية، والكاتب الإسلامي الكبير، أعطى من عمره ما يزيد عن العشرين عاماً، مدافعاً عن قضايا الشباب وهمومهم بل وانشغل في البحث عما يمكن أن يشغلهم ويفيدهم في حياتهم، ساعده على ذلك عمله عندما كان وزيراً للإعلام والشباب، ورغم توليه للوزارة أكثر من مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود ونصف، فهو ما زال يبهر الناس بأفكاره التي خدمت شباب بلاده، وشباب العالم العربي. إنه معالي الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وزير الإعلام والشباب السابق، والذي يعتبر واحداً من قلة قليلة في العالمين العربي والإسلامي الذي جمع بين رحابة العلم وجدليته واستنارة الدين وثباته، فمرحباً به بيننا. نبدأ بطرح الأسئلة، وبداية مع الدكتورة خديجة الصبان الأكاديمية والباحثة نائبة الأمين العام لجمعية مراكز الأحياء بجدة لشؤون المراكز النسائية فلتتفضل: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستاذنا الكبير، ملأ الله أيامك بالبهجة والبهجة والبهجة.. لقد أثريت العقول، وأمتعت القلوب، في رحلة نفاثة في حدائق ذات بهجة، أهديتنا منها زهرات تفوح بكل ما يبعث ويحفز التفكير، تقول: أقدم مرافعتي حتى أقدم ما يطمئن المحكمة، من جهة الوقت ومن الجهات الأخرى، أيضاً تقول: لا بد من أن نحسن المناظرة من أن لا نستفز الآخر، وهذه هي إحدى المسلمات في نجاح التواصل، أي من يحسن التواصل، يحسن البلوغ، يحسن الوصول وتحقيق ذاته، لذلك فإن الحملة على الإسلام، الحملة ضدنا وضد ديننا، لا يمكن تحويلها إلا بإحساننا التواصل مع الأمم والشعوب، التي نختلف معها ونتفق، نحدثهم بلغتهم وندخل إليهم من مداخلهم. لدي سؤال صغير: ما أثر هذه المنهجية في التواصل؟ لو أنك تعطينا أمثلة فقط، لنجاحات حققتها نتيجة لهذه المنهجية المميزة، وشكراً.
|
د. أحمد كمال أبو المجد: سيدتي التجارب كثيرة ومستمرة؛ يعني مثلاً أنا أذكر أنني اشتركت، منذ حوالي عشرين سنة، في حوار في ويندسور كاسل، وكنا نتناوب رئاسة الجلسات، وفي رئاسة الجلسات يطلب الناس أسئلة، وكلهم فطاحل، فأنا كنت أكتب اسم طالب الكلمة، بالرقم: الاسم كذا، ففوجئت بأحد القساوسة يتهمني بعصبية بأني منحاز إلى المسلمين، وأني أعطي الكلمة لهم ولا أعطيها بشكل كافٍ للإخوة المسيحيين، لكني كظمت غيظي وقلت له: المسألة بسيطة جداً، نحن نأخذها بالترتيب وليست لدينا هذه التفرقة. وكان هناك ماقنبويز اليهودي وأعطيته الكلمة. لا أتصور أن هناك عاقلاً يجلس في المنصة، فيسيء استخدامها. تصوروا حضراتكم ماذا فعلنا؟ قلنا في الجلسة القادمة سندعو إليها شباباً، بأعداد غير قليلة، فكانوا أفضل، وكانوا منفتحين وليست لديهم هذه الوساوس والهواجس، وسارت الأمور بهدوء.. فالتواصل الإنساني يوسد للتفاهم الإنساني، ولكن كلما كان هناك شعور بأن هذا هو العدو، فإنها سوف تصبح حرباً معلنة، سواء أكانت باردة أو ساخنة، إنما هي حرب، ولدينا مثل: السكوت مع إضمار الشر، يقول ما في القلب في القلب.. في الحوار الديني أيضاً يكون هناك دأب على أن نجمع ثمرات الخلاف ونعتبرها نعمة التعدد فالتجارب كثيرة جداً، وكل من اشتغل بالعمل العام يدرك هذه الحقيقة.. رأيت محامياً يخسر القضية قبل أن يتحدث، إذ دخل المحكمة متعصباً، أو تصرف وكأنه يعلم المحكمة، فكأني بالقاضي ينبهه على فهمه للقانون.. فينبغي إذن أن تجنب استفزاز الطرف الآخر طالما أنت تخدم قضية.. هي ليست بمبارزة، المبارزة كل طرف فيها يريد الإجهاز على خصمه، أما الحوار فالسيد فيه هو القضية، والأطراف تتعاون من أجل نصرة هذه القضية. مرة كنت في التلفزيون المصري، في الرد على كتاب لمؤلف علماني، ففوجئت بقول المذيع لي ونحن ندخل: ماذا أعددت كي تفحمه؟ قلت: أنا لا أريد أن أفحمه، لقد قرأت كتابه وأعجبني، وأوافق على 80% منه، هل لا بد لي أن أشتم في الحوار؟ هذه حياتنا العملية سيدتي الفاضلة د. خديجة، الأمثلة كثيرة، وكلها تكشف عن أهمية أن يوسد للحوار العلمي بود إنساني وأظن أن فضيلة الدكتور الرفاعي قد تحدث عن الجانب الإنساني، فالرسول صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة، فهل نحصره في دائرة أو في قطر أو في جغرافيا أو في تاريخ؟ لا، "إني رسول الله إليكم جميعاً". هذه رسالة موجهة للكون، وأزعم أن الحاجة إليها الآن أضعاف ما كانت في زمن النبوة، إذ كانت توجد تقاليد تحكم المجتمع، أما الآن وفي مثل هذا الانفلات، وفي ظل هذه السيطرة الإعلامية، فكل شيء يجوز وغسيل الأدمغة وارد، وشكراً. |
