| اللَّهُ ربُّكَ مُكْرِمُ الأَنْصارِ |
| قد خَصَّهُمْ دونَ الوَرَى بِفَخارِ
(1)
|
| في يَثْرِبِ الخَيْراتِ هُمْ قد رحَّبُوا |
| بالمصطفى والصُّحْبةِ الأَخْيار |
| بالأَمْسِ كانوا بايَعُوهُ خُفْيَةً |
| والْيَوْمَ هم يَحْمُونَهُ كالجار
(2)
|
| الحقُّ أَبْلَجُ لو نأَى يوماً هَوَى |
| لكنّهُ يَحْتاجُ لِلْبَتّار |
| ما ازْدادَ أَهْلُ الشِّرْكِ مِنْ حِلْمٍ بِهِمْ |
| إلاّ مَزِيدَ البَطْشِ بالأَحْرار |
| هذا النَّبِيُّ الهاشِميُّ محمّدٌ |
| يَنْحازُ لَيْلَ مِنىً إلى الأَنصْار |
| مِثْلَ القَطا يَتَسلْلُونَ بِلَيْلِهِمْ |
| كي يَلْتَقُوا بالمصطفى المُخْتار
(3)
|
| صَلّى عليك اللَّهُ يا خَيْرَ الوَرَى |
| ماذا لَقِيتَ لِنَشْرِ دِينِ الباري |
| تَتَفاوَتُ الأَقْوامُ في كَبَواتِهِمْ |
| والْحَقُّ يَمْضِي مِثْلَ نَهْرٍ جاري
(4)
|
| قد كان خَيْرُ النّاسِ ردًّا أمَّةً |
| يَعْلُو بِمَفْرِقِهِمْ بَنُو النَّجَار
(5)
|
| نَفْسِي فِداءُ أُولِي الشَّهامَةِ والحِجا |
| والصِّدْقِ في الإقْبالِ والإدْبار
(6)
|
| عَهْدِي بأنَّ النَّاسَ جاءُوا كُلُّهُمْ |
| في الأَصْلِ مِنْ طِينٍ ومِنْ فَخّار
(7)
|
| في الطّينِ أصْنافُ المعادِنِ كُلّها |
| أتكونُ ذي الأَنْصارُ مَحْضَ نُضار
(8)
|
| قد كان مِنْ كُلّ القَبائِلِ كَبْوَةٌ |
| وتَقَدُّمُ الأنْصارِ دُونَ عِثار
(9)
|
| نالُوا بِفَضْلِ اللَّه سَبْقاً بَيِّناً |
| يَشْدُو الأَنامُ بِهِ مَدَى الأَعْصار
(10)
|
| مِنْ حَقّهِمْ أن يَفْخَرُوا بَصَنيعِهِمْ |
| وبأن تُكَلَّلَ هامُهُمْ بالغار
(11)
|
| هذا النّبيُ محمّدٌ يَخْلُو بِهِمْ |
| ومع النّبيِّ العَمُ مِن كُفّار
(12)
|
| يَخْشَى عليه العَمُّ عن عَصَبِيَّةٍ |
| من عُصْبَةِ صانُوهُ في الأشْفار
(13)
|
| هذا هو التَّوفيقُ ربُكَ خَطّهُ |
| في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ والأَسْفار |
| حَقٌّ على الجَبارِ نَصْرُ نبيِّهِ |
| والنَّشْرُ لِلإسْلامِ في الأَمْصار |
| جُنْدُ المليكَ كَثِيرةٌ أنواعُها |
| بَعْضٌ نَراهُ وبَعْضُها مُتَواري |
| صُنْعُ المليكِ إذا يُؤَيِّدُ جُنْدَهُ |
| النّصْرُ بالأَبْرارِ والفُجّار |
| كُلُّ الّذين أَتَوْا من الأَنْصارِ |
| قد أذعَنُوا لِلْواحِدِ القهّار |
| الكُلُّ يُدْرِكُ ما عليه سِدادُهُ |
