شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
عريفة الحفل: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أصحاب المعالي أصحاب السعادة، الإخوة والأخوات الحضور الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إعلامي بارز، خبير في شؤون وثقافة وتراث وفنون وطنه، صاحب العديد من الإصدارات التي انتشرت في العديد من الصحف العربية والخليجية، له من الأعمال الأدبية والإبداعية ما جعله خبيراً في مجال الإعلام المرئي، والمكتوب. كتب للأسرة والطفل من خلال العديد من أوراق العمل والدراسات التي قدمها في المؤتمرات التي حضرها. كما شارك في نشر الوعي الأمني بين فئة الناشئة والشباب.. هو سعادة الدكتور أحمد جعفر عبد الملك الكاتب والإعلامي القطري، وصاحب العديد من الإصدارات منها: "أوراق نسائية" في جزأين، و "مهاجر إلى عينيك"، و "امرأة الفصول السريعة"، و "شيء من الهمس".. فمرحباً بسعادته بيننا في هذه الأمسية. واسمحوا لنا بطرح الأسئلة. يسعدني أن ألقي بأول سؤال على سعادة ضيفنا الكريم مني شخصياً أنا نازك الإمام من الإذاعة السعودية.
دكتور انتقدك القراء في إصدارك الأدبي الذي أصدرته بعنوان "فازع شهيد الإصلاح في الخليج" بسبب العيوب الأدبية التي ظهرت في الرواية، والتي وقعت في زمن افتراضي، وهو زمن ما بعد 2050 للميلاد. هل تشابهت الشخصيات في الرواية مع الشخصيات الحالية في منطقة الخليج، فلماذا وشكراً لكم.
الدكتور أحمد عبد الملك: شكراً للسؤال: في الحقيقة أي عمل روائي تكون له إسقاطات في الواقع الذي يعيش فيه الإنسان، لكني لم ألمس أي تشابه سوى في قضية بطل الرواية، أن يكون رئيس تحرير أو كاتب من الكتاب في جريدة من الجرائد، ولكن قضية أن هناك ملكاً، وهناك مملكة وملكاً فاسداً فهذه قضية كنا نتكلم عنها على أساس أن الدولة هي مملكة دستورية، وهناك مجلس نيابي موجود في البلد، لذلك قلت أن هناك ثلاثة أحزاب تتصارع في هذا البلد. أنا لم أجد تشابهاً إلا في النشاطات أو أنماط الحياة من ناحية أماكن اللهو التي يلهو بها الشبان الثلاثة، أو قد يكون السجن الذي جمع الإسلاميين والليبراليين معاً. طبعاً أنا التقطت صورة اليوم، اليوم هناك طرفان في منطقة الخليج: الطرف الإسلامي والطرف الليبرالي، وكلاهما يحاول أن ينظم نفسه لناحية خلق مستقبل جديد في المنطقة، ولا عيب في ذلك، إذ إنني أعتقد أن الديمقراطية هي التي تحدد مسار الشعوب في نهاية الأمر. فالرواية كانت هي هذا الصراع بين الليبراليين وبين الإسلاميين وكيف أن الحكم لم يلتفت لهذه القضية، حتى استفحل، لذلك فإننا اليوم إذا ما أردنا أن نقيم إسقاطاً، فإن ما يجري في إحدى دول الخليج هو نمط من الأنماط التي تؤدي إلى الانفجار لأننا في هذه المنطقة من العالم لم نحفل بخلق المجتمع المدني، وأنا أعددت ورقة هذه الليلة، لربما أن الأخ سعد أنقذني عندما قال لي لا تتحدث عن كتبك، وإلا فأنا منذ عشرة أيام في صدد إعداد ورقة علمية عن المجتمع المدني في الخليج، وحاجتنا لأن نخلق مواطناً يؤمن بوطنه، لا يؤمن باسم أبيه. وهذه قضية أعتقد أنها مهمة جداً، وهي تجنب المنطقة الكوارث السياسية المقبلة. شكراً.
سؤال من الأستاذ أنور فرحات:
السلام عليكم. "أنور فرحات المهنة مترجم". الأستاذ أحمد قلتم إن النموذج الإعلامي في دول الخليج تغير عن النمط القديم أي المنهج المصري، فلماذا لا نزال نرى أن هناك انفصالاً جزئياً بين ما يقدم في الإعلام وبين الموقع المجتمعي، حيث هناك انفصال كامل بين قناة الجزيرة والواقع القطري.
الدكتور أحمد عبد الملك: شكراً أخ أنور. طبعاً النموذج الحالي الذي أتكلم عنه يعود لأربع سنوات مضت لا أكثر، لأن النمط السائد ظل موجوداً، ولعلّك تتفق معي في أن القناة المصرية نفسها ظل لديها مذيعان اثنان، و "قطع" على هذا وقطع على ذاك، ونحن نسميهم من يبيعون الشاي، أي في كشك الشاي حتى في تلفزيون قطر. فظل النموذج والقطع المزعج هذا حتى للبصر. يا جماعة إن التلفزيون آلة بصرية متحركة وليست ثابتة، وبالتالي ترون اليوم أن المذيعة تأتي بكامل جسمها والمذيع أيضاً، ووراءهما الشاشة الكبيرة أو ما نسميه virtual العالم الافتراضي، فبالتالي تغير النموذج، لكن أتفق معك حتى هذه اللحظة بأن تلفزيون قطر لم يأخذ من (الجزيرة) ولا حتى 10%، أنا أتفق معك حول هذه القضية ولا أختلف معك أبداً، وأنا أحد المطالبين بها، وقبل أسبوعين كان لي مقال -طبعاً نحن لدينا حرية تعبير في قطر في هذا المجال- عن كيف ننقذ التلفزيون، لم تأخذ المحطات الرسمية حتى اليوم حقها من الإنسلاخ. نحن جاءنا النموذج اللبناني لنكن صريحين. والنموذج اللبناني اليوم في دول الخليج كما ترون فإن بعض المحطات تقوم بتسجيل برامجها في لبنان، وهي برامج لا تمت إلى الواقع الخليجي بصلة ودعوني أكون متفائلاً: سبعون بالمائة منها تغيّب الفكر، وتركز على الراقصات وتركز على البنات "المحززات"، وتركز على البهرجة الإعلامية إذا صح التعبير. القضايا الفكرية خاصة بأمن المنطقة ونحن لدينا مثلاً بوشهير أقرب إلى البحرين من طهران وفيها مفاعل نووي، إذا حدث تسرب مثلما حدث في الصين فنحن ذاهبون جميعاً. فبالتالي لا يركزون على القضايا الفكرية والقضايا المهمة بقدر ما ينفقون الملايين على مسابقة ربما أو ما شابه.. فبالتالي النموذج أيضاً -وأنا لا أذكر الجنسيات بحساسية لكن هذا واقع- لقد جاءنا التحرير الإخباري من مصر، وجاءنا التعليم من مصر لا أحد يختلف على ذلك، مدارسنا تأسست على أسس مصرية. الآن جاءنا الإعلام وقال: لا، إن المدرسة المصرية تقليدية، دعونا نأتي بالمدرسة اللبنانية. طيب أين المدرسة الخليجية، لماذا لا نكون معتدلين في الوسط ونشجع شبابنا.. أنا يعجبني في السعودية أن هناك مذيعين شباناً طلعوا من خيرة الناس لغة وحضوراً، كما بعض الإخوان الذين عملوا في محطات فضائية أخرى. هناك جيل يجب أن نركز عليه لذلك خصصت ثلاثة من كتبي للمذيعين وكيفية تطويرهم، فنتمنى من الإخوان القائمين على الإعلام أن يأخذوا بمدرسة جديدة، ولنسمها مدرسة الحرية، مدرسة الوسطية، سمها أي مدرسة ولكن فلتخرج من زاوية الإغراء وشكراً.