عريف الحفل: قبل أن ننتقل إلى السؤال التالي، نذكر الإخوة والأخوات بضرورة الاختصار في السؤال وعدم بدئه بمقدمة والدخول فيه مباشرة، وكذلك الاختصار في الإجابات. لدينا الكثير من الأسئلة.. السؤال مع سعادة السفير علي العشيري، قنصل عام مصر في جدة. |
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. بداية يشرفني أصالة عن نفسي، ونيابة عن زملائي أعضاء القنصلية العامة. لجمهورية مصر العربية في جدة، وأبناء الجالية المصرية أن أتقدم لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، مؤسس الاثنينية بكل الشكر والتقدير، لاحتفائه بالمفكرين والأدباء والعلماء وتكريمهم، وتوثيق إبداعاتهم، وفي الحقيقة فإن الاثنينية هي منتدى من أهم المنتديات الثقافية في العالم العربي وهي مؤسسة ثقافية ذات تقاليد راسخة، كرمت على مدار سنوات طوال تصل إلى نحو ثلاثين عاماً، كبار المفكرين والأدباء والعلماء، وهو جهد يستحق كل الثناء والتقدير. والمحتفى به في هذه الليلة، هو علم من أعلام مصر. العروبة والإسلام ورمز من رموز الفكر والعلم والثقافة الواسعة، تقلد العديد من المناصب كما سمعنا جميعاً خلال مسيرته الحافلة بالعطاء وشرف بحمل حقيبتي وزارتي الشباب والإعلام بجمهورية مصر العربية، وعطاؤه ملموس، حتى في ظل هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها مصر من خلال لقاءاته ومحاوراته مع الشباب، والقوى السياسية المختلفة، من أجل صنع مستقبل مصر العزيزة. أود أن أتقدم من معالي الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد بأطيب التهاني القلبية على هذا التكريم الذي يستحقه عن جدارة وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يمتعه بالصحة والتوفيق، وأكرر الشكر والتقدير لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، على رعايته للعلم والعلماء. أما السؤال فهو: كيف يمكن تصحيح الصورة الذهنية للمسلمين لدى الغرب؟ وما مدى مسؤولية المسلمين أنفسهم عن الصورة الذهنية المغلوطة عنهم، وشكراً.
|
د. أحمد كمال أبو المجد: الإجابة واضحة: أنت لديك مؤسسات مجتمعية رسمية: وزارات إعلام، وزارات تعليم، وزارات خارجية، تقيم علاقات، كل هذه الجهات تحتاج إلى التنسيق في ما بينها، حتى تعلم يمينها ما تفعله شمالها، لكن العبء الأكبر يقع على النخبة المثقفة، هؤلاء هم رسل الحضارة العربية الإسلامية، وأقلامهم مشرعة، وألسنتهم تطول لكنهم أيضاً انقسموا فرقاً؛ فهذا يقول أنا علماني، ولا يستطيع أن يتحمس لأي قضية يذكر فيها الدين، أو التراث، والثاني لا يريد أن يعترف به.. إنما النداء للمؤسسات الحكومية، أن تعاونوا على الثقة، الدعوة إلى المفكرين: اتقوا الله في بلادكم، واعرضوا الأمر بأمانة، واخلعوا الأقنعة التي يرتديها كثير منكم، لأن المشترك بيننا يكفي تماماً لتعاون مثمر تجني ثمرته كل مؤسسات المجتمع، رعاة ورعية، وحكاماً ومحكومين.. يعني هذه إجابة سريعة ومختصرة، على قضية كبيرة جداً. شكراً. |
السؤال من الأكاديمية الأستاذة سميرة سمر قنديل فلتتفضل. |
بسم الله الرحمن الرحيم، ذكرت يا أستاذي عن غسيل الأدمغة للأميين فقط، أنا أخالفك.. أقول يا أستاذي العزيز: إن غسيل الأدمغة يتم مع غير الأميين، بوسائل متكررة: التغريب، التقليد، الغزو الفكري.. إلى آخره، لكون العالم أصبح قرية صغيرة كما تعلم، في بحيرة الإعلام الواسعة، فما رأيك؟
|
د. أحمد كمال أبو المجد: في رأيي أنه تحد كبير، لكننا لسنا صفراً، ينبغي أن ننهض له، وهذه النهضة تحتاج -كما قلت- إلى عمل مؤسسي، ولعل الفكرة التي طرحها الدكتور رفاعي تنبع من هذا الإحساس، بأن العمل يحتاج إلى تأسيس لهياكل وأدوات ومؤسسات، إنما النخبة التي تكتب في الصحف، وتظهر في الفضائيات فعليها مسؤولية اتقاء الله في هذه الأمة، أو نتفرج عليها وهي تتراجع وغيرها يتقدم، لذلك اسمحوا لي أن أقول من دون مجاملة أن هذه الندوة، هي نقطة مشرقة في عالم الفكر العربي والإسلامي، لأنها تجمع العلماء في إطار من الصراحة، وأنا سعيد حتى بما فهمته من ضرورة عدم التدخل في القضايا السياسية فيها، ولا في القضايا العقائدية، لأن رأيي بالنسبة للقضايا السياسية، أنها -بطبيعتها- محل للخلاف، أما القضايا العقائدية فطرحها على العامة ضرر، لأنها من اختصاص العلماء المتخصصين، أما بالنسبة للعامة، فأؤكد رأيي على الأقل: الجهل بها لا يضر وكثرة العلم بها لا تنفع، فدعونا في ما ينفع الناس، وربنا قال: وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (الرعد: 17)، وليشتغل كل بما عهد به إليه، ولتتكامل منظمات المجتمع وفئاته في خدمة هذه القضية، بطلاب الشهادة فيها، والموت عليها ولقاء الله واللسان ينبض بها والقلب يتحرك بها، فيصير عالماً عظيماً، لأنه إما أحياء يعملون أو شهداء ضربوا الأمثال للذين لا يزالون أحياء يرزقون. شكراً. |
عريف الحفل: السؤال مع الأستاذ مشعل الحارثي من مجلة اليمامة. |
ضيفنا الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعلنت جامعة الدول العربية عن عقد مؤتمر الثقافة العربية، فهل ترى أن مثل هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات التي سبق أن أقيمت، هنا أو هناك، ستقيل من عثرات الثقافة العربية وإشكاليات المثقف العربي، التي لا تزال عالقة حتى الآن؟ شكراً.
|
د. أحمد كمال أبو المجد: الجواب صريح جداً: هناك أصل وهناك ظل؛ فالظل لا يستقيم إذا كانت هنالك مشكلة في الأصل، والعلاقة بين الدول العربية، ظاهرها الود، لكنه ليس الحالة السائدة، ولذلك يدعى أحياناً إلى اجتماع ثم لا تخرج نتيجة منه، لأن القيود في كل نظام مختلفة، ولم تحدث مصارحة، لذلك فإن واجب المفكرين والعلماء أن يصبحوا دعاة لتحسين العلاقات العربية، أما إذا كانت العلاقات الرسمية فاسدة فماذا يصنع الظل في أصل يحتاج إلى علاج؟ والمصارحة باللياقة لا تفتح مشكلة أبداً، الإشكال كله في التجاوز اللفظي، والأسلوب المستفز الذي يورث بغضاء وشحناء الكل يضار بها، فليّن القول، حينما أرسل الله رسولين: فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (طه: 44)، فإذن القول اللين هو توظيف جيد للقدرة الكلامية والفكرية لخدمة القضية، ولقد رأيت في الاتحاد السوفييتي -في الكومسومول- ما لم أره في العالم العربي، وحضرت جلسة كاملة مع مدرب؛ يأتي أحد ويخاطب جمهوراً من أربعين شخصاً، فيما هناك اثنان يسجلان، ثم ينصحانه، ماذا قالا له؟ أنت تخطب مثل هتلر، هل رأيت نفسك وأنت تخطب؟ قال أحدهما: أنت تشير إلى الناس بتعالٍ عليهم، ثم تحدثت عن الاشتراكية كلاماً معقداً نفر الناس منه، لم تأت بطرفة أو حكاية، ولا نكتة تشد إليك السامعين.. فحتى هذه المسائل يتعلمها أصحابها تعليماً، أما نحن فلا نفعل هذا، لا أدري لماذا.. لدينا علماء وكليات إعلام، يعرفون من فنون الإعلام ما لا نعرف، كل الأمة مندوبة ومنادى عليها أن تعالي أيها الأمة مارسي دورك واحملي المسؤولية، ثم انتشري في الآفاق، واقسمي بالله العظيم ألاّ تكفري بالعزلة، لأنه إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وكل العرب قاصية إلا من رَحِمَ ربك. وشكراً. |
السؤال من الإعلامية عزة المليجي، مذيعة في إذاعة الشباب والرياضة، اتحاد الإذاعة والتلفزيون في جمهورية مصر العربية. |
بسم الله الرحمن الرحيم، أهلاً بأستاذي الدكتور أحمد كمال أبو المجد، السؤال باختصار: أود أن أعرف منك أهم المبادئ أو الرسائل التي رسختها عندما كنت وزيراً للإعلام المصري لنهضة الإعلام وبالتالي نهضة شعب بأكمله. شكراً.
|
د. أحمد كمال أبو المجد: لدينا مشكلة: في الإعلام توارثنا القيود، لدرجة أني أذكر بعض الأسماء. دعوت مرة رئيس قطاع الأخبار في الإذاعة ورئيس قطاع الأخبار في التلفزيون، كان اسم رئيس قطاع الأخبار في الإذاعة الأستاذ محمد أو محمود وهبي، وكان رئيس قطاع الأخبار في التلفزيون أحمد سعيد أمين أو أحمد أمين سعيد، فقلت لهما: لماذا تكرران النشرة؟ ثم أليس هناك نقد إطلاقاً؟ هل كل ما تفعله الحكومة جيد؟ فقال لي أحدهما: لن نستمع إلى قولك، أنت سوف تمكث لعام واحد في الوزارة ثم تمضي، وتتركنا لمصير نحن نعلمه وأنت لا تعلمه. إذن الخوف يخلق هذه الدرجة من درجات النفاق ويحرم صاحب القرار من أن يقال له: أصبت في هذه فكمّل المشوار، أخطأت في هذه فتجنب، ما لم تحدث توبة نصوحة عن هذه الأمور مقرونة أيضاً بالشعور بالمسؤولية، ولا تحاول خلخلة العالم... لمجرد أنك تمتلك المايكروفون، ولكن لاستدامة المجهود لا بد من وضعه في إطار مقبول، وقد تعلمنا أنك حينما تعارض شيئاً لا تصرح بأنك تعارضه كلياً، ولكن قل: أنا أوافق عليه بنسبة 25%، بيد أن هناك جزئية صغيرة أختلف معك فيها، ثم تقول بعدها ما تريد. أدب الحوار يحتاج إذن إلى تدريب، قل لي عن بلد عربي واحد علّم الشباب كيف يدير حواراً؟ لا عذر لأحد، المعرفة متاحة والتعلم من الآخرين متاح، وإنما تحتاج الهمة إلى فيتامينات مقوية لكي يستيقظ الإنسان وهو يتفجر بالطاقة والنشاط عوضاً عن أن يكون نصف نائم ونصف كسلان أو في غيبوبة ومذهول، ويقضي يومه في لوم الآخرين، ثم يتفرج على المسلسلات ثم ينام، ثم يصحو ويبتدئ في اللوم والاتهام، ويومه مثل أمسه.. هذا لا يفيد، التوبة عن هذا كله. انطلق إلى الغد بهمة عالية، وعزيمة صادقة.. ابن تيمية، حين اشترك في مقاومة التتار، ودخل على هولاكو في معركة شقحب، وأخذ يعظه وارتفع صوته وانخفض صوت هولاكو، يقول بعض علماء السوء: فضممنا جببنا مخافة أن يقتله فيطرطس علينا بدمه. انظر إلى القولين! نحن نريد العالم الذي يجهر برأيه في لياقة ليستمع إليه الحاكم وصاحب المسؤولية، سواء كان وزيراً أو محافظاً، أو رئيس شركة.. هنالك آداب للحوار تيسره وهناك خروج عن هذه الآداب يعسره، فنون الإعلام تقتضي هذا وشكراً. |
عريف الحفل: سؤال لمعالي الدكتور مدني عبد القادر علاقي: |
بسم الله الرحمن الرحيم، شكراً أستاذنا الكبير على هذه المحاضرة القيمة. السؤال هو: من خلال فكرك الإسلامي المتجدد الذي يرتكز على العقلانية والتيسير، ما هي في اعتقادك بصماتك التي تركتها في الوزارتين وخارجها، وكيف كانت ردة الفعل تجاهها من الشباب والرموز السياسية والدينية؟
|
د. أحمد كمال أبو المجد: بسم الله الرحمن الرحيم. الحقيقة، لكي أكون دقيقاً في الوصف، أن الثمرة مع الشباب أكبر من الثمرة مع الإعلام، وقد جربت العمل مع الشباب وقد كان عمري وقتها قريباً من سنهم، يعني أذكر مثلاً أننا كنا نذهب إلى جامعة عين شمس، وكانت بها معارضة شديدة للحكومة، أسهر معهم حتى أول الفجر، جالسين على الأرض، وكان هنالك تجاوز في اللفظ ضد وزير الداخلية، فنصحتهم بألاّ يفعلوا ذلك، ولا يخرجوا خارج الحرم الجامعي لأننا لا نستطيع حمايتهم حينها، وكان هناك تفهم وتبادل، أثمر ثمرته في حرب 1973م فالبذرة التي تزرع تنتج، وأذكر هذه أيضاً: ذهبنا حينما افتتح الطريق إلى الإسماعيلية وبورسعيد والسويس، وقد نظمنا ما أسميناه: كتائب الشباب المركزية، تعلموا السباكة، والنجارة، والكهرباء، لمدة أسبوعين، ثم أرسلنا بهم إلى هذه المحافظات. وكان محافظ بورسعيد بالذات ضابطاً مسيحياً، كان قائداً للجيش الثاني، المهم جاء أحد الشباب، وما زلت أذكر اسمه: محمد الشربيني، وقال: لدينا ثلاث شكاوى: أولاً: نحن هنا لكي نعطي لا لكي نأخذ، كلما أتاه ضيوف أحضرهم لكي يشاهدونا، نحن لسنا هنا للفرجة. ثانياً: جاء في العيد وأهاننا بإعطائنا عيدية، نحن لسنا هنا ليس للتسول، نحن نؤدي مهاماً للوطن.. أتذكر أن آخر شكوى كانت في رغبتهم في تغيير الأدوات، بحكم أنها روسية وقابلة للكسر، لأنهم كانوا يتسلقون جبالاً من الأنقاض تحتوي على متفجرات. فهذه إذاً ثمرة الإحساس بالانتماء، وتدريبهم العالي جعلهم أداة فعالة في أداء مهمة كتائب الشباب المركزية، وقد قال وزير العمل لي: بصراحة، حيث إننا كنا نبعث بعدد كبير من الشباب، ووزير العمل قد بعث بعدد كبير من العمال، قال لي: "هناك فرق كبير جداً: هؤلاء الشباب لم يكلفونا مالاً، فيما الآخرون لهم شكاوى وطلبات، ومصالح مالية"، فأنت إذن حين تدرب بشراً تأتيك ثمرة ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم ربى مجموعة من الصحابة ملئوا العالم نوراً، فحين تشكل تنظيماً شبابياً قوياً وتعطيه درجة أكبر من الحرية وخالية من الخطورة، تكون النتائج إيجابية. ذات يوم، حينما اشتعلت الثورة، كنت أصلي أمام منزلي في مسجد القبة في العباسية، صليت الفجر، فرأيت الدبابات تزرع الطرق جيئة وذهاباً، فسألنا عن ذلك وأخبرنا عن قيام ثورة.. أول ما فعلناه كان أن اجتمع أبناء الحي، ثم ذهبنا نحرس المنشآت، وكان من نصيبي أنا واثنين آخرين أن نحرس كنيسة -الآن هي الكاتدرائية المرقصية في شارع رئيسي في مصر- فذهبنا نحرسها بدون تكليف من أحد، بشعور وطني، لأن العلاقة الإنسانية والمهنية بين الفرد والمجتمع حين تستقيم، سترى من الناس عجباً لا يصدق، أما إذا همشتهم وقهرتهم، فلن يأتوك إلا مضطرين، والمضطر يعطيك في أضيق الحدود، لأن القضية لم تعد قضيته، فيما لو شعر أنها قضيته فسوف يعطي بغير حساب وشكراً. |
السؤال من الأخت منى علي الشريف مديرة تسويق في شركة المستقبل الإعلامية فلتتفضل: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بك معالي الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد. عندي سؤال بعيد عن السياسة والخطاب، وهو يختص بخطاب الطفولة في الإعلام؛ ما أسباب عزوف خبراء الإعلام وجمعيات الطفولة ووسائل الإعلام عن إنتاج البرامج والمسلسلات الهادفة والتي تعكس حقوق الطفل الإعلامية والتربوية بما أنهم اللبنات الأولى السليمة للمجتمع، وشكراً.
|
د. أحمد كمال أبو المجد: الجواب حقيقة، يتحمل المسؤولية عن هذا كبار المسؤولين بحكم التنظيم المؤسسي والهياكل الإعلامية. يخون الإعلامي أمانته إذا اكتفى بنشر الغثاء وترك أشياء نافعة، وليس صحيحاً أنك لا بد من أن تتجهم إذا أردت الإصلاح، وشتمت السامعين، لا. مرة أتاني أحد الإخوان المسلمين وكان ذكياً جداً، وقال لي: أريد أن أكون إعلامياً ناجحاً، ولدي قبول في إحدى الجامعات بكاليفورنيا، قلت له: لا تستأذن أحداً، بل سافر في أقرب وقت لتعود إلينا خبيراً، فنحن لا نريد أن نعهد بالأمور إلى "المتردية والنطيحة".. اذهب وعد إعلامياً جيداً وسنساعدك بكل طريق أن يسمع صوتك وأن تصل جهودك. فالقضية يسأل عنها، أما الذين لا يؤمنون بالقضية، أو الخائفون، أو المنافقون، لا أريد أن أحكم على غائبين، لكن إذا صلح الرأس، صلح الجسد كله، بدليل أنك تجد قناة فضائية عظيمة وأخرى لا، لأن من على رأس هذه قد أعطى قدوة وطمأنينة، ورأوه يعمل فعملوا، أما إذا كان رب الدار بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص، شكراً. |
عريف الحفل: السؤال للأستاذ الباحث الثقافي غياث عبد الباقي الشريقي. |
بسم الله الرحمن الرحيم، معالي الدكتور الماجد أحمد كمال أبو المجد، قامت المملكة العربية السعودية، قيادة وحكومة ومنظمات ولا تزال، بالسعي الحثيث لإقامة مؤتمرات وندوات من أجل حوار الحضارات وحوار الأديان ونشر ثقافة التسامح والحوار مع الآخر، لكننا ما زلنا نجد أن الغرب يلاقي هذه الخطوات الجادة، بإساءات متتالية لمقدسات الإسلام وحضارته ولأمة الإسلام جمعاء. يف ترون ذلك وهل ما زال الغرب يعيش حالة الحروب الصليبية؟ شكراً.
|
عريف الحفل: قبل أن تجيب معالي الدكتور هناك أيضاً سؤال مشابه ينبغي أن نقرنه بهذا من باب الاختصار للأخ كفاح عبد الباقي، أيضاً هو: |
يتساءل حول نفس الموضوع أن حوار الحضارات من صلب ديننا الإسلامي، لكن في ظل الظروف الراهنة المتمثلة في تفوق الغرب، نبدو وكأننا نستجدي الموقف، هل توافقني على هذه الملاحظة؟
|
د. أحمد كمال أبو المجد: أهو من قبيل الصدف أن أحد السائلين اسمه غياث، والثاني اسمه كفاح؟ هذا شيء عظيم إذن، اكتمل الأمر، أودع ربنا نواميس في العالم، فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (فاطر: 43). العالم هو من تعامل مع السنن على أنها نواميس كونية، وعليه أن يتبعها ولا يتمرد عليها، لكن رد الفعل في الغرب، هو جزء من أزمة الإنسانية، في عصر ما يسمى بعصر السماوات المفتوحة، لأن تحت انفتاحها، الأقوى تقنياً، هو من يغسل أدمغة الآخرين، الخطر ليس على الصفوة المثقفة فحسب، لكنه أيضاً على العامة.. إن الرجل العامي مصدره للثقافة شيئان: خطيب المسجد يوم الجمعة، والفضائيات والإذاعات. فانظر ماذا تقدم هذه الأجهزة، وهذه مسؤولية وزراء الإعلام ووزراء الخارجية والمؤسسات الحكومية لأن بيدها ما تستطيع أن تفعله، ولكن يظل التفوق العلمي والتقني -الذي لم يعد للأمانة محتكراً، بحيث يستطيع أي شاب اليوم أن يطلع على ما ينشر عبر محركات البحث مثل غوغل وتويتر- يؤمن إمكانية الوصول إلى هذه الينابيع وإلى هذه المحركات فلا عذر لأحد، والذي أنجح ثورة 25 يناير أنهم استخدموا ما تعلموه من التكنولوجيا لهدف محدد وأنجزوا، وهذا مثال طيب يقتدى به، أما أن يجلس ويقول يا رب ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، فليس هنالك سبب واحد لتخاذلنا، والطريق هو ترك التخاذل، وإعلاء الهمة وتنظيم الأمور، تنظيم الوقت. تمر على الأخ العربي أو المسلم أو المصري، يقول لك: مرّ علي بعد العشاء، أقول: العشاء يمتد إلى الفجر فأي ساعة تقصد تحديداً؟ ولذلك فإن لي مقولة صادمة؛ أقول: الساعات في يد كثير من العرب والمسلمين أساور، لا تزيد عن ذلك، وهي ليست جهازاً لضبط الوقت من أجل ضبط الأعمال على الوقت، بينما حدث لي في اليابان، أن كنت مسافراً من طوكيو إلى كيوتو، فوجدت إعلاناً على تلفزيون الغرفة: سفرك غداً يا فلان، سوف يأتيك السيد لي، وأنتما لا تتعارفان، سيأتي مرتدياً بذلة رمادية اللون ويضع وردة حمراء كبيرة ليسهل عليك معرفته، وسوف يركن سيارته على بعد 10 أمتار من المدخل حتى لا تتيه بين عربات الآخرين، ثم تحضرون إلى المحطة الساعة العاشرة وثلاث عشرة دقيقة، فذهبت إلى المسؤولة وقلت: لم لا تقولين العاشرة والربع؟ قالت لي: لا يا أستاذ، في اليابان وحدة قياس الزمن ليست الساعة، وليست الدقيقة، وإنما هي الثانية، وهذه ليست نكتة؛ سوف تجد بالمحطة ساعات كثيرة، وقطار يبدو عليه أنه لن يتحرك، وحين يصير عقرب الثواني في الدقيقة الثالثة عشرة، لن تعرف أي الأمرين يقع أولاً: وصول عقرب الثواني إلى الثانية عشرة أم قيام القطار. وتحقق هذا تماماً، وكان علينا أن نأخذ مساراً بين القطارين لمدة ست دقائق، كنت قلقاً من أن يفوتني القطار، وإنما وصل القطار، عبرنا من رصيف إلى آخر، وانتظرنا القطار لمدة أربع دقائق. عمل الوقت ليضبط، ومواقيت الصلاة ليست عينة عشوائية، أريد بها أن يأتي بعدها توزيع الأعمال على الأوقات، والزمن يمضي وشكراً. |
أختم بسؤال مني أنا شخصياً نازك الإمام من إذاعة جدة: |
معالي الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد: ذكرتم أن المحافظة على الملكة النقدية هي وسيلة الخروج من عنق الزجاجة، فكيف يمكن المحافظة عليها وتنميتها وتفعيلها؟ شكراً لكم.
|
د. أحمد كمال أبو المجد: يمكن هذا عن طريق المؤسسة التعليمية، ولي تجربة شخصية: حينما أتينا من أمريكا كان لا بد من دخول بناتي وأولادي إلى المدارس، فكانت هنالك عقبة اللغة، عند البنتين تحديداً، فأتينا بمدرّسة، كانت رحمة من الله، متميزة وصبورة، لكنها كانت تأتي وقت الغداء، وهما هي وابنتي اسمها نهى، في صالة الاستقبال، فسمعت الحوار التالي: نهى: لقد قلت لنا إن أحسن مكان في العالم هو بجوار بيت الله الحرام، واليوم تخبرينا بأن المسلمين في العالم أكثر من ألف مليون، فكيف تسعهم مكة والمدينة؟ فجاءها الجواب التقليدي: حين أخبرك بشيء فهو هكذا فنظرت فوجدت ابنتي تقول لها: لا أحد مصيب على الدوام. فقمت لفض الاشتباك وقلت، لا تحدثي أستاذتك بهذه الطريقة يا نهى، ولكن أيضاً يا أستاذة، لقد تعلمت في أمريكا أن أي شيء خاضع للمساءلة، والتساؤل هو أول العلم. انظر ماذا يقول تراثنا في كتاب الحيوان للجاحظ، يقول: وتعلم الشك في المشكوك فيه تعلماً فإنه ما من يقين إلا وسبقه شك، فإذن نحن نعلمهم أن ينتقدوا فإذا أخطأ أحدهم فليخطئ، إنما لا نقزم شخصياتهم، ونكتم شكوكهم الذهنية، أطرحها على الساحة: فليتعلم أن يناقش ويراجع، ومن هنا تغتني ذاكرة الأمة وقدرتها. |
إن جرنا على الوقت، سأرى أن من واجبي أن أتوجه بشكر حقيقي، لأن توقعي كان أقل مما رأبت، هذه واحة علمية ومنتدى ثقافي رفيع المستوى تطرح فيه القضايا بدرجة معقولة جداً من الحرية، وتجاوب معقول جداً من الجمهور، وأظنها مثالاً يقتدى، لأنها جمعت بين النية والهمة والحكمة وهذه باقة إذا تجمعت فالخير آت لا صبر فيه، لكن المنافقين لا يعلمون. الشكر لكل من أسهم، ولأستاذنا فضل السبق وفضل التنظيم، وأضرب مثلاً، أنه لم يعط فرصة لأحد ليعترض عليه وهذا من الكياسة في السياسة. |
عريف الحفل: والدليل على ذلك أن لدينا الكثير من الأسئلة، ووقت الاثنينية المعتاد هو الحادية عشرة، لكن أبا سعيد أعطانا ربع ساعة إضافية. |
د. أحمد كمال أبو المجد: أنا أحب أن أنهي الوقت ويقول قائل: ليته لم ينته، عوضاً عن أن يقول: ليتهم انتهوا باكراً. |
عريف الحفل: حديثك لا يمل منه يا دكتور. قسم السيدات، يبدو أنهن اكتفين بالأسئلة، السؤال الآن لدى الأستاذ السليمان رحماني، نرجو أن يكون سؤالاً مختصراً. |
السلام عليكم، لماذا يفرض على السودان إجراء انتخابات تقرير مصير في جنوبه لأجل أن يقسم بالقوة، ولا يفرض على إسرائيل إجراء انتخابات تقرير مصير للفلسطينيين لأجل إنشاء الدولة المستقلة؟ وشكراً.
|
د. أحمد كمال أبو المجد: ليس لي تعليق، هذه مسألة يقدرها الساسة بشرط: أن تكون همتهم عالية، ومعلوماتهم دقيقة، وأداؤهم جيداً.. لا موضع في معركتنا مع الصهيونية لأنصاف الحلول ولا لأنصاف النضج ولا لأنصاف الأعداد. لقد حدث بعد حرب 1973م وأن وقع خلاف حاد بين الرئيس السادات عليه رحمة الله والفريق الشاذلي، وقد أردت أن أؤدي دوراً، أنا عادة في مواقفي أشاغب قليلاً، فذهبت إلى الرئيس السادات وقلت له: إني أستغرب: هناك ما يشبه الحملة. وكان الأمر بينهما لا يزال قابلاً للإصلاح، قال لي: لا أستطيع أن أنسى فضل الشاذلي، كان الجندي المصري يعبر وهو يدري بالمتر المربع الذي يقف فيه. ثم أضاف: أنا أفكر في تكليفه بتنظيم الجبهة المدنية في الداخل. فهذا فضل رجل أعد إعداداً جيداً لمعركة 1973م، وما دمنا لا نريد أن نتحدث في السياسة، لن أحكي كيف ثار هذا الموضوع في ذهني. بعد 1973م، أرسلني الرئيس السادات عليه رحمة الله، بزيارة إلى ثلاثة أشخاص: عيدي أمين في أوغندا، والرئيس الجزائري، هواري بومدين، والثالث: كان من المفترض العقيد القذافي. فمن باب الجغرافيا، ذهبت أولاً إلى ليبيا وكان سفيرنا هناك وزيراً سابقاً يدعى مراد غالب، كان طبيباً وشغل منصب سفيرنا في الاتحاد السوفيتي، فرأينا العقيد القذافي وهو ينزل من مبنى على بعد عشرين متراً، فقلت: أنا أحمل رسالة شفوية من الرئيس السادات. فأجابني -أظن: مصطفى الخروبي- قال لي: العقيد خارج طرابلس. وكنت قادماً بطائرة حربية، فقلت للدكتور مراد: أنا ذاهب. ولم أمكث بليبيا، بل ذهبت إلى الجزائر، وصلتها حوالي الرابعة والنصف، فقيل لي: هناك اجتماع بعد ساعة واحدة مع الرئيس هواري بو مدين، فدخلنا غرفة ودخل كل مجلس قيادة الثورة، وأنا أعرفهم جميعاً أو أكثرهم، فكانت مفاجأة سارة، وأتوا بمائدة عليها خريطة منطقة القناة، وسألني: اشرح لنا ماذا يجري، ولحسن الحظ كنا نجتمع في أيام الحرب وما بعدها يومياً في ما يسمى لجنة العمل، فكانت لدي معلومات وأنا لست بعسكري فأخبرته بالوضع، والمخزون الاستراتيجي هنا كذا، أعطيته معلومات أساسية، قلت له: أنا لست عسكرياً، قال لي: هذه الثغرة يمكن القضاء عليها ولكن بكلفة عالية، فإذا كان هناك استعداد لتحمل التكلفة، المهم أن لا تكون القيادة مهتزة. استوقفتني هذه العبارة فقلت: ليس هناك اهتزاز، ومع ذلك فالتلفون معك ويمكنك الاتصال بالرئيس السادات. فتحدث إليه ونحن جلوس، فسمعته يقول: طمأنتني الآن. يبدو أن هناك شخصاً، لن أسميه، سمح له خطأ بدخول غرفة العمليات أثناء المعركة، فسمع حواراً حاداً بين المشير أحمد إسماعيل عليه رحمة الله، وبين الفريق الشاذلي، فنقل هذا إلى العقيد القذافي، فاتخذ العقيد القذافي موقفاً -وكنت حينها وزيراً للإعلام- اتخذ الإعلام الليبي موقفاً أزعجني، كان سلبياً جداً في وصف ما أنجز. أريد أن أقول إن للإعلام دوراً كبيراً جداً، إنما المحافظة على دقة المعلومات وعلو الهمة تظل هي مهمة الدبلوماسي ومهمة العامل في الجبهة الداخلية ومهمة رئيس الدولة ومهمة الكل، نتعاون كل واحد بما عنده بغير منٍّ ولا أذى ولا استفزاز، والله أعلم. |
عريف الحفل: السؤال للأستاذ عبد الحميد الدرهلي ونرجو أن يكون سؤالاً مختصراً. السؤال الأخير ونعتذر للبقية. |
سيدي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إلى متى يظل الإنسان المتفوق حضارياً يفرض الحرمان على الإنسان الآخر الذي يعيش التخلف المزري؟ وهل يظل الإنسان ذئباً للإنسان؟ هل تظل الغريزة البدائية هي المسيطرة؟ وإلى متى؟
|
د. أحمد كمال أبو المجد: الجواب سهل: النظام الدولي الآن متخلف، لأنه طالت استباحة الضعفاء من جانب الأقوياء وصرت تفاجأ بالفيتو، تطلب أمراً معقولاً جداً، أن تقول: لا تقتلوا الأبرياء، يقول لك: فيتو، فهذا الخلل سيعالج، متى بالضبط لا أعلم. إن جهودنا جزء من الحل، وسكوتنا جزء من الحل فعلينا أن ننشط وأن نتحرك وأن نجند من نستطيع ونحن -كما قلت يومها للرئيس مبارك- لسنا صفراً، العرب ليسوا بصفر، نصف القضية بيدنا، وقليل من الصبر مع علو الهمة، ومواصلة المجهود نلقى الله شهداء.. أدينا واجبنا وليرى أبناؤنا ثمرة ما غرسنا، هذه سنن الله في الكون وشكراً. |
عريف الحفل: شكراً لمعالي الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد ومرة أخرى أعتذر للإخوة الذين وصلت إلي طلبات أسئلتهم ولم نتمكن من طرحها نظراً لانتهاء الوقت للحديث الشيق لمعالي الدكتور أحمد الذي لا يمل منه، وبودنا لو يطول الوقت، لكن الأمسية وصل وقتها إلى النهاية، ونقول له: نلتقيك على خير إن شاء الله، في مناسبات قادمة، لنسعد بحديثك أكثر وأكثر. |
|