| من باهِظِ الأَثْمانِ والأَخطْار
(14)
|
| مَعْنَى مُبايَعَةِ النّبيّ وفاؤُهُمْ |
| بالبَذْلِ لِلأَرْواحِ والدِّينار |
| كُلٌّ رَخِيصٌ في مُقابِلِ جَنَّةٍ |
| للْمُتَّقين ونِعْمَ عُقْبَى الدّار |
| إنّ الحياةَ وإن تَطُلْ أيّامُها |
| فَمَصِيرُها لِنِهايةٍ وقَرار |
| واللَّهُ قد حَثَّ الْعِبادَ لِيَعْمَلُوا |
| كُلَّ الّذي في الوُسْعِ للأَخيار |
| إن الحياةَ هَنِيّةٌ ورَضِيَّةٌ |
| لِلْمُسْرِعينَ لِفِعْلِ كُلِّ خِيار
(15)
|
| ما دام قد قَصَدُوا بِحُسْنِ صَنيعِهِمْ |
| فَضْلَ المليكِ ورحمةَ الجبّار |
| ما قِيمَةُ الدُّنْيا بِغَيْرِ رِسالةٍ |
| لِلْحُرِّ تَسْتَهْوِي أُولي الأَبْصار! |
| في الْخَيْرِ أَسْنانُ الأُناسِ كَمِشْطِهِمْ |
| في الشَّرِ أسنانٌ لهم كَحمار
(16)
|
| إنّ المبرِّزَ مِنْهُمُ ذاك الذي |
| تَبْدُو شَجاعتُهُ بِخَطِّ النّار |
| ما قِيمَةُ الأَخْطارِ في مَرْضاة مَنْ |
| فَرَضَ الوُجُودَ وَمُدّةَ الأَعْمار |
| لو أن أَهْلَ الفَضْلِ وقتاً فَكَّروا |
| في الْمَوْتِ تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ عُمّار |
| إنّ الحياةَ لَذِيذَةٌ في بَذْلِها |
| لِلَّهِ دون تَرَدُّدِ الخَوّار
(17)
|
| تَخْلُو مُقارَعَةُ الحوادِثِ مِثْلَما |
| يَحْلُو صِراعُ الموجِ للبَحّار |
| تَحْلُو الحياةُ بِحُلْوِها وبِمُرِّها |
| مِنْ فَضْلِ ربِّي الحُلْوُ بالقنْطار |
| تحْلُو الحياةُ بِمُرِّها وبِحُلوها |
| مِنْ فَضْلِ ربِّي المِلْحُ بالمِقْدار |
| إنّ الحياةَ قصيرةٌ مهما تَطُل |
| وتَطُولُ بالتَّقْوَى وحُسْنِ جِوار |
| فإذا تكونُ لِكُلّ خَيْرٍ ناوياً |
| فاهْنأْ بِشَهْدِك أنت كالمُشْتار
(18)
|
| النَّحْلُ يَهْوَى في الزُّهُّورِ رَحِيقَها |
| والخَيْرُ في الإسْلامِ كالأَزْهار
(19)
|
| والحُرُّ يَسْعَى في الحياة كنَحْلَةٍ |
| في البَحْثِ عن غُصْنِ وعن أَشْجار |
| يَهْوَى المعالِيَ إنّها تَعْلُو بِهِ |
| حَتَّى تُرَى في أُفْقِهِ كَدَراري
(20)
|
| يَزْهُو التَّقِيُّ بِكُل ثَوْبٍ سابِغٍ |
| يَسْمُو على الأَسْمالِ والأَطْمار
(21)
|
| هذا التَّقِيُّ لِكُلِّ خَيْرٍ قائداً |
| فاقْذِفْ بِهِ في البَحْرِ أو بصحاري |
| في البَرِّ كالرِّئْبالِ لا يَخْشَى الرَّدَى |
| في البَحْرِ مِثْلَ القِرْشِ وَحْشَ بِحار
(22)
|
| هذي النُّعْوتُ صِفاتُ جُنْدِ محمّدٍ |
| هو أُسْوَةُ الأَبْرارِ والأَخْيار |
| هُمْ في بُحوُرِ المجدِ كالإعصارِ |
| هُمْ في حُروبِ العزِّ مِثْلُ ضواري |
| وإذا تكونُ نُعوتُهُمْ فَخَرَتْ بِها |
| منذ القَديمِ نواطِقُ الأَحْجار |
| قُلْ لي بِرَبِّكَ هل سَتُنْصَفُ عُصْبَةٌ |
| قد بايَعُوا المختارَ في الأَسحار؟ |
| إنّي لأَغْبِطُهُمْ عَشِيَّةَ أَبْصَرُوا |
| وَجْهَ النَّبِيّ بَدا كَشَمْسِ نَهار |
| إن كُنْتُ لم أَسْعَدْ أكونُ أجيرَهُمْ |
| فَلْتَشْدُ في حُبِّي لَهُمْ أَشْعاري |
| وهَلِ الْمَديحُ مُكافِىءٌ لَصَنيعِهِمْ |
| مُذْ عَرَّضُوا الأَرْواحَ لِلأَخطار |
| ما المالُ ما الأهلونَ ما أرواحُهُمْ |
| كُلٌّ رَخِيصٌ في سَبِيلِ الباري |
| سبحانك اللَّهُمَّ أنت خَصَصْتَهُمْ |
| بالفَضْلِ دونَ بَقِيَّةِ الأَقْطار |
| صَدَقَ المُهَيْمِنُ إذْ أشادَ كِتابُهُ |
| بتَبَوُّئ الإيمانِ أهلَ الدّار
(23)
|
| وإذا يكونُ لأَهْلِ مكّةَ كَبْوَةٌ |
| فلأَهْلِ يَثْرِبَ صَوْلَةُ المِغْوار
(24)
|
| إن يَكْفُرِ الأَهْلونَ حُمْقاً مِنْهُمُ |
| فَسِواهُمُ ليسوا من الكُفّار |
| أَبْناءُ قَيْلَةَ خَصَّهُمْ مولاهُمُ |
| دون الأَنامِ بِبَيْعَةِ المختار
(25)
|
| مَنْ يَشْتَرِي بِنَفِيسِهِ وبِنَفْسِهِ |
| عُلْيا الجِنانِ فَنِعْمَ ذاكَ الشَاري
(26)
|
| المصطفى في الصَّحْبِ شَمْسُ نهارِ |
| وصَحابَةُ المختارِ كالأَقْمار |
| في ظُلْمةِ اللَّيْلِ البَهيمِ وشِعْبِهِمْ |
| بِمِنىً يدورُ اليوم خَيْرُ حوار |
| الكلُّ أوصَى أن يكون حديثُهُ |
| في لَيْلِهِ سِرًّا مِنَ الأَسْرار |
| لَمْ يُعْلِموا الكفَارَ من أقوامِهِمْ |
| بالموَعْدِ المضْروبِ والأَخْبار |
| رَدّأً على العَبّاسِ عَمِّ محمَّدٍ |
| كان الحديثُ لسيِّد الأنْصار |
| لا خَوْفَ مِنْ قَصْدِ النّبيِّ ديارَهُمْ |
| حيثُ الوَفاءُ لَهُ بِكُلِّ ذِمار
(27)
|
| أَبْناءُ قَيْلةَ سِرُّهُم هو جَهْرُهُمْ |
| والفِعْلُ عَيْنُ الجَهْرِ والإسْرار |
| لا سِرَّ عندهُمُ سِوَى ما أعْلَنُوا |
| لا شَيْءَ عندهُمُ سِوى الإظْهار |
| فليأخُذِ المختارُ مِنْهُمْ ما اشْتَهَى |
| لِلدِّينِ للْمختارِ للْقَهَّار |
| أمّا الّذي للَّهِ فَهُوَ عِبادَةٌ |
| لِلَّهِ خالصةٌ بِغَيْرِ ضِرار
(28)
|
| أمّا الّذي للْمصطفى فحِمايَةٌ |
| للمصطفى مِنْ بَعْدِ بُعْدِ دِيار |
| يَحْمُونَهُ مِنْ قَوْمِهِ وعَدُوِّهِ |
| فكأنَّهُ للْجارِ بَعْضُ إزار |
| حَتَّى يُبَلّغَ دَعَوَةً مِنْ ربِهِ |
| للعالمين بِدونِ أيِّ حِذار
(29)
|
| قَوْمُ النّبِيّ محمّدٍ لم يَرْتضُوا |
| أن يُوْصِلَ الإسلامَ عند الجار |
| واللَّهُ بَشَّرَهُ سَيَبْلُغُ دينُهُ |
| حيث الْتقَى لَيْلُ الدُّجَى بِنَهار
(30)
|
| فإذا وَفَيْتُمْ كَيْ أُبَلّغَ دِينَهُ |
| كان الثّوابُ بِجَنَّةِ الأَبْرار |
| إنّ النَّجاةَ مِنَ العَذابِ غَنِيمَةٌ |
| النّارُ للفُجّارِ والكُفّار |
| مَنْ يرتَكِبِ ذَنْباً ويَلْقَ جَزاءَهُ |
| فَجَزاؤه المَحّاءُ للأَوْضارِ
(31)
|
| أمّا الّذي يَلْقى المليكَ بذَنْبِهِ |
| فَمَردُّهُ للقاهِرِ الغَفّار |
| إن شاء عَذَّبَ أو عَفا عن عَبْدِهِ |
| أو شاءَ يَسْتُرُ عَبْدَهُ بِسِتار |
| قد رَتَّلَ المختارُ آيَ الباري |
| كانَتْ مَحَطّ السَّمْعِ والأَبْصار |
| أمّا حِبالُهُمُ مع الكفّارِ |
| في نَقْضِها مَعَهُمْ أو الإمْرار
(32)
|
| فالقوْلُ حَتْماً قَوْلُ أهْلِ الدّارِ |
| في أخْذِ ثَأْرِهمُ أو الإهْدار |
| إن هُمْ بَنَوْا فالمصطفى بانٍ لَهُمْ |
| وكذاك إن هُمْ هَدَّموا لِجِدار |
| فإذا أعزَّ اللَّه دينَ محمّدٍ |
| فَمُحَمَّدٌ مَعَهُمْ بِخَيرِ جِوار |
| لا يَرْتَضِي أَبَداً بَدِيلَ جِوارِهِمْ |
| الجارُ في الأَحْرارِ قَبْلِ الدّار |
| قَوْلُ الرَّسُولِ يَحُلّ أَحْلَى موقِعٍ |
| في قَلْبِ كُلّ مُجاهِدٍ أنصاري |
| لَمْ يَقْنَعِ الأَنْصارُ دُون تَسابُق |
| في بَيْعَةِ المختارِ مِثْلَ قِطار
(33)
|
| كُلِّ حَرِيصٌ أن يكونَ بِمَوْقِعٍ |
| في السَّبْقِ يبدو مِثْلَ ضَوْءِ مَنار |
| ما النّجْمُ ما شَمْسُ الضُّحَى ما كوكبٌ |
| ما البدرُ كُلٌّ في مَسارٍ ساري |
| أمّا صِحابُ محمّدٍ فجميعهُمُ |
| مَنْظُومَةُ الأَقْمارِ بل ودراري |
| قد بايَعُوا المختارَ إن هو جاءهم |
| بالبَذْلِ للأَرْواحِ للْبتّار |
| أمّا الْجَزاءُ فَعِندَ ربٍّ ماجِدٍ |
| في جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ والأَنْهار |
| لا وَزْن للدُّنيا وكُلِّ نَعِيمِها |
| إنّ النَّعيمَ بها سَحابُ نهار |
| إنّ النَّعِيمَ السَّرْمَدِيَّ بِجِنّةٍ |
| قد خَصَّها الرّحمنُ لِلأَبْرار