سؤال من قسم السيدات، من الأستاذة زهرة خميس باحثة في مجال المرأة وعلوم الفلك.
السلام عليكم، الثورة الفكرية قادمة قادمة، وما نراه عربياً ما هو إلا مرحلة من مراحل تفاعل المادة. أكثر المتضررين هم أصحاب السلطة، فالزمن القادم أنثوي، فماذا سيكون من شأن الرجل الذي ينادي بهذه الثورة الفكرية؟ وشكراً.
الدكتور أحمد عبد الملك: أنا أعتقد يعني أنه إذا كان الرجل كلمة إطلاقية على العموم، فلا بأس، لكن لا أتمنى أن أكون مقصوداً بها، فقضية المرأة وأن نفصلها عن أن تكون نصف المجتمع فهذه قضية قديمة، موغلة في القدم طبعاً، وأعتقد أننا تجاوزناها اليوم. أما المتضررون من أصحاب السلطة، فنحن علينا أن نرى الأنظمة -وإن دخلنا في السياسة قليلاً- لنجد أن عورات الرؤساء تنكشف بعد موتهم، أو بعد تنحيتهم، بالتالي نعيش أزمة ونعيش حراكاً وأنا متأكد من هذا، وقد يختلف هذا، الحراك بحسب درجة سخونته من قطر إلى قطر، وكلما كانت هناك مؤسسات مجتمع مدني، ودولة تنحو إلى الديمقراطية، كان هناك نوع من التعجيل بالثورة، وقلب الطاولة أمام الحكام الطغاة. المرأة دورها قادم وأنا لا أختلف في هذا، وجميع ما كتبت عن هذا الموضوع يصب في اتجاه المرأة نصف المجتمع وبأن المرأة لها دور، وأنا شخصياً زوجتي تخرج في التلفزيون، لا أرى في هذا غضاضة وابنتي تعمل في قناة الجزيرة للأطفال، ولله الحمد أعيش مستقراً، وأؤمن بأن لكل إنسان دوره في الحياة، وأنه إذا كانت هناك قيم في المجتمع فعلينا أن نحترم هذه القيم، ولكن هذه ليست الصخرة التي تعيق الملاحة في هذا العالم، وشكراً.
سؤال مع الأستاذ غياث عبد الباقي الشريقي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الفضائيات العربية منها الرسمي ومنها الخاص، وما أكثرها، هل وهي تقوم بتغطية الأحداث الحالية وما يجري في مدن القبور على امتداد الساحة العربية، هل التزمت وتلتزم بالشفافية والحيادية، والمنهجية والأخلاق؟ ثم هل الإعلام الفضائي الغربي أفضل من نظيره العربي؟ نرجو سماع رأيكم وشكراً.
