يَا أَنتَ يا صِنْوَ القَمَرْ |
إِنِّي بِقُرْبِكَ أُحْتضَرْ |
أَنْتَ الذِّي كَمَّمْتَني |
مُنْذُ الطُّفولَةِ لِلْكِبَرْ |
لا زِلْتُ أَحْبو في عُيونِكَ |
لا أُفَكِّرُ كَالبَشَرْ |
أَوْ كَالرِّجالِ، وأَنْتَ مِنْهم |
كَمْ تُغالِطُ يا عُمَرْ |
ما ذا الغُرورُ؟! وذا التَّضَخُّمُ! |
في شَوارِبِكَ السُّمُرْ؟! |
لاَ رَأْيَ لي بوجودِ رَأْيِكَ |
أَنْتَ عَلاَّمٌ خَطِرْ! |
قُلْ لي -بِربِّكَ- يا حَبيبي: |
كَيْفَ أَمَّمْتَ الفِكَرْ؟! |
فَجَعَلْتَها لَكَ سَرْمَداً |
دونَ النِّساءِ، فَلَمْ تَذَرْ |
لي بَعْضُها، أَوْ بَعْضُ بَعْضٍ |
يا رِجالاً في نَفَرْ
(1)
|
فَإِذا احْتَججْتُ على قَرارٍ |
قَدْ تَمادى في الضَّرَرْ |
قُلْتَ: اسْكُتي لا دَرَّ دَرُّكِ |
إنَّني المَوْلى الذَّكَرْ |
هذي الشَّوارِبُ شاهدِيها |
هلْ لَدَيْكِ كَما عُمَرْ؟ |
يا سَيدي مَهْلاً، تَواضعْ |
وَاسْمَعنْ مِنِّي العِبَرْ |
أَهِيَ الرُّجولَةُ في الشَّوارِبِ؟ |
لَيْسَ في فِعْلٍ أَغَرّْ؟! |
إِنَّ الشَّوارِبَ يا عَزيزي |
مِلْكُ آلافِ الهِرَرْ |
وَكَذا القَوارِضِ، إِنْ شَرَحْـ |
تُ، فالنتَّائِجُ لا تَسُرّْ |
فَلا تُبالِغْ في افْتِخا |
رٍ، لَيْسَ يُجْدي، واخْتَصِرْ |
إِنَّ النِّساءَ كَما الرِّجا |
لُ، يَكادُ قَلْبي يَنْفَطِرْ |
أَنسيتَ أَنَّ عُقولَنا |
شَعَّتْ كَما ضَوْءِ القَمَرْ!! |
دونَ التَّباهي بِالَّشَوارِبِ |
في هُدوءٍ نَسْتَمِرّ |
وَلَكَمْ حَمَلْنا عِبْئَكُمُ |
مُنْذُ الطُّفولَةِ لِلْكِبَرْ |
تَأَتي لِتَكْسِرَ خاطِري |
بِكَلامِكَ القاسي الأَمَرّْ |
مِنْ عَلْقَمٍ، وَتَقولُ لي: |
إِنَّ الرِّجالَ كَما القَمَرْ |
أَمَّا النِّساءُ فَقاصِراتٌ |
لاَ عُقولَ ولا نَظَرْ |
رُحْماكَ يا رَجُلاً تَمادَى |
في التَّجاهُلِ، وَاحْتَقَرْ |
رَأْيَ النِّساءِ، وُجودَهُنَّ |
بِما بِرَبِّك تَفْتَخِرْ! |
كَمْ قدْ حَمَلْتُكَ في عُيوني |
كَمْ تَحَمَّلْتُ الغِيَرْ
(2)
|
ورَسَمْتُ فَوْقَ مِخَدَّتي |
أحْلَى كَلامٍ للْبَشَرْ |
وَنَعِمْتَ في حُبٍّ كَبيرٍ |
مِثْلَ بَحْرٍ أَوْ نَهَرْ |
وَسَعِدْتَ فيهِ، وَرُحْتَ تَغْفو |
فَوْقَ مَوْجاتِ خُضَرْ |
والآنَ تَقْتُلُ لي شُعورِي |
في كَلامٍ لا يَسُرّ |
أَهِيَ الرُّجولَةُ أَنْ تَصولَ؟ |
وأَنْ تَجولَ بِلا وَطَرْ؟ |
وبِدونِ تَقْديرِ الأُمورِ |
ودَونِ بُعْدٍ في النَّظَرْ |
يا سَيِّداً فَهِمَ القوامَةَ |
بِالتَّجَبُّرِ والكَدَرْ |
وَبِبَرْمِ شارِبِهِ الطَّويلِ |
وَ بِ (البَلُوتِ) وبِالسَّهَرْ |
إنْ القوامَةَ يا عزيزي |
في الرجولَةِ تُخْتَصَرْ |
بِسَدادِ رَأْيِ، في العَدالَةِ |
في رَشادٍ، في حَذَرْ |
مِنْ كُلِّ ما يُخْزي وَيُنْذِرُ |
مِنْ مَتاهاتِ الخَطَرْ |
في حِكْمَةٍ وبَصيرَةٍ |
وَنَبالَةٍ أَسْمَى وَطَرْ |
نَرْجوهُ، يا مُسْتَأْسِداً |
بِقوامَةٍ، وبِها أتَزَرْ |
لِيَسوقَنا وَكَما الجَواري |
في وِرْدنا وكَما الصَّدَرْ
(3)
|
إِنَّ القوامَةَ في ضَميري |
قُوَّةُ الحَقِّ الأَغَرّْ |
حُسْنُ القِيادَةِ والمَهارَةِ |
في التَّعامُلِ يا عُمَرْ |
وكَفاءَةٌ، قَلْبٌ بصيرٌ |
لُبُّها خَيْرُ البَشَرْ |
تُعْطي وتَأْخُذُ في سُمُوٍّ |
لا ضِرارَ ولا ضَرَرْ |
يا سَيِّدي: ما ذَنْبُنا |
حَتَّى نُساقَ إِلى سَقَرْ؟ |
رُكنِ التَّجاهُلِ في القَضايا |
تَخْتَفونَ، ولا خَبَر!! |
والذَّنْبُ نونُ النِّسْوَةِ المَحْ |
رومِ مِنْ دونِ البَشَرْ |
مِنْ طَرْحِ فكرٍ مُسْتَنيرٍ |
في مَيادينِ كُثُرْ |
لَوْلايَ ما وَصَلَ الرِّجالُ |
إِلَى المَعالي، والظَّفَرْ |
بِيَدي جَعَلْتُكَ عالِماً |
غَذَّيْتُ عَقْلَكَ في الصِّغَرْ |
وَرَسَمْتُ دَرْبَكَ في حَنانِ |
بِالرِّعايةِ والسَّهَرْ |
غَذَّيْتُ روحَكَ بِالطُّموحِ |
فَصِرْتَ أَنْتَ كَما القَمَرْ |
وبَقيتُ في رُكْني أُصارِعُ |
ظُلْمَكُمْ طولَ العُمُرْ |
لِمَ يا رِجالُ؟! ألا ارْعَويْتُمْ |
أَوْ وَعَيْتُمْ ما الخَطَرْ |
في ضَرْبِ فِكْري واجْتِهادي |
واعْتِباري من حَجَرْ |
أنا لا أُريدُ مَقالَ ليزا |
طَرْحَها الفَظَّ الأَشِر
(4)
|
أنا لا أُحَبِّذُ أَنْ أَكونَ |
كَرائِدٍ فَوْقَ القَمَرْ |
أَنا لا أُريدُ سِوَى حَياةٍ |
بِاحْتِرامٍ، لا أُضَرّْ |
بِتَجاهُلٍ لِكَريمِ فِعْلي |
أَوْ لِفِكْري يا عُمَرْ |
أَنا يا عَزيزي مِثْلَكُمْ |
عَقْلاً يُساهِمُ في خَفَرْ |
فَخُذوا بِأَيدينا، كفاكُمْ |
إِنَّنا أَيْضاً بَشَرْ |