ماذا أقولُ لطاهرِ الأثوابِ |
وكِرامِ قوم ساهموا بعذابي |
بحُضورِ نَدْوَةِ أخْوةٍ، بَلْ نُخْبَةٍ |
بَلْ صَفْوَةِ الأسماء والألقابِ |
وَأنا المَريضة كُبِّلتْ بمَواجع |
آلام قلْبٍ مُتْعَبٍ وثابِ |
فيهِ وَفيهِ، لسْتُ أفصِحُ، إنَّني |
بخريفِ عُمْر مُثقلٍ جَوَّابِ |
قدْ كَانَ يَسْعَى صاحبي لِسَعادةٍ |
ولِكُلِّ ما يَرْجو مِنَ الأسْبابِ |
وَمِنَ العُلوم سَقيْتُهُ رَوَيْتُهُ |
فإذا بعُمْري قدْ مَضَى بِعَذابِ |
فَظَلمْتُهُ بجَهيدِ أمْري، وَانْقَضَتْ |
أيَّامُهُ في جيئَتي وذهابي |
وَمَضى يُكَدِّرُ خاطري بهمُومِهِ |
وَأناخَ بَعْدَ شبابِهِ وشَبابي |
فإذا بظَهْري ينحني بعظِامِهِ |
والضَّعْفُ دَبَّ بقامَتي، وَرَمَى بي |
وبَذا الدَّواء وذا الدَّواء رَفدْتُها |
فأَبَتْ نُهوضاً، واحتَمَتْ بِحِقابي |
وَاحْتارَ طِبِّي في علاجي وانْثَنَى |
مُتَحكِّماً في مَأَكلي وشَرابي |
أَصْنافُ شَتَّى مِ العِلاجِ تَهُدُّني |
تَبْتَزُّني بتَلاعُبٍ بحسابي |
وأَتَى رَصيدي في (البُنوكِ) يَهُزُّني |
وَيَقولُ: مَرْيَمُ، قدْ فقَدْتُ صَوابي |
إذْ قدْ قضَيْتِ على نَشاطي، قيمتي |
فبَدَوْتُ شَيْخاً عاجزاً مُتصابي |
وَأنا المُعَنَّى ضائِعٌ مُتَضائِلٌ |
هَذا -لَعَمْري- قمَّة الإتْعابِ |
فأَجَبْتُهُ: مَهْ
(1)
، لا تَلُمْني، صاحِبي |
فالسُّقْمُ عِنْدي -كَاليَهودِ- مُرابي |
أشْواكُ دَرْبي خَلْفَّتْ آثارَها |
وَلِذا اعْتَزَلْتُ، ومَوصِداً أبْوابي |
عَنْ ذي الحَياةِ بمُرِّها وَضَجيجها |
وَرَضِيتُ أبْقى صاحباً لِكِتابي |
مَقصودُ (خُوجَه) أنْ يُكَرِّمَ شَيْبَتي |
وَأنا بدَوْري قدْ بَعَثْتُ جَوابي |
إذْ جئْتُ أشْكُرُ فَضْلَهُ برسالةٍ |
أخَويَّةٍ لِجَنابهِ الإيجابي |
فيهِ السَّماحَة والمُروءْةُ والنَّدى |
هُوَ ماجِدٌ مُستوْجِبُ الإعْجابِ |
هَذا الكريمُ مُوَشَّحٌ بنَبالةٍ |
وَرِثَ الشَّمائِلَ مِنْ كَريم جَنابِ |
مُتَواضِعٌ، يَرْجو الرِّضا مِنْ رَبِّهِ |
برعايةِ الإبْداع والكُتَّابِ |
لَيْسَ المَديحُ بغايَتي، بَلْ مَقْصدي |
عَرْضُ انْطِباعي عَنْ فَتَى الآدابِ |
لَسْتُ المُجامِلَ في الكَلام، لأنَّني |
أُبْدي مَلامِحَ مُشْرَع الأَبْوابِ |
لِذوي النُّهَى والمُبْدِعينَ وَكُلِّ مَنْ |
يُثْري الثَّقافة في أَجَلِّ ثِيابِ |
لا لِلْوَجاهَةِ، فَهْوَ في أحْضانِها |
هُوَ مُولَعٌ في خِدْمَةِ الأَلْبابِ |
فالفَضْلُ طَبْعٌ والمُروءَةُ شِيمَةٌ |
في ذا، وَعادَةُ مُغْرَمٍ بكِتابِ |
يَطْوي السِّنينَ وَفَي ثناياها سَنا |
لَصَنيعِهِ المَغْموس بالأطْيابِ |
هَذا التَّوَجُّهُ مُشْرَئِبٌّ لِلْعُلا |
وَلِكُلِّ ما يَسمْو مِنَ الآدابِ |
فاهْنأْ بحُبِّ اللَّهِ مَوْصولَ الرِّضا |
وبِحُبِّ مَنْ تَرْعَى مِنَ الأتْرابِ |
وَإليْكَ شُكْري يا نَبيلُ مُسرَبَلا |
بدُعاء قَلْبٍ صادقٍ أوَّابِ |
جُوزيتَ خَيْراً، وَاصْطَفَتْكَ عِنايةٌ |
مِنْ ذِي الجَلالِ بمُجْمَلِ الأسْبابِ |
هَذا، وَإنْ عَجزَ الكَلامُ، فَعُذْرُنا |
أنَّ المَشيبَ مُحاصِرٌ أطْنابي |