(( كلمة الختام لسعادة الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين |
رئيس نادي جدة الثقافي الأدبي ))
|
الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، |
وقبل أن أقول كلمتي، أسجل للتاريخ أن بداياتي الكتابية كانت في صحيفة المدينة المنورة منذ عام 1369ه ببدايات يسيرة بسيطة، من كويتب يحاول أن يفك الحرف ولم أستطع في ذلك الوقت أن أكتب في البلاد السعودية لأنني لست من الكبار ولست من الجهابذة، فلجأت إلى المدينة، البلد الذي عشت فيه بعض الوقت أتعلم، فكان السيدان الفاضلان الجليلان يأخذان بأيدي الشباب أمثالي من الذين يحاولون أن يفكوا الحرف فبدأت من هناك ثم انطلقت بما فتح الله عليّ، وبمناسبة بدء الاثنينية أحمد الله إليه أنَّ صاحبها قد رجع معافى بعد وعكة واعتصار بالألم ليجدد دوره في الاحتفاء بمحبيه والذين يستحقون أن يحتفى بهم حسنات ووفاء منه، نحمد الله على شفائه وعوده، والله لذو فضل على الناس، اللهم اجعلنا من الشاكرين. |
سأضطر أن أوجز في قراءتي وأعتذر لأن الكلمة قد يكون فيها شيء من سعة، فالأخوان هشام ومحمد علي حافظ ورثا صناعة الصحافة عن والدهما وعمهما رحمهما الله. |
"ولد الوز عوام"،"و صنعة أبوك لا يغلبوك". فالإخوان هشام ومحمد علي حافظ، ورثا صناعة الصحافة عن والدهما وعمهما، رحمهما الله، والتاريخ للأستاذ محمد علي حافظ أنه ولد مع مولد جريدة "المدينة المنورة"، في البلد الطيب. إذن هذا الاقتران الزمني رابط - أو قل - أحد الروابط في ممارسة صناعة الصحافة، للأخوين الكبيرين، والأخوان النجلان، بنوة لأحد الرجلين المؤسسين.. للجريدة في المدينة، والأستاذ محمد علي درس الصحافة في مصر، كأنه ودّ أن يسلك طريق الوالد، لأن الصحافة بريق وشهرة ومعطيات عمل وقرب، ومردود معنوي، قبل أن تكون مردوداً مادياً. أما الأستاذ هشام فقد مارس الوظيفة، لأن العمل في الصحافة لم يكن مغرياً ولا مشجعاً أمام طموحات الشباب، لا سيما وأن عائدها ضيق محدود يومئذ. |
ولكن حين اتحيت الفرص، فرصاً مغرية ودافعة إلى العمل، كان التحول إلى ساحاتها ذا دوافع أقوى وأغرى وأجدى من عائد الوظيفة المحدود، التي يلجأ إليها ذو البحث عن لقمة العيش له ولمن يعول، لمتكإ ليس عنه مناص ولا محيد، ولغياب البدائل. |
لذلك كان كيان: "الشركة السعودية للأبحاث والتسويق". والحياة فرص، والذي يستطيع إقتناص هذه الفرصة بتوجه، وبمغامرة ينال بهذه الجسارة الحظوة والنجاح، والذي ينام عنها يخسر شوطاً لزمن، وربما تعلم درساً، فيحاول إقتناص فرصة أخرى.. إذا أتيح له، ليعوض ما فاته أو ما خسر. |
وأقول إن الشباب مغامرة في ساحات العمل، وهو ينشد الإنطلاقة القوية، وهو قد يخفق، وهذه طبيعة الحياة، غير أن الإخفاق لا يفت في عزم الطموح، إنما هو دافع إلى المزيد من المحاولات بعمل.. وجري، وإرادة، وذلك هَمّ الطامحين، الذي يدفع إلى شيء من التحدي، حتى يبلغوا آمالهم وتطالعاتهم. |
والصحافة تجارة، بجانب أنها ممارسة إعلامية، تسير وفق خطط وبرامج، وترقب ما يجري على ساحة الحياة، وتمضي قيادتها تتلمس سبلها إلى العمل الذي تريد أن تبرز فيه لكي ترتقي، ولكي تكون مرغوبة عند القارئ والمعلن والممّول. |
والصحافة الناجحة تجوب الأرض في مزاحمة عريضة، وتتجدد مع الأيام، تطرق شتى الأبواب لكسب المزيد من القراء بتنافس عنيف، يصل إلى الشراسة والتحدي. وتجنح صحافة اليوم في هذا السباق غير المحدود.. إلى البحث عن المغريات المباحة، لكي تكسب المزيد من القراء، ولا أقول تحتويهم، لأن القارئ اليوم فطن وذكي، ويدرك الشيء الذي أمامه وتوجهه، وهو يملك تقويماً، وأعني القارئ النابه، وليس الذي يلهث وراء المسابقة والكسب المادي، فإذا توقف هذا الإغراء، انصرف عن الصحيفة إلى سواها، لأنه ذو هدف محدود. |
وبمناسبة الجوائز.. التي تقدمها الشرق الأوسط، فيفوز قارئ بنصف مليون ريال.. أمام مليون قارئ (مثلاً)، لأني لا أملك إحصاءات قراء الشرق الأوسط، والناس يتساءلون في صراحة، فيقولون: لماذا لا تكون هذه الجائزة لعشرة (مثلاً) فيفرح عشرة أجدى من فرد واحد، هذه كلمة هامشية ولعلها تجد إستجابة! فهي ليست قضية عندي، ولكنها عند شريحة من قراء "الشرق الأوسط"، والناشران اللذان يكرمان اليوم، لعلهما سمعا هذا الرأي، من بعيد أو من قريب، ولعلهما يعلنان وجهة نظرهما، وأنا أنقل في هذا التلميح مثلاً - كلام الشارع - كما يقال. |
ولا شك أن التجارة في صحافة دولية، تدار عبر تجارب، وتتطور بأسلوب يتلمس طريق الانتشار، فكان العائد ناجحاً ومردوداً مادياً عريضاً، أدى إلى توسع في مطبوعات شركة الأبحاث والتسويق، وتحقيق المكاسب المادية والمعنوية والشهرة، وهي وليدة عمل وتجديد ودوافع في ساحات لا تحكمها قيود، وتبقى المغامرة وراء خطوات المزيد من المطبوعات، وتقرأ حسابات النتائج، لتدفع إلى المزيد، أو تعديل خطط المسار، إذا لزم الأمر، لأن الذين يعملون، يتعرضون لمفاجآت، ولا سيما في الركض الصحافي على مشارف القرن الحادي والعشرين، حيث طويت المسافات، وانتشرت الوسائل الفضائية عبر كرة الأرض، وقد حفلت بكل المغريات التي يصعب على الصحافة أن تجاريها فيها، وأنا في عصر المعلومات الكثيرة جداً اليوم. غير أن الصحافة سيبقى لها دورها ومذاقها ومسرحها، كلما رنت إلى التطور وجارته عبر درس، وإدراك ما يريد القارئ، وما يرتقي بهذه الوسائل الإعلامية الخطرة، لا سيما التي يتاح لها مساحة عريضة من الحرية، لتكون طلعة وفي طليعة صناعة الصحافة المتجددة والمتطورة، وليست صناعة تقليدية، أشبه "بمعجون التمري"، كما يحلو للأخ هشام حافظ أن يعبر، في بعض المناسبات، أو عن الشيء الروتيني المعتاد. |
وأقول إن المحطات الفضائية، لن تصرف الناس عن الكتاب والقراءة، أعني الأمة القارئة، ولن تبلغ من إغرائها ما يجعلها تهجر الكتاب، لأن القارئ الواعي، والإنسان المدرك، له برامج حياتية منظمة، فهو يتعامل مع التلفاز بحسابات، حتى لا يطغى شيء على شيء، سواء كان مفرداً أو مع أسرته، لهم برامج محددة لشرائح الأسرة، يتابعونها، ثم يغلقون التلفاز، لينشغل كل فرد من الأسرة بواجباته.. التي منوطة به، لأنه ملتزم. أما نحن العرب فإننا بعيد عن النظام والانتظام والالتزام، لأنا نجنح إلى الفوضى، ولا أدل على ذلك من استمرار محطات فضائية تعمل أربعاً وعشرين ساعة. وأنا أدرك فوارق التوقيت، لا سيما مع الشرق الأقصى أو الغرب الأقصى، لكن هذا إسراف مبالغ فيه، فحتى مع اختلاف التوقيت، يمكن أن يكون ثم جرعات، وفق برامج محددة هادفة، لتصل إلى أمريكا، وإلى اليابان، إن كان في هذا الغزو الفضائي - إن صح هذا التعبير - جدوى. لكن الأمر في تصوري سباق غير مدروس، ولكنه تظاهرية إعلامية عشوائية، ليقال هاك وخذ، ويتحدث عن التوسع والانتشار، وليس هناك فهم حقيقي للجدوى والمردود، وفائدة، أن تشاهد في الهزيع الأخير من الليل، وقت التسبيح والاستغفار وذكر الله أفلاماً وحياة فنانين!! وما أخلقنا أن يكون بين برامج هذه المحطات الفضائية المنتشرة المتسابقة، برامج بلغات مختلفة، تبث حسب توقيتات الدول المختلفة غير المسلمة، جرعات قصاراً، مركزة وجيدة، للتعريف بسماحة الإسلام وعدله ومعطياته وخلقه والحق فيه، وإن كان من المؤسف أن أنصاره أو كثيراً منهم صورهم مناقضة للدين القيم الخالص، لأنهم حادوا عن الحق. فكيف يكونون قدوة، وهم قد نسوا الله فأنساهم أنفسهم ؟ فذلوا، وقد كانوا أعزة حين نصروا الله. |
معذرة في هذا السبح، فلعلي اضطررت إليه اضطراراً، وأنا أتحدث عن الصحافة والإعلام وما إليهما.!. |
ولست أريد أن أستأثر بالحديث في ليلة يكرم فيها إخوان، بلغا في سعيهما النجح، بفضل الله أولاً وآخراً، ثم بجهودهما الجادة، فقيض لهما النجاح، ومضيا فيه، على قدم وساق، لأن ممارسة الإعلام، والصحافة خاصة شيء خطير، وسلاح ذو حدين كما يقال. |
ولا شك أن شركة الأبحاث تحقق لها دعم المشاركة التي دفعت بها إلى ما وصلت إليه، من حيث المال والدعم المعنوي، وتلك سبل النجاح اليوم وبالأمس، لأن أي نجح لا يكون إلا من خلال روافد قويمة، وأولها على الإطلاق عون الله وفضله، ثم الإسهامات القوية القادرة. |
والصحافة رسالة إذا أحسن ممارستها، بجانب أنها تجارة، وقوامها فكر متجدد، وممارسة متصلة، وتطور وإرتقاء، ليكون الانتشار وجوب الآفاق، وهذا ما تحقق لمطبوعات شركة الأبحاث، بمن فيها ومن وراءها. وأنا أغبط الأخوين على نجحهما المتصل، فهما قد عملا، فتحقق لهما ما وصلا إليه، بفضل الله، الذي يعلن في كتابه العزيز: وقل اعملوا. |
نرجو الله السداد والقبول والعون. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
|
|