الدكتور أحمد عبد الملك: نعم، بالنسبة للسؤال الأول، دعونا نكون صريحين: في العالم العربي لا توجد حريات إعلام مطلقة، مهما سمعتم على الشاشات، فلا تصدقوا، دائماً من يملك الوسيلة هو من يتحكم في المادة التي تعبر عبر هذه الوسيلة. واجهنا في اليونسكو عام 1974 قيام دول العالم الثالث بشكوى إلى الأمين العام بسوء اختلال التوازن الإخباري والثقافي بين الشمال والجنوب. وقدمت مذكرة وكان مختار أمبو أميناً عاماً، وغضبوا منه لتبنيه المشروع لأن جميع المواد تأتي من الغرب ولا يوجد feed back موازٍ خمس وكالات غربية تمطر الإعلام العربي بالكتب وما إلى ذلك، لا سيما وإن عرفنا أن الكتب في العالم العربي والإنتاج العربي لا يساوي حتى اليونان في هذا الوقت، فبالتالي لا توجد حرية مطلقة. التغطية تتم حسب البيئة الجغرافية للمحطة وحسب اتجاهات السياسة لهذا البلد، حتى أعتى المحطات حرية نحن كأكاديميين نستطيع أن نثبتها بالأرقام، لا يوجد لديها حياد في تغطية الأخبار في هذه المناطق طبعاً نحن كبشر، قد ننحاز لقضايانا الخاصة، لكننا تعودنا من العصبية القبلية ألا نفرط بأن الديمقراطية هي حكم الأغلبية، لكنها لا تلغي الأقليات. في الديمقراطية هناك أساس للحفاظ على الأقليات وليس إلغاؤها، فبالتالي الدول الكبيرة تعتبر أن الأقليات ليس لهم دور، والتغطيات التي نراها أؤكد لك بأنها تخالف الأخلاق وتخالف الحياد، هذا بالنسبة للفضائيات العربية. أما بالنسبة للفضائيات الأجنبية، فالعامل الجغرافي مهم جداً، ونحن مفتونون بالإعلام الغربي لأنه حر، هذا أولاً، ولكن في الوقت ذاته، من منطلق الذات، نستطيع أن نقول للإعلام الغربي هنا أخطأت وهنا أصبت كذلك، إذ هناك محطات اليوم كبي بي سي على سبيل المثال، إذا كنتم من متابعيها، من الممكن أن تغطي رغم حياد البي بي سي -وهي أسطورة الحياد الإعلامي في العالم ونحن درسنا وتلقينا دورات في البي بي سي- نراها في منطقة من المناطق كفلسطين مثلاً تنحاز لفئة دون أخرى، اليوم في البحرين تنحاز لفئة دون فئة، وهذا يخرجها عن قضية أن تكون حرة أو أن تكون محايدة ولكن في الوقت ذاته يعني التغطيات. أنت كمتلقٍ من حقك أن تتلقى الجديد والمفيد والسريع، فهذه المحطات تمتاز بأنها تملك الأقمار وكما تعرفون العالم مغطى بثلاثة مواقع للأقمار للإنتلسات، وبعد ذلك جاءت الدول العربية العرب سات وتركيا سات والأندونيسيان ولها أقمار، ولكن طيلة ثلاثين عاماً ونحن مرتبطون بالإنتلسات الذي اتخذ أيضاً مقولة من يأتي أولاً، يخدم أولاً، فبالتالي تجاهلونا نحن كعرب وتجاهلوا قضايانا وظلت طيلة خمسة وعشرين عاماً أخبار مارغريت تاتشر، وريغان تأتي إلينا ونبثها، وهنا أصل إلى نتيجة قصيرة جداً: عندما يقولون يخطئ الكثير من الإخوان العلماء ومفكري هذه الأمة أننا نتعرض لغزو، يا أخي أنا أقف عند هذه الكلمة لأن الإخوان يطلقون الأخبار على محطات وعلى الفضاء، تستقبلها محطاتنا والقائمون على محطاتنا، أناس ومواطنون، في التلفزيون أناس ومواطنون، وفي الإذاعة كذلك الأمر أيضاً.. لماذا تبثون هذه المادة وبعد ذلك نتباكى، ونقول نحن نتعرض لغزو؟ فبالتالي هذه القضية، يعني أنا حاولت أن أعرج عليها، ولكن نعود مرة ثانية كذلك إلى أن الإعلام الغربي نفسه غير محايد.
