| أَيْنَ الأحرارُ بِأُمَّتنا |
| أَيْنَ الأَبْطالُ بِحِطِّينِ؟ |
| أَمْ حَلَّ المَوْتُ فَأَدْركَهُمْ؟ |
| فَخَلَتْ بَغدادُ لنَيْرونِ؟ |
| الشَّرُّ تَناوَلَ أُمَّتَنا |
| وانْتَشَرَ كَفِعْلِ الطاعونِ |
| بغدادُ اليَوْمَ غَدتْ جرْحاً |
| في القَلْبِ كَجرْحِ السِّكَّينِ |
| جرْحٍ يَمْتَدُّ مِنَ الماضي |
| لِلْحاضِرِ، يَكْتُبُ تَأْبيني |
| لِعِراقٍ أَمْسَى مَأْسوراً |
| يَرْسُفُ في القَيْدِ وفي الطِّينِ |
| يَحْكُمُهُ سامٌ في صَلَفٍ |
| يَقْطَعُ بِالغَدْرِ شَراييني |
| بغْدادُ أَنا أَنْزِفُ، ودَمي |
| يَجْري في قَفْرِ بَساتيني |
| الورْدُ بِرَوْضي قُنْبَلةٌ |
| تَتَفَتَّحُ في كَرْمِ التِّينِ |
| وجَحافلُ تَنْزعُ مِنْ أَرْضي |
| نَخْلي، أشْجارَ الزّيْتونِ |
| تَزْرَعُ في أَرْضي مَذْبَحَةً |
| تَزْرَعُ لي أزْهارَ الهُونِ |
| تَسْقيها مِنْ فَيْضِ دِمائي |
| ودُموعي، وجِراحِ جِنينِ |
| طاغوتٌ دَمّرَ أَمْلاكي |
| آثاري، أَمْني وسُكوني |
| لَوَّثَ أَجْوائي، آفاقي |
| مائي، أَغْرَقَني وسَفيني |
| في بَحْرِ الفَوْضَى يَفْتِكُ بي |
| دجّالٌ يَسْتَهْدِفُ ديني |
| وحَضَارَةَ قَوْمي مَزَّقَها |
| حَطَّمَ مَوَروثي وحُصوني |
| بَغدادُ أَنا، قدْ شَرَّدَني |
| عِلْجٌ، وتَرَبَّعَ بِعَريني |
| ولُصوصُ يَهوذا في بَيْتي |
| سَرقُوا لَوْحاتي، مَخْزوني |
| مِنْ فَنٍّ، وسجِلِّ حُروفي |
| مِنْ لُؤْلُؤِ فِكْري المَكْنونِ |
| مِنْ فَجْرِ التَّاريخِ تَجَلَّى |
| مِنْ قَبْلِ هَمانَ وقارونِ |
| كالشَّمْسِ تَجلَّى بِبَهاءِ |
| واسْأَلْ آثاري، قانوني |
| قدْ كان بِيَوْمٍ مَدْرَسَةً |
| مِ الشَّرْقِ الأَدْنَى لِلصِّينِ |
| بغدادُ أَنا، شَمْسُ الدُّنْيا |
| مُشْرِقَةٌ في كُلِّ شُؤُوني |
| العِلْمُ أَنا، والعقْلُ أَنا |
| تَسْكُنُ أَمْجادي بِعُيوني |
| وَالشِّعْرُ تَجَلَّى بِرُبوعي |
| لِقُرونٍ ظَلَّ يُغَذَّيني |
| بِالنَشْوَةِ وَالحُبّ الراقي |
| وَحَماسَةِ قَوْمي للدِّينِ |
| سَطَّرَ أَمْجادي أَلواناً |
| بِحُروفٍ تَحْضُنُ مَخْزوني |
| فَغَزاني أَشْرَسُ أَقْوامِ |
| وَقَراصِنَةٌ قَدْ أَرْدوني |
| فَقَأُوا عَيْني، عَرُّوا جَسَدي |
| واجَتاحُوا بَيْتي، اغْتَصَبوني |
| طَمَسُوا عِلْمي، حَفَروا قَبْري |
| مِنْ بَعْدِ عَذابٍ وَسُجون |
| تَركوني لِوُحوشِ الدُّنْيا |
| تَرْتَعُ في عُمْقِ شَراييني |
| قَدْ وَلَغَ المُجْرِمُ بِدِمائي |
| في حِقْدٍ طاغٍ مَجْنونِ |
| رَسَمَ الأَوْهامَ، وَسَوَّقها |
| وَبِمَكْرٍ فَظٍّ مَأَفونِ |
| لِلْعالَمِ، يأْكُلُ أَطْرافي |
| وَيُمزِّقُ قَلْبِي وَوَتيني |
| خَلاَّني نَهْباً وَمَشاعاً |
| بِوَقاحَتِهِ كَمْ يَكُويني |
| بِاسْمِ الحُرِّيةِ يَأسِرُني |
| نَمْرودُ العَصْرِ، ويَسْبيني |
| بِاسْمِ الحُرِّيَّة يَحْصُدُني |
| يَجْتاحُ جميعَ مَياديني |
| قدْ كُنْتُ عَروساً زَيَّنَها |
| حِكْمَةُ وعُلومُ المَأْمونِ |
| أَتَبَخْتَرُ عِزًّا ودَلاَلاً |
| وَجَمالي المُبْهِرُ يُغريني |
| بغدادُ أَنا، صَفْحَةُ وَجْهي |
| لَطّخَها زَيْفُ شَياطينِ |
| واخْتَطَفوا منِّي ذاكِرَتي |
| تاريخي، مَجْدي، وفُنوني |
| لَمْ يُبْقوا شَيْئاً يَذْكُرُني |
| عَبْرَ الأَيَّامِ، فَيُحْييني |
| يُحْيي أَمْجادَ حَضارَتِنا |
| دَمَّرها غَدْرٌ صُهْيوني |
| سامٌ ويَهوذا شَرُّهُما |
| غَطَّى الأَكْوانَ بِطاعونِ |
| بِالمَوْتِ يُقَهْقِهُ في سَفهٍ |
| لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ سِوَى ديني |
| هَلْ يَصْحو قَوْمي؟! أَمْ رَكَنوا |
| لِلذُّلِّ، وعَذابِ الهُونِ؟!! |
| بغدادُ أَنا، في قَبْضَتِهِمْ |
| أَقْبَعُ في سِجْنٍ مَلْعونِ |
| نيرانُ الحِقْدِ تُلاحِقُني |
| أعْتَى مِنْ هَجْمَةِ نَيْرونِ |
| تَأْكُلُ ميراثي، مَكْتَبتي |
| تاريخ أُروكَ ودَلْمونِ |
| حَكَمَ المُحتلُّ بإعدامي |
| والقَوْمُ -بِصَمْتٍ- خانُوني |
| هولاكو يَفْحَصُ جُمْجُمَتي |
| ويُداعِبُ فَتَحاتِ عُيون |
| بِرَصاصِ الغَدْرِ، فَو أَسَفي |
| لَمْ يَجْرُؤْ أَحَدٌ يَبْكيني |
| وامُعْتَصِماهُ ذَوَتْ، وغَدَتْ |
| نَخْوَتُهُ صِفَةَ المَجْنونِ |
| وصَلاحُ الدِّينِ يُناوِرُ |
| في زِيِّ المارينْزِ وشارونِ |
| ضاعَ التَّاريخُ ببَغْدادِ |
| وتَكَرَّرَ فَقْدُ فِلَسْطينِ |
| أَخْشَى مِنْ فَقْدِ عَواصِمِنا |
| تَتْرَى، وبِكَيْدٍ ماسوني |
| أَخْشَى مِنْ فَقْدِ هويْتِنا |
| أَخْشَى مِنْ حَمْلَةِ مَأَفونِ |
| أخْشَى أَمْرَكَةً ناسِفَةً |
| لِعُروبَةِ قَوْمي ولِديني |
| فَتَصيرُ كَياناً مَمْسوخاً |
| رَهْنَ التَّخْطيطِ الكُوهيني |
| كَرَزايُ هُنا، كَرَزايُ هُنا |
| كَ، وسَيِّدُهُمْ (تْشيني) |
| هَلْ نَنْهَضُ يَوْماً، أَمْ نَبْقَى |
| رَهْنَ المَشْروعِ الشَّاروني؟!! |
| فَلَعَلْ الصَّدْمَةَ تُوقِظُنا |
| مِنْ وَهْمِ عَدُوِّ مَلْعونِ |
| لا عِزَّةَ إِلاَّ عِزَّتُنا |
| بِاللَّهِ، ودِينٍ مَيْمونِ |