شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الدكتور محمد خضر عريف))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله، سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه مؤسِس الاثنينية، الإخوة والأخوات، السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
المحتفى بها الليلة البروفسورة أولريكا فرايتاج رئيسةُ مركز الدراسات الشرقية الحديثة:Zentrum Moderner orient ببرلين بألمانيا، سيدة فاضلة مهتمة بتراثنا العربي والإسلامي أيّما اهتمام، تعرّفت إلى شخصها الكريم، حين شاركت مع الأستاذ الدكتور هشام مرتضى والدكتور سامي عنقاوي والمهندس سامي نوّار في ورشة عمل علمية كبرى انعقدت في العاصمة الألمانية برلين في الفترة من 3 إلى 5 ديسمبر 2009، نظمها مركز الدراسات الشرقية الحديثة التابعة لجامعة برلين المشار إليه بإشراف المحتفى بها الليلة البروفسورة أولريكا فرايتاج المهتمة بالتراث العربي والإسلامي كما أسلفت، وخصوصاً تراث وآثار الجزيرة العربية، وبوجه أكثر خصوصية تراث الحجاز، وركزت ورشة العمل تلك على جدة القديمة وعمرانها وإرثها الحضاري العريق، وشارك في الورشة باحثون سعوديون وألمان وعرب، ورعى الورشة سفير خادم الحرمين الشريفين معالي الأستاذ الدكتور أسامة بن عبد المجيد شبكشي وهو سليلُ إحدى الأُسر الجدّية العريقة ومدير سابق لجامعة جدة الأولى جامعة الملك عبد العزيز. وقد اهتمت الورشة بالمعمار الحجازي فائق الدقة والروعة والجمال، وأبدى الكثير من الخبراء الألمان استعدادهم التام للإسهام في المحافظة على هذا الإرث الإنساني الفريد بكل إمكانياتهم العلمية والتقنية والمعمارية بل والمادية. وما كان أدل على صدقهم في كل ما صرحوا به من تكفّلهم بإقامة تلك الورشة في ألمانيا بالكامل دون أي دعم خارجي؛ فقد استضافوا المشاركين ودفعوا تكاليف انتقالهم وإقامتهم بالكامل رغم محدودية إمكانات المركز القائم على ورشة العمل المشار إليها.
وهذا الحرص من هؤلاء العلماء -الذين لا تربطهم بمنطقتنا روابط تاريخية أو دينية أو ثقافية وثيقة سوى الروابط الإنسانية عموماً- يستحق الإشادة والتقدير حقاً.
ثم انعقدت ورشة توأم لتلك الورشة التي تمت في ألمانيا ولطالما تمنينا أن نجد حرصاً مكافئاً له في أوساطنا العلمية والمعمارية والبلدية بشكل هام، قبل أن يكون حرصاً أعظم منه ألف مرة. فنحن أولى وأجدر بالحرص الشديد على ما تبقى من المنطقة التاريخية بجدة التي تتآكل وتتناقص يوماً بعد يوم وتأتي النار على كثير من دورها، وتتهدم دور أخرى كل عام بسبب الإهمال وغياب أعمال الصيانة. وقبل سنة مضت بالضبط فجعنا بنبأ زوال ستة أبنية منها دفعة واحدة أو يزيد بسبب حريق شبّ في مبنى منها. ونسأل السؤال الكبير: وهل ما تبقّى من تلك الدور يتحملُ أن يزول منه ستة دور بين عشية وضحاها؟ ألا نستشعر فداحة ما حدث وأن تعويض ما فقد أمر مستحيل؟ ففقد عدة مبانٍ حديثة يمكن تعويضه بسهولة ببناء مبانٍ بديلة، أما هذه المعالم التاريخية فكَيْف تعوّض؟ خصوصاً إنْ علمنا أنه لم يتبقَّ من البنّائين الحجازيين القدماء سوى فردين فقط، ولم يدرّبا شباباً يحل محلهما. ومن عجب أن هذه الحادثة مرت بهدوء وسكون تام ولم يعلق عليها الكُتّاب بما تستحق أو تُخصَّص لها تحقيقات صحفية موسعة في مختلف الصحف المحلية بطرحها كقضية تستحق مجرد النقاش على حد علمي، وقد تزامنت حادثة الحريق الفاجعة مع وصول بعض أفراد فريق الباحثين الألمان إلى جدة ليشاركوا في تلك الورشة التي هدفت إلى بحث سبل الحفاظ على التراث المعماري والعمراني في جدة التاريخية وصيانته. وقد انعقدت هذه الورشة تحت مظلة أمانة محافظة جدة، فقد افتتحها نائب أمين المحافظة المهندس خالد بن فضل عقيل يوم الأحد 12 ربيع الآخر 1431هـ وفي أحد المراكز الحضارية المهمة التابعة للأمانة (بيت البلد). وأكّد العقيل أن لتلك الورشة أهمية خاصة لدى المسؤولين عن مدينة جدة التاريخية إذ تُتيح لهم فرصة الاطلاع على التجربة الألمانية في ترميم وإحياء المباني التاريخية، والتعرف إلى أهمِ التقنيات الحديثة التي تساعد في المحافظة على التراث. وهذه الكلمات الصادقة للعقيل التي نشرتها جريدة الحياة في عددها الصادر يوم الاثنين 29 آذار 2010 تعبرُ عن حرص الأمانة على الإفادة من كل التجارب الوطنية والعالمية لخدمة هذه المنطقة المهمة من بلادنا. وقد كانت التجارب التي عرضها الخبراءُ الألمان تتقدمهم البروفسورة أولريكا فرايتاج الباحثة الجادَّة والعالمة الكبيرة بتراث الشرق، كانت تجارب ثرية للغاية منها تجربة الدكتور ولفجانج ماير في ترميم آثار الدرب الأحمر والجمالية بالقاهرة؛ فقد أنجزَ الدكتور ماير مع فريقه أعمال ترميم هائلة بمبلغ صغير: عشرينَ ألفَ يورو فقط. وتحدثت الدكتورة سونيا نيبل عن تجربتها في إحياء الدور التراثية في مدينة حلب السورية، وقد بلغت ميزانية حلب ما بين عامي 1992-2002م، عشرة ملايين يورو وانتهى مشروعُ حلب بترميمِ سبعمائة منزل، ويعمل الفريق الآن في دمشق. وتحدثتْ د. فرايتاج عن أهمية المنطقة التاريخية بجدة وضرورةِ ترميمها وإحيائها. يبقى القول: إنَّ هذه الورشة تتكاملُ مع جهود حثيثة تضطلع بها إدارة تطوير المنطقة التاريخية في أمانة محافظة جدة وعلى رأسها الدكتور عدنان عدس الذي يقود فريقاً مكوَّناً من 26 اختصاصياً واستشارياً سعودياً يعملون بدأب واحترافية لإحياء المنطقة التاريخية بالتعاون مع مجموعة فرنسية تدعمها الحكومة الفرنسية نفسها والهيئة العليا للسياحة في المملكة، بمتابعة دائمة واهتمام بالغ من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان. وهذه الجهودُ المشتركة للإفادة من كل التجارب العلمية الرائدة عالمياً تستظل برعاية كريمة من لدُن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكومته الرشيدة، وبدعم مالي كبير لأعمال الترميم الجادة، إضافةً إلى الدعم المعنويّ والتشجيع على المحافظة على كل المواقع التاريخية والأثرية في بلادنا ومن ضمنها منطقة جدة التاريخية، التي يوليها كلٌ من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة كل رعاية واهتمام.
بقي أن نقول إنَّ المحتفى بها الليلة في اثنينية الوفاء البروفسورة أولريكا فرايتاج، قد تطبعت بكثير من طباع الشرق الأصيلة بحكم التصاقها بالشرق وزياراتها المستمرة له، فهي مجيدة للغة العربية كالناطقين بها لغة أمًّا، وتتسم بكرم الضيافة، فقد استقبلتنا في دارها العامرة ببرلين استقبال الفاتحين، وأكرمتنا إكراماً لا يقل إن لم يزد عن إكرام العرب والمسلمين هي وزوجها وطفلاها.
فباسم أسرة الاثنينية الكريمة، نرحب بها في وطن الكرم والعطاء المملكة العربية السعودية ونتمنى لها المزيد من التألق والنجاح في أبحاثها العظيمة التي تخدم مناطق العرب والمسلمين خصوصاً هذه المنطقة العزيزة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريفة الحفل: شكراً للأستاذ الدكتور محمد خضر عريف، الأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. الآن الكلمة لضيفتنا الكريمة الأستاذة الدكتورة أولريكا فرايتاج، لتحدثنا عن مراحلها المفصلية وعن مسيرتها واكتشافاتها العلمية والعملية، فمرحباً بالدكتورة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :566  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 138 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.