(34)
|
| مَنْ يَبْذُلونَ نُفوسهُمْ ونَفيسَهُمْ |
| كي يَنْشُرُوا الإسلامَ في الأمصار |
| هذا قَرارُ أماجِدِ الأنصارِ |
| قد فاقَ في التَّوْفِيقِ كُلَّ قَرار |
| والمصطفى يَخْتارُ من مَجْمُوعِهِمْ |
| كُفَلاءَهُمْ كالعَيْنِ والإبْصار
(35)
|
| هُمْ في رِعايَتِهِمْ لهم قد أَشْبَهوُا |
| كُفَلاءَ عِيسى الرُّوحِ والأنصار |
| هُمْ كالحَوارِيِّينَ حين دعاهُمُ |
| عِيسى لِنَصْرِ الدِّين والإقرار |
| كُفَلاؤُهُمُ نُقباؤهُمْ رُؤساؤهُمْ |
| يَحْدُونَهُمْ في الورد والإصدار
(36)
|
| أمّا النّبيُّ محمّدٌ فَكَفيلُ مَنْ |
| مَعَهُ يُعانِي مِنْ أذَى الأَشْرار |
| أَمَرَ النّبيُّ مبايِعِي الأنصارِ |
| أن يَرْجِعوا لِخُدورِهِمْ كضواري
(37)
|
| ولْيَكْتُموا العَهْدَ الّذي قد أَبْرَمُوا |
| وَلْيَبْقَ بَيْنَهُمُ من الأسرار |
| إنّ العَدُوَّ إذا تكشَّفَ سِرُّهُمْ |
| يَرْمِ بِهِمْ في عُمْقِ جُرْفٍ هار
(38)
|
| بالسِّرّ تَبْلُغُ ما تُرِيدُ فلا تكُنْ |
| بِالكَشْفِ عن سِرٍّ من الأَغْرار
(39)
|
| السِّرُّ يَلْزَمُ أن يكونَ بِحُفْرةٍ |
| إن طِقْتَ أو بِئْرٍ من الآبار |
| كَتَمَ الصِّحابُ عن الْخُصومِ لِقَاءَهُمْ |
| بالمصطفى والعَمِّ مِنْ كُفّار |
| لا شَخْصَ يَعْلَمُ كيف أنّ لِقاءَهُمْ |
| بِالمصطفى قد سار للفُجّار |
| أمّا البِعادُ عن اللّقاء فأقْسَمُوا |
| ما تَمَّ مِنْ شيءٍ ولا مِعْشار
(40)
|
| والمتَّقُون تبادَلُوا نظراتِهِمْ |
| العَيْنُ قد تُغْنيكَ عن أَسْفار |
| والخَصْمُ بين مُصَدِّقٍ ومكذِّبٍ |
| الشَّكُّ لا يَنْفَك عن مُحْتار |
| ذاكَ الدُّخانُ تَفوحُ منه روائحٌ |
| إنَّ الدُّخانَ دَليلُ حَجْمِ النّار |
| جُلُّ الْحَجِيجِ مَضَى لِقَصْدِ سَبِيلِهِ |
| وقَلِيلُهُمْ مُتَعَرِّضٌ لِعِثار
(41)
|
| لاقَوْا من الكُفّارِ كُلَّ مَشقَّةٍ |
| ونَجاتُهُمْ كانَتْ بِكَفِّ مُجار
(42)
|
| سَبَقُوا إلى الْمَعْرُوفِ إنّ كِرامَهُمْ |
| كانوا أجارُوهُمْ مع التُّجَار |
| لا يَذْهَبُ المعروفُ أَيْنَ وضَعْتَهْ |
| إنْ لم يُذَعْ شُكْرٌ فَبِالإضْمار |
| لا يَنْدَمُ الأَخْيارُ مِنْ خَيْرٍ أَتَوْا |
| مَعْروفُ أكْثَرِهِمْ إلى الإنْكار |
| اِقْذِفْ بِمَعْرُوفٍ صَنَعْتَ بِلُجَّةٍ |
| فَلَرُبَّما قد صِدْتَ بالخَطَّار
(43)
|
| لا تَنْتَظِرْ حُسْنَ الجَزاءِ مِنِ امرئٍ |
| حُسْنَ الجَزاءِ يكونُ عند الباري |
| وإذا تُقارِنُ بين ما قَدَّمْتَهُ |
| وأَخَذْتَ سوف تَلُوحُ كالمِنْشار |
| أَبْناءُ قَيْلَةَ إذْ أَتَوْا مَعْروفَهُمْ |
| ما كان في الأَذْهانِ جَنْيُ ثِمار |
| هذا هو الْمعْرُوفُ هذا دأْبهُ |
| تَجْنِي الوُرُودَ بِهِ مع الأَزْهار |
| عاد الحَجِيجُ إلى بِلادِهِم الّتي |
| طابَتْ مَغانِيها بِحُسْنِ جِوار |
| عادُوا إلى وادي العَقِيقِ وعَرْصَةٍ |
| فيها المِياهُ تَسِيلُ كالأنهار |
| هذا العَقِيقُ عليه جَمّاواتُهُ |
| يا لَيْتَ كان لها قُرونُ صِغار
(44)
|
| دَوْماً لَهُ تَرْنُو وتُبْدِي عَطْفَها |
| في لَيْلِها الزّاهِي وَحُسْنِ نهار |
| وثِيابُها الحَمْراءُ يأسِرُ لونُها |
| عَيْنَ الّذي يَرْنُو إلى الآثار |
| ما غَيَّرَتْ في الدَّهْرِ قَطٌ ثِيابَها |
| وثِيابُها الْحَمْراءُ غَيْرُ قِصار |
| عادُوا إلى وادي قُباءٍ إنَّهُ |
| في الأرضِ حَقًّا رَوْضَةُ العَطَار |
| ما ظلُّهُ ما نَخْلُهُ ما زَرْعُهُ |
| أسْعِدْ بِمَنْ يَرْنُو منَ النُّظّار |
| ما لُطْفُهُ ما عِطْرُهُ ما طِيبُهُ |
| فِيهِ يَطِيبُ البَوْحُ بالأسْرار |
| ما عَذْبُهُ ونَميرُهُ وخَرِيرُهُ |
| غَنَّت سَوانِيهِ على الآبار
(45)
|
| هذا قُباءٌ قد بدا مِنْ نَضَرَةٍ |
| وشَدِيدِ خُضْرتِهِ كبَعْضِ حِرار
(46)
|
| في ذي الحِرارِ وفي عُذوبةِ مائِها |
| وجَمالِ نَضْرتِها تَغَنَّى السّاري |
| هذي الجبالُ الشُّمُّ مِنْ أَسْوارِ |
| هذي حَدائقُها جَميلُ سِوار |
| سبحانَ مَنْ قد زانَ يَثْرِبَ بالحَيَا |
| وسَماءَها بِتَلألُؤِ الأَنْوار
(47)
|
| أَترابُها من طِينها أم طِيبِها |
| إنّي لشَمِّ الطِّيبِ كالمُحْتار |
| وإذا يَشُقُّ الفَجْرُ جُنْحَ ظَلامِها |
| فاغْنَم فَرِيدَ الصُّبح والإسْفار
(48)
|
| وإذا أَتى لَيْلٌ على آسادِها |
| فَعُيونُهُمْ كالجَمْرِ ذاتُ شَرار |
| وإذ أَتَى لَيْلٌ على عُبّادِها |
| فخُشُوعُهُمْ باللَّيْلِ كالإبْكار |
| حُجّاجُ يثربَ قد أَتَوْا لَصِحابِهِمْ |
| فَتَقَابلَ الأَطْهارُ بالأَطْهار
(49)
|
| أَطْهارُ يَثْرِبَ قد تَجسَّدَ فيهِمُ |
| خَيْرُ النُّعوتِ بَدَتْ على الأَخْيار |
| مالي أَرَى الأَجْواءَ فاقَ ضِياؤُها |
| حتّى بدا لَيْلُ الدُّجَى كنهار؟ |