سؤال من قسم السيدات:
سؤال عن المجموعة كلها، لحظة الانتقال بين الإذاعة وشاشات التلفزيون وصفحات الصحف والمجلات في رأيك، وفي نظرك أيهما أفضل الإعلام المرئي أم المقروء أم المسموع؟
الدكتور أحمد عبد الملك: هذه قصة طويلة، يعني درجت العادة أن يتحول كثير من الإعلاميين الذين يعملون في الإذاعة إلى التلفزيون، على الأقل صارت عادة في الخليج. إن التلفزيون أنشئ بعد الإذاعة فتدرب جيل -خصوصاً المذيعون والمصورون- على اللغة، فأخذهم التلفزيون. فنجد اليوم -وأنا لا أريد أن أدخل في المذيع لأنني اشتغلت 25 سنة- نجد اليوم شخصاً في التلفزيون لا يعبّر، أي يقدم برنامجاً ووجهه حيادي جداً، لذلك لا يجذبك، هذا أولاً، وهناك مسألة الآي كونتاكت eye contact أي الاحتكاك البصري مع المشاهد، هناك الكثير من مذيعينا يقدمون وكأنهم روبوتات "بشر آليون"، فقضية نقل غير المؤهلين من الإذاعة إلى التلفزيون كانت في خطأ ارتُكب، ولعلكم تستذكرون الآن أسماء مرت عليكم في التلفزيون. أنا أجد طبعاً أن الصحافة كانت متعبة، ولذيذة في آن واحد. ففي الصحافة يظل الإنسان هو الحكم وهو المسؤول عما سيأتي ويخرج غداً، فهو مسؤول عن القيمة الأخلاقية للجريدة في الغد، لذلك تجدني أقرب إلى الصحافة والعمل الصحفي منه إلى الإذاعة والتلفزيون، علماً بأنني لم أمض الكثير من الوقت في الصحافة -سنة أو سنتين كرئيس تحرير- لكنني ما زلت أكتب في دول الخليج وفي قطر كذلك، وأجد أن الصحافة هي الأطول عمراً على الأقل بالنسبة للإعلامي.
سؤال للأستاذ وليد محجوب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إن التجارب الشخصية للكثير من الناس الذين سافروا إلى الكثير من الدول مع الصورة النمطية للشخصية العربية التي كرّسها الإعلام الغربي، هي تجارب فيها الكثير من الصور المأسوية في قلوبنا. سؤالي لماذا فشل الإعلام العربي في مخاطبة عقول الشعوب الغربية بدلاً من تركيز خطابه إلى النخب الحاكمة في هذه الدول؟ وهذا ما أثبت فشله إلى درجة كبيرة جداً.
الدكتور أحمد عبد الملك: حبذا لو أنه ركز على النخب، لكنه ركز على نخب النخب. وكان بودّنا لو ركز على النخب فعلى الأقل ربما يملكون رؤية أخرى. الصورة النمطية مثلما قلت، جاءت وليدة مشاهدات؛ لقد قرأت الرحلة السعيدة لكاتب دانمركي، جاء إلى هذه المنطقة ومر في المملكة في القرن السادس عشر، وتحدث عن مباني جدة، وهُرب إلى مكة المكرمة، وحضر الشعائر، وله كتاب جميل جداً وظريف اسمه فان كور أو شيء من هذا القبيل، ثم ذهب إلى اليمن ودخل إلى الخليج ومن هناك إلى الساحل الإيراني ودخل إلى البصرة، ومن ثم إلى بيت المقدس. المهم أن الصورة تختلف والعقلية تختلف ما هو الشيء الذي خلف هذا الغطاء؟ هذا أولاً، ثانياً لربما يسأل أين البترول، هذا من الأسئلة الكثيرة التي ترد في أذهان الناس. ثمة حكاية تسببت في طرد مراسل البي بي سي من البحرين في أثناء القمة الخليجية، كنا موجودين وأنا كنت مسؤولاً عن المركز الإعلامي. جاءني أحدهم من البي بي سي وقال: طردوا أحدهم، فاكتشفنا أن هذا المراسل ترك القمة وترك الأحداث وذهب إلى إحدى المقابر لإخواننا الشيعة الذين كانوا يدفنون ميتاً، ليحصل منهم على مقابلة حول القضية بين السنة والشيعة. فانظروا إلى اهتمامات الغربيين كيف تتجه. فبالتالي هذه الرؤية الغربية، هم يريدون هذا. أما لماذا فشل الإعلام العربي، لأن الإعلام العربي إعلام دول وإعلام أنظمة، وليس إعلام شعوب، وأنا أتمنى أن يكون إعلام شعوب، وأعلنها من هنا: إن صورتي كمواطن غير معكوسة في الإعلام، منذ ثلاثين سنة حتى اليوم صورة... للمواطن، للحاكم، والحاكم يقول طالما أنا أملك هذا الشيء، إذاً صورتي في الحكم كما صورتي على العملة مثلاً، فبالتالي هذه نمطية من النمطيات. الآن افتتحت عندنا (الجزيرة) الناطقة بالإنجليزية، وعندنا في الدول العربية أعتقد كل دولة تقريباً يعني لها قناة ناطقة بالإنجليزية، لكنها تسيّرها تسييراً عربياً، وهذه إشكالية، إذ يجب علي أن أخاطب الناس بعقولهم وليس بعقلي أنا. أنا أمنع رؤيتي ولكن بعقليتي، يعني أنا أذكر في البي بي سي عندما كانوا يقولون لماذا نحن لا نقمع الناس؟ عندما كنت أدرس إحدى المحطات الأمريكية كان هناك يهودي يقول: عندما أتيت إسرائيل، كان هناك خراب وكان هناك أناس يسكنون بيوت الصفيح، ولم تكن أزهار، لكن تعالوا اليوم.. ويريك المشهد أشجاراً مثل هذه، وبناء نظيفاً فيه رخام وفيه كذا، وفيه حدائق ونوافير. ثم قطع مرة ثانية على الفلسطينيين، فأرانا أحدهم يبكي قائلاً: أخذوا لي بيتي، أخذوا أهلي، أخذوا أولادي.. لاحظ إذاً الصورة النمطية. اليهودي ظهر بصورة من يبحث عن الحياة، والفلسطينية ظهرت وكأنها تبحث عن الموت أو تلطم خدها. فبالتالي الصورة التي حاولنا أن نرسل بها إلى الغرب لم تكن سليمة. الآن هناك بعض المحطات الجيدة التي أتت بعقول منهم ودفعنا لهم نقوداً حتى يتكلموا على الأقل بحياد. وشكراً.
عريف الحفل: فلتسمح لي الزميلات في القسم النسائي، لأن لدي تساؤلاً أنا زميلك في الإعلام محسن العتيبي، ومقدم هذه الأمسية. ولكن من مشاهداتي الشخصية للأحداث وما يدور في الحراك السياسي في هذه الأيام، أتساءل وأرجو أن تجد لي دكتور أحمد عبد الملك جواباً لهذا التساؤل:
وصلني من بعض المثقفين أن هناك شيئاً يسمى بالثلاثي كاشف المستور: الإنترنت، وكاميرا الهاتف المحمول، والقنوات الفضائية. كيف ترى مستقبل الإعلام الرسمي وموقع الإعلامي الرسمي من هذا الثلاثي الذي يطلق عليه البعض كاشف المستور -وهو الإنترنت وكاميرا الهاتف المحمول التي تنقل لنا بعض الأحداث التي لا يسمح بوصول الكاميرات الرسمية إليها والقنوات الفضائية؟
