((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آل بيته الطاهرين وصحابته أجمعين. |
الأستاذات والأساتذة الأكارم |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
بكل ما في القلوب من نبض، والمشاعر من دفق، أرحب بكم في هذه الأمسية الماتعة، بلقاء يتجدد معكم وبكم مع ضيفتنا التي توزعت حبها مدينتان: كرمى المدائن، وعروس السواحل، قطفت من الإبداعات أحلاها ومن درر الشعر أغلاها، لتجعل من ليلنا ارتحالاً إلى ما بعد الكلمات، إلى عوالم نسجتها ذات الأنثى الأولى، فبأي الشمائل نبدأ، ومن أي الإبداعات ندلف؟ |
حين تقترن الموهبة بالدراسة الأكاديمية، والعاطفة المشبوبة بالبحث الرصين، يخرج إلى الملأ وهج تفسح له الأضواء فضاءات جديدة، فيبدأ البوح ويصبح الإمساك بالتخيل نوعاً من لعبة يمارسها المبدع بكل حرية وشغف. |
رغم أن الشعر هو الغامض الأزلي حيث تغيب خبايا الروح، وتتلاقى الأضداد، إلا أن ضيفتنا العزيزة جعلته مبتداها ورئتها الوحيدة التي تنفست منها، مصرة على المضي قدماً إلى ما وراء معطاه الجمالي، متجاوزة ذلك لتربطه بالعديد من القضايا الاجتماعية، جاعلة منه مقدمة لكليات ومسائل كبيرة لا تنفك تشغل بال مجتمعاتنا العربية والإسلامية؛ فمن الأمومة، وكثير غيرها، أدرجتها جميعها كمضامين حيوية في شعرها. |
وفي سعيها إلى هذا لم تنس ضيفتنا أن الشعر أيضاً حب، وشغف تنداح منه شعاعات من الشفافية تجهر بأحلى ما في الفؤاد من همسات، تصل بها إلى ما وراء حدود المملكة، لتتواشج مع قيثارات التروبادوريين الذين غنوا وأغنوا التراث الشعبي في جنوبي فرنسا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر ميلاديين، والذي نهض بتأثير من الموشحات الأندلسية، لتعلن لهم أن ثمة غيض من فضل لا يزول منّ به الشعر العربي والإسلامي على أمم عديدة. |
وللحب والمشاعر حكايات، وأحلى التجليات عند ضيفتنا الكريمة، فإلى جانب ديوانها "عواطف إنسانية"، ها هي تكتب عن خير الشمائل، قصيدة "الشمائل المحمدية"، وعن الأمومة "وصية إلى أملها عدنان"، وأشياء كثيرة غيرها، من دون أن يغمطها ذلك أن تحوز وبكل جدارة، لقب شاعرة الظرف والطرفة؛ فمن يقرأ قصائدها التي كتبتها في بعض المناسبات لسوف يجد أن الشعر عند ضيفتنا إلى جانب كونه وعاء حضارياً وفكرياً، هو أيضاً تعبير عفوي وتلقائي، يمكن أن يوظف في العديد من الموضوعات، ما يدلل على أن الشاعرة ليست سوى نفسٍ أنيسة، ودودة، رضية، غارقة في حب الآخرين. |
أمضت فارسة أمسيتنا عقوداً ثلاثة أو يزيد في جامعات الرياض وجدة ومكة المكرمة تعمل بذلاً وعطاءً، وتحفر حكايات ومآثر انضافت إلى جهود كبيرة سطرتها كوكبة من زميلاتها السابقات واللاحقات، ليعلين صوت الأنثى ويغنين سيرورة بناء أسس التعليم الجامعي في وطننا الحبيب، عبر إبداعات شقت عنان السماء. فهي إلى جانب كونها أستاذة مجدة، هي إدارية محنكة، وتربوية فذة، وزميلة وفية، وأم رؤوم ليس لأبنائها فقط بل لطالباتها اللواتي ما إن يذكر اسمها حتى تميل قلوبهن، ويبدأن بالدعاء لها. |
لم يقتصر عطاء ضيفتنا على المجال الأكاديمي أو الشعري، بل تعداها إلى مجال البحوث والتأليف. فقد مكنتها دراساتها العليا، سواء في القاهرة أو باريس، من الغوص عميقاً في دراسات الأدب الجاهلي، هذا التخصص الهام جداً والذي يكاد أن يكون مغيباً عن ساحات الدرس، والذي طلعت منه بعدد كبير من الدراسات والأبحاث الأدبية التي استثمرتها في سبر مجتمع الجاهلية من كافة الجوانب؛ فمن كتاب "أعراف الزواج العربية قبل الإسلام من النصوص الأدبية" مروراً "بفلسفة البعث والخلود: الموروث الحضاري في الشعر الجاهلي"، إلى آخر نتاجاتها "مقالات في الأدب العربي القديم"، دأبت ضيفتنا الكريمة على أن تولي تخصصها هذا كل رعاية وحرص بغية تقديم ما يجب أن يكون صورة موضوعية، إلى جانب كتب أخرى عنيت بالأسطورة والملحمة، والصورة الشعرية الفنية. |
آملاً أن نلتقي على خير ما يكون اللقاء مع سعادة الأستاذ الدكتور الإعلامي والروائي أحمد جعفر عبد الملك صاحب "إلى امرأة تحترق ببيروت"، القادم خصيصاً من قطر الشقيقة، حاملاً في جعبته تسعة عشر مؤلفاً، فمرحباً به وبكم رواداً للكلمة. |
طبتم وطابت لكم الحياة |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... |
عريفة الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه على هذه الكلمة الترحيبية بضيفتنا الكريمة. أيها الإخوة والأخوات أرجو أن أشير إلى أنه بعد أن تعطى الكلمة لفارسة أمسيتنا، ستتم محاورتها عن طريق الأسئلة، التي آمل أن تتفضلوا بإلقائها مباشرة راجين أن يكون سؤالاً واحداً لكل متسائل ومتسائلة، وأن يعرّف السائل بنفسه ومهنته، وأن يطرح السؤال مباشرة حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد منكم ومنكن. الآن نستمع إلى كلمة معالي الدكتور رضا عبيد مدير جامعة الملك عبد العزيز الأسبق، فليتفضل. |
|