شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الأستاذة شريفة بنت إبراهيم الشملان))
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلاة الله وسلامه على رسوله محمد وآله وصحبه أجمعين. بعد الذي قيل ماذا عساي أن أقول بعد كل ما سمعت؟ أسائل نفسي: ألي مثل هذا الدفع الجميل؟ إلى مثل هذه البصمة الجميلة التي تحدث بها هؤلاء الجميلون هنا؟ عندما كان الشيخ عبد المقصود خوجه يتكلم كنت أشعر برجفة كبيرة؛ هل هي أنا التي يتكلم عنها هذا الشخص اللامع الرائع الجامع القلوب في اثنينيته؟ حقاً شككت بنفسي، أوراقي التي قدموها قبلي.. قدمها الشيخ عبد المقصود خوجه.. قدمها أستاذي العزيز محمد قدس وزميلتي الرائعة نورة آل الشيخ، شعرت أن هؤلاء يعرفون عني أكثر مما أعرف عن نفسي.. أحببت كل كلمة قلتموها، أحببتها حقاً، والآن كيف أبدأ بأوراقٍ قد حرقتموها، جزاكم الله عني ألف ألف خير وجعله في ميزان أعمالكم.
لعلي أبدأها وأنا أقدم سلاماً من نجد للحجاز.. ومن ماء الخليج للبحر الأحمر، لعروسه الجميلة. سلامٌ لمن قطع الفيافي والقفار، ووصل حيث البوابة المشرعة للعالم "عروس البحر" فأحبها وانتظر العروس فلاحت له عبر الماء مرطبةً بالحب والجمال.. سلامٌ من تلك الواحات المعطرة بالحب والعطاء، ترسلها نجد الشرقية عدد سعف نخلها، وعدد ما حملته من حبات تمر معسلة، ترسلها للأرض التي ازدانت وتزدان بثقافة العالم والتي خرج منها رجل رائد يبني للأدب داراً، جعل الاثنينية نوراً يشع على الدولة، ومن ثم على الدول العربية، فبارك الله بك من رجل وبارك لك.. هذا الرجل الذي أمسى علامة من علامات جدة شكراً لك أيها الشيخ الفاضل، شكراً لنبلك الكبير، ولإصرارك رغم ما مر ويمر من غيوم سود على مواصلة العطاء، وتحديك السنوات العجاف مظللاً بريح الأدب والثقافة رياح السموم الحارقة.
أيتها السيدات والسادة مساءٌ معطر بالعود والزعفران وماء الورد، سلامٌ ورحمةٌ وخيرٌ عميم في هذه الأمسية التي أتمنى أن نجعلها مع بعض جميلة.. أنا كتبتها نتمنى ولكنها فعلاً تحققت منذ البدايات. لقد ازدانت بكم هذه القاعات بهذه الدار العامرة فشكراً لحضوركم البهي، اسمحوا لي قبل هذا وذاك ألا يفوتني إلا أن أترحم على فقيد جدة الأستاذ محمد صادق دياب، غفر الله له ورحمه رحمة واسعة بوسع سماواته وأرضه.
أيتها السيدات والسادة منذ وصلتني الدعوة وأنا أقلب في فكري ومشواري وأنظر لبصمتي هل وضعتها حقاً؟! هل هي في المكان الصحيح؟ وفوق هذا وذاك هل أستحق على تلك الحياة ومحطاتها أن أجلس على هذا الكرسي الذي جلس عليه كبار الأدباء والباحثين؟ هل سيكون هذا الكرسي مناسباً لحجمي أو ترى سيبدو كبيراً بحجم أولئك الذين مروا ويمرون؟ أرجو من الله عز وجل أن أكون فعلاً بمستواه يليق بي وأليق به وأليق بحضوركم البهي. أشكر مرات عديدة كل من ساعدني في مشوار حياتي حتى هذه اللحظة حيث أنا، أشكر لسعادة الشيخ ثقته بما أنتجت وبما تنتج المرأة السعودية وأنشطتها فيقدمها على منبره هذا، فباسم كل امرأة سعودية أوجه الشكر الجميل لصاحب الجميل، هذه أنا وهذه أوراقي التي تناثرت بين قلم يكتب في القصة والمقال ويغرف من هذا الواقع الكثير ليبحث عن الحلم ويحاول الإمساك به، وآمل إن شاء الله أن أكوِّن به صفحات حياتي. أظنني لن أستطيع أن أتكلم كثيراً عن الأمكنة والأدوار فقد سبق وأن تكلمتم عنها كثيراً جزاكم الله خيراً، ولكني سأقول شيئاً بسيطاً فقط، هو أنني مهما مررت ومهما كبرت، تبقى الأرض أرضي والمكان مكاني، وهذا الرجل الرائع الذي يقيم الأمسية هو من أروع رجال الحجاز، شكراً له مرة أخرى.
سأتحدث عن بوابة التعليم وأمر عليها مرور الكرام كما يقال، فقد مروا قبلي كثيراً.. أنا نشأت كما قلت في بيت علم وبيت يحب الأدب والآداب جميعها، نتلقف مجلة "الهلال" و "العربي"، وكنا كما سبقني من قال نطلب من جدتي "السبحونة" التي تعني القصة، وكانت تبدأ وتنام وتترك شخوصها أستلمهم وأدخلهم معي ونبدأ الحكاية مع بعضنا البعض، تبقى مهما بقيت ومهما رحت ومهما أتيت تبقى لعنيزة القصيم الطعم الخاص والرائحة اللذيذة.
