شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيك سيدنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
قدم خصيصاً لاثنينيتكم من أرض الكنانة الولود الودود، جمع في مجرته الذهنية الفسيحة الأمداء، الكثير من المدارات والأنداء، تتنزه في أفنية أفكاره الإسلامية، ودراساته القانونية، فيأسرك بفكر دقيق، وتأمّل عميق. حمل المناصب ولم تحمله، له من اسمه نصيب، مرحباً بمعالي الدكتور أحمد كمال أبو المجد. حللت أهلاً ونزلت سهلاً معالي ضيفنا الكبير.
شأنه شأن كثير من المفكرين، شغلت ضيفنا الكريم قضايا الثقافة الإسلامية، فرأى ضرورة تثوير نهضة إسلامية شاملة، حجر زاويتها الإعلاء العقلي، عبر ثلاث مراحل مهمة: تحديد المقاصد العامة والغايات الكبرى للحياة والمجتمعات الإنسانية في ظل الإسلام، تحديد الحاجات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية القائمة في المجتمع الإسلامي في زمن معين ومكان معين، وأخيراً الاستعانة بمضامين النصوص القرآنية والنبوية في تحقيق التغيير الاجتماعي المتجه إلى النهضة والتقدم، وهو بذاك يؤكد جدلية تجاور العقل والإيمان في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء، لا سيما بعد الثورات العلمية التي أسقطت حدود الزمان والمكان، فنادى بوجوب وضع المسلمين على خارطة العالم والمستقبل، انطلاقاً من تشخيص المعضلات والعقبات التي تكبلهم، بتسوية أزمتين: الأولى مع أنفسهم، ومع حياتهم الثقافية والسياسية والاجتماعية داخل مجتمعاتهم، والأخرى أزمتهم مع العالم من حولهمم وفي سبيل ذلك يدعو ضيفنا الكريم إلى ضرورة تفعيل حوار الحضارات، مفنداً رؤيتي هنتنغتون في "صدام الحضارات"، وفوكوياما في "نهاية التاريخ"، مؤكداً ضرورة انخراطهم مع الآخر، والاعتراف بوجوده، بالبحث عن القواسم المشتركة معه، والإيمان بالتعددية بوصفها الحل الأمثل لمشكلات عالم العولمة، عبر حوار هادئ، ينحو إلى الإغناء والإثراء، وتأسيس خطاب لا ينهض من ذهنية عدائية، وعاطفة متشنجة تقود إلى إقصاء الآخر، بل يستهدف الحوار تجسير الهوة واحترام أدب الاختلاف، الذي يحترم التعددية، ويحتفي بحق الآخر في الوجود، مما يمثل ملمحاً جوهرياً، في كل كتاباته ومساجلاته الفكرية، ومؤلفاته التي تباينت أغراضها، وتنوعت بين القضايا القانونية والدراسات الاجتماعية وغيرها.
زاوج ضيفنا الكريم بين المد العملي والمد الثقافي الفكري، في عدة مؤلفات من أهمها كتابه الموسوم "حوار.. لا مواجهة" الذي صدر عام 1405هـ-1985م، تطرق من خلاله إلى عدة قضايا معلقة حسب وجهة نظره، والتي لم يحسم أمرها رغم أهميتها، ولم تزل مكان خلاف رغم مضي أكثر من ربع قرن.. وأشار بذكاء إلى موقفه منها دون تعصب أو إقصاء للآخر، فمنها: قضية الدين ودوره في المجتمع، ويرى أنها قضية هوية تستوجب نظراً فاحصاً وسريعاً حتى لا تعثّر المضي في معالجة عشرات القضايا الأخرى المرتبطة بها.. ثم تطرق إلى قضية المناداة بتطبيق الشريعة الإسلامية، موضحاً اختلاف وجهات النظر بصورة منهجية، لافتاً إلى أن الشريعة مقاصد قبل أن تكون نصوصاً، وأن تكاليفها ترجع إلى تحقيق مقاصدها.. وتناول بشيء من التفصيل العلاقة بين العروبة والإسلام، وأن في واقعنا أصداء تؤثر بدرجات متفاوتة على علاقاتنا الداخلية والخارجية بمختلف المستويات.. كما أفرد لقضية المرأة ودورها في المجتمع، حيزاً استعرض فيه الآراء التي تعيق حركتها في المجتمع، وآراء أخرى تغريبية تنحو تجاه الحضارة الغربية بكل تفسخها ومآلاتها غير المحمودة.. فالحوار في مجمله بين مختلف قطاعات المواطنين خصوصاً الشباب يشكل الأرضية التي تحمل أعمدة المستقبل.
إن التداعيات التي تمخر عبابها المنطقة العربية ليست بمنأى عن هوج الرياح، وقد وضع معالي ضيفنا الكريم يده على مكمن الداء، شأن كثير من المفكرين الذين رأوا في الاقتصاد عصب الحركة وقطب الرحى، فكل منجز حضاري واجتماعي لا يأخذ بالاقتصاد يعتبر غير ذي بال.. فالشباب الذين تقض مضاجعهم عنق زجاجة التوظيف، والمداخيل الشحيحة التي تتضاءل أمام ضراوة التضخم، والفجوة التي تتسع يوماً بعد يوم بين طبقات المجتمع، تهوي بالفقراء إلى أتون الحاجة، باستحواذ الأغنياء على أكثر من ثمانين في المائة من الثروة، كلها إشارات حمراء، وتشوهات شعواء تدق أسافين البؤس والشقاء، مما ينجم عنه في نهاية المطاف توترات دينية وعرقية ومذهبية، فتطوي بكل أسف صفحات التسامح والتصالح، والتعايش السلمي الجمعي.. ولعل ما نراه من تكتل اقتصادي في منطقة اليورو التي جمع بينها التكامل الاقتصادي لتصبح واحة من واحات الاستقرار التي ينظر إليها العالم، قدوة تستحق أن تستنسخ تجربتها باحترام كبير.
متمنياً لكم أمسية ماتعة بمعية معالي ضيفنا الكبير، وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم للاحتفاء بالأكاديمي والكاتب المعروف معالي الأستاذ الدكتور عبد المالك مرتاض، الذي أسهم في إثراء المكتبة بأكثر من ستين كتاباً في النقد والأدب وقضايا التراث واللغة العربية المعاصرة، والرواية والقصة، كما شغل مناصب دستورية مهمة في الجمهورية الجزائرية الشقيقة.. سعداء أن نلتقي به تكريماً، واحتفاء، وتوثيقاً لمسيرته، كفاء ما قدم في الساحة الثقافية والأدبية.
طبتم وطابت لكم الحياة.
والسلام عليكم ورحمة الله...
عريف الحفل: شكراً لسعادة الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجه مؤسس منتدى الاثنينية الثقافي، على كلمته الترحيبية. الكلمة الآن أيها الإخوة والأخوات في إطار الكلمات الترحيبية أيضاً بضيفنا المحتفى به هذه الليلة لسعادة الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني، رئيس النادي الأدبي بجدة، أستاذ النقد والدراسات الأدبية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :867  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 189 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.