الدكتور أحمد عبد الملك: هذا سؤال جميل، وتقودني أنت إلى الحوار الدائر اليوم. كنا في ندوة العام الماضي في دبي في جريدة الاتحاد حول الإعلام التقليدي، وإعلام الشباب. فأتوا بمجموعة من الشباب الناشطين في التويتر والآي باد والإنترنت، وأتوا بشباب شيّاب مثلي أنا معتادين على القلم والورقة. فخلصنا إلى نتيجة مفادها أن الرقابة سقطت في العالم العربي مهما حاولوا الإنكار.. لقد كنا ننادي بسقوط الرقابة قبل ثلاثين عاماً وكان الرقيب يقف على الورقة التي نكتب عليها، وكان الرقيب يعشش في رؤوسنا ونحن نكتب. اليوم مضى الرقيب ولم يعد يعشش، لأنني لو رفض رئيس التحرير أن ينشر المقال فسأنشره في الموقع أو أنشره على أي موقع آخر من المنتديات، فهذا الرقيب سقط. اليوم أصبح كل إنسان مشاركاً في العملية الإعلامية، كل إنسان يمكنه تصوير الحدث في مكان ما ويرسل الصورة على الموقع أو على التويتر لزملائه ويتحقق منه المرجو. ولكني في الوقت ذاته لا أنحاز إلى الإعلام التقليدي، نحن لا نريد أن ننزلق إلى فوضى؛ فوجود حاكم عربي مع عائلته مثلاً في مطعم بين الناس في إطار خصوصية معينة، ومن ثم تأتي وتصورهم وتضعهم على الإنترنت وتقول هذا سبق، فإني أعتقد أن هذا خرق للخصوصية وبالتالي يمكن أن يعرض أمن هذا الشخص للخطر، لأنه يمكن أن يظهر على الإنترنت في اللحظة نفسها وأنت لا تدري، فلا يجوز هذا. أيضاً تحدثنا عن منظومة الأخلاقيات codes of ethics التي يجب أن تنظم هذا الأمر، ولكن من الصعوبة أن ننظمه، وبالتالي أصبح الإنسان نفسه صحفياً في أي مكان كان.
عريف الحفل: نظراً لانتهاء الوقت المحدد للأمسية فسنكتفي بسؤالين من قسم السيدات وآخر من الرجال.
قسم السيدات، الأستاذة منى مراد:
كان هناك العديد من الإصدارات الأنثوية مثل "امرأة الفصول السريعة"، و "رسائل إلى امرأة تحترق" و "مهاجر إلى عينيك"، و "أوراق نسائية" فمن المرأة التي تخاطبها في تلك القصص؟ ولماذا هذا الكم الجميل من إصداراتك إلى هذا الكائن الرقيق؟
الدكتور أحمد عبد الملك: الحمد لله أن زوجتي ليست موجودة معكم وإلا فسوف تكون مشكلة. في الحقيقة أعتقد كما قلت أن المرأة هي مكوّن أساسي من مكوّنات الرجل وإذا غيّبنا الرجل أو غابت فإن الرجل طبعاً يحنّ إليها دائماً. المرأة تشكلت في كثير من المواقع التي ذكرتها لربما خيالياً ولكن الشيء بالشيء يذكر:
تتصل بي الكثير من الأخوات عندما كنت أكتب في (زهرة الخليج)، أو أوراق نسائية الذي صدر قبل فترة عن وزارة الثقافة، ويقلن بأني لست الكاتب الحقيقي وإنما من يكتب الكلام امرأة واتهمن زوجتي فترة من الفترات رغم أن زوجتي ليست أديبة فهي فنانة في الطبخ، لذلك كنت أكشف حقيقة شعور المرأة ولعل (القنبلة) -القنبلة يعني من يرى العنوان يعتقد بأني إرهابي- هي قنبلة امرأة مريضة تنفجر في داخلها، عندها مرض معين، قصة حب رقيقة جداً لامرأة تحب الحياة لكنها توفيت بهذا المرض.. فالمرأة محور رئيسي في كتاباتي، ولي حتى اليوم صفحة في (زهرة الخليج) لربما تكون اجتماعية لكن محورها المرأة، فمن منا لا يحب المرأة ويطرب لها وهي شريكة في المسار وشريكة في الخيال.
سؤال من الدكتور يوسف العارف:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين. أعتقد أن قضية عدم التواصل بيننا وبين بعض أشقائنا المثقفين في أقطارنا العربية والخليجية قد وجدت ضالتها من خلال هذه الاثنينية المباركة التي يقيمها الشيخ عبد المقصود خوجه، فنتعرف فيها على ملامح الأدب والأدباء في كثير من المناطق فالشكر لله ثم للشيخ عبد المقصود خوجه على هذا التواصل الجميل. أعتقد أن ما يشفع لي بالحديث عن الضيف ومع الضيف، عندما استمعنا إليه، ومن خلال هذا الاستماع وقفت على مجموعة من المحطات التي تشكل شخصية الضيف وهي التي تثير أيضاً السؤال المحوري؛ مسألة العدالة والخير والجمال وقيم الأخلاق التي يتمنطق بها الضيف العزيز. أنا فعلاً أشعر أن الكثير من المثقفين يجب أن يلتزموا بهذه القيم ويعيشوا على ضوئها. المثاقفة وصناعة الذات أعتقد أن المفكر الحقيقي هو الذي يدخل في مثاقفة عميقة جداً مع الفكر المحيط ويصنع ذاته المفكرة وبالتالي يتوّجها برأيه السياسي. ما لمسته أيضاً أن الضيف العزيز مثقف شمولي لا يتخصص في جانب واحد، بل هو روائي، وهو شاعر، وهو مسرحي وهذا يطرح التساؤل كيف مع هذه الخلطة، ما هي الخلطة السرية العجيبة التي تجمع بين هذه الفنون وأخيراً تتحدث عن التمرد وعن الخروج عن الأقواس؟ سؤالي الأخير: هل لا يزال الدكتور أحمد متمسك ومستمر في هذا التمرد وهذا الخروج عن الأقواس، أم أنه عقل وتاب عن هذه الأمور؟
الدكتور أحمد عبد الملك: يبدو أنك أردت تفجير نهاية الأمسية. في الحقيقة وبالنسبة للسؤال الأول، فإن الخلط قد جاء تلقائياً، أنا لم أخطط له بصراحة، كما أنني لم أخطط لأقداري الإعلامية لناحية الوظيفة، لكني وجدت في النهاية أنني أميل أكثر إلى الرواية في هذه الأيام، وقد صدرت لي أربع روايات والخامسة على الطريق إن شاء الله هذا العام. إن الرواية أكثر قدرة على التعبير، وإن مستقبل الرواية العربية يأتي في المقدمة للتعبير عن شؤون الأمة وشجونها. وإنها تعطيك من المساحة الكبيرة ما لا يعطيك إياه الشعر، أو النمط الآخر أو الأنماط الأخرى. بالنسبة للتمرد، قبل أسبوع كنا في الدوحة حيث شاركنا في ندوة، فسألني المفكر الإماراتي عبد الخالق عبد الله قائلاً: "هل أنت نادم على ما قمت به"؟. قلت له: "أبداً لست نادماً على ما قمت به"، فقضية التمرد محاولة للإصلاح، وآخذه في مأخذه أو في خانته الإيجابية، لا السلبية. نحن في العالم العربي ونتيجة لتربيتنا على الخوف، وعلى العيب، أصبحنا عندما نأتي بكلمة تمرد نأخذ عنها التفسير السلبي، فهذه قضية تربوية نشأت معنا، لكنني أنا مع التمرد الإيجابي الذي يحيي الخير والعدل والجمال، لذلك وبعدما ادلهمت الخطوب علي، قبل ست سنوات، لجأت إلى ملجأ جديد هو الدفاع عن حقوق الإنسان، وأنشأنا منتدى في الخليج لتحويل المجتمع إلى مجتمع مدني، وبث روح المواطنة، لا الانتماء الوطني، وهناك فرق كبير بين الانتماء الوطني والمواطنة. وشكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :620  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 177 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج