((كلمة سعادة الدكتورة صباح باعامر))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. بداية نشكر لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه رعايته للعلماء والأدباء بوجه عام ولأستاذتنا الأستاذة الدكتورة مريم بغدادي بصفة خاصة. |
لا نسأل قطرات الندى لم تعبث بوجنات الزهر، ولا نسأل العطر لم يغتال الصمت بصمت عنيف، ولا نسأل كل مصادر السعادة الطبيعية لم تواصل بث سعادتها! |
ولا يمكن أن نسأل أنثى كيف يكون لديها كل هذا العطاء! |
ومن العبث أن تسأل أنثى كيف تكون كأستاذتنا حديقة من النساء! |
* * * |
لن أتحدث عن الأستاذة حديث تلميذة في قاعة الدرس؛ فلعل الثناء على أستاذة أيسر ما يكون، فاللاتي مررن بها عابرات أو عرفنها من بعيد بوسعهن أن يثنين على جاذبية درسها وقوة شخصيتها، وصرامتها وروحها المرحة! |
لكني سأقول ما يقوله المقربون؛ أولئك الذين يرون ما لا يراه إلا الخاصة! |
حين كنت أخطو خطواتي الأولى في العمل كانت هي قد خطت اسمها في ذاكرة الخلود بجامعة الملك عبد العزيز، ولكنها كانت تعد موكباً من الكفاءات الجديدة.. ترويها من خبرتها أحياناً.. توجهها.. أو تتركها وحيدة تنظر كيف تتصرف وتراقب من بعيد.. هي في الحقيقة أم لقسم اللغة العربية وآدابها، لم يستطع أن يمحوها القسم من ذاكرته، وظلت الوحيدة العالقة بطفولته ونشأته وعنفوانه.. كل الأسماء التي سكنت ذاكرته بعدها لم يكن بوسعها أن تحجب ذلك الوجه.. فكلهن تلميذاتها وثمار لشجرة واحدة! |
رأيتها في السعة والضيق، في الغضب والرضا، في السكون والثورة، في المرح والكآبة، فرأيت خيوطاً رفيعة لا يصعب تجميعها لتحيك شخصية امرأة مميزة! |
فيها من الصباح سماحة الوجه، ومن الظهر ثورة الغضب، ومن العصر وداعة الطبع، ومن المغرب غموض المحنك، ومن العشاء هدوء الناسك.. إنها امرأة جميع الأوقات! |
فيها من الربيع اعتداله ومن الصيف عزمه ومن الخريف انتفاضته ومن الشتاء مطره.. إنها امرأة كل الفصول! |
فيها من العطر الشرقي إنه يحتلك منذ الوهلة الأولى ويفرض وجوده وكلماته ونظراته سلباً أو إيجاباً، ومن العطر الهامس أنه يتسرب فيك ببطء، ويبني مملكته في روحك، كخط ماء ضعيف القوى يحتاج زمناً لكي يجد له مجرى؛ لكنه في النهاية يشق مجراه؛ لذلك! قد يدرك بعض من يعرفها العطر الشرقي فيها، وقد يدرك آخرون العطر الهامس، ولا يدرك الاثنين معاً إلا من عرفها زمناً عن قرب. |
عززت فينا القوة والإصرار، وأن تبقى صامداً عند مبدئك حين تموت المبادئ في قلوب الآخرين، وإن بقيت وحيداً تهب من حولك الرياح، فتبسم بصلابة في وجهها؛ لأن الريح قد تقتلع حجراً، لكنها لا تقتلع المبدأ! |
تعلمنا منها سياسة الطباع؛ فهي دبلوماسية حين ترى الدبلوماسية مفتاح النجاح؛ ومباشرة حين ترى الهجوم علاج الداء؛ ووديعة حين تجدي الوداعة؛ ومقتلعة حين يكون الاقتلاع هو الحل! |
كنا نزورها في مكتبها وكيلة لعميدة شطر الطالبات، نتلعثم ربما بأفكارنا الغضة، ونتفوّه ببعضها، فتقرأ في العيون بقية السطور التي تحجبها حداثة العهود! |
تشعرك بأن ما تقوله مهم وإن كانت في ذروة الانشغال، تنصح.. تلوم.. توجه.. ونقبل منها كل ذلك دون أن تأخذنا العزة! |
هي نغمات متوالفة من معزوفة موسيقية، يبث فيها العود أصالته، وينثر البيانو رقيّه، ويوشوش الكمان فيها القلوب بخشوعه، وتتلوى فيها نغمات الناي بحزنها الذي سرعان ما تنفضه وتندمج مع باقي النغمات فتحول حزنها فرحاً! |
ليس غريباً أن تكون كذلك.. إنها الأستاذة الدكتورة مريم بغدادي!. |
عريف الحفل: بعد إذنك أستاذة نازك نحن أيضاً بدورنا لنا كلمة ترحيبية بضيفتنا الأستاذة الدكتورة مريم محمد هاشم بغدادي، وعلى لسان الجميع نقول: حللت أهلاً ونزلت سهلاً، ونعطي الكلمة الترحيبية من جانبنا للأستاذ حسين محمد العسكري الذي طلب منا من واقع زمالته مع الأخت إعطاءه فرصة لكلمة ترحيبية.. الأستاذ حسين محمد العسكري، مدير عام إذاعة جدة سابقاً، وكاتب البرنامج الإذاعي الشهير: "خبر وتعليق". |
|