بوابة التعليم: درست في مدرسة الزبير الابتدائية.. تطورت فيها حكايات جدتي طرت من خلالها نحو الغيوم والنجمات، وتدلت قدماي من القمر. في ثانوية "البصرة" كبرت وكبرت معي الحكاية وتميزت فيها ووجدت حقلاً رائعاً للأفكار؛ البصرة منبعٌ للأدب منذ قديم العصور، نكهة الشعر والشعراء تملأ جوها وتعبقه برائحة التراث القديم. جامعة بغداد فتحت لي أبواباً جميلة، جامعة بغداد وبغداد الرشيد عافاها الله وشفاها لأنها الأكثر تأثيراً بي، زلزلت السلامة في البداية في داخلي، هناك رأيت التاريخ.. رأيت مجداً.. رأيت وفود الأدباء والشعراء الزائرين: أحمد رامي، سهير القلماوي، بنت الشاطئ، كما عرفنا الفن الأصيل والرسم في المعارض، عرفت أدباء وباحثين مثل الدكتور أحمد مظلوم، وقفت فاغرة الفم أمام الشاعرة نازك الملائكة رحمها الله. أما التاريخ فكان أبوه الدكتور عبد العزيز الدوري غير بعيد عنا.. لقد كانت كلية الآداب زاخرة بالعلماء والأدباء وتواضعهم الجم، ولعلي أذكر بالخير الأستاذ الدكتور علي الوردي صاحب دراسة في طبيعة المجتمع العراقي المتواضع والمبتسم دائماً، رحمه الله وغفر له. في الصحافة تتلمذت على يد رجلين مصريين فاضلين هما الدكتور عبد اللطيف حمزة والدكتور عبد القادر حسنين، وهنا انتهى مشواري مع التعليم.
بدأت صفحة العمل ولعلي أسمي عملي "الإدمان". عملت بالشرقية ولها أدين بالكثير من نضجي العملي والكتابي، هي نموذج جميل للتجانس الإنساني فسباحتها فوق بحيرة من زيت جلبت لها أجناساً مختلفة إلا أنها استفادت كثيراً من هذا التجانس، وإدخال ثقافات جديدة على المنطقة. كما لا ننسى فضل شركة "أرامكو" في إيجاد المكتبة السيّارة بين القرى ما شجع كثيراً على تنمية حب القراءة. كان اختياري للعمل بالشؤون الاجتماعية اختيار العمل الإدمان الذي لا نريد التخلص منه، عشقته بولهٍ وشغف، وخلال سبعة وعشرين عاماً كنت كل يوم أتعلم شيئاً جديداً وأدخل فيه بعالم معرفي، وأكبر ألم يصيبنا عندما تأتينا سيدات رائدات فنعمل وكان الرجال يذهبون بأعمالنا ومنجزاتنا فيعرضونها في الخارج حيث لم يكن مسموحاً لنا كنساء السفر والانتداب للخارج. كنا نتمنى أن نتواجد أسوة بزميلاتنا العربيات حيث تتلاقح المعارف والأفكار، والأفكار تتوالد فالطفولة نحن أولى بها وعالم الأيتام والمعاقين وما إليه نحن كنساء أكثر اهتماماً به.
عمل آخر وجدت نفسي فيه وأحببته كثيراً، دق بابي في حين لم أفكر به، وهو العمل مع هيئة حقوق الإنسان. هو عمل سر جماله يكمن بتعبه، وهو كيف ننشر ثقافة حقوق الإنسان، كيف نؤسس لهذه الثقافة؟ كيف نبصر بالحقوق والقراءات الجيدة للأنظمة والقوانين الدولية التي وقعت عليها المملكة العربية السعودية؟ وكيف الاستفادة منها لنبحث حقوق المرأة والطفل؟ وهنا أعود بكم جميعاً للهاجس الذي حملته منذ صغري وهو كينونة المرأة وهويتها والاعتراف بحقوقها كإنسانة ومواطنة، وهو شيء سيكون لي ما بقيت حياتي حتى أغادر.
أيها الحضور الكريم، الصفحة الأخيرة هي صفحة الأدب والكتابة أولاً وأخيراً، وسميتها "العود إذا استوى"، لكني لست أظن أنني بحاجة للكلام الكثير عنها لذا سأختصر؛ فأنا بدأت مع الكتابة في جريدة "اليوم" مرة في الأسبوع، حيث كنت أكتب صفحة كاملة كانت تصدر يوم الاثنين واسمها "يوم في الأسبوع" وذلك بين عامي 1400 و 1401هـ، ثم تركت الكتابة في تحرير هذه الصفحة، مع استمرار كتاباتي في القصة القصيرة في المجلة "العربية" وجريدة "الجزيرة" ومن ثم "عكاظ" وبعض المجلات العربية مثل "إبداع" المصرية، و "البيان" الكويتية، وجريدة "القبس".. لعل الذي جعلني معجونة بالناس ولهم هو المقال الذي ينبع من نبضهم، ذلك كان اسم مقالي شبه الأسبوعي في جريدة "الرياض" "نبض الكلمة" منذ عام 1989 إلى اليوم.
لا حاجة للكلام الكثير عن المجاميع إذ سبق أن وردت سيرتها. ها أنذا أستمع إلى آرائكم وليكن الحوار أنتم صانعوه، ولكن قبل هذا وذاك أكرر الشكر لكل من حضر.. وشكرٌ.. وشكرٌ مميز لهذا الطيب الرائع الشيخ عبد المقصود خوجه الذي أتاح لي فرصة الحديث هنا وسلمني هذا الكرسي لهذه الليلة، شكراً جزيلاً لصاحب الجميل، شكراً لكم.. جزاكم الله خيراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :658  